-->
U3F1ZWV6ZTE1NzcxOTkyODE1X0FjdGl2YXRpb24xNzg2NzQ5MjAxODU=
recent
أخبار ساخنة

سفر أعمال الرسل وعمل الروح القدس فينا " الروح " مقال للراهب القمص إبراهيم الأنبا بولا " ، وأيضاً بحث ترجمة : أ . بولين تودري

 

<!-- Global site tag (gtag.js) - Google Analytics -->

<script async src="https://www.googletagmanager.com/gtag/js?id=G-5DQW5LQ2JZ"></script>
<script>



  window.dataLayer = window.dataLayer || [];
  function gtag(){dataLayer.push(arguments);}
  gtag('js', new Date());

  gtag('config', 'G-5DQW5LQ2JZ');
</script>
async="" data-ad-client="ca-pub-4753367766187554" script="" src="https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js">

style="text-align: right;">
  • مُقدمة عن سفر أعمال الرسل 
  • بيانات أساسية
  • الغرض 
سرد دقيق لقصة مولد الكنيسة ونموها

    style="font-size: 24px; font-weight: 700;">
  • الخلفية
  • أساسية الغرض
     
     سرد دقيق لقصة مولد الكنيسة ونموها الخلفية يُعتبر سفر أعمال الرسل همزة الوصل بين حياة يسوع المسيح 
    وحياة الكنيسة ، أي بين الأناجيل والرسائل يُسمى " إنجيل الروح القدس " ، مفتاحه " ستنالون قوة متى حلً الروح القدس عليكم ، وتكونون لي شهوداً في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلي أقصى الأرض " أع 1 : 8 وهو أيضاً يُعتبر كسجل تاريخي لجذور المسيحية فهو يُطلعنا علي تأسيس الكنيسة ، وإنتشار الإنجيل ، وبدايات التجمعات المسيحية ، وعلى المجهودات التبشيرية في النموذج الرسولي ، إن إحدى السمات الفريدة في المسيحية هى أساسها التاريخ الراسخ ، فحياة وتعاليم الرب يسوع المسيح واضحة فيما كُتب في الأناجيل الأربعة ، ويسجل كتاب أعمال الرسل سجلاً دقيقاً لبداية وإنتشار الكنيسة نتيجة لعمل الرب المُقام والروح القدس من خلال الرسل وأيضاً يُعتبر كتاب أعمال الرسل الدفاع الموجه لمحاربة كل من اليهود وغير اليهود " أع 25 : 8 --11 " ، ككجزء أساسي في الكتاب والغرض من هذا الدفاع هو هدايتهم كما يوضح أيضاً الطريقة التي تعاملت بها الكنيسة الأولى مغ الفكر الوثني واليهودي ، وكذلك الطريقة التي تعاملت بها مع الحكومة الرومانية والمجتمع الهليني كتبه القديس لوقا كتكملة للإنجيل ، ففي الإنجيل أعلن عما بدأ يسوع أن يفعله علي الأرض ، وفي الأعمال عما بدأ الروح القدس يفعله في كنيسة العهد الجديد ، وهي تغطي أحداثاً لمدة 30 عاماً وإن نجاح الكنيسة في نقل رسالة الإنجيل من أورشليم إلي روما . وفي تأسيس كنائس محلية عبر أرجاء الإمبراطورية الرومانية أكد بما لا يدع مجالاً للشك إن الإيمان ليس من صنع البشر فقد إنتصر الإيمان تحت راية الرب يسوع له المجد وبقوة الروح القدس الشخصيات الرئيسية بطرس ، يوحنا ، يعقوب ، إستفانوس ، فيلبس ، بولس ، برنابا ، كرنيليوس ، يعقوب " أخو الرب " ، تيموثاوس ، ليديا ، سيلا ، تيطس ، أبلوس ، أغابوس ، حماميا ، فيلكس ، فستوس ، أغريباس ، لوقا الأماكن الرئيسية أورشليم ، السامرة ، لدة ، يافا ، إنطاكية ، قبرص ، أنطاكية سيديه ، إيقونية ، لسترة ، دربة ، فيلبي ، تسالونيكي ، بيريه ، أثينا ، كورنثوس ، قيصرية ، أفسس ، مالطة ، روما مُجمل السفر أولاً : خدمة بطرس أع 1 : 1 -------- 12 : 25 تأسيس الكنيسة إمتداد الكنيسة بعد قيامة يسوع المسيح بشر بطرس بجرأة ، وصنع العديد من المعجزات وهذا يُعرض بشكل حيوي ، مصدر القوة المسيحية وتأثيراتها . فقد نال رجال الله المؤمنون ، قوة من الروح القدس ليتمموا مهامهم وأعمالهم ، ومازال الروح القدس قائماً يعطي القوة للمؤمنين اليوم ، فينبغي أن تتجه إلي الروح القدس ليعطينا القوة والشجاعة والبصيرة حتي تتم عمل الله ثانياً : خدمة بولس أع 13 : 1 -----28 : 31 الرحلة التبشيرية الأولى إجتماع مجمع أورشليم الرحلة التبشيرية الثانية الرحلة التبشيرية الثالثة مُحاكمة بولس تُبين لنا خبرات بولس التبشيرية تُقدم المسيحية ونموها . فلم يكن ممُكناً أن يُحدً الإنجيل في ركن واحد من العالم . وقد كان هذا إيماناً أعطى الرجاء لكل البشرية . وينبغي علينا نحن أيضاً أن نُخاطر ونُشارك في هذا العمل البطولي للشهادة للمسيح في كل أرجاء العالم أولاً : خدمة بطرس " 1 : 1 --12 : 25 سنتحدث معاً عن الإصحاح الأول فيكمل لوقا في سفر أعمال الرسل القصة التي بدأها في إنجيل لوقا ، مُغطياً السنوات الثلاثين التالية لصعود السيد المسيح إلي السموات ففي هذه الفترة القصيرة من الزمن وُلدت الكنيسة وتأسست ، وكُرز بإنجيل الخلاص في كل أنحاء العالم ، بل وفي العاصمة الإمبراطورية الرومانية ذاتها ، وكان المبشرون بالإنجيل ، مع إنهم أشخاص عاديون بقصور وضعفات الإنسان ، قد نالوا قوة من الروح القدس ليغيروا العالم من حولهم " أع 17 : 6 " ، وعبر كتاب أعمال الرسل نتعرف علي طبيعة الكنيسة يؤكد القديس لوقا إن التلاميذ كانوا شهوداً عيان علي كل ما حدث ليسوع المسيح ومن المهم أن نعرف هذه الحقيقة حتي نثق في شهادتهم . وبعد عشرين قرناً من الزمان مازلنا نثق إن إيماننا مبني علي حقيقة وليس مجرد حماسة وتُعتبر الآيات الثماني الأولى من سفر الأعمال الوصلة بين الأحداث المسجلة في الأناجيل وحياة الكنيسة الأولي . فقد أمضى الرب يسوع أربعين يوماً مع تلاميذه يُعلمهم ، وقد تغيروا بصورة جذرية ، فقد كانوا قبلاً يتجادلون معاً ، وتركوا سيدهم ، بل أنكروا معرفتهم بالرب يسوع . أما الآن ففي سلسلة من إجتماعات المسيح الحي المقام مع تلاميذه أجاب عن الكثير من إستفسارهم وأسئلتهم . وأصبحوا مقتنعين بالقيامة عارفين بملكوت الله وبالروح القدس مصدر قوتهم فشرح الرب يسوع لتلاميذه إنه بمجدده بدأ ملكوت الله وعندما صعد إلي السموات ظل ملكوت الله باقياً في قلوب كل المؤمنين من خلال وجود الروح القدس إلا إن ملكوت الله لن يتحقق كاملاً بمجيء المسيح ثانية ليدين كل البشر ويمحو كل شر من العالم وإلي أن يحين ذلك الوقت لابد أن يعمل المؤمنون علي نشر ملكوت الله في كل العالم ويُسجل سفر أعمال الرسل بداية هذا الأمر . مازال هناك من يشك في قيامة الرب يسوع . ولكنه ظهر للرسل وللمؤمنين في مناسبات كثيرة بعد قيامته مبرهناً علي إنه حي . فتأمل التغيير الذي أحدثته القيامة في حياة التلاميذ . فعند موت الرب يسوع تفرقوا وتشتتوا وأصابتهم خيبة أمل وخافوا علي حياتهم . أما بعدما رأوا المسيح المقام أصبحوا لا يُخافون ، وضحوا بكل شيء لنشر الأخبار السارة عن المسيح في كل العالم . واجهوا السجن والضرب والجلد والرفض والإستشهاد ومع ذلك لم يتنازلوا قط عن رسالتهم ، ولم يكن هؤلاء الرجال ليخاطروا بحياتهم من أجل أمر يعرفون إنه خدعة لكنهم عرفوا إن الرب يسوع قد قام من الموت وإشتعلت الكنيسة الأولي بحماسة نقل الخبر للآخرين أمر الرب يسوع تلاميذه أن يشهدوا لشعوب كل الأمم لكنه طلب منهم الإنتظار أولاً حتى يحل عليهم الروح القدس عليهم إن الله يطلب منا أداء عمل مهم ، لكن لابد أن نعمله بقوة الروح القدس . كثيراً ما نحب أن نؤدي العمل حتى لو كان معنى ذلك عدم إنتظار توقيت الله . إلا إن الإنتظار يكون أحياناً جزءاً من خطة الله . فهل ننتظر ونصغى لكل كلمات الله وأوامره الكاملة أم نتسرع لنسبق خطته ؟ إننا نحتاج إلي قوة الله والتوقيت الذي يختاره حتى نكون فعالين مؤثرين بالحقيقة في يوم الخمسين " أع 2 : 4 " صارت سكنى الروح القدس مُتاحة لكل من يؤمن بالمسيح . ونحن نقيل الروح القدس " نعتمد بالروح القدس " وكان التلاميذ طوال فترة خدمة الرب يسوع على الأرض يتساءلون عن ملكوته ، متى يجيء ؟ وماذا سيكون دور التلاميذ فيه ؟ وحسب الرأي التقليدي فإن المسيح سيكون فاتحاً ومنتصراً يحرر إسرائيل من روما . إلا إن الملكوت الذي تحدث عنه الرب يسوع كان ملكوتاً روحياً قبل كل شيء مؤسساً في داخل قلوب وحياة المؤمنين . إن حضور الله بقوة في المؤمنين يتم في شخص الروح القدس كان التلاميذ ، كبقية اليهود ، يثنون تحت سلطان الحكام الرومان ، فكانوا يطلبون أن يحرر يسوع إسرائيل من سلطان روما وأن يصير ملكاً على إسرائيل . أما الرب يسوع فأجابهم : " ليس لكم أن تعرفوا المواعيد والأوقات التي حددها الآب بسلطته فهو وحده يضع مواعيد كل الأحداث على كل المستويات العالمية والدولية والقومية والشخصية فإن كنت تتوقع من الله تغيراً سريعاً لوضع ما ولم يتممه الله في الحال ، فلا تضطرب ولا تيأس فأنت : وليس الله ، الذي ينبغي أن يُعيد ترتيب مواعيده لقد وعد الرب يسوع الرسل بأن ينالوا قوة للشهادة بعد أن يحل عليهم الروح القدس . ولاحظ الترتيب هنا : فقد حل الروح القدس عليهم وأعطاهم قوة فشهدوا وأثمرت شهادتهم نتائج فائقة وأحياناً نحاول أن نعكس الترتيب فنشهد للمسيح بقوتنا وسلطاننا الذاتي . وليست الشهادة إظهاراً لما يمكن أن نفعله من أجل الله ، لكنها إظهار وإخبار بما فعله الله لإجلنا كان مهماً وضرورياً أن يرى التلاميذ يسوع المسيح صاعداً إلي السموات حتي يزول عنهم كل شك في إنه هو الله ذاته وإنه مُقيم في السماء بعد أربعين يوماً قضاها الرب يسوع مع تلاميذه ، صعد إلي السموات . وقد أعلن الملاكان " رجلان قد ظهرا بثياب بيض " للتلاميذ :" إن يسوع هذا الذي إرتفع عنكم إلي السماء ، سيعود منها مثلما رأيتموه منطلقاً إليها ، سيعود بصورة جسدية مرئية . فالتاريخ لا يسير عبثاً ، بل إنه يتحرك نحو نقطة محددة هي مجيء يسوع المسيح ثانية ليدين العالم ويملك علي كل المسكونة . وينبغي علينا ،إذاً ، أن نكون مُستعدين لمجيئه المُفاجيء " 1 تس 5 : 2 " ليس " بالتحديق في السماء " والتطلع إليها ولكن بتقديم الإنجيل للآخرين حتى يُمكنهم أن يتمتعوا معنا ببركات الله العظيمة بعد صعود السيد المسيح إلي السماء إجتمع الرسل في الحال في أورشليم للصلاة ، فقد قال لهم الرب يسوع إنهم سيتعمدون بالروح القدس بعد أيام قليلة ، فإجتمعوا للصلاة والإنتظار ، فعندما تواجهك أي مهمة صعبة ، أو قرار هام حاسم ، أو مشكلة محيرة لتكن أول خطوة تتخذها أن تصلي طالباً قوة الروح القدس وإرشاده لك إنضم الآن أخوة الرب يسوع إلي تلاميذه ، ولعلهم لم يؤمنوا أثناء حياة يسوع بالجسد بإنه المسيح ، إلا أن قيامة المسيح لابد إنها أقنعتهم ولعل ظهور يسوع بعد قيامته ليعقوب أخي الرب ، ظهوراً خاصاً كان له دور ملموس في تجديدهم " 1 كو 15 :7 كان هذا أول إجتماع عمل للكنيسة الأولى : وقد نمت مجموعة الأحد عشر لتصير نحو مائة وعشرين . وكان الموضوع الرئيسي لهذا الإجتماع هو تعين تلميذ أو رسول كما كانوا يدعون الإثنى عشر آنذاك . وفي إنتظار الرسل كانوا يعملون كل ما يمكنهم عمله ، فكانوا ينظمون أنفسهم ويصلون طالبين إرشاد الله . إن إنتظار عمل الله لا يعني الإنتظار بدون أي عمل ، فعلينا أن نعمل كل ما في طاقتنا طالما إننا لا نسرع كيف أمكن لإنسان عاش مع الرب يسوع أن يخونه ؟ لقد تلقى يهوذا نفس الدعوة كالآخرين ، وسمع نفس التعاليم . لكنه إختار أن يرفض تحذير المسيح . كما رفض رحمته . وقد قسًى يهوذا قلبه لينضم إلي أعداء يسوع المتآمرين عليه لخيانته . ولم يتب يهوذا على الإطلاق ، بل وإنتحر في النهاية . وبرغم إن يسوع تنبأ عن حدوث هذه الأمور إلا إن ذلك كله كان قيد إختيار يهوذا . إن من يحظى بالقرب من الحق لن يكون بالضرورة ملتزما


     

    1- مقدمة

    St-Takla.org Image: A heart with a key, keep the faith - by Amgad Wadea صورة في موقع الأنبا تكلا: مفاتيح القلب، حفظ القلب، الإيمان القويم - رسم أمجد وديع

    St-Takla.org Image: A heart with a key, keep the faith - by Amgad Wadea

    صورة في موقع الأنبا تكلا: مفاتيح القلب، حفظ القلب، الإيمان القويم - رسم أمجد وديع

    "لأن محبة الله انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا" (رو 5: 5)

    هذا السكيب: شغل الكنيسة القبطية، بل كل من تمتع بأسرارها الإلهية، بل كل من تذوق كلمات الكتاب المحيية. وفي كل عام بعد عيد القيامة المجيد تنشد الكنيسة في صوم الرسل لحن يتكلم عن عمل الثالوث القدوس، وهذا كان موضوعنا في عام 2018 م.، فأخذنا من موضوعاته مقالة عن روح الحق الذي عرَّفنا على حقائق نعرفها ولكن لا نُصدقها، وعندما تأملنا بنعمته في هذا العام في سفر الأعمال لاحظنا كلمات وتعبيرات متكررة لها جذور في الكتاب المقدس وتشير إلى عمل الروح الواحد، لفكر واحد، لهدف واحد.

     

    هذا السكيب: أوضح لنا فكر الله منذ البدء الذي ساق وقاد آبائنا، والذي صار مُتجليًا واضحًا في بدء تاريخ الكنيسة المسيحية وبدء كرازتها وانتشارها، عندما إنسكب الروح القدس في يوم الخمسين. فعلى قدر نعمته المعطاة لنا تأملنا في خمس موضوعات من سفر الأعمال تقريبًا، شبه بانوراما للسفر، بل لنفس الموضوع في الكتاب وهذا ساقنا وقادنا لرسائل مُعلمنا بولس الأربعة عشر.

     

    هذا السكيب: لاحظناه بغزارة في رسائل مُعلمنا بولس الرسول الذي سكب فيه الروح، بهدف واضح في كل رسالة على حدى، بفكر واحد وهدف واحد. فتأملنا فيه أيضًا وكأنه بانوراما لكل رسالة. فبولس الرسول أدرك وتمتع وشبع بعطية الروح المنسكب فيه، وأدرك أن هذا السكيب ليس له فقط، بل لكل من حوله لكي نمتلئ بالروح ولا نطفئه ولا نُحزنه، بل نتفاعل معه ليسوقنا ويقودنا لخلاصنا.

     

    هذا السكيب: كان واضحًا في المجموعة التي قامت بكتابة ومراجعة وتنقيح وإبداء الملاحظات والتنسيق الجميل لهذا الكتاب، فنشكر ربنا على عمله وعطيته ونرجو أن يكون هذا الجهد مساعدًا للكثيرين لينسكب الروح بغزارة فيهم. وأنى واثقٌ أنَّ الذي سكب يسكب وسيسكب أيضًا، بل الذي أعطانا روحه أن يسكن فينا هو يُنمينا ويفتح آذاننا وأفهامنا للكنز المخفى فينا.

     

    بشفاعات كلية الطهر القديسة العذراء مريم، وطلبات أبونا الأنبا بولا البار وسائر الملائكة والشهداء والقديسين.

    ولإلهنا المجد الدائم من الآن وإلى الأبد. آمين.


    2- روح الحق

     

    St-Takla.org Image: Stained glass window of Jesus Christ: "I am the Alpha and the Omega.. Then I turned to see the voice that spoke with me. And having turned I saw seven golden lampstands, and in the midst of the seven lampstands One like the Son of Man, clothed with a garment down to the feet and girded about the chest with a golden band. His head and hair were white like wool, as white as snow, and His eyes like a flame of fire; His feet were like fine brass, as if refined in a furnace, and His voice as the sound of many waters; He had in His right hand seven stars, out of His mouth went a sharp two-edged sword, and His countenance was like the sun shining in its strength. And when I saw Him, I fell at His feet as dead. But He laid His right hand on me, saying to me, “Do not be afraid; I am the First and the Last. I am He who lives, and was dead, and behold, I am alive forevermore. Amen" (Revelation 1: 11-18) - Saint Patrick Cathedral, Dublin, Ireland - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, May 26, 2017 صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة زجاج معشق تصور السيد المسيح: "أنا هو الألف والياء. الأول والآخر.. فالتفت لأنظر الصوت الذي تكلم معي. ولما التفت رأيت سبع مناير من ذهب، وفي وسط السبع المناير شبه ابن إنسان، متسربلا بثوب إلى الرجلين، ومتمنطقا عند ثدييه بمنطقة من ذهب. وأما رأسه وشعره فأبيضان كالصوف الأبيض كالثلج، وعيناه كلهيب نار. ورجلاه شبه النحاس النقي، كأنهما محميتان في أتون. وصوته كصوت مياه كثيرة. ومعه في يده اليمنى سبعة كواكب، وسيف ماض ذو حدين يخرج من فمه، ووجهه كالشمس وهي تضيء في قوتها. فلما رأيته سقطت عند رجليه كميت، فوضع يده اليمنى علي قائلا لي: «لا تخف، أنا هو الأول والآخر، والحي. وكنت ميتا، وها أنا حي إلى أبد الآبدين! آمين" (للرؤيا 1: 11-18) - من صور كاتدرائية القديس باتريك، دبلن، أيرلندا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 26 مايو 2017

    St-Takla.org Image: Stained glass window of Jesus Christ: "I am the Alpha and the Omega. Then I turned to see the voice that spoke to me. And having turned I saw seven golden lampstands, and amid the seven lampstands One like the Son of Man, clothed with a garment down to the feet and girded about the chest with a golden band. His head and hair were white like wool, as white as snow, and His eyes like a flame of fire; His feet were like fine brass as if refined in a furnace, and His voice as the sound of many glasses of water; He had in His right hand seven stars, out of His mouth went a sharp two-edged sword, and His countenance was like the sun shining in its strength. And when I saw Him, I fell at His feet as dead. But He laid His right hand on me, saying to me, “Do not be afraid; I am the First and the Last. I am He who lives, and was dead, and behold, I am alive always. Amen" (Revelation 1: 11-18) - Saint Patrick Cathedral, Dublin, Ireland - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, May 26, 2017

    صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة زجاج معشق تصور السيد المسيح: "أنا هو الألف والياء. الأول والآخر.. فالتفت لأنظر الصوت الذي تكلم معي. ولما التفت رأيت سبع مناير من ذهب، وفي وسط السبع المناير شبه ابن إنسان، متسربلا بثوب إلى الرجلين، ومتمنطقا عند ثدييه بمنطقة من ذهب. وأما رأسه وشعره فأبيضان كالصوف الأبيض كالثلج، وعيناه كلهيب نار. ورجلاه شبه النحاس النقي، كأنهما محميتان في أتون. وصوته كصوت مياه كثيرة. ومعه في يده اليمنى سبعة كواكب، وسيف ماض ذو حدين يخرج من فمه، ووجهه كالشمس وهي تضيء في قوتها. فلما رأيته سقطت عند رجليه كميت، فوضع يده اليمنى علي قائلا لي: «لا تخف، أنا هو الأول والآخر، والحي. وكنت ميتا، وها أنا حي إلى أبد الآبدين! آمين" (للرؤيا 1: 11-18) - من صور كاتدرائية القديس باتريك، دبلن، أيرلندا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 26 مايو 2017

    صعد إلى أعلى السموات، وأرسل لنا الباراكليت. روح الحق المعزى. آمين. الليلويا.

    لحنٌ عميقٌ مُشْبعٌ يتزين به صوم الرسل، ويقال في أقدس وقت، أثناء التناول من الأسرار المقدسة.

    روح الحق: "أما متى جاء ذاك روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق" (يو 16: 13)

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    ما هو روح الحق؟

     هو الروح القدس... روح المسيح... لأنه قدم لنا نفسه، وقال: "أنا هو الحق" (يو 14: 6).

    هو الحق: كان المنُ النازل من السماء رمزًا، وجاء الحقُ وأعلن عن نفسه، وقال: "أنا هو المن النازل من السماء" (يو 6: 51)، وهكذا كل رموز العهد القديم. جاء الحق وأعلن لنا حقيقة كل شيء...

    هو الحق: لأنه وعد وقال: "نسل المرأه يسحق رأس الحية" (تك 3: 15)، وانتظر الآباء والأنبياء، وصدق وأثبت لنا محبته وبذل ذاته، وجاء الحق وقال: "أنا قد حفظت وصايا الآب كل ما قيل عنى سوف أتممه؛ لأن وعدى صادق، فثقوا أنا بالحقيقة حق، وكل كلامى وأفعالى حق، وكل وعودى للأمناء حق. أنا الحقيقة الثابتة والثقة الحقيقية".

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    من أين يأتي؟

     "متى جاء المعزى الذي سأرسله أنا إليكم من الآب، روح الحق الذي من عند الآب ينبثق، فهو يشهد لي" (يو 15: 26) واضح هنا أنه هو يرسل روحه من الآب والروح ينبثق (= يشرق... ينفجر) من الآب. ما يرسله الآب يرسله الابن. مرسل من الآب؛ لأنه دبر لنا الخلاص والتقديس، ومرسل من الابن؛ لأنه دفع دمه ثمن التبرير.

    قال رب المجد: "روح أبيكم يتكلم فيكم" (مت 1: 20) وفهم بولس ما سبق وقال: "أرسل الله روح ابنه إلى قلوبكم صارخًا يا أبا الآب" (غلا 4: 6).

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    لماذا قال: "متى جاء... يرشدكم"؟

     (يو 16: 13) لأن الوقت إنتهى وقد قال في (يو 16: 12) "أن لي أمورًا كثيرة أيضًا لأقول لكم". لقد قال الكثير ولكن عنده كلام أكثر كثيرًا جدًا جدًا، وهو يرشدكم لأنه ينمو بكم. هو يرشدكم لأنه سوف يرشد أجيالًا كثيرًا في آلاف السنين...

    لقد تحدث مع جموع كثيرة بقدر ما يفهموا، وتحدث مع تلاميذه بقدر ما يحتملوا، وتحدث مع أفرادٍ كلٍ على حدى بقدر ما إستناروا. وسوف يتحدث مع أفراد بعيدة عن المعرفة ويجذبهم لحبه... سوف يلاحقهم وينمو بهم ويفتح لهم الينبوع، ويكشف لهم عن كنزه بعمق ويعمق!!

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    كيف نقتنيه لكي يرشدنا إلى الحق؟

     بالروح القدس في المعمودية... ننمو به بإتحادنا بالإفخارستيا... ننمو ونستنير به بأقوال الكتاب المقدس... ننمو ونرتفع به بالوصية المعاشة إن أحببنا وصاياه... ننمو وندخل به للعمق بالمحبة المسكوبة فينا والتي نسكبها نحن على الآخرين... ننمو ونقتنيه بتجديد بالسمو في حياة الطهارة والنقاء...

     حتى ولو ذبل الجسد فالروح ينمو بنا ويكشف ويضيء... يشبع ويعزى... ينعم بالسرور والفرح... وندخل إلى معرفته الفائقة في لجة محبته وتحننه...

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    "متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق". ما هو جميع الحق؟

    جميع الحق هو: جميع ما في فكر المسيح أو المعرفة الكاملة عن المسيح أو ما يخططه لنا المسيح. ومن بين هذه الحقائق:

    1- حقيقة الذات الإنسانية: ما هو الإنسان إلا تراب... خيال... ومع هذا هو صورة الله... نفخه منه... هيكل للروح.

    نقتنى روح الحق وينمو بنا، حتى ينزع عنا الذات والكبرياء، ونفهم أننا لا نساوى شيئًا، وفي نفس الوقت لنا قيمتنا عنده... أنا سوداء وجميله (نش 1: 5) هذه حقيقة، ولكن يتعب معنا روح الحق حتى نقتنيها بحق.

    2- حقيقة غربتنا في الدنيا: كلنا نعرف أننا ساكنون في خيام (الجسد الترابي لا بُد أن ينحل) وأننا غرباء في هذا العالم مثل آبائنا (1أخ 29: 15)،          . ونصلى في القداس ونقول: "أولئك يا رب الذين أخذت نفوسهم نيحهم، ونحن أيضًا الغرباء... إحفظنا لكي لا ننسي السابقون ونحن اللاحقون؟! هذه أيضًا حقيقه يتعب روح الحق معنا حتى نعى حقيقتها ونعيش في تسامح ومحبة... لنجهز حقيبة السفر!!

    3- حقيقة المعرفة الإلهية: من هو الآب والابن والروح القدس. عندما أعلن بعض المعرفة لليهود، أخذوا حجارة ليرجموه. وعندما أعلن ذاته لتلاميذه، ذهبوا بعيدًا عنه وتركوه. وعندما عرف رؤساء الكهنه أنه مساوٍ للآب، دبروا خطة وصلبوه، واستهزأوا به قائلين: " إن كنت إبن الله فانزل عن الصليب (مت 27: 40). هذه أيضًا حقيقه عرفها أقرب الناس لتجسده ولم يؤمنوا، فكم وكم أجيال بعيدة عنه...!! فما زال روح الحق يُثبت ويُرشد ويُنير!!

    4- حقيقة الحياة السمائية: مازال حتى الآن روح الحق يكشف عن ما لم تره عين، وما لم تسمع به أذن، وما لا يخطر على قلب بشر.. بإعلانات ورؤى وأحلام.

    فدانيال النبي أثبت لنا أن الملاك ميخائيل هو رئيسنا (دا 10: 21) وهو المحارب عنا (دا 12: 1) والملاك غبريال جاءه برسائل وتفسيرات كثيرة (دا 9: 21) وأيضًا من الناس الأحياء أثبتوا لنا علاقتهم بالقديسين السمائيين. حقيقةٌ عاشها آبائنا، وحتى الآن روح الحق يعمل ويرشد لينير عيون مقفلة، وقلوب قاسية وعقول مظلمة.

     

    كل إنسان له سرٌ خاصٌ وإعلان مفرح وحقيقة معلنة بروح الحق.

    3- طويل الروح

     

    من صفات الله أنه طويل الروح = طويل الأناة... طويل البال... مترفق... متمهل... بطئ الغضب...

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    1 - أعلن ذاته:

     رغم أنه غضب على شعبه، وقال لموسى النبي: " لا أسير معكم" وبإلحاحٍ وصلاة موسى قال له: "أسير معكم" فما أجمل طول أناة ربنا علينا رغم خطايانا وإنكارنا لمحبته... فأعلن الله عن ذاته وصفاته لأولاده وبالأكثر لخاصته بنزوله قدامهم واقترابه منهم وسُكناه وسطهم ومسيرته معهم... كما قيل في سفر الخروج (خر 34: 5 - 10): "فنزل الرب في السحاب (الغمام) (ليحقق وعده لموسى) فوقف عنده (معه) هناك (على الجبل إشارة لتجسده) وأعلن له إسمه (وموسى مختبئ في حفرة والرب ساتر عليه بيده) واجتاز (مر) قدامه ونادى (بزلزلة صوته - أعلن ذاته): "الرب إله رحيم ورؤوف، بطئ الغضب (طويل البال) وكثير الإحسان والوفاء، حافظ الإحسان (الرحمة) إلى ألوف الأجيال. غافر الإثم والمعصية والخطية. ولكنه (لا يترك دون عقاب) لن يُبرئ (الإثم) إبراء. مفتقد إثم الآباء في الأبناء، وفي أبناء الأبناء، في الجيل الثالث والرابع". فأسرع موسى وخر إلى الأرض وسجد... (وقال سر معنا وأسكن بيننا فأنت عارف ضعفنا وكثرة إثمنا) فقال له: ها أنا أفعل عجائب لم تُخلق في كل الأرض (لم يشاهد أحد مثلها)... أن الذي أنا فاعله معك رهيب. (أتجسد وأعبر بك إلى السماء) "

    St-Takla.org Image: He led them by a pillar of cloud and fire: "And the Lord went before them by day in a pillar of cloud to lead the way, and by night in a pillar of fire to give them light, so as to go by day and night" (Exodus 13: 21) (photo 1) - from "Standard Bible Story Readers" book, Lillie A. Faris صورة في موقع الأنبا تكلا: "وكان الرب يسير أمامهم نهارا في عمود سحاب ليهديهم في الطريق، وليلا في عمود نار ليضيء لهم. لكي يمشوا نهارا وليلا" (الخروج 13: 21) (صورة 1) - من كتاب "قراء قصص الكتاب المقدس الأساسية"، ليلي أ. فارس

    St-Takla.org Image: He led them by a pillar of cloud and fire: "And the Lord went before them by day in a pillar of cloud to lead the way, and by night in a pillar of fire to give them light, so as to go by day and night" (Exodus 13: 21) (photo 1) - from "Standard Bible Story Readers" book, Lillie A. Faris

    صورة في موقع الأنبا تكلا: "وكان الرب يسير أمامهم نهارا في عمود سحاب ليهديهم في الطريق، وليلا في عمود نار ليضيء لهم. لكي يمشوا نهارا وليلا" (الخروج 13: 21) (صورة 1) - من كتاب "قراء قصص الكتاب المقدس الأساسية"، ليلي أ. فارس

    أنت عجيب في طول بالك!! منذ سنوات قليلة فعلت عجبًا في أرض مصر وأخرجتهم من العبودية، وفعلت أعجب عندما عبرت بهم البحر الأحمر. فأنكرك هذا الشعب وصنع عجلًا من ذهب وقال عنه: هذا هو إلهك يا إسرائيل. والآن توعدتهم رغم كل هذا بأنك تفعل معهم أمرًا رهيبًا! لماذا تتحمل وتتمهل وتترفق علينا؟

    * صوتك زلزل قلوبهم، وبمسيرتك معهم سيطرت وملكت عليهم، وباقترابك منهم إقتحمت مشاعرهم بطول أناتك... فظل هذا النداء يزلزل قلب الآباء ويحطم فيهم كل كبرياء ويرفع قلوب البسطاء.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    2 - يحتمل أولاده:

     الرب طويل الروح كثير الإحسان، يغفر الذنب والسيئة، لكنه لا يُبرئ بل يجعل ذنب الآباء على الأبناء إلى الجيل الثالث والرابع (عد 14: 18) يتحمل الأبناء أخطاء الآباء، فإن أخطئ الأب وضاع ماله فلا يجد أولاده طعام ومعيشة.

    * يتحمل الأبناء ضعف الآباء إجتماعيًا وصحيًا وماديًا ومعنويًا ونفسيًا وأدبيًا، فيظهر جيل غير سوى يعيش في آلام، ولكن بطول أناة الرب وكثرة إحساناته وغفرانه إذا إنتفض أحد من هذه الضعفات يقويه الرب ويرفعه ولا يحمل ذنب أبوه. ويظل الرب بصبره يعالج أخطاء البشرية ليجدد لنفسه جيلًا يتكل عليه وينعم بإحساناته. مثال: ظل الرب مع شعبه أربعين سنةً في البرية حتى هلك الجيل المتمرد وعبر بجيل آخر لم يرث أخطاء آبائه...

    * يقول القديس جيروم: الرب لا يعاقب أولاده في الجيل الأول (= بمجرد الفكر الخاطئ) ولا في الجيل الثانى (= شهوة الخطية والإنغماس في ملذاتها) وإنما يعاقب في الجيل الثالث (عند السقوط) والجيل الرابع (عندما تصبح عادة) فهو طويل الروح متمهل متأنى صابر علينا لإصلاحنا...

    * ولا ننسى دائمًا الرب يحتمل ضعف إيماننا،            . فقال لتلاميذه: " أيها الجيل غير المؤمن والملتوى، إلى متى أكون معكم وأحتملكم؟" (مت 17: 17)، (لو 9: 41).

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    3 - لا يمنع رحمته:

     تمتع نحميا النبي بطول أناة ربنا فقال: "أنت إله غفور وحنان ورحيم، طويل الروح وكثير الرحمة، فلم تتركهم مع أنهم عملوا عجلًا ليرجعوا لعبوديتهم" (نح 9: 17) لقد تلامس مع رحمة الله المتكررة الكثيرة القوية، وعرف أنه رحيم أى يلد من جديد ولا يمل، بل بحنان يعطينا فرصًا كثيرة. فكم من مرةٍ نخطئ وهو يسامح وكأننا لم نفعل شيء. فبالمعمودية أنعم علينا بالميلاد الثانى، وفي كل إعتراف يجعل حتى الزانى بتول.

    وهذه الرحمة واضحة مع شعبه في برية سيناء كما ذكر نحميا النبي أيضًا، فقال: رغم أنهم عملوا عجلًا وقرروا الرجوع لعبوديتهم وأحنوا رؤوسهم للإنسان الطاغية العنيف (= مصر) وأبوا التمتع بالحرية ومجد أولاد الله، إحتمل الرب تصرفاتهم ولم يحرمهم من طعامهم ولم يمنع عنهم ماء الصخرة المتفجر ولم ينزع عنهم عمود النار ولا ظل السحاب لرعايتهم وإنارة طريقهم، وأعطاهم روحه الصالح لتعليمهم (نح 9: 20) فظل الروح القدس على السبعين شيخًا ينطق بتعاليم وإرشاد وتصحيح للمسار؛ لأنه طويل الروح حنَّان رؤوف غفور.

    سؤال: ما الذي جعل نحميا يقول هذا؟

    أولًا: لأنه تلامس مع حنانه، إذ بالصلاة والصوم والتوبة رجع شعبه من السبى بدون سلاحٍ بل رجعوا بخيرات أرضية ليبنوا هيكلًا... بل رجعوا بإلحاح من الملك الأرضى لحضن الملك السمائى...

    ثانيًا: لقد رأى الشعب متكاسلًا في بناء الهيكل ومحبطًا؛ لأنهم مهما فعلوا فلن يعود الهيكل إلى مجده الأول في عهد سليمان الملك، فكان نحميا يقويهم ويدفعهم للعمل ويُذكرهم أن الرب قادر أن يعوضهم عن ذهب الهيكل وفضته بكلامه الغنى، و بدلًا من تابوت العهد ومجد الرب الذي كان يظهر عليه أنهم سوف يحملون مجده عليهم ونوره فيهم، فإن مراحمه كثيرة وسوف يلد كنيسته بمجد جديد أعظم...

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    4- يتمم خطته:

     لقد تمم خطته وصليبه بطول الأناة. إحتمل الرومان المستهزئين به كيهودى، واحتمل اليهود وإستخفافهم بقوله: "أنا هو. أنا المسيا. أنا هو الله". واحتمل اللص على الصليب وقوله: إن كنت أنت إبن الله فانزل من على الصليب... بطول أناته وصبره ومحبته قال: "أغفر لهم" فلهذا رآه داود منذ زمان، فقال على لسانه: "اللهم المتكبرون قد قاموا علىَّ، وجماعة العتاة طلبوا نفسى (اليهود والرومان) ولم يجعلوك أمامهم (نسوا النبؤات). أما أنت يا رب فإله رحيم رؤوف طويل الروح وكثير الرحمة والحق (تريد أن تنعم عليهم بالميلاد الثاني الذي من فوق) إلتفت إلىَّ وارحمنى. أعط عبدك قوتك (لأنى صرت عبدًا وأنا البار، لكي أبررهم فأعطنى قوتك) وخلص إبن أمتك (مز 86: 15، 16) (لكي نأخذ نحن أيضًا قوةً ونقول: قوتى وتسبحتى هو الرب الذي صار لي خلاصًا) (مز 118: 14) لأن الابن الطبيعى له سند، أما ابن الأمة ضعيفٌ. فصار المسيح إبن العذراء التي قالت للرب: "هوذا أنا أمة الرب"

    * هذه هي عمق مشاعر الرب وطول أناته. إحتمل موت العار. إحتمل خطايانا. إحتمل جهلنا ليتمم خطة خلاصنا.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    5- يُسبينا لمحبته:

     "الرب حنَّان رحيم رؤوف، طويل الروح (الأناة) وعظيم الرحمة. صالح للكل (يترأف بالجميع) ومراحمه على كل أعماله" (مز 145: 8) الرب يساند جميع الساقطين، ويُنهض المنحنيين (الرازحين).

    * الرب حنَّان على كل الخليقة، على كل أعماله، على الخليقة العاقلة وغير العاقلة. طويل الأناة يصبر بلا حدود. الكل يترجى ويرفع عينه وهو يعطى حنان ورحمة ورأفة وحب، وعندما يبسط يده أى يمدها لأى أحد يشبع فيرتمى في حضنه شاكرًا لأنه ذاق طول أناته وهذا المزمور هو: للروح التقيه التي تحررت من الخطية وفتحت عينيها على أعماله الإلهية، وتمتعت بوجود المسيا والمعمودية والإفخارستيا، وكرست نفسها لتسبيح رب البارية، فتصير غرقى في محيط محبته السمائية؛ لأنها لمست خيراته وصلاحه للكل وعلى كل البشرية... (كان اليهود في عبادتهم يترنمون بهذا المزمور صباحًا وظهرًا ومساءًا) هو مزمور لكل من ذاق طول أناته ولا يكف عن تسبحته. في كل أوان تسبحته موجوده في فمى (الهوس الكيهكى الكبير) ومن يحبه لا ينشغل إلا بشكره، وبالرب يفتخر ويدعو كل الخليقة معه للتسبيح؛ لأن الرب صالح حلوًا... طيب... خير... و..

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    دروس مستفادة منه:

    1 - طول أناته المفروض أن تدفعنا للتوبة والخير والرحمة والحنان.

     لقد لخص الآباء الحكماء الموضوع في كلمه بسيطه " طولة البال تهد الجبال " فمهما كانت قلوبنا قاسية فطولة بال ربنا تهد تشامخنا وكبريائنا..

    2 - تعلَّم أن تكون مثله طويل الروح، تتأنى على أولادك وأصحابك وأقربائك. تعود أن تكون طويل النفس كما قيل: "طول الروح خير من تكبر الروح" (جا 7: 8) لأن المتأنى في قرارته غالبًا ما يكون متضعًا، والإنسان المندفع سواء داخليًا أو خارجيًا يفقد سلامه وميراثه...

    3 - أطل بالك على نفسك. لا تتعجل خلاصك... إصبر حتى تقتنى الحكمة والنعمة... أطل روحك حتى يأتى بروحه ويسكن داخلك، ويقودك...


    4- الامتلاء بالروح

     

     كم مرة يمتلئ فيها الإنسان؟ هل بعد الإمتلاء يمكن إمتلاء ثانٍ؟ لماذا لم نمتلئ مرة واحدة ونحيا بهذا؟ من هم المستحقون لهذا الإمتلاء؟ كيف يكون هذا الإمتلاء؟ هذا هو موضوعنا لهذا الأسبوع:

     

    أولًا:

     "وفيما هو مجتمع معهم (مجتمع في الأصل اللغوى تُفسر هكذا = يأكل ملحًا معهم... يأكل خبزًا معهم... وبينما هو على المائدة معهم) أوصاهم أن لا يبرحوا من أورشليم بل ينتظروا موعد الآب الذي سمعتوه منى" (أع 1: 4) وهنا نلاحظ ونسأل انفسنا: كيف يجتمع معهم بدون إيمان منهم؟

     

    1- إيمان الله بالروح:

    لقد صدق وآمن إبراهيم بالله أنه مالئ السماء والأرض، وأنه موجودٌ وقريبٌ منه، فخرج من أرضه وذهب ورائه وتحدث معه وأعد له مائدته ليأكل عنده وأخذ منه وعده (تك 12 - 25)

    وصدقت وآمنت أمنا العذراء وتعبدت بالصلاة ليلًا ونهارًا لله الذي فرَّح شبابها وحياتها وملأ كل كيانها...

    St-Takla.org Image: The Holy Spirit in the shape of a dove, details from The Baptism of Jesus Christ by Saint John the Baptist, Coptic icon (photo 4), with Coptic inscription of the verse: "You are My beloved Son, in whom I am well pleased" (Mark 1:11) - St. Mina Coptic Orthodox Church, Fleming, Alexandria, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, December 4, 2019. صورة في موقع الأنبا تكلا: الروح القدس على شكل حمامة، تفاصيل من أيقونة قبطية تصور معمودية السيد المسيح بواسطة يوحنا المعمدان (صورة 4)، مع الآية باللغة القبطية: "أنت ابني الحبيب الذي به سررت" (مرقس 1: 11) - من صور كنيسة مارمينا، فلمنج، الإسكندرية، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 4 ديسمبر 2019 م.

    St-Takla.org Image: The Holy Spirit in the shape of a dove, details from The Baptism of Jesus Christ by Saint John the Baptist, Coptic icon (photo 4), with Coptic inscription of the verse: "You are My beloved Son, in whom I am well pleased" (Mark 1:11) - St. Mina Coptic Orthodox Church, Fleming, Alexandria, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, December 4, 2019.

    صورة في موقع الأنبا تكلا: الروح القدس على شكل حمامة، تفاصيل من أيقونة قبطية تصور معمودية السيد المسيح بواسطة يوحنا المعمدان (صورة 4)، مع الآية باللغة القبطية: "أنت ابني الحبيب الذي به سررت" (مرقس 1: 11) - من صور كنيسة مارمينا، فلمنج، الإسكندرية، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 4 ديسمبر 2019 م.

    وصدق التلاميذ المسيح وصار بينهم عشرة ومحبة ومودة، ومكثوا معه حيثما وجد.

     فيجب علينا أن نؤمن به ونعترف له بخطايانا ونقر بأن عينه علينا لا يطيق شر أعمالنا لكي نقبل روحه...

     

    2- قبول الروح:

    متى نقبله؟ متى يأتى؟ ها نحن ننتظر كما قال: "إلى أن يُسكب علينا روح من العلاء فتصير البرية بستان ويحسب البستان وعرًا" (إش 32: 15) لقد وعد الله الآب الأنبياء بموعد الروح (إش 44: 3) و (يوئيل 2: 28 - 32) ووعد الله الابن تلاميذه خمس مرات في إنجيل يوحنا (يو 14 - 16) أنه سيرسله لنا... وقال لهم: "إقبلوا الروح القدس" (يو 20: 22) وأما نحن فآمنا بكلامهم، كما وعد رسله أن كل من يقر بخطاياه يقبل غفران ويتجدد بالروح.

     

    3- الموت والقيامة بالروح:

    من هو كفء أن يقبل روحه إن لم يكن مُستعدًا للموت عن العالم ليبدأ روح الله القدس أن يعمل معه وينعم عليه بالقيامة من الخطايا.

    * كان لازمًا أولًا أن نولد من فوق، نولد ثانية.. لقد خلق الرب الإنسان من عنصرين مهمين: الجسد لكي يأخذ هو الذي لنا ويتجسد، والروح لكي نأخذ نحن روحه ونحيا للأبد.. فإن كان الجسد لا يمكن أن يعاين الحياة بدون ولادة، فالروح لن يعاين نور الله والحياة السعيدة بدون ولادة.

    * من هو الذي يقدر أن يُحصى كمية المياه أو يوفر هذه الأطنان التي بالبلايين لكي تشرب وتحيا هذه الأجساد يوميًا في كل العالم؟‼ هكذا أيضًا بدون أى وجه مقارنة، من هو الذي يقدر أن يملأ كل نفوس البشر بروحه ويُخرج من بطونهم ينبوع ينبع إلى حياة أبدية؟‼ إلا الله وحده بروحه القدوس.

    * إذا لننزل جرن المعمودية ونغطس لكي نموت معه، ولنصعد ونخرج منه لنحيا به، ولنقبل روحه بل نمتلئ من ملئه بل يملأنا بنعمته...

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    ثانيًا:

     لماذا نسعى للإمتلاء بالروح؟ ولماذا يهدف الله أن يملأنا بروحه؟ هذا كله لكي: نتحد بعنصر إلهى فائق وهو روحه للوجود دائمًا في حضرته، وللبقاء وللخلود في ملكوته، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى... لنأخذ صفات روحية، ولنلتصق بالله بكل القلب والفكر والنفس والقدرة... ليكون لنا إمكانيات سماوية إلهية تتجاوز الأفكار البشرية، ونتعرف على أسرار ونعاين خبرات ونمارس أعمال ملائكية بمبادئ سمائية وأهداف روحية، لهذا كان يجب أولًا الإعداد لقبول هذه النعمة العظيمة:

     

    1- الإعداد لقبوله:

     لكي نمتلئ بمعرفة الله وبحبه ورعايته وسُكنى روحه فينا، كان يجب أولًا إعدادًا خاصًا يليق لقبوله.

     لقد سقط دانيال النبي على وجهه عندما رأى ملاك (دا 8: 17) ومنوح خاف وارتعب من رؤية ملاك العهد (قض 13: 20) فكم بالحرى يجب علينا نحن...

    هكذا أعد ربنا أمنا العذراء بظروف قاسية ونشأة غير حانية لتشبع بحنانه وتتمسك به لتمتلئ به، بل تحمل أقنوم الابن.

    وأعد المسيح تلاميذه واختارهم وملأهم من كل فهم، وملأهم من كل حكمة روحية لقبول روحه.

     

    2- الالتهاب بشوقه:

    وأيضًا نحن خلال إيمان آبائنا الجسديين نُعد للعماد... أو نصوم وندخل مخدع الصلاة لنُعد ونرتوى به... لنلتهب ونشتاق بالأكثر له...

     وتشتاق بالأكثر له...

    لقد: "أوصاهم أن لا يبرحوا من أورشليم حتى يحل عليهم روحه بعد أيام قليله" (أع 1: 4) لأنهم حتى هذه اللحظة كانوا متوقعين ملك أرضى، فقالوا له: "هل في هذا الزمان ترد المُلك إلى إسرائيل" (أع 1: 6)... إلى تلك اللحظة هم مرتبطون بالمسيح ومحتاجون الفطام والانفصال والانتظار حتى يلتهبوا به، فسوف يقولون بعد ذلك: "أمسكت به ولم أرخيه" (نش 3: 4) "لأنى وجدت من تحبه نفسى" (نش 3: 4).

     

    3- انتظار كمال مصالحته:

    "بعد أن إرتفع عن عيونهم صاعدًا إلى الآب" (مر 16: 19) بعد أن إرتفع العريس ليُهيئ عروسته (كنيسته) لتكون أيقونة له... بعد أن تمت المصالحة كاملة... بعد أن أعدهم وألهب قلوبهم وتمم خلاصهم وعرفوا أنه ليس بالقدرة ولا بالقوة بل بروحه (زك 4: 6)، خرجوا للعالم كفرس يمتطيه الفارس أو كمركبة يقودها قائد أو كآنية مختارة يتكلم هو بهم ويسوقهم لخلاص البشرية... وهنا نلاحظ كيف إمتلأ الجميع (أع 2: 4) ثم إمتلأ بطرس بأكثر (أع 4: 8) ثم إمتلأ الجميع مرة أخرى (أع 4: 32) ما هو هذا الإمتلاء...

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    ثالثًا:

    أنت موضوع حبة!! أنت الوحيد يشتاق أن يملأك بروحه!! أنت إناء مختار لروحه!! وكما أن الإنسان الترابى يعطش إلى الماء الأرضى ولا يرتوى، هكذا الإنسان الروحى يعطش إلى الماء الحى ولا يكف أو يمتلأ بل يحيا في إمتلاء متزايد..

     

    1 - امتلاء لا يتكرر بالمعمودية:

    هي مرة واحدة إمتلاء كُلى ولكنه يتزايد... إمتلاء بميلاد جديد... إمتلاء بالخلاص بدمه... إمتلاء بوضع بذرة أو حبة خردل تحتاج إلى ماء لسقى منتظم، لنمو مستمر، لنضوج ثمر وفير.

    إمتلاء بالنار والروح، كما قال المعمدان: "أنا أعمدكم بماء للتوبة، ولكن الذي يأتى بعدى... هو سيعمدكم بالروح القدس ونار" (مت 3: 11) هو ينقى ويطهر بيده... وبإتضاع عجيب قال المسيح: أنتم ستتعمدون بالروح بدل أن يقول أنا أعمدكم بالروح... فجاء روحه بعد صعوده وحل واستقر على كل واحد منهم مثل ألسنه نار، ملأهم أحاط بهم كأنهم غطسوا في جرن ماء، بل غطسوا في جرن نار... فامتلاء الجميع من الروح القدوس.

     

    2 - امتلاء لأعمال مجيدة:

    إذا كانت قوة الإيمان تُحرك الجبال، فباليقين بالحضرة الإلهية بروحه يُحرك... يهز... يُغير... ينقل... ويزعزع المكان، كما قيل: "الأرض إرتعدت... السموات أيضًا قطرت أمام وجه الله" (مز 68: 8) فعندما إمتلأ بطرس ويوحنا بالروح في وقت قصير جدًا عمدا وضما وجذبا للمسيح خمسة آلاف نفس، وبامتلاء التلاميذ خرج صوتهم إلى أقطار المسكونة... وبامتلاء بولس الرسول بشر الأمم وأعد كنائس وهيأ شعبًا غفيرًا وكتب وشرح وفسر أقوالًا وأعمالًا باستفاضةٍ...

     

    3 - امتلاء لمعرفة فريدة:

    كل واحد على قدر إستيعابه ونقاء قلبه وإشتياق روحه والإختلاء بربه والصلاة والإلحاح لمعونته. فكلما إزداد حبه يزداد الإمتلاء بروحه، وكلما إزداد شهادةً لإسمه يزداد قوةً مؤيدة منه، وكلما إزداد جهادًا يزداد فهمًا وحكمةً روحيةً، وكلما إرتفع عن العالم ومغرياته إزداد إمتلاء من ملئه.

     هكذا نحيا في إمتلاء متزايد هنا على الأرض وأيضًا هناك في السماء، ونرى ذلك واضحًا في سفر الأعمال (أع 4: 31) بعد أن أجرى الله عجائب ومعجزات، إجتمعوا للصلاة فرحين طالبين معونةً أكثر؛ لأنه أوصاهم أن يُصلى كل حين ولا يُمل (لو 18: 1) وتأكدوا من حرب إبليس وإن مصارعتنا هي مع أجناد الشر الروحية (أف 6: 12) فاشتعلت روحهم بزلزلة المكان، وأمتلئوا بالروح مرة أخرى وكأنهم أخذوا وعدًا منه أنه مع كل موقف يتحرك الروح ليهبهم مشورة ونعمة، وشعروا بالمدبر والضابط لحياتهم، المقدس والذي يقدس، والذي يملأهم، والمحامى والحارس لهم..

    لنقف أمامه ونقول له: نحن آنيه مقدسه لك. إملأنا بروحك لنزداد حبًا للجميع، وخدمةً لأولادك، واحتمالًا للضعفاء وسندًا للمحتاجين.. إملأنا بمعرفتك وبحبك واشتياق لملكوتك وللمثول الدائم لحضرتك.

    5- انسكاب الروح

     

    "ويكون بعد ذلك (بعد فرحة القيامة) أنى أسكب (أفيض... أصب) روحى على كل بشر (الأطفال والفتيان والكبار والشيوخ)... أسكب روحى في تلك الأيام (أيام الفرح... أيام إنتظار الميعاد الذي وعد به الرب لتلاميذه) وأُعطى عجائب في السماء والأرض دمًا ونارًا وأعمدة دخان" (يؤ2: 28 - 30).

    (ألسنه نارٍ من السماء وسفك دم على الأرض لأجل إسمى، فتصعد هذه الأرواح كأعمدة من دخان مُعطرة بالمر واللبان مستندة علىَّ أنا الديان).

    وهنا نرى رد الفعل سريعًا، وعمل الروح مُبهجًا، وإنسكاب الروح مُعلنًا، حينما وقف بطرس في دوره ليتحدث قائلًا: "في الأيام الأخيرة أنى أسكب من روحى" (أع 2: 17) مع أن يوئيل النبي لم يقل في الأيام الأخيرة، بل أضاف وأفاض الروح على معلمنا بطرس ليشير إلى بدء ملكوت الله على الأرض من تجسد السيد المسيح إلى مجيئه الثانى. هذا هو مفهوم الأيام الأخيرة أو ملء الزمان أو ملء الأزمنة، حينما نزع الرب الملك من إسرائيل وأعطاه لإسرائيل الجديد، ونزع مجد الهيكل القديم ليقيم فينا هيكلًا لروحه...

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    1- أفاض بروحه: 

    على بولس الرسول، وأعطى مفهومًا جديدًا عميقًا لهذا الانسكاب حينما قال: "فإنى أنا الآن أسكب سكيبًا (هأنذا أقدم قُربانًا للرب) ووقت إنحلالى قد حضر" (2تي 4: 6).

    إنحلالى في أصلها اليونانى = حل رُبط السفينة من مرساها أو حل أوتاد الخيمة للرحيل.

    St-Takla.org Image: The Apostles baptized with the Holy Spirit - from "Treasures of the Bible" book, by Henry Davenport Northrop, D.D., 1894 صورة في موقع الأنبا تكلا: حلول الروح القدس على التلاميذ - من كتاب "كنوز الإنجيل"، لـ هنري دافينبورت نورثروب، د. د.، 1894

    St-Takla.org Image: The Apostles baptized with the Holy Spirit - from "Treasures of the Bible" book, by Henry Davenport Northrop, D.D., 1894

    صورة في موقع الأنبا تكلا: حلول الروح القدس على التلاميذ - من كتاب "كنوز الإنجيل"، لـ هنري دافينبورت نورثروب، د. د.، 1894

    * هذه هي أعلى درجات الحب... هذا هو فعل إنسكاب الروح العجيب... كل من تذوق الفرح المسكوب الذي أفاضه (سَكَبُهُ) بغنى يسوع المسيح، حينما ظهر لطف مُخلصنا وإحسانه لا بأعمال البر بل بمقتضى رحمته، حينما خُلصنا (تعمدنا) وتجددنا (بالنمو المستمر) بالروح القدس. راجع (تي 3: 4 - 7).

    * يعلن مع بولس فرحه:

    أولًا: فرح الروح الذي إنسكب بغنى فيه، وأفاضت نعمة ربنا به وجعلت منه إناءً للكرامة... هيكل للروح القدس، هيكل ذهبى من صنع روحه وهبة نعمته...

     ثانيًا: فرحة الإنطلاق للسماء، فإن كان كعصفور في قفص ذهبى ولكنه سينطلق للفرح الأبدى...

    * أعظم إفاضة متكررة: ذبيحة الصليب (الإفخارستيا) التي ترتبط بفرحٍ دائم وسكب بغنى وأفاضة الروح القدس على الكنيسة... وهذا من خلال: الحمل الإلهى الذبيح إذ تُقدمه الكنيسة للآب بالروح القدس. تقدم الابن الوحيد أى جسده المبذول الذي يسكب عليه وفيه الفرح الإلهى بحلول الروح بغنى فائق وفرح حقيقى. ونوضح هذا من بعض الصلوات السرية التي يقولها الكاهن: "يا الله العظيم الأبدى الذي بلا بداية ولا نهاية. العظيم في مشورته والقوى في أفعاله... كن معنا.. وقف في وسطنا... كما كنت مع تلاميذك تُعزيهم وتريهم ذاتك المقدسة في كل حين... وامنحنا أن نقدم أمامك الذبيحة الناطقة الروحية... لأن إسمك هو طيب مسكوب في كل المسكونة... فاقبل من أيدينا بخورًا روحيًا، يدخل إلى الحجاب في موضع قدس أقداسك"... وننحنى أمام الابن ونقول له: "أنت بصوته وحدك... أنت الحالل في وسطنا الآن... أنت بصوتك وحدك...أنت أرسل روحك القدوس علينا وعلى هذا الخبز وهذا الكأس لكي ينتقلا إلى جسد ودم خلاصنا...

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    2- إشارة للروح:

    أشار العهد القديم في تقدمة الأطعمه التي تقدم من الدقيق المطحون الناعم أن يكون:

     1 - قربان من دقيق ويسكب عليها زيتًا ويجعل عليها لبانًا (لا 2: 1) اللبان إشارة للصلاة والبخور.

     2- قربان مخبوز في تنور تكون أقراصًا من دقيق، فطيرًا ملتوتة بزيت، ورقاقًا فطيرًا مدهونة بزيت (لا 2: 4).

     3 - (مخبوز على صاج تقدمه) دقيق ملتوتة بزيت، فطيرًا. تفتها فتاتًا وتسكب (تصب) عليها زيتًا (لا 2: 5 - 6).

     4 - (قربان تقدمة) من طاجن (مطبوخ) فمن دقيق بزيت تعمله (لا 2: 7).

     5 - (فريك مشوى) وتجعل عليها زيتًا وتضع عليها لبانًا (لا 2: 14 - 16).

    * نلاحظ في هذه التقدمات أن منها ما هو إجبارى وما هو إختيارى. منها ما هو مرتبط بذبائح دموية حسب الطقس وهذه كلها إشارة للمسيح الذبيح الكفارة الذي فدانا بدمه وحياته. لأنه قدم لنا الحياة في خبز الحياة لنأكله ونحيا ونشبع به.

    * هذا الذي مسحه الله (أع 10: 38) منذ الأزل (ملتوت بالزيت = واحد مع الروح القدس). مسحه بدهن الإبتهاج أفضل (أكثر) من كل (المسحاء والأنبياء).

    فالمسيح هو عطية (تقدمة. هبة. هدية) الآب لنا، وجسده المبذول (المسيح) هو هبته وهديته وتقدمته لنا. لقد قدم لنا ذاته لنقترب إليه ونتحد به (الذبائح الدموية إشارة لسفك دم المسيح، والذبائح التي من الدقيق إشارة لجسد المسيح، وكانا الإثنين متوازيين في العهد القديم).

    * فإن كنت عاجزًا أن تقدم كل حياتك كذبيحة محرقة أى مكرسة لله... فقدم عملك اليومى قربانًا (دقيق مطحون... تتحمل الآلام) دقيق ناعم (لطيف متواضع) مخبوز (مُتحدًا بإخوتك) ملتوت بالزيت (مُتحدًا بالروح) ممسوح بالزيت (مصلحًا مستنير بنعمة الروح) فاستمر بالجهاد والصراخ والطلب حتى يسكب فيك زيت رحمته، أى يملأك بروحه لكي يضئ ويشرق عليك وفيك بأعماله ويهدى سلوكك وتصرفاتك اليومية، لكي نصير ملوكًا (متسلطين على شهواتنا) وكهنة (نقدم ذبيحة أجسادنا حية مُقدسة مرضية عبادتنا العقلية) (رؤ 5: 10) ونكون أنبياء مُسحاء (نحمل أسرارًا عظيمة جدًا وهامة للغاية خاصة بالأبدية) ونكون شركاء المسيح محاربين به الشيطان. لا ندهن رأسنا بدهن الأشرار (مز 141: 5) أى المكر والشر و... بل حاملين روحه (1كو 6: 17).

    * قبل التقدمات: قال الله لموسى: "قدم هارون وبنيه إلى باب الخيمة (ليكن وسيطًا وشفيعًا بين الله والناس) وأغسلهم بالماء (حمام كامل - رمز للتقديس) وخذ الثياب وألبس هارون... (كأنه لبس المسيح) وخذ زيت المسحة وأسكب (صُب) على رأسه وأمسحه (إشارة لمسحة وحلول الروح القدس) راجع (خر 29: 4 - 7) ثم يتقدم للذبح (الصليب).

    يلاحظ أن سكب الزيت على رئيس الكهنة فقط؛ لأنه رمزٌ للمسيح الذي بعد أن لبس جسدنا نزل الأردن فظهر واستقر عليه الروح مثل حمامة لكي يتقدم للخدمة والصليب.

     ومن هنا نقف ونرجع إلى سفر التكوين لنتعرف على:

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    3 - بدء فكرة إنسكاب الروح:

    "فخرج يعقوب من بئر سبع (خرج من خيمته إلى الحرمان من العطف والتدليل)... وأخذ من حجارة المكان ووضعه تحت رأسه، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فاضطجع في ذلك المكان ورأى حُلمًا (قال له الرب:... ها أنا معك وأحفظك حيثما تذهب...) فاستيقظ يعقوب من نومه وقال: حقًا أن الرب في هذا المكان وأنا لم أعلم!... وبكر يعقوب... وأخذ الحجر الذي وضعه تحت رأسه وأقامه عمودًا، وصب زيتًا على رأسه" (تك 28: 10 - 18)

    ما أجمل فكر أبونا يعقوب وما أروع ما نظره. لقد نظر سلمًا من الأرض للسماء والرب فوق السلم. لقد كان الروح القدس ماشيًا معه ينبهه ويرشده ويعمل به.

    وهنا نسأله: ما معنى أنك تصب زيتًا على رأس العمود؟ فيقول: حاولت أن أُمسك الرب فلم أقدر. حاولت أن أجعل له بيتًا أسكن معه وهو معى فلم أقدر، ولكن الرب الذي حفظنى هو الذي جعل خالى لَبان يُضيق علىَّ وغير أُجرتى في عشرين سنة عشر مرات، فقلت له: لولا أن إله إبراهيم وهيبة إسحق معى لكنت قد صرفتنى فارغًا.

     ورجع يعقوب إلى بيت إيل حيث العمود الحجرى، "فنصب يعقوب (ثانيًا) عمودًا في المكان الذي فيه تكلم (الله) معه، عمودًا من حجر وسكب عليه سكيبًا وصب عليه زيتًا" (تك 35: 6 - 14)

    كان يعقوب مُصممًا على نفس المكان ونفس العمود أن يكون بيتًا للرب، والحجر الذي كان تحت رأسه هو حجر الزاوية الذي صار أساس الكنيسة في العهد الجديد. فوافق الله يعقوب وقبل من يده هذه المسحة ليحل ويسكن ويلتصق بشعبه بأولاده.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    4 - إنسكاب الروح:

    إنسكاب الزيت في العهد القديم هو إشارة ورمز لإنسكاب الروح في العهد الجديد. ولو قولنا عندما سكب يعقوب الزيت على الحجر كأنه يريد أن يقول أن هذه الحجارة سوف تأتى بأولاد لإبراهيم.

    وإنسكاب الزيت على رئيس الكهنة كأنه يشير إلى المسيح المملوء من الروح رئيس كهنتنا، والتقدمة الملتوتة بالزيت أشارت إلى جسد المسيح المتحد بروحه منذ الأزل، إذًا كل هذه كانت رموزًا فقط لإنسكاب الروح، ولكن لم يحدث إنسكاب للروح إلا بعد أن صعد المسيح فانسكب الروح على الكنيسة ومنهم بولس الرسول الذي تغنى وقال: "محبة الله إنسكبت في قلوبنا بالروح القدس المُعطى لنا" (رو 5: 5)

    * الآب يُعطينا حب أبوى حقيقى، وندعوه: يا أبانا الذي في السموات.

     والابن عريس نفوسنا يهيئ لنا جميع أنواع الحب وما تحتاجه النفس من عطف وطول أناه ومعرفه و..

     والروح القدس يُعطينا أن نحب الله بشدة ونقول: "من سيفصلنا عن محبة المسيح" (رو 8: 35) "ومحبة المسيح تحصرنا" (2 كو 5: 14) ونصرخ: "يا أبا الآب" (غلا 4: 6)

    * فبالجهاد المستمر نمتلئ بالروح الذي يسكب كل هذا في قلوبنا.

    * من يمتلئ وينسكب فيه الروح يملأ ويسكب ويفتخر، كما أفتخر بولس بأهل فيلبى الذين بشرهم بالإيمان الحى وهم أعلنوا كلمة الحياة. فقال لهم: هذا فخر لي في يوم المسيح، والآن كأننى في ميدان حرب وسباق منتظر مكأفاة، وبما أنكم قبلتم الآلام بسبب الإيمان وقدمتم نفوسكم ذبيحة حية، الآن أسكب حياتى على ذبيحة إيمانكم، والله نفسه يفرح بالحب والبذل؛ لأنه هو سكب نفسه (إش 53: 12) وقدم لنا الحياة بحياته. راجع (في 2)

    * لقد رجع بولس الرسول بفكره كناموسي وفريسى قديم إلى كل ما سبق وأشار إليه هنا، وقال: "إنى الآن أسكب سكيبًا" (2تي 4: 6) إنى فرحان بفرح روح إلهى الذي ملأ كيانى وأكمل رسالتى وخدمتى، وساعدنى في جهادى الحسن، ودشننى كبيتٍ لسكناه للأبد. فالآن صرت سكيبًا وذبيحًا أقدم نفسى ذبيحة لله... هأنذا أقدم ذاتى قربانًا لله.

     

    الرب الذي قال: "أنى أسكب ماءً على العطشان وسيولًا على اليابسة، أسكب روحى على نسلك وبركتى على ذريتك" (إش 44: 3).

    هو الذي نتضرع إليه مع داود النبي ونقول: "أسكب أمامه قلبى" (مز 62: 9) حتى يسكب فينا الحكمة والمعرفة والإستنارة. راجع (سي 1: 24).

    في عجب وحب ننحنى أمامه ونقول: كيف يمتلئ الإنسان المحدود بالغير محدود!! كيف يشتعل التراب بالنار‼

    كن حليمًا مثل موسى فلم يكن رجلًا حليمًا مثله (عدد 12: 3) الذي قال: " إن نبى مثلى سيقيم لكم الرب إلهكم من إخواتكم له تسمعون" (أع 3: 22) مثل ما قُدت الشعب هو القائد الأعظم. مثل ما إحتملت ضعفاته فهو طويل الروح وكثير الرحمة.

    "وأما ثمر الروح فهو: محبة، فرح، سلام، طول أناة، لطف، صلاح، إيمان، وداعة، تعفف." (غلا 5: 22، 23)

    6- قال الروح

     

    قال الروح القدس... أو ما يقوله الروح... لفظة تكررت كثيرًا في العهدين القديم والجديد، وخصوصًا في سفر أعمال الروح القدس مع الرسل، وتجلت بوضوح عندما إشترك يوحنا الحبيب في الضيقة بثبات وعينه على السموات... أى إشترك في حمل الصليب، فتفتحت عينيه على الطبيب فسمع ونظر ما هو عتيد!

     

    * أولًا: ماذا يقصد الكتاب بقوله: قال الروح؟ يقصد: قال الله... قال المسيح...

     رغم عدم تجسد الابن قديمًا لكنه بروحه كان يمشى مع مختاريه، وينطق على لسان أنبيائه، ويحرك قلوب أصفيائه، ويجلس ويفسر ويطمئن أبراره الصارخين إليه. ورغم صعود الابن للسماء وانفصاله عن تلاميذه ورسله وأحبائه، مازال يعمل بينهم وبهم ويسكن فيهم، ينطق ويحرك ويدبر ويرشد ويعزى ويتكلم وينير ويفرز ويحيى ويرسل ويملأ بروحه قلوبنا وتنسكب محبته علينا ودائمًا حالل وسطنا نسمعه ونكلمه.

     

    * ثانيًا: مع من يتكلم؟ إلا مع الأرواح: وهذا أشار إليه المسيح أثناء حديثه مع السامرية، وبعد أن تدرج معها وفتح إدراكها على المسيا وانجذبت بروحها للعبادة السمائية قال لها: يجب على العابد أن يعبده بالروح والحق؛ لأن الله روح. (يو 4: 24)

    St-Takla.org Image: The Alpha and Omega (Α & Ω), an appellation of Jesus Christ (photo 1) - Saint Theresa Church, Clarendon, D2, Dublin, Ireland - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, April 28, 2017 صورة في موقع الأنبا تكلا: الألفا والأوميجا: الحرف الأول والآخر من حروف اللغة اليونانية، من ألقاب السيد المسيح (صورة 1) - من صور كنيسة القديسة تريزا، كلاريندون، دبلن، أيرلندا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 28 إبريل 2017

    St-Takla.org Image: The Alpha and Omega (Α & Ω), an appellation of Jesus Christ (photo 1) - Saint Theresa Church, Clarendon, D2, Dublin, Ireland - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, April 28, 2017

    صورة في موقع الأنبا تكلا: الألفا والأوميجا: الحرف الأول والآخر من حروف اللغة اليونانية، من ألقاب السيد المسيح (صورة 1) - من صور كنيسة القديسة تريزا، كلاريندون، دبلن، أيرلندا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 28 إبريل 2017

    * لقد خلق الله الإنسان مكون من جسد وروح، لكي تتصل الروح بروحه ويتعامل مع الروحانيين، فيليق لنا أن نظهر أمامه بطهارة النفس والقلب والفكر الصافى من الذات واللذات والشهوات، وينفض يديه عن الأرضيات لكي يسمعه...

    * الله روح... والابن روح، كما قال: الروح أمام وجهنا المسيح الرب (مرا 4: 20) فالآب والابن والروح القدس إله واحد يتفاعل ويتناغم مع الروح ذات الرأى الواحد والهدف الواحد الملتصقة بالواحد.

    * الله غير منظور ولا مُدرك ولا مُحوى في مكان أو زمان. فهو روح فيجب أن نسجد له بالروح...

     

    * ثالثًا: من يقترب من الله الروح؟ "من هو الذي أرهن قلبه (يرهن نفسه... من يجرؤ بنفسه) ليدنو إلىَّ، يقول الرب" (إر 30: 21) إلا إذا إرتفع بروحه ليخاطب الروح... يتحول قلبه كمدينة صهيون التي إختارها الرب واشتهاها ليسكن فيها (مز 132: 13، 14)

    * من يقترب منه إلا بنعمته عندما يمنحه ويسمح له ويعطيه النقاء والصفاء لكي يتم اللقاء، وهذا حسب إستعداد واشتياق وجهاد وحب الشخص.

    * وبما أن الموضوع صعبٌ علينا، ويحتاج لخبرة ونعمة وعشرة أفضل وأنقى نركز في بعض النقاط من سفر أعمال الرسل ونترك روح الله أن يبث فينا ما يرجوه ويسمح به وينعم به علينا... وبما يقوله الروح للكنائس (رؤ 2: 7، 11، 17، 29 و3: 6، 13، 22)

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    1- الروح يُبشر:

     "فقال الروح لفيلبس: تقدم ورافق هذه المركبة" (أع 8: 29) نلاحظ أن فيلبس كان مملوء من الروح القدس، وظهر له ملاك وقال له قم إذهب إلى غزة (أع 8: 26) وقاده أو حمله أو أرشده إلى قرب مركبة لرجل حبشى، بعد أن سجد في أورشليم في العيد وهو راجع إلى بلده. وهنا نلاحظ أيضًا التقوى والجهاد والحب والغيرة في هذا الرجل.

    * لقد جاء من بلادٍ بعيدةٍ لهيكل الرب. نراه لم يُضيع وقته حتى في سفره، بل كان مشغولًا بخلاص نفسه، ولم يتحدث مع أحد رغم طول مسافة السفر بل كان مع التوراة مع سفر إشعياء، فكان مشغولًا بكلامه مشتعلًا بأقواله.

    * لقد إستوى أى كمُل في حبه، وكان ينقصه بعض المعرفة والمعمودية، فأرسل الروح القدس فيلبس في وقت مناسب جدًا بعد أن تهيأت كل الظروف.

    * لقد إهتم الروح القدس بشخص واحد وأرسل له مبشرًا عظيمًا مخصوصًا، وقرب المسافات بينهم، فإن الله عينه على كل البشر منتظرًا إستعدادهم، مشتاقًا لخلاصهم...

    * ونلاحظ في كلمة (فقال الروح): فقال تعبير يدل على عمل قبل الكلام، وعمل بعد الكلام، أى بعد أن إستعد الخصى الحبشى قام فيلبس ليبشر.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    2- الروح ينزع الشك ويقود:

     "وبينما بطرس متفكرٌ في الرؤيا، قال له الروح: هوذا ثلاثة رجال يطلبونك" (أع 10: 19)

    " فقال لي الروح: أن أذهب معهم غير مرتاب في شيء" (أع 11: 12) لقد أعلن الله له رؤيا خاصة سمائية: رأى إناء ملاءة عظيمة بها أطعمة حيوانية، ونزع الشك منه، وكأنه يقول له: ما آمرك به أن تفعله فأفعله. أنا قد رفعت الحاجز بين اليهود والأمم. وهنا يظهر بأن الله بنفسه بدأ بإزالة الفوارق ونقض العداوة القديمة، وكأنه يشير إلى أنه قد حان وقت الحصاد، فأرسل روحه إلى تلميذه ليجمع معه.

    * لقد أمره الروح (قائد الكنيسة) أن يكف عن التأمل والتفكير والتشكيك. أمره أن ينزل للعمل وسوف يقدم له التفسير في حينه... لقد صدر الأمر وسوف ترى التفسير أثناء العمل. فالتأمل مع العمل تحت قيادة الروح يكشف لنا أعماق جديدة وخبرات مجيدة.

    * لقد نزل سريعًا بدون أن يعرف ماذا يفعل، وبلا شك أو ريب قاده الروح حيث يشاء هو وليس كما يشاء بطرس، فكان الروح يحركه بغير إرادته. فبقدر ما يمتلئ الإنسان بالروح يحركه الروح ويحدثه ويتمتع بقيادته وبإرساليته. لقد قاد الروح بطرس "قال له الروح: "قم وانزل واذهب معهم... أنا قد أرسلتهم" (أع 10: 20) وأما كرنيليوس جاءته رساله من ملاك لكي يستدعى بطرس إلى بيته، هنا نرى عجبًا هذا كلمة الروح وذاك أرسل له بطرس ليكلمه بالروح.

     ما أروع عمل الروح، ما أحن الله علينا، هو الذي أرسل إليه رسلًا لينزل ويذهب، وبطرس بدوره أطاع وخضع وسلم وآمن بالأمر الصادر من الروح الذي كلمه لأجل رجل أممى تقى مشهود بتقواه من اليهود ومن السماء؛ لأنه يخاف الله فالله عينه على أمناء الأرض (مز 101: 6) ليجمعهم في حضنه، ويمتعهم بمعرفته، ويسكب عليهم من خيراته، ويفتح لهم باب سمواته. فكان يومًا تاريخيًا بشهود عيان ستة أفراد ذهبوا مع بطرس لينظروا ويشهدوا كيف فتح الله الباب للأمم بواسطة كرنيليوس المحب لله الجالس في حضرة الله ومنتظر مجيء رسوله هو وأهله وأصدقائه، وكيف لهذا القائد إيمان وصبر ورجاء وخضوع، كيف سجد تحت قدمى بطرس منتظرًا تعليماته وإرشاداته وتوجيهاته كما يأمره الله.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    3- الروح يفرز:

    "قال الروح القدس: إفرزوا لي (لم يقل: إفرزوا للمسيح) برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه" (أع 13: 2) نلاحظ: الدعوة هي من الآب، والعمل مع المسيح.

    · قال الروح هذا: بينما (الرسل و...) يخدمون الرب (يخدمون = يمارسون... يحتفلون بالأفخارستيا).

    · قال هذا وهم صائمون متعبدون في جو روحى ومشتعلة روحهم بروحه.

    · وكانت الدعوه موجهة لمن إرتفعوا بروحهم واشتعل قلبهم وسمت مشاعرهم ونطق الروح على لسان واحد منهم، هو أيضًا له نفس السمات مكلف بالنطق من رب السموات.

    · كانوا أمام الحاضر الغائب، أمام الذبيح المنير. كانوا في السماء على الأرض وسط تسبيح القديسين والملائكة المستترين، فوضعوا الأيادي على برنابا وشاول، فكانت أول سيامة بدعوة وإختيار وإفراز بالروح القدس إذ له نفس سلطان وقوة الله؛ لأنه واحد معه في الجوهر...

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    4- الروح يُحذر:

    "وكانوا يقولون لبولس بالروح أن لا يصعد إلى أورشليم" (أع 21: 40) تلاميذ بولس يتكلمون بالروح ويحذرونه من الذهاب إلى أورشليم.

    · كان هذا في الرحلة الثالثة لبولس ورفقائه في صور، فخضع بولس ومكث عندهم سبعة أيام وفرح بثمار الروح في أولاده، وتباطأ عن سفره.

    · ما أجمل أن نخضع لبعض، المعلم يسمع ويطيع تلاميذه المنقادين بالروح، مع أنه هو أيضًا مُنقاد بالروح وقد حانت ساعة رحيله عن هذا العالم... أننا محتاجون بعضنا لبعض؛ لأن روح واحد هو الذي يقود جميعنا ويؤول لخيرنا ويهبنا ثماره.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    5- الروح يُخبر:

    "وقال هذا يقوله الروح القدس: الرجل الذي له هذه المنطقة، هكذا سيربطه اليهود في أورشليم ويسلمونه إلى أيدي الأمم" (أع 21: 11) وهذا بعد أن أكمل بولس رحلته إلى قيصرية وهو مقيم في بيت فيلبس المبشر: "إنحدر من اليهودية نبى إسمه أغابوس، فجاء إلينا وأخذ منطقة بولس وربط يدى نفسه ورجليه، وقال هذا يقوله الروح القدس..." لقد إنحدر (نزل وجاء بسرعة) ليخبره بما أملاه الروح، جاء مخصوص من اليهودية إلى قيصرية لرسالة إلهية. ففهم بولس وخضع وأطاع أيضًا، وأقام عندهم أيامًا كثيرة، وكأن الروح القدس يقول له: تباطأ لك رسالة، وكأنه يتحرك بدقة عجيبة بالروح الذي يقوده ويقود أولاد الله.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    لننتبه لصوت الروح:

    بالطاعة نسمعه، وبالطهارة نقبله، وبالدراسة لكلامه نفهمه، وبالجلوس في حضرته نكلمه، وبالصلاة نشتعل به.

    * كان إرميا فيه هذه الصفات، فقال له: قد أقنعتنى يا رب فأقتنعت، وألححت علىَّ فغلبت. فكلما صار إليه صوت الروح صار في قلبه كنارٍ مُحرقةٍ، وكلما قرر أن لا يتكلم بكلامه لا يقدر ولم يستطع السكوت، وكلما هرب من صوته قلقت عظامه وأضطرب؛ لأن في كل مره يتكلم بكلام الله يصير عارًا وسخريةً. وفي كل مرة يعده الروح: قم تكلم، لا توجد إهانة، فيذهب ويتكلم فيُحبس، فيقنعه الروح مرة أخرى: قم ثانية، تكلم لا يوجد حبس ويلح عليه الروح القدس فيذهب فيُرمى في بئر، وهكذا... ولكنه كان دائمًا فرحانًا بالعمل مع الله. راجع (إر 20: 7 - 13)

    * نحن في داخلنا كنزٌ كثير الثمن يحل فينا بالمعمودية ودم الحمل. كنزٌ هو الروح القدس الذي يحتاج إلى شحن متواصل، ونشعله ولا نطفئه، ونفرحه ولا نحزنه، فيتكلم فينا ويفعل بنا إرادة الله. ما فائدة أن يكون معك موبيل غالى الثمن (ثمنه عشرون ألفًا مثلًا) ولا يوجد له شاحن!! هكذا ما فائدة روح الله الساكن فيك دون صلة بيسوع المسيح والتمتع بالينبوع ((المسموع)).

     

    لذلك كما يقول الروح القدس: "اليوم إن سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم" (عب 7: 7).

     

    اليوم إن سمعتم: من أصدقاء من أحباء من أباء... من الكتاب من الأحداث من الحياة... إن سمعتم من الطبيعة... فلا تقسوا قلوبكم فإن الروح يتحرك مع كل متحرك (حك 7: 24) الروح يقود المطيع. الروح يرشد المتواضع. الروح يتكلم مع روحك في فكرك في قلبك!!


    7- عطية الروح

     

    ألقى بطرس التلميذ عظةً وركز فيها على:

    أ: معجزات وقوات يسوع المسيح الناصرى المخلص.

    ب: نبؤات تثبت قيامته وصعوده وإرسال روحه.

    ج: عطية الروح المنسكب، هذا الذي "أنتم الآن تبصرونه وتسمعونه" (أع 2: 33).

     

    * الآن تبصرون كيف هو طعنكم بروحه أنتم الذين طعنتموه.

    * الآن تشهدون كيف نحن قد تحولنا به من خوفٍ ورعب إلى شجاعة وهتاف وتهليل...

    * الآن تسمعون كل واحد بلغته صوت ينخس قلوبكم = طعن قلوبكم فتقطرت قلوبكم كندى أو مطر أو سيل بكلمات نعمته، فسمع كل منكم رسالته الخاصة جدًا.

    وهنا نطقوا... وطلبوا... وتوسلوا... وأسرعوا إلى التلاميذ، وقالوا: "ماذا نصنع أيها الرجال الإخوة؟" (أع 2: 37).

    St-Takla.org Image: Saint Peter and Saint Paul, painting by Samy Hennes, 2016 - St. Mary & St. Joseph Coptic Orthodox Church, Smouha, Alexandria, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, December 6, 2019. صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة القديس بطرس والقديس بولس، رسم الفنان سامي حنس، 2016 - من صور كنيسة العذراء مريم والقديس يوسف، سموحة، الإسكندرية، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 6 ديسمبر 2019 م.

    St-Takla.org Image: Saint Peter and Saint Paul, painting by Samy Hennes, 2016 - St. Mary & St. Joseph Coptic Orthodox Church, Smouha, Alexandria, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, December 6, 2019.

    صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة القديس بطرس والقديس بولس، رسم الفنان سامي حنس، 2016 - من صور كنيسة العذراء مريم والقديس يوسف، سموحة، الإسكندرية، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 6 ديسمبر 2019 م.

    نلاحظ: بكلماتٍ قليلةٍ إستيقظت ضمائرهم، ورجعوا عن قساوة قلوبهم، وندموا على فعلهم، وتابوا عن إثمهم، وآمنوا بربهم، وتعرفوا على محبة الآب! وتحنن ابنه! وفعل روحه! فرفعوا عيونهم للسماء ونظروا فداء الابن، وسمعوا نداء الروح، وتذكروا كلام الأنبياء: "وأفيض (الآب يسكب) على بيت داود (إشارة للعذراء إبنة داود) وعلى سكان أورشليم روح النعمة (الروح القدس) والتضرعات (روح الرحمة والتحنن والإبتهالات) فينظرون إلىَّ. (ينظرون للسماء، ويتمتعوا بمحبة الآب) أما الذي طعنوه (وهو الابن الوحيد... أمونوجنيس) ينوحون عليه (الذين طُعِنوا بروحه) كنائح على وحيد له، ويكونون في مرارةٍ عليه (على فعلهم الأثيم) كمن هو في مرارة على بكره" (زك 12: 10) (المسيح بكر الخليقة.. (كو1: 15) بكر بين إخوه كثيرين).

    وهنا إشتعل بطرس بعطية ربه، بالكنز الذي يحمله... ونادى: لماذا تقفون بعيدًا وتتباطئون؟ هلمَّ إحملوا عطية (هبة) مجانية تفوق بكثير جدًا كل العطايا... وكان بصوتٍ عالٍ يصرخ مُشتاقًا، ويريد كما يريد ربه أن الجميع يقبلون ويأخذون ويتمتعون ويفرحون بعطية الروح القدس... وكان يشير بتهليل لعطية الروح، هلم إقبلوا ولكن: إن تُبتُم عن إثمكم، وإن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج (إش 1: 18) وإن آمنتم بربكم تتمتعون بأحضانه ونعمته وبكثرة عطاياه المتنوعة وبثمار روحه المختلفة المتباينة، وإن إمتلأتم بروحه تتمتعون بمعرفته، وتعرفون أسراره، وتكونون من خاصته سفراء عنه تجمعون الحصاد معه...

    فمن إقتنى عطية الروح يأخذ: غفرانًا... وإيمانًا... وجمالًا باهرًا ونقاءًا وطهارةً...

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    1- غفرانًا:

    "توبوا، وليعتمد كل واحد منكم على إسم يسوع المسيح لغفران الخطايا، فتقبلوا (فتنالوا) عطية الروح القدس (أع 2: 38).

    يكشف لنا هنا: لكي يسكن فينا روحه ونأخذ هذه العطية يجب علينا أولًا التوبة:

    التوبه هي: "إعطاء الوجه لله عوض القفا" (إر 7: 24) وإعطاء القفا للخطية... هي تغير القلب والفكر والإرادة... هي إعادة النظر إلى الحياة الداخلية... هي تغير السلوك بمظاهر مختلفة... هي إكتشاف حب الله... هي الإنضمام للتعزية السمائية والأفراح الأبدية. هي ترك أشياء والتنازل عن مبادئ وبُعد عن معارف... هي ترك وأخذ... هي شركة في المجد الأبدى، وشركة مع الابن في عمل خلاصه والرجوع لصورة الله (أيقونة المسيح) لحمل بره بروحه...

    هي التمتع بالغفران وبسكنى روح الله في الداخل... التوبة هي قارب نجاة يقدم لمن إنكسرت بهم السفينة، أمَّا العماد فهو الإرتماء في أحضان المسيح والتمتع بالبنوة.

    قم لماذا تتأخر عن التوبة والمعمودية؟ وتفقد الغفران والبنوة الإلهية.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    2- إيمانًا:

    الإيمان هو هبة منه عندما يفتح عيوننا إليه كما قيل: "في ذلك اليوم... أفتح عينى على بيت يهوذا (الكنيسة) (زك 12: 4) ينظر إلينا فننظره، "وأجعل أمراء يهوذا (القادة) كمصباح نار بين الحطب" (زك 12: 6) بروحى يحملون نار، يشعلون الحطب (الخطية والأعداء) فيثبتوا على الإيمان، "ويُخلِّص الرب خيام يهوذا أولًا" (زك 12: 7) لأن "خيمة المستقيمين تُزهر" (أم 14: 11) لأنهم بسطاء ودعاء، بسرعة تُفطر قلوبهم وتشتعل روحهم.

    * خيام يهوذا هم الذين بلا حماية (القطيع الصغير) لأنهم يصرخون إلىَّ وأنا أذنى إلى صراخهم (مز 34: 15) هم يطيعون الله أكثر من الناس (أع 5: 19) هم يفهمون ويؤمنون ويشهدون لي، وبسرعه يطيعون؛ لأن الروح القدوس يُعطى: للذين يطيعونه (أع 5: 32).

    هلمَّ آمن بالروح الذي ينخس قلبك، وصدق الطعنة التي تحرك ضميرك، واسمع وأطع صوته الذي يرن في أذنك.

    آمن وتُب. صدق وطع.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    3- جمالًا باهرًا:

    "صليا (بطرس ويوحنا)... لكي يقبلوا الروح القدس، حينئذً وضعا الأيادي عليهم فقبلوا الروح القدس" (أع 8: 15، 17) فصار لهم جمالًا باهرًا بوضع الأيادى (مسحة الميرون) صار لنا يوميًا خبرات جديدة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. نسير من مجد إلى مجد. ونعبر (ونسمو) بقلبنا نحو فيض نعمته، ونختبر عربون السماء بالجهاد، ونبقى كأطفال رضع مُحتاجين إلى نمو ونضوج مستمر كل يوم... وبإشراقات روحه وبهاء وضياء وجهه يجعل علينا جمالًا كاملًا بارعًا باهرًا، كما يقول رب السماء لعروسته التي تم لها الفداء: "جُملت جدًا جدًا فصلُحت لمملكة، وخرج لك إسم في الأمم لجمالك؛ لأنه كان كاملًا ببهائى الذي جعلته عليك..." (حز 16: 13، 14) فتجاوب عروسته: "أنت الذي أعطيتنى هذه النعمة (الخدمة المملوءه سرًا).

    * أما سيمون الساحر: "لما رأى أنه بوضع أيدى الرسل يُعطى الروح القدس، قدم لهم دراهم قائلًا: أعطيانى أنا أيضًا هذا السلطان حتى أى من وضعت عليه يدىَّ يقبل الروح القدس" (أع 8: 18، 19) هذا لم يدرك أنهم تمتعوا بهذه كهبة مجانية بعد أن باعوا حياتهم وذواتهم ومحبتهم للعالم... ليتبعوا المصلوب حيثما وجد.

    * ظن أن الذي يمارسونه أعظم من سحره، ولم يرغب في معرفة ربه وخالقه... ظن كما أنه يستخدم نجوم السماء (أعمال الشيطان) أنه يقدر لو أخذ هذه العطية السمائية أن يكون له نصيب في ملكوت السموات، ويستعمل هناك أيضًا سحره وعصاته وأصابعه ويُحسب من السمائيين... أحب السلطان ولم يعشق بر الإيمان... بدل أن يطلب شركة الروح طلب سلطان الأرواح... لقد رأى الناس يضعون الأموال تحت قدمى الرسولين، فقدم أموال لمن ليس لهم مقتنيات؛ لأنه ظن أن هذا من صنع بشر فأراد أن يشتريه من بشر... فبدل الجمال الباهر صارت فيه مرارة المر ورباط الظلم (أع 8: 23).

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    4- طهارةً ونقاء:

    من عطايا الروح النقاء: "طوبى للأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله" (مت 5: 8) وهذه هي منحة منه بسكناه داخلى، أعاين مجده بل ويُطهرنى من كل خطية، كما قيل: "بالإيمان طهر قلوبهم" (أع 15: 9) فاقتربوا إليه، بل جاءوا إلى مائدة الرب وشربوا دمه الذي في هيجانهم سفكوه، فنسى كل أفعالهم. إذًا بالمعمودية قد تطهروا واغتسلوا، فظلوا مواظبين على الصلاة وتعاليم الرسل.

    ما أجمل عطايا الروح: كما نقول في القداس "شركة وموهبة وعطية الروح القدس فلتكن مع جميعكم" إننا في كل قداس نقف بجوار المسيح الغير منظور، ونشترك مع الروح القدس بموهبته بالنعمة المعطاه لنا ونستدعيه ليحول هذا الخبز وهذا الخمر، ثُمَّ يعطينا الآب عطيه روحه أى جسد ابنه.

    * لقد إلتصق (تعلق) الرب بآبائك محبًا إياهم، وإختار من بعدهم نسلهم الذي هو أنتم (تث 10: 15) وكما قال الله: "أنى سأسكن فيهم وأسير بينهم" (2 كو 6: 16).

    وينبهنا بولس قائلًا: "أما تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله ساكن فيكم.. هيكل الله مقدس الذي هو أنتم" (1كو 3: 16، 17).

    من هو الذي يفهم هذا؟! "طالبوا الرب يفهمون كل شيء" (أم 28: 5) طالبوا الرب أى الذين يطلبون التمتع بحضرة الرب دائمًا... الذين يطلبون ملكوته... يطلبون روحه... يطلبون نعمته... يطلبون أين يمكث، يمكث معهم... يطلبون الخلاص... يطلبون التوبة والغفران... يفهمون كل شيء. سيأتى وقت ونفهم عطية الروح الذي في داخلنا، ونتفاعل ونتعامل معها.

    هل تقدس ذاتك لتصون عطية الروح؟! كيف أكون مقدس؟! ما الفائده بأنك تفتخر أنك دائمًا تحمل موبايل غالى كثير الثمن ودائمًا تتحدث عنه ولكنك لا تحمل شاحن له؟‼ ما الفائده بأنك تفتخر بالمسيحية وبأنك مسكن للروح القدس وليس لك صله بالسماء.

    * إنتبه لعطية الروح: "صلوا كل حين ولا تملوا" (لو 18: 1) من فضلك لا تفصل الشاحن نهائيًا حتى ولو كنت نائمًا "أنا نائمة وقلبى مُستيقظ" (نش 5: 2).

    * تعلق به كما تعلق بك والتصق به كما هو إلتصق بك! حِبه كما هو أحبك!!

    صون النعمة تصونك!


    8- السلوك بالروح

     

    الناموس فضح... كشف... أشار إلى الخطية... فجاء المسيح بإمكانياتٍ مقدسة... ببر إلهى فاتحًا بابًا أبديًا يُلهب قلبى وروحى وفكرى. فتكلم بولس الرسول في رسالته لأهل رومية: كقاضىٍّ يريد أن يحكم حكمًا على أشخاص ذوى رتبٍ عالية (هم اليهود... أولاد إبراهيم... أصحاب الناموس) فجردهم من رتبتهم وحكم عليهم بأنهم غير مختونين بالروح ولا علاقة لهم بالروحانيين... لأن كل تعدى على أى وصية يسلب منَّا الحرية، فلا نكون أولادًا للأمة اليهودية الحقيقية. فجاءت النعمة الإلهية... وبسكين الروح القدس... نزع عنَّا كل خطية، ويستمر يسندنا في جهادنا حتى يموت الجزء المقطوع بالكلية...

    * فهو يريدنا: أن نخلع ثياب الحملان (الختان الظاهرى... المجد الباطل) ونكون حملان (بنقاء القلب وختان العينان والآذان) (راجع (إر 2: 29)) فالله لا يفرح بمظهرى الخارجى، بل بالداخلى، بنقاء قلبى. فأكون: يهوديًا في الخفاء... بختان القلب بالروح لا بالكتاب (رو 2: 29).

    * وهذا يتم " بالنعمة التي نحن فيها مقيمون" (رو 5: 2) أى بإستمرار التمتع بالنعم الإلهية وهى: الإيمان والمعمودية والغسيل الدائم بالإعتراف بتوبة نقية والتمتع بالضيق والشكر في وسط الحياة الطبيعية لننال تزكية سمائية بفضل "محبة الله التي إنسكبت: في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا" (رو 5: 5).

    * لأننا قد تحررنا من الناموس الذي كان يظهر قبح وشر شهواتنا، بالذى مات وفدانا من خطايانا. ونحن الآن ممسكون فيه (به) حتى " نعبده بجدة الروح لا بعتق الحرف" (رو 7: 6).

    * الآن هو: أمسك بأيدينا وحررنا وقربنا منه، وانطلق بنا نحو السماويات لنسمو عن الماديات ونسلك في الروحيات ونسجد وننسحق بصلوات، وتلتهب قلوبنا بعريسنا الذي حررنا من النظام الحرفى القديم لنسلك في نظام الروح الجديد.

    St-Takla.org Image: "Not by might nor by power, but by My Spirit,’ says the Lord of hosts" (Zechariah 4: 6) - Old Testament Illustrations - The Bible in Pictures (The Old Bible Symbols), by M. Bihn & J. Bealings, 1922 صورة في موقع الأنبا تكلا: آية "لا بالقدرة ولا بالقوة، بل بروحي قال رب الجنود" (زك 4: 6) - صور العهد القديم - كتاب الإنجيل في صور (رموز الإنجيل الجديدة)، 1922، لـ م. بين و جي. بيلينجز

    St-Takla.org Image: "Not by might nor by power, but by My Spirit,’ says the Lord of hosts" (Zechariah 4: 6) - Old Testament Illustrations - The Bible in Pictures (The Old Bible Symbols), by M. Bihn & J. Bealings, 1922

    صورة في موقع الأنبا تكلا: آية "لا بالقدرة ولا بالقوة، بل بروحي قال رب الجنود" (زك 4: 6) - صور العهد القديم - كتاب الإنجيل في صور (رموز الإنجيل الجديدة)، 1922، لـ م. بين و جي. بيلينجز

    فالآب أرسل ابنه... والابن قدم وبذل ذاته... والروح سكن فينا بناموسه...

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    1- لا دينونة للسالكين:

     "إذا لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع، السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح" (رو 8: 1).

    ملاحظة: في الإصحاح السابع من رسالة معلمنا بولس الرسول إلى أهل رومية، ذكر القديس بولس (24 مرة ناموس / 12 مرة موت / 16 مرة خطية) ليوضح المر والعجز و الموت، وأما في الإصحاح الثامن فذكر ما يخص "الروح" أكثر من عشرين مرةٍ ليبرز كيف هو الإنتصار والغلبة بالروح، ويكشف مساندة الروح للإنسان لتنفيذ الوصية.

    * الإنسان الروحانى السالك أى الذي لا يقف، وإن وقف لا يرجع، وإن سقط يقوم سريعًا. لأن هدفه الأول محبة الله وإرضائه، والإهتمام بصلاته وقراءاته وأصوامه وقداساته، وتجد إهتماماته الجسدية معقولة متزنة منضبطة محكومة بالروح الساكن فيه، خاضعًا لعطايا الروح، سيخضع للموت الجسدى الطبيعى كنتيجة للخطية الأصلية ولكنه سيقوم بجسد روحى يتمتع بحياة أبدية بسبب حياة البر التي عاشها بمساندة الروح القدس ونعمته العامله معه.

    * الإنسان الذي كان متقبلًا كل ما يأتى عليه من الرب بفرحٍ ومسلمًا كل حياته بثقة وشكر للروح، يقبل الحياة بأحداثها بحلوها ومُرها، صابرًا يُدعى إبن الله ويقوده روح الله؛ " لأن كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله" (رو 8: 14).

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    2- الشعور بالدين:

     "لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد أعتقنى (حررنى) من شريعة الخطية والموت" (رو 8: 2) دعى بولس ناموس موسى ناموس روحى (رو 7: 14) وأما ناموس المسيح روح الحياة (ناموس الروح)، لكي نفهم الفرق بينهما نضرب مثالًا: ملك جاء يحكم مدينة، ففرض قوانين وأوامر، فسقط كثير من شعبه ومات، وضل آخرون، فوضع تعاليم وأرسل أنبياء فلم يفهموا ولم يقدروا أن يقاوموا؛ لأن الخطية مثل الجاذبية الأرضية مجرد فكرة أو نظرة تجعلنا نسقط على وجوهنا منبطحين. فجاء بنفسه وسكن فينا ليسندنا قبل أن نسقط، وينبهنا وقبل أن نفكر يحركنا ويقودنا رغمًا عنَّا؛ لأن رحمته قويت علينا (مز 117: 2).

    * الآن نحن مديونون لأنه حررنا، وأظهر عظم محبته بسكناه فينا، وجعل الوصول للفضيلة سهلًا، وأعطانا أجنحة نطير بها... ونهرب من الشهوات، وحصنًا ضد الخطية، وأهَّلنا لحياة خالدة.

    * فيجب علينا أن نتركه ليقود مركبتنا ذات الفرسان (الجسد والروح) كربان يقود السفينة حيثما يشاء.

    * "فإنى أحسب أن آلام الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فينا" (رو 8: 18) فنظل نئن مترقبين متى يظهر ويشرق ويضيئ مجد المسيح فينا، وروحه يشفع فينا؛ لأننا أخذنا البنوة، وكأبناء نصرخ يا أبا الآب (رو 8: 15).

    * وهنا كل من سلك كإبن حقيقى بروح الله يشكر على كل حال؛ لأنه تحرر وهو يشفع بروحه فينا حتى يستعلن مجده علينا ونرث ملكوته. فنحن الآن مديونون بدينٍ ثقيل وهو مازال منتظرًا متى يحقق هدفه فينا؟! متى نُسَلِّم ونشكر؟! متى نخضع لقيادة الروح؟!

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    3- رجاء للبعيدين:

    "وليملأكم (ليغمركم) إله الرجاء كل سرور وسلام (بالفرح وبالرجاء) في الإيمان لتزدادوا (لتفيض نفوسكم) في الرجاء بقوة الروح القدس" (رو 15: 13).

    لقد فتح ربنا يسوع الرجاء لليهود كما للأمم، عندما عُلق على الصليب وصار: "القائم راية للشعوب" (إش 11: 10) وهنا بولس يصلى لكي يمحو من قلوب الأمم أى إحساس بالنقص أو مقارنة، فلا يقارنوا أنفسهم باليهود، وأوضح لهم أنهم كانوا موضوع حبه وخطته، ويدعوهم بالتمسك بالرجاء وبرحمته حتى تؤازرهم نعمته بروحه وقوته ويعيشوا بالمحبه؛ لأن الروح القدس هو يملأ ويفيض وينسكب على الجميع بالفرح والسلام والرجاء وسط ضيقات العالم.

    * الروح القدس بالرجاء قادر أن يثبتهم ويقويهم ويمكنهم، فإنه يريد خلاصهم ويحبهم، فطلب منهم أن يصبروا حتى يسود عليهم ويعمل بهم.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    4- إهتمام الروحيين:

    يفتخر بولس بسلوك أولاده وباتضاعه فيقول أنهم في نظره وصلوا لمستوى عالٍ وعلمٍ رفيع وفهمٍ صالحٍ، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وهو الآن مجرد أن يذكرهم بما كتبه وتعرفوا عليه (هم فهموا وتعرفوا على كلامه، أما نحن الآن وبعد أكثر من 2000 سنة نحاول أن نفهم كلامه) ويشجعهم أن يعظوا بعضهم بعضًا ويردوا كل مخطئ، وبهذا السلوك والمحبة الروحانية يكون: (يصير الوثنيون.. الأمم) قربانًا مقبولًا، مقدسًا بالروح القدس (رو 15: 16) وهنا يقف ككاهن أمام الله يقدمهم ذبائح لأنهم تقدسوا بالروح وقدموا قلوبهم وفكرهم وحياتهم قربانًا بلا عيب ذبيحة عقلية حية مرضية لله (رو 12: 1)، بالآب الذي أرسله وبسيف كلمة ابنه وبسكين روح قدسه قدمهم كقربان ليس بإيمانهم فقط بل بسلوكهم بالروح القدس.

    * بسلوك عملى حى سواء كان بالكرازة أو الخدمة أو خلاص النفوس.

    * والروح القدس كان مع بولس يؤيد عمل الله ويشهد له: بقوة وآيات وعجائب بقوة روح الله (رو 15: 19).

    * بسلوك بولس الروحى وإهتمامه بشعبه رفع نفسه على مذبح الحب من أجل إنسبائه (شعبه) ممسكًا بالصليب مؤمنًا أن محبته لبنى جنسه لا تفقده خلاصه، بل يرى نفسه في بهاء ومجدٍ؛ لأنه يمارس حب المسيح العملى ويتفاعل مع عمل روحه، وبمشاعر صادقة ومحبة حقيقية "أقول الصدق في المسيح، لا أكذب وضميرى شاهد لي بالروح القدس" (رو 9: 1) هكذا بسلوكه القويم يضرم ويشعل فينا السلوك الحى لنشتعل: "غير متكاسلين في الإجتهاد ونكون حارين في الروح" (رو 12: 11)

    * لنحيا ملتهبين مشتعلين بالروح عابدين الرب بقوة...

    * فإن كنا حارين في الروح يصير كل شيء سهلًا... وكل فضائلنا تتلألأ...

    * ونواجه بسلوكنا الروحانى كل ظروف حياتنا بشجاعة وغلبة.

    * فإن سلكتم ببرودة تتسلل الخطية إلى القلب بسهولة.

    * واهتم بولس بسلوك أولاده ليسلموا حياتهم ويخضعوا لسلطان لاهوته وملكوته. فإن كان ملكوت الله داخلنا نسلك بأصوام وصلوات وننشغل بالروحيات ونتمتع بالسماويات.

    * "لأن ليس ملكوت الله أكلًا وشربًا بل هو بر وسلام وفرح في الروح القدس" (رو 14: 17)

    * لنهتم بما للروح.. نحن الذين لنا باكورة الروح (رو 8: 23)... حتى نتمتع بكمال الروح.

    * إذا كان آبائنا الرسل إشتعلوا بالروح وأخذوا باكورة عمل الروح فيهم ومعهم، فنحن أبناؤهم نجاهد... متوقعين... مستعدين... منتظرين كمال عمل الروح معنا.

    لأن الرب لا يمنع خيرًا عن السالكين بالكمال (مز 84: 11)

    والسالك طريقًا كاملًا هو يخدمنى (مز 101: 6)

    لنسلك بلياقة وترتيب ونظام... بسلوك حى فعال...

    إن كان روح الله ساكنًا وحيًا وفعالًا فينا، لا يقال عنَّا أننا جسديون بل روحيون، نعيش ونسلك في العالم غرباء، يسندنا الروح ويكمل أيام غربتنا.

    * لقد نظر إشعياء النبي من بعيد شعبًا يئن، منتظرًا نورًا، مشتاقًا للرب، فقال: "الشعب السالك في الظلمة أبصر نورًا عظيمًا" (إش 9: 2).

    والآن نحذر: نحن الذين في النور، ونسلك بالروح، لئلا نسلك في ظلام.

    * طلب بولس السالك بالروح - بعد أن كشف له الروح القدس أنه مُقدم على مواجهة اليهود الغير مؤمنين في أورشليم - فقال لأبنائه: "أطلب إليكم أيها الأخوة (باتضاع واحتياج) بربنا يسوع المسيح (متهللًا بالثمار المعلن فيهم)، وبمحبة الروح (= وبثمار الروح الذي أنتم سالكين فيه) أن تجاهدوا معى (لإجل الخدمة وإتمام عمل الرب) في الصلوات (إعتبر الصلاة جهاد) من أجلى إلى الله (رو 15: 30).

     

    بهذا أعلن بولس إحتياجه لأولاده، وبهذا المنهج يُعلن لنا أن السالكين بالروح يجب أن يُصلُّوا ويهتموا بأرواح إخوتهم المجاهدين... وتُعلمنا كنيستنا أن نصلى لأجل البطريرك، كما للفقير والغريب والضيف.


    9- عمل الروح

     

    يتكلم رجال الله مسوقين (محمولين) بالروح القدس (2بط 1: 21) (ليتكلموا عن الله)...

    وقد تأملنا سابقًا كيف كان معلمنا بولس الرسول محمولًا... مُنقادًا... مُساقًا بالروح القدس، فكتب رسالته لأهل رومية وكان فكره السائد فيها عن الروح هو السلوك بالروح... وأما هنا في رسالته الأولى لأهل كورنثوس فهو يركز على عمل الروح...

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    1- مع بولس الرسول: 

    فكتب يقول: "كلامى وكرازتى (أفكارى الإيمانية... وشهادتى الحقيقية) لم يكونا بكلام الحكمة الإنسانية المقنع، بل ببرهان الروح والقوة" (1 كو 2: 4).

    وطبعًا هذا يرجع إلى تمتعه بالقداسة والطهارة والحب... فكان كلامه بعمل الروح يدخل يجدد ويجذب القلوب بقوة إلهية، ممسوح بنعمة روحانية، يكشف عن حقائق سامية وتدابير سمائية، يشير للمصلوب المسيا بعجائب ومعجزات سواء في لقاءاته الفردية أو العائلية أو أحاديثه العامة... ببرهان الروح أى بسلوكه الروحى وعمل الله معه، فتحدى تيار الفلاسفة السائد القائل كيف يموت الإله؟! فكان كلامه: إن قلنا أن الفيلسوف مات فهل تموت معه الفلسفة؟! طبعًا مات جسده ومازالت فلسفته قائمة، هكذا مات جسد المسيح البشرى ولم يمت لاهوته المتحد بناسوته... وكانوا أيضًا يقنعون البسطاء أننا من الممكن أن نعبر المحيط العظيم بدون مركب أو قائد. وهذا فكر عالٍ صعب جدًا ومستحيل، كيف نعبر من هذا العالم إلى السماء بدون مركب؟! فأشار أن المركب هي الكنيسة التي فيها جسد المسيح، وقائد السفينة هو الروح القدس الذي يعبر بكل المتعلقين به و...

    * تفاعل مع عمل الله: فلم يقدر أن يصف سر مجده الأبدى إلا بآية من سفر إشعياء (إش 64: 4) فقال: "ما لم تراه عين (لأن عمل الروح ليس له لون بحركة مميزة) ولم تسمع به أذن (حيث ليس له صوت بضوضاء يجذب الأذن) ولم يخطر على بال إنسان" (1كو 2: 9) (بل الإنسان يصعد بنعمته بفكره إليه) لأنه من هو هذا الذي يقدر أن يسمع أو ينظر الموجات التي للإذاعه بدون جهاز (شاشة) ليتجسم فيهم؟! هكذا من يقدر أن يتفاعل مع الروح القدس بدون أن يصير روحانى... نقى... حساس... قد تسامى عن الأرضيات ليرى السمائيات..

    * بالروح عرف سر الله: فتكلم بجرأة عنه بما فعله: "فأعلنه الله لنا (نحن المؤمنين... المنتظرين... المستعدين...) بروحه؛ لأن الروح (الذي فينا) يفحص كل شيء حتى أعماق الله (1كو2: 10) بما أن الإنسان بروحه يعرف أعماقه ونياته وأسراره: إذا بروح الله الساكن فينا نعرف أعماق الله أو على الأقل يعلن لنا حكمته والخطوط العريضة بين العهدين، نتمتع بالنبوءات وأسرارها ومقاصدها وقوة خلاصها وأشياء أخرى خفية... حاضرة ومستقبلة. وهذه هي قوة عمل الله إذ يصيرنا: روحًا نقية لنفهم الأمور الروحية! وكل من قدسه يتهيأ للتجاوب معه ويفهمه!

    * عمل الروح رفعه لفكر الله: "قارنين الروحيات بالروحيات" (1 كو 2: 13) من يدخل في هذه المقارنات يجب أن يتحدى ويتعدى عقله وقلبه وأعماقه، ولا يحبس عواطفه ومشاعره وتحركات روحه، ليتدرج ويعمل ويتعامل مع روح الله... فإنه أعطانا روحًا لتتواصل مع روحه، وعقلًا فهيمًا ليتقبل منه عونًا... وعينًا روحية جميلة لترى بنوره جماله فتدخل إلى حجاله وتسمع بالأذن الداخلية آنات حبه... فيقدر مثلًا أن يفهم قصة يونان وما قاله المسيح وأشار إليه ويغوص في حبه... أو يسمع ويقرأ عن سارة العاقر التي في سن التسعين عامًا أنجبت ضحكًا (إسحق) الذبيح... ويفهم عمله مع العذراء البتول التي قدمت لنا الذبيحة الحقيقية.

    * ملاحظة: المسيح بنفسه دعى بولس الرسول، والروح قال: "إفرزوا لي بولس للعمل معى" (أع 13: 2) وبولس قال: " بالله أوجد وأحيا وأتحرك... (أع 17: 28).

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    2- معنا على طول الدهر:

     معنا بعمل روحه وبنعمته يسندنا ويقوينا ويرشدنا لخلاصنا... معنا بعمل روحه ومواهبه لبنيان كنيسته وخلاص شعبه. النعمة لمن يطلب والموهبة لمن يستحق! الأولى لخلاص الإنسان والثانية للبنيان وكلاهما متلازمان لا يفترقان.

    * "أما من جهة المواهب الروحية أيها الأخوه فلست أريد أن تجهلوا أمرها" (1كو 12: 1) فمن عنده موهبة الإيمان (1كو 12: 9) ليثبت إخوته في كل أوانٍ أثناء الضيق والأحزان، أو لحراسة طيش الشبان أو لرفع أنظارهم لرب الأكوان. وهذا هو من صميم عمل الروح في الخدام.

    * لأنه "ليس أحد يقدر أن يقول يسوع رب إلا بالروح القدس" (1كو12: 3) هو يعرفنا عليه ويشجعنا للصلاة إليه فتكثر معرفتنا به... وحينما تكثر المعرفة يزاد الحب ويزاد النقاء، فيعلن عن شخصه وعمله وغايته بمواهبه...

    * "فأنواع مواهب موجودة ولكن الروح واحد" (1كو 12: 4) وإذا كانت توجد فوارق في المواهب فلا يوجد فارق في الواهب، هو الذي يعمل كل شيء في جميع الناس. راجع رسالة بولس الرسول الأولى لأهل كورنثوس (1كو 12: 4 - 6) فهو روح الله... روح محيى (الحياة في الابن) هو القوة الضابطة لكل الخليقة (لأنه روح الآب)

    * يعمل معنا روح الله بالمحبة، ويعطينا أن نفسر كلمته بروحه، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ويؤكد لنا معلمنا بولس في رسالته (1كو 14: 1 - 16) أن عطايا الله لا تعبر عن حبه وإنما حب الله يُظهر عطاياه... أقصد أننا لا نسعى وراء إقتناء المواهب لأنه يهبها لمن يستحق أو لمن يعمل بها للمنفعة، وربما لا تعبر عن إرضاء الله(لأن فيها إرضاء للذات وكبرياء)...وقد قال المسيح عنهم: "إذهبوا عنى يا ملاعين؛ لأنى لا أعرفكم" (مت 25: 41) بينما الذي يحبه الله يرفعه بعد الموهبة مثلما رفع العذراء من التراب.

    * عمل الروح القدس فينا: يختلف من واحد لآخر فهو مثل المطر الذي هو بعينه ينزل على كل العالم ولكنك تراه في السوسنة أبيض وتنظره على الوردة أحمر ويصير ألوانًا كثيرة متباينة على أطياب متنوعة. وأيضًا ينزل على البذرة فتنبت (الشرير فيتوب) وعلى البراعم فتنموا (التائب فيجاهد) وعلى الثمرة فتنتعش وتحيا (المجاهد فيثبت).

    St-Takla.org Image: The Virgin of the Annunciation, painting by Carlo Dolci, 1650s, oil on canvas, Height: 52 cm (20.4 ″); Width: 40 cm (15.7 ″) - The Louvre Museum (Musée du Louvre), Paris, France - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 11-12, 2014 صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة عذراء البشارة: القديسة مريم العذراء، رسم الفنان كارلو دولتشي، 1650 تقريبًا، زيت على قماش بمقاس 52×40 سم. - صور متحف اللوفر (اللوڤر)، باريس، فرنسا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 11-12 أكتوبر 2014

    St-Takla.org Image: The Virgin of the Annunciation, painting by Carlo Dolci, 1650s, oil on canvas, Height: 52 cm (20.4 ″); Width: 40 cm (15.7 ″) - The Louvre Museum (Musée du Louvre), Paris, France - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 11-12, 2014

    صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة عذراء البشارة: القديسة مريم العذراء، رسم الفنان كارلو دولتشي، 1650 تقريبًا، زيت على قماش بمقاس 52×40 سم. - صور متحف اللوفر (اللوڤر)، باريس، فرنسا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 11-12 أكتوبر 2014

    * عمل الروح ليس له بداية لأنه كائن في الابن منذ البدء ويصدر وينبثق من الآب الأزلى، ولكننى لا أتمتع به إلا إذا صليت: بالروح والذهن (1كو 14: 15) الذهن لا يقدر أن يصلى بالروح إلا إذا إلتهبت أعماقى بالحب، فيسحب ذهنى لكل لفظةٍ ويدرك ما يقال، ولو حمل قلبى نفس المعنى الذي أتلوه فحينئذً يقبل منى ربى ويرتفع قلبى وقلوب أخوتى للسماء.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    3- مع أُمنا البتول:

     كانت إنسانة طبيعية مثلنا، وبعمل الروح القدس صارت روحانية تفوق كل جنسنا، كما يقول بولس الرسول: "لكن ليس الروحانى أولًا بل الجسدانى وبعد ذلك الروحانى" (1كو 15: 46)

    أولًا: خلق الله الأرض قبل الثمرة ولكنها ليست في قيمة وعظمة الثمرة...

    * الأرض أخرجت تنهد وتعب، والثمرة أعطت بهجة وحياة... أقصد الجسد النفسانى في تعب وحزن وتنهد حتى يأتى جسد روحانى فرحان به حياة.

    * ولهذا وقف النبي متعجبًا منبهرًا متأملًا وكتب: "من ثمرة بطنك أضع (أجلس) على كرسيك (مز 132: 12).

    ثانيًا: إذا كان الميلاد الطبيعى يتم خلال جسد خاضع للأهواء فالميلاد الثانى من السماء بقوة وعمل إلهى... خلال هدوء الروح وسلام الجسد البشرى.

    فعندما بشر الملاك أمنا البتول: صمت الدم، ودهش الجسد، وسمت الروح والأفكار، واستراحت الأعضاء، ونامت العذراء وآمنت ليتم ما قيل بالأنبياء، فغاصت في أسفارهم، وانكشف لها مقاصدهم، وأخذت بالروح قوتهم، وبعد أن أكملت فضائلهم... لبس الخالق جسدًا (ثوبًا منها) حتى يمكنه أن يهب لنا جسدًا روحيًا سمائيًا... فإن كان آدم الأول من التراب فآدم الثانى من السماء.

    * فبهذا نفهم عمل الروح فينا، فبعد أن يولد الإنسان من التراب وينسحب تدريجيًا للسماء ينسلخ من وسط الشرور جسمانيًا ويصير صالحًا روحانيًا. عندما يُطعم في جسد المسيح بتجديد مستمر يكون له جسمٌ خاضعٌ لعمل الروح ويتحول من فساد إلى طهارة حتى يستقر ويعبر به لأحضانه الأبوية. هذه هي فرحة الإنسان عندما ينظر نفسه يعبر عن الأمور الأرضية ويعيش بنعم ومواهب وقوة إلهية وينتظر الآتى الآن الأفضل وفي الأبدية ويسعي جاهدًا في طريق حياته، كما يفرح الفلاح وهو يرى البذار تنحل وتنمو لتصير شجرة وتأتى بثمرة.

     وهنا وقف الآباء الروحانيون ينظرون إلى الكنيسة فرحين قائلين: في وسطنا.

    * أُناس جسدانيون يسقطون ويقومون.

    10- عربون الروح

     

    دافع بولس الرسول عن رسوليته في رسالته الثانية لأهل كورنثوس، ووجه أنظارنا لعمل الثالوث المحيي، فقال:

    * "الآب قد وعدنا بوعود إلهية فائقة... والابن حقق فيه كل هذا..." وركز في هذه الرسالة على عربون الروح القدس وأعلن قائلًا:

    * "إن الذي يثبتنا وإياكم في المسيح والذي مسحنا هو الله، وهو الذي ختمنا بختمه وأعطى عربون الروح في قلوبنا" (2كو 1: 21، 22).

    لقد بدأ رسالته موضحًا أن الله الآب هو مسحنا وختمنا بختمه... وختم رسالته بالإبن وبنعمته بدون خلط في التمييز بين الأقانيم، بل عرَّفنا على كل أقنوم، وأيضًا الوحدة المشتركة في جوهرهم، فقال:...

    * "نعمة ربنا يسوع المسيح، ومحبة الله، وشركة الروح القدس مع جميعكم آمين" (2كو 13: 14) كما نلاحظ في الآيتين: الله وهب لنا عربون الروح وبنعمة إلهنا وربنا يسوع المسيح أخذنا شركة الروح... العربون لكي يكون لنا شركة...

    * ونصلى ونستدعى روحه القدوس في القداس، ونقول: "إشترك في العمل مع عبيدك في كل عمل صالح.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    ومن هذه الرسالة نتعرف على ما هو عربون الروح:

    1- مسحة وختم عربون:

     * المسحة تقود للختم، وكلاهما يؤهلان لعربون الروح والتمتع بالثمار النابعة منهما... في قلوبنا.

    * بعد جحد الشيطان في المعمودية وإقامة عهد مع المسيح (أى الممسوح لأجلنا) نختم (بالميرون) بمسح جبهتنا بعلامة الصليب.. وبهذا الختم يبعد بعيدًا عنَّا جنون الشرير، وإذا تجاسر واقترب منَّا يرى هذا الختم وكأنه رأى أشعة الشمس (شمس البر) فيثب هاربًا بعيدًا، وتصاب عيناه بالعمى عندما يتطلع إلى وجهنا...

    * بدل الختان الذي كان هو مثال ختم في جسد الإنسان، صارت المعمودية ختمًا لبر الإيمان (رو 4: 11) وبعد الإيمان بالمسيح الغافر والديان... "إذا آمنتم خُتمتم بروح الموعد القدوس" (أف 1: 13) كعربون (إتفاق على نوال) عطية أعظم وهى الإشتراك مع روحه في كل عمل صالح.

    فلا تتأخر، تقدم إلى المعمودية لحضرة الله نفسه ليختمك ويمسحك بروحه بذاته وتنال عربون الشركة مع كلمة الله، ويحملك كمركبة للمثول في حضرة الله بهذا العربون.

    * لك التصريح لتتقدم للحضرة الإلهية وسط الجيوش الملائكية والطغمات الغير المحصية...

    * بدخولك المعسكر الإلهى تُحفظ وتنال الخلاص، بل ويُنقش إسمك في كتابه... وبهذا العربون تُحسب من أهل بيت الله وتنضم للقديسين وتُدعى من القطيع الصغير وتجلس (أخيرًا عن اليمين).

    * بهذا العربون لك رعاية خاصة وعناية مكثفة وتتمتع بقوةٍ ومعونةٍ، ولا يسلبك المكار بسهولة، وإن صبرت للنهاية تنتقل بسلامة.

    * عربون لكي ترجع إلى صورته وتكون مثله وتتقبل ملامحه وتُطبع عليك صورة ابنه، وبفعل وعربون روحه يسكن فيك بكلمته.

    ملاحظة: الجندى المجاهد في نهاية حياته تُفحص أعماله وتُكشف أفكاره وتُفتح أسفاره وتُعرف أتعابه، وإذا كان قد ربح بوزناته وتفاعل بالعربون وبأمانتة يأخذ ميراثه المعد منذ إنشاء العالم.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    St-Takla.org Image: "Now it was so, when Moses came down from Mount Sinai (and the two tablets of the Testimony were in Moses’ hand when he came down from the mountain), that Moses did not know that the skin of his face shone while he talked with Him. So when Aaron and all the children of Israel saw Moses, behold, the skin of his face shone, and they were afraid to come near him. Then Moses called to them, and Aaron and all the rulers of the congregation returned to him; and Moses talked with them. Afterward all the children of Israel came near, and he gave them as commandments all that the Lord had spoken with him on Mount Sinai. And when Moses had finished speaking with them, he put a veil on his face. But whenever Moses went in before the Lord to speak with Him, he would take the veil off until he came out; and he would come out and speak to the children of Israel whatever he had been commanded. And whenever the children of Israel saw the face of Moses, that the skin of Moses’ face shone, then Moses would put the veil on his face again, until he went in to speak with Him" (Exodus 34: 29-34) (edited by st-takla.org) - Exodus, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "وكان لما نزل موسى من جبل سيناء ولوحا الشهادة في يد موسى، عند نزوله من الجبل، أن موسى لم يعلم أن جلد وجهه صار يلمع في كلامه معه. فنظر هارون وجميع بني إسرائيل موسى وإذا جلد وجهه يلمع، فخافوا أن يقتربوا إليه. فدعاهم موسى. فرجع إليه هارون وجميع الرؤساء في الجماعة، فكلمهم موسى. وبعد ذلك اقترب جميع بني إسرائيل، فأوصاهم بكل ما تكلم به الرب معه في جبل سيناء. ولما فرغ موسى من الكلام معهم، جعل على وجهه برقعا. وكان موسى عند دخوله أمام الرب ليتكلم معه ينزع البرقع حتى يخرج، ثم يخرج ويكلم بني إسرائيل بما يوصى. فإذا رأى بنو إسرائيل وجه موسى أن جلده يلمع كان موسى يرد البرقع على وجهه حتى يدخل ليتكلم معه" (الخروج 34: 29-34) (الصورة من تعديل موقع أنبا تكلا) - صور سفر الخروج، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

    St-Takla.org Image: "Now it was so, when Moses came down from Mount Sinai (and the two tablets of the Testimony were in Moses’ hand when he came down from the mountain), that Moses did not know that the skin of his face shone while he talked with Him. So when Aaron and all the children of Israel saw Moses, behold, the skin of his face shone, and they were afraid to come near him. Then Moses called to them, and Aaron and all the rulers of the congregation returned to him, and Moses talked with them. Afterwards, all the children of Israel came near, and he gave them as commandments that the Lord had spoken with him on Mount Sinai. And when Moses had finished speaking with them, he put a veil on his face. But whenever Moses went in before the Lord to speak with Him, he would take the veil off until he came out; and he would come out and speak to the children of Israel whatever he had been commanded. And whenever the children of Israel saw the face of Moses, that the skin of Moses’ face shone, then Moses would put the veil on his face again until he went in to speak with Him" (Exodus 34: 29-34) (edited by st-takla.org) - Exodus, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

    صورة في موقع الأنبا تكلا: "وكان لما نزل موسى من جبل سيناء ولوحا الشهادة في يد موسى، عند نزوله من الجبل، أن موسى لم يعلم أن جلد وجهه صار يلمع في كلامه معه. فنظر هارون وجميع بني إسرائيل موسى وإذا جلد وجهه يلمع، فخافوا أن يقتربوا إليه. فدعاهم موسى. فرجع إليه هارون وجميع الرؤساء في الجماعة، فكلمهم موسى. وبعد ذلك اقترب جميع بني إسرائيل، فأوصاهم بكل ما تكلم به الرب معه في جبل سيناء. ولما فرغ موسى من الكلام معهم، جعل على وجهه برقعا. وكان موسى عند دخوله أمام الرب ليتكلم معه ينزع البرقع حتى يخرج، ثم يخرج ويكلم بني إسرائيل بما يوصى. فإذا رأى بنو إسرائيل وجه موسى أن جلده يلمع كان موسى يرد البرقع على وجهه حتى يدخل ليتكلم معه" (الخروج 34: 29-34) (الصورة من تعديل موقع أنبا تكلا) - صور سفر الخروج، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

    2- المجد عربون:

     *مجد الرسالة: "أنتم رسالتنا، مكتوبة في قلوبنا، معروفة ومقروءة من جميع الناس... أنكم رسالة المسيح (أُنشئت) مخدومة منَّا (على أيدينا) ولم تكتب بحبر بل بروح الله الحى. راجع (2كو 3: 2، 3).

    * ناموس العقل (الروح) يهب كلمات حية، ويُعطى حياة، ويسجل بلسان الأبرار على قلوب الأحرار (الذين تحرروا من الخطية) لا بحبر على ورق ولا بأصبع الله (على حجر) بل بروح الله الحى تتكسر الألواح (القلوب) القاسية، وبالإيمان تُنقش في أذهان عاقلة.

    هو روح رب المجد الذي يُخرج من العتقاء كنزًا جديدًا يتجدد للبسطاء... هؤلاء يتجددون يومًا فيومًا (2كو 4: 16) بمجد عربون الكلمة أفضل من مجد خدمة الموت المنقوشة بأحرف على حجر... كما كتب معلمنا بولس سائلًا متعجبًا، فقال: "فكيف لا تكون بالأولى خدمة الروح في مجد؟!" راجع (2كو 7، 8).

    * مجد الكلمة: هو الذي مكَّننا وجعلنا أهلًا لنكون كُفء لهذه النعمة، وأعطانا إستحقاق أن نكون خُدَّام عهدٍ جديدٍ (عهد الروح لاعهد الحرف) "لأن الحرف يقتل ولكن الروح يُحيى". راجع (2كو 3: 5، 6) الحرف يقتل أى كلمات الناموس تقتل؛ لأنها لم تُعطِ منحة أو مساندة أو معرفة كيف ننفذ ونسلك ونخضع لأوامره...

    يقتل لأنه يأمر وأنت لم تنفذ ولم تمارس. يمنع وأنت تفعل... يقتل لأنه يزيد ضمير الإنسان تأنيبًا وقلقًا وحيرةً وخوفًا من الله... يقتل لأنه يجعلنا في مصارعات مع الضمير بجهادات متزايدة بدون فائدة... يقتل لأنك لا تقدر أن تعتذر بالجهل أو بعدم المعرفة، فأنك تسلمت ناموس = رصيد في بنك بدون صرف؛ لأنه لم تُكمل بعد أوراق لإستحقاق الصرف.

    * هو سلمنا الناموس (الحرف) عربون الروح ليتكلم على لساننا أو يحركنا أو يمشى معنا لفترة، وانتظر زمانًا طويلًا حتى جاء وسطنا، سلم للمنتظرين عربون الروح في القلب ليسكن ويقيم فينا...

    فتسلمنا العون الإلهى والسند السمائى والعربون الأبدى لكيما كل المجاهدين والسالكين والمحبين والخائفين من الله يأخذون قوة لتتمم ما يأمر به... وهنا فهمنا أنه كان يأمر لكي نطلب عونًا... هو كان يأمر لأنه يحب أن نطيع، وعندما نظهر الضعف نتضع ونخضع ونشعر بضعف مرير! فيجعلنا نتعلق به لنأخذ، فنشكر ومن طلب منه وتأخر عليه في الإستجابة يتعلم أن ينتظر شاكرًا.

    * مجد خدمة الروح: لقد تمتع موسى بمجد عندما تسلم كلمة الله على حجر؛ وكان يضع برقع ليخفى مجده عندما كان يتكلم مع الناس، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ولكن عندما يتكلم مع الله يرفع البرقع ويُزاد مجدًا... والآن نحن نتمتع بالرب بحرية بمجد أعظم: الرب هو روح، وحيث روح الرب هناك حرية، ونحن جميعًا ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف.. ونتغير إلى تلك الصورة عينها (صورة مجد المسيح) من مجد إلى مجد كما من الرب الروح... راجع (2كو 3: 15 - 18) ولكن كما في مرآه!

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    3- الحياة عربون:

    أولًا: شهد يوحنا المعمدان للحياة التي أُظهرت لنا، وقال عنه: أنه فوق الجميع... ويتكلم من السماء... ومن قبل شهادته هذه فقد ختم (بصم... صدق) أن الله صادق... راجع (يو 3: 21 - 22) فيه الحياة... وأخذ منه عربون الحياة.

    ثانيًا: بعد معجزة إشباع الجموع وإلتفافهم حول يسوع الينبوع، قال لهم بوضوح: "إعملوا لا للطعام البائد (الضائع: نفس الكلمة إستُخدمت... إجمع الكسر لكي لا يضيع منه شيء (يو 6: 12) = لا يبيد أو بائد وتعنى أن في الكسر هذه ديمومة وحياة) بل للطعام الباقى (الجسد والدم) الذي للحياة الأبدية الذي يعطيكم (= عطية الماء الحى (يو 4: 6)) إبن الإنسان (المسيح) لأن هذا (الجسد) الله الآب قد ختمه (يو 6: 27) ويقول الربيين اليهود (إن ختم الله هو الحق) أى كل ما هو من الله مختوم بختم الحق... فكل من يقبل المسيح (الحياة) يكون قد قبل كل الحق الذي من الله؛ لأن فيه تُكمل كل مواعيد الله الصادقة الحقيقية غير الكاذبة.

    ثالثًا: صدق بولس هذا وختم وبصم أنه هو الحياة، وأعطانا عربون الحياة، لنرفع نظرنا للسماء ونعيش هنا غرباء منتظرين وطنًا في العلاء، ونحيا به نئن ونثق ونسر بالرجاء حتى ينقلنا معه ويرفع عنَّا هذا العناء، وقال: "الذي صنعنا لهذا عينه هو الله الذي أعطانا أيضًا عربون الروح" (2كو 5: 5).

    فتعالوا نتذكر كلام الآباء والأنبياء والفضلاء الذين سبقونا وتلقوا دروسًا بالطبيعة الفطرية، وبذلوا حياتهم، وكسبوا وغلبوا وأخذوا واستحقوا مراكزًا مرموقة في طريق وسباق الفضيلة، وسلكوا وعاشوا ونهلوا مقدارًا عظيمًا "في طهارة، في علم، في أناة، في لطف، في الروح القدس، في محبة بلا رياء" (2كو 6: 6) لكي يخدموا ويقدموا حياتهم لأولادهم حياة عملية بخدمة مرضية منتظرين الأحضان الأبوية، بعربون الحياة أى بالمنحة المُعطاة للحياة التي وُهبت لنا منه...

    تعالوا نحيا بتوبة نقية، ونسلك في طريقنا فرحين، وبالقداسة متهللين، وبخوف الله ورعدة متممين، كما قال بولس الأمين: "فإذا لنا هذه المواعيد أيها الأحباء، لنطهر ذواتنا من كل دنس الجسد والروح مكملين القداسه في خوف الله" (2 كو 7: 1).

    تعالوا نسير بروح بولس وبنفس روح تلاميذه حسب فكر ربه، كما قال في رسالته وشهد لنا: "أما سلكنا بذات الروح الواحد؟ (سلكنا) بذات الخطوات الواحدة؟ (2كو 12: 18) بنفس العربون والقوة التي أخذتها من شركة الروح القدس...

    * ونختم رسالتنا بشكر لمعلمنا بولس الذي أنار عقولنا بعربون الروح، لكي نتمتع بشركة الروح، ولننتبه إلى المسحة والختم والمجد والحياة المعطاة لنا، كما فازت أمنا العذراء أم النور وحَيَت وعاشت بالعربون.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    4- أم النور تمتعت بالعربون: 

    بدأت حياتها مثل كل آبائها:

    * بإيمان مُسلم من أجدادها، بدعوة ونعمة من ربها، فنظرت من بعيد للعربون مع أسلافها، وحيت أى عاشت برجاء إيمانها.

    * فتفتحت عيناها، وغاصت متأملة منتظرة مُشتاقة، وصدقت واقتربت من المسيا المنتظر لتحمله في قلبها بكل مشاعر ووجدان وعواطف حبها.

    * ففهمت كيف كان يتمشى الابن الكلمة مع آدم أبوها، وطلبت هذا العربون: هل من الممكن أن تتمشى معى؟ وكيف سار أخنوخ مع الله ولم يوجد لأن الله نقله، واشتاقت لهذا العربون: هل ممكن أسير معك حيثما توجد؟ وفهمت كيف أن نوح دخل الفلك وحفظه الرب من الطوفان، فطلبت أيضًا هذا العربون: هل ممكن ان أدخل فيك وتكون أنت حصنى وملجأى؟ ونظرت لطاعة إبراهيم أنه خرج معه وسمع كلامه بدون أن يعلم إلى أين يذهب، وكرست حياتها لطاعته، وقدمت ذاتها ذبيحة حية عقلية مرضية، وانتظرت الحمل الذي يفديها، وتعجبت: كيف صار وجه موسى يلمع ويغطى ببرقع: هل لأنه حمل لوحى العهد، أم لأنه إقترب من الله الحى؟!

    * فاقتربت من الله كأنه شخص قريب منها، فاستنارت بمجد يفوق المجد الذي أخذه موسى.

    * فسبحت ليس ثلاثة مرات يوميًا كطقس العبادة في الهيكل، بل سبع مرات مثل أبوها داود.

    * وتمتعت بالعربون مثله، وكانت تقول: أشبع إذا إستيقظت برؤية وجهك.

    * وانتظرت تحقيق كلام إشعياء وإرميا والأنبياء: متى يسكب روحه على كل البشر؟ وبهذا العربون فهمت ميعاد مجيئه بحسب كلام دانيال.

    * فاستنارت بعربون روحه ورن في قلبها كلام سمعان الشيخ أبيها الذي كان يعاصرها وكان متوقعًا تعزية لإسرائيل، وكانت في قلبها تطوب تلك العذراء التي ستلد المخلص ويكون محمولًا على ذراعيها وحالًا بين يديها، وبرؤيته تمتلئ عيناها ويبيت بين ثدييها.

    * فاشتعلت بهذا العربون واشتاقت من تكون؟! وطلبت من رب الكون: هل من الممكن أن يطول عمرى كما سمعان لكي أنظر أنا أيضًا وأفهم سرك، وما سوف يكون؟ وهنا دخل إليها الملاك كعادته (لأنه كان دائمًا يأتى إليها) ولكنه أضاف لسلامه كلمة الممتلئة نعمة، الرب معك. فقال: "السلام لك أيتها الممتلئة نعمة، الرب معك". فقالت له: "ما عسى أن تكون هذه التحية؟ لماذا قلت اليوم الممتلئة نعمة، ماذا تقصد؟! ولماذا الرب معى اليوم فهو كان معى في كل الأيام؟!". فقال لها: "الروح القدس يحل عليكِ بل قوة الله الآب تظللك، بل تحملين على يدك عمانوئيل الله معنا، وليس معك أنت فقط ". فقالت له: "أنا أمة الرب" وعاشت خدَّامة له تحت طوع إرادته تتمتع بكلامه ورؤيته. فأخذت عربون يفوق العقل، وتمتعت أم النور بدوام المثول أمام الحضرة الإلهية، واشتركت معه في آلامه! بل هو إشترك معها وحملها وخلصها ونجاها من بحر هذا الطوفان وعبر بها وأجلسها عن يمينه.

    ملاحظه في طقس مسحة الميرون: يقول الكاهن وهو يمسح المعمد بزيت الميرون المقدس (بما معناه).

    1 - بإسم الآب والابن والروح القدس إستلم نعمة الروح.

    2 - خذ عربون الملكوت.

    3 - أدخل إلي شركة الحياة.

    4 - تمتع بختم لا ينحل.

    5 - إحتمِ بدرع الإيمان والحق.

    أدهنك يا (..) باسم الآب والابن والروح القدس بدهن مقدس، لتتقدس وتتكرس وتتخصص للرب.

    * وآخرون طبيعيون بعمل الروح فيهم نموا وسموا عن الأرضيين.

    * وآخرون روحانيون بعيون مفتوحة ينظرون ويتنعمون منطرحين على الأرض عابدين وسالكين.

     فلا نقف عند حد التوبة والنقاء فقط، بل بعمل الروح تنفتح بصيرتنا على واهب الحياة.

    ولنلاحظ: بالإيمان وحده لا نفهم عمل الروح مع إنه معنا في كل حين، وإنما يحتاج الإيمان إلى معرفة أكثر، وبالمعرفة تأتى موهبة الإستنارة للراغبين المستعدين لقبول العطية المُتأهلين المُختارين الفرحين بالرب في كل حين.

    فليس كل الذين فيهم الروح يدخلون... ولا كل الذين يقولون يا رب يا رب يخلصون إنما كل من يطلبون بكل إرادتهم وفهمهم ويتفاعلون مع الروح هم ينجون!!

    11- ثمر الروح

     

    "وأما ثمر الروح فهو محبة، فرح، سلام، طول أناة، لطف، صلاح (كرم الأخلاق)، إيمان، وداعة، تعفف" (غلا 5: 22).

     

    في هذه الآية:

    أولًا: الثمر هو نتيجة جهد وتعب. هو حصيلة دفن البذرة، الموت والقيامة أى النمو...

     ثمر الروح هو كما قال الله لأبينا يعقوب: "لأنك جاهدت مع الله والناس وغلبت..." هو ثمر النعمة مع الجهاد.

    ثانيًا: قسم الآباء هذه الآية إلى ثلاثة أجزاء: إيمان وداعة تعفف... ونلاحظ هنا أن الإيمان هو عطية من الله.

    خرج الزارع ليزرع، فأعطى الكل. فإن تفاعلت، مع العطية تأخذ صورة العاطى وهى الوداعة، أما التعفف بسبب أن كل من إقترب من القدوس يصير قديسًا... كل من نظر بإيمان لله يصير عفيفًا طاهرًا، وهذا ننظره في الأطفال فهم يولدون بإيمان ووداعة وطهارة بسيطة عفيفة. فكل من تمسك بهذه العطايا يأخذ مساندة الروح، وتظهر حياته مختلفة عمن حوله، فيتعامل مع الآخرين بطول أناة أى بصبر، يحتمل كثيرًا، وبلطف وكرم الأخلاق يأخذ صورة من الصلاح أى صورة الله الصالح محب البشر، فيصبح محبوبًا ومحبًا.

    ثالثًا: هذا الحب يتجلى في علاقتنا مع الله محبة، فنأخذ ثمرة هي عبارة عن 3×1 (محبة فرح سلام).

    ملاحظة: كلمة ثمرة في اللغة العربية هي للمفرد وأما ثمر أو أثمار فهما للجمع. وقد لاحظ الآباء أصل الكلمة في اليونانية تشير إلى المفرد، لأن من أخذ المسيح = الحب = المحبة، يحمل فرح دائم وسلام يفوق كل العقل...

    وسوف نلاحظ في رسالة معلمنا بولس الرسول لأهل غلاطية أنه إهتم بتوضيح السلوك الروحى الذي يوصلنا إلى هذه الثمرة، وبما أنه هو تمتع أولًا واختبر إشارة إلى... التواضع، وأن نتعلم من بعضنا البعض... نرفع عيوننا لشمس البر ونتمسك بالحكمة... لا نكمل شهوة الجسد لأنه يشتهى ضد الروح... وإن سلكنا بطهارة، يقودنا بروحه ونحمل صورته ونكون آنيةً مختارةً له يحمل ثمر الروح (المحبة).

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    St-Takla.org Image: The Assumption of the Virgin Mary, painting by Giovanni Battista Salvi da Sassoferratom 17th century, oil on canvas, Height: 140 cm (55.1 ″); Width: 85 cm (33.4 ″) - The Louvre Museum (Musée du Louvre), Paris, France - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 11-12, 2014 صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة صعود جسد السيدة مريم العذراء، رسم الفنان جيوفاني باتيستا سالفي دا ساسوفيراتو، القرن السابع عشر الميلادي، زيت على قماش بمقاس 140×85 سم. - صور متحف اللوفر (اللوڤر)، باريس، فرنسا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 11-12 أكتوبر 2014

    St-Takla.org Image: The Assumption of the Virgin Mary, painting by Giovanni Battista Salvi da Sassoferratom 17th century, oil on canvas, Height: 140 cm (55.1 ″); Width: 85 cm (33.4 ″) - The Louvre Museum (Musée du Louvre), Paris, France - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 11-12, 2014

    صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة صعود جسد السيدة مريم العذراء، رسم الفنان جيوفاني باتيستا سالفي دا ساسوفيراتو، القرن السابع عشر الميلادي، زيت على قماش بمقاس 140×85 سم. - صور متحف اللوفر (اللوڤر)، باريس، فرنسا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 11-12 أكتوبر 2014

    وسوف نوضح كلامنا بمثال عملى من حياة أمنا العذراء:

     

    1- أتعلم منكم:

      "أريد أن أتعلم منكم.. أبأعمال الناموس أخذتم (بشارة) الروح أم بخبر الإيمان" (غلا 3: 2).

    * بعد أن بشر الغلاطيون وصدَّقوا وآمنوا بالمصلوب وكان واضحًا أمام عيونهم بإيمانهم.

    * بعد أن أختبروا نعمة الروح القدس بل نالوا بالفعل قوة الروح ومزاياه العظيمة في حياتهم وسلوكهم.

    * بعد أن إلتصقوا برب السماء ونالوا روحه من العلاء بعجائب ومعجزات تفوق الفهماء، وكان هذا واضحًا وتم فعلًا مع أب الآباء الذي أنتم تفتخرون به بأنكم له أبناء.

    * يكرر كلامه ثانية: أكان عبثًا كل ما إختبرتم! "فالذى يمنحكم (وهب لكم) الروح ويعمل قوات فيكم، بأعمال الناموس أم بخبر (بشارة) الإيمان" (غلا 3: 5) فيجب عليكم أن تلتفِتوا وتلتصِقوا بأب الآباء أبيكم؛ فأنه لم يكن نبيًا بل بطريركًا (أبًا) لكم أنتم أيها الأمم لتنالوا مثله موعد الروح بالإيمان (غلا 3: 14) لأنه بالإيمان كان يحيا (غلا 3: 11).

     لماذا بعد أن سلمتم للروح أنفسكم إنزلقتم ورجعتم للحرف (للناموس) الذي يقتلكم؟!

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    2- أأغبياء أنتم؟!

     "أهكذا أنتم أغبياء! أبعد ما أبتدأتم بالروح تكملون الآن بالجسد" (غلا 3: 3).

    * أبعد ما تفرستم في الشمس تطلبون شمعه؟!

    * أبعد ما أكلتم طعامًا قويًا تطلبون لبنًا؟!

    * أبعد ما صرتم فلاسفة تتعلمون في حضانة؟!

    * لماذا تنحطون بعد أن بلغتم مكانًا رفيعًا ساميًا؟!

    * لماذا تحتمون بالخبرة الأضعف والحكمة الأقل؟!

    فلا تكونوا من: "الأغبياء (الذين) يموتون من نقص الفهم" (أم 10: 21) لعدم قبولهم التعليم... فإن: "الأغبياء يرثون الحماقة" (أم 14: 18) وكما قال داود عن نفسه: أنى أنتنت بسبب حماقتي (مز 38: 5) فالحماقة هي مخزن للشرور كما في (إش 19: 11) ويشير في (إش 19: 13) غباء حكمة المتكبرين؛ لأنهم يضيعون وقتهم ويحطمون طاقاتهم فلا نفع من حياتهم فكن مثل "الذكى (الذي) يبصر الشر فيتوارى، (ولا تكن مثل) الأغبياء (الذين) يعبرون فيعاقبون" (أم 27: 12) لأنه يظن أنه قادر أن يجتاز الشر؛ لكنه يسقط في فخٍ ويموت.

    * ومن محبة معلمنا بولس لأولاده قال: أنا أحتملكم وألتمس لكم عزرًا؛ لأن هذا تم حسدًا كما كان قديمًا: "المولود من الجسد (إبن هاجر) يضطهد المولود بحسب (أى بحكم) الروح (الذي هو إسحق إبن الموعد) هكذا يكون الآن" (غلا 4: 29) فإن هدف الحماقة أن ترجع بنا للعبودية بعد الحرية فإن كنَّا:

    نحيا (نعيش) حياة الروح (بالروح نسلك) فلنسر أيضًا سيرة الروح (غلا 5: 25) فنحن الآن في عصر النعمة، تمتعنا ببر المسيح، وبسكنى الروح فينا، فبنعمته نخضع ونطيع إرادته ونسلك بروحه ونكتشف أن أعظم حرية حينما نستعبد نفوسنا بكامل حريتنا، فنثق في دم المسيح المخلص وعمله معنا، فقد حقق وكمل الناموس روحيًا. فالذبائح الدموية بدلها بذبيحته الفريدة، والختان حققه روحيًا بالمعمودية، وقدس أيامنا وصارت كلها سبتًا (أى راحةً) له، فنستريح فيه وبه.

    * أفبعد كل هذا نبلغ إلى الغباوة، ونفصل نفوسنا عن بر المسيح الذي بررنا، ونسقط من النعمة؟! راجع (غلا 5: 4) أبعدما ابتدأتم بالروح تكملون الآن بالجسد. فلا تكونوا أغبياء، ولا تزدروا بالنقاء لئلا ترجعوا للشقاء، فتسلكوا وتغرقوا في الحياة كتعساء.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    3- لا تهتموا بجسدكم:

     " وإنما أقول: أُسلكوا بالروح، فلا تكمِّلوا شهوة الجسد." (غلا 5: 16) لأن الجسد يشتهى ضد الروح، والروح ضد الجسد (غلا 5: 17).

    * الجسم هو خلقة صالحة وعطية نافعة من الله. مكون من جسد ونفس تحركه مشاعر وأفكار وأقوال وأعمال فلا تتركه لعنانه، فإنهما يتحملان معًا المكافأة أو الإدانة.

    * الجسد يجد راحته في أعماله. فلا تتجاهل دور النفس التي تحركه، وانتبه لتصرفاته لكي تتناغم أعماله وتطيع روح الله فتجد راحة وثمرة...

    * الجسد أو الإنسان الجسدانى = أفكار أرضية، كسل، لا مبالاة = نفس خاملة متكاسلة غير فاهمة = إنسان غير روحى ينتج عنه كراهية وشقاق وصراع ونزاع وبدع وسحر وخصام تدمر وتهلك وتأكل كل شيء أكثر من العث.

    * الجسد هو إناء يظهر أعمال النفس، والنفس الشريرة تضع وتمزج السم في أعماله، والذي يضع السم هو المجرم ولكن الإناء يحطم بسبب النفس الشريرة. فكن إناءً مختارًا... إناءً للكرامة... إناءً للمجد.

    أما السلوك بالروح: يحول كل الشهوات إلى حب، ويروض ويكبح جماح الجسد، ويخضع كل إرادته للذى أحبه.

    * الروح القدس يحث على الجهاد للتقديس ويشعل النفس للتطهير والنقاء.

    * الروح القدس يعلم ويرشد ويرد الجسد لحالته الأصلية قبل سقوط البشرية.

    * الروح القدس يدمر كل نجاسة وشهوة ليقوده للتغيير تدريجيًا حتى يصير إنسانًا سمائيًا روحيًا. فاسلك بالروح القدس... سلم له القيادة... فيحركك ويدافع عنك ويرشدك.

    فلا نترك للجسد الحرية بعيدًا عن المحبة الإلهية لئلا يحدث دمار وشجار وعنف ونفقد الطريق والصديق وتُسلب منا الحرية والقوة والرعاية السمائية.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    4 - لأرى أنكم بروحه أنقدتم:

     "ولكن إذا إنقدتم بالروح فلستم تحت الناموس" (غلا 5: 18)

     الناموس كان نير (حمل) ثقيل فجاءنا المسيح وقال لنا: إحملوا نيرى عليكم. إحملوا المحبة للأعداء واغفروا للمسيئين، فوضع علينا نير (حمل) أثقل لكي لا نثب هنا أو هناك، وعندما ننقاد بروحه نكتشف أنه هو الحامل ونحن فقط نمشى بجانبه أو خلفه.

    * إن سلكنا بروحه نتوقع (ننتظر) رجاء بر (المسيح المبرر) راجع (غلا 5: 5).

    * لأن الإيمان به وفيه الكفاية لنوال بره مع منافع عظيمة كثيرة مجيدة.

    * الإيمان هو التصديق والمحبة تضُمنا للصديق.

    * المحبة تحركنا للطاعة.

    * إن نزعت الإيمان يتبدد كل الإيقان بأمور الله الديان.

    * وإن نزعت الحب تتبدد كل أعمالك.

    * إن إنقدنا بروحه نسلك بوداعته ونحمل أثقال بعضنا بعضًا فنكون روحانيين نُعلم ونُصلح ونقود الآخرين. راجع (غلا 6: 1، 2).

    * إن إنقدنا بالروح: "نزرع للروح (و) من الروح (نحصد) حياة أبدية" (غلا 6: 8) وهذا ما رأيناه في سيدة كل البشرية ستنا وأمنا العذراء النقية.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    5 - فاسلكوا بروح أمكم:

    * شبت منذ نعومة أظافرها بإيمان أبواها.

    * وتعلمت الوداعة ووجدت راحة في الهيكل وسط جيل نقى طاهر مجاهد عابد سالك بعفاف.

    * فأقتنت العفة بنعمة خاصة بنقاء قلبها.

    * فكانت لها طولة بال وصبر لاحتمال كل ما يمر بها شاكرة على كل حال، بل كانت لطيفة كريمة محبة للجميع صالحة. فكانت شمعة مضيئة حاملة فضائل كثيرة. فتجلى الإله إله الحب ومصدره، بل نبع المحبة وانسكبت المحبة في قلبها بالروح القدس المعطى لها، بل حملت أقنوم الابن في بطنها... حملت ثمرة فريدة مجيدة. ومن هنا نفهم ما قصده معلمنا بولس الرسول عندما قال: وأما ثمر الروح فهو محبة، فرح، سلام... بدأ بالمحبة لأن من يحمل ثمرة المحبة حمل كل شيء.

    * ومن هنا فهمنا عمليًا من حياة العذراء أن الإيمان والوداعة والتعفف هم هبة وعطية ونعمة منه.. 

    يُعطى العطية أو النعمة حسب إستعداد الشخص و...

    وأما الثمرة هي تأتى بسبب الزرع والتعب والسهر.

     

    * وبسبب هذه العطايا ينتج عن ذلك طول أناة، لطف، صلاح.

    * وأما النعمة مع الجهاد تنتج (ثمر الروح: المحبة) أى يحل الله في قلوبنا بالروح. بسلام الله الذي يفوق كل عقل تمتلئ قلوبنا بفرح لا يُنطق به؛ لأن الله هو مصدر الفرح والسلام.

    * إذًا ثمر الروح هو المحبة:

    الروح يُقربنا من المحبة (المسيح).

    الروح يُعرفنا ويثبتنا في المسيح الذي أحبنا فنحمل المحبة داخلنا.

    * فكما سلكت أمنا بالروح وعاشت بالروح منتظرة ومشتاقة لعربون الروح، إنسكب فيها المسيح (المحبة) فجعلها:

    حاملة السلام... تتكلم عن السلام... تطلب للجميع السلام...

    فكانت من الأذكياء وهربت من الغباء وشبت بنقاء. كما قيل في (مز 85: 8) "إنى أسمع ما يتكلم به الله الرب؛ لأنه يتكلم بالسلام لشعبه ولأتقيائه، فلا يرجعن إلى الحماقة".

    * لقد تبررت بالإيمان فكان لها سلام مع الله بربنا يسوع المسيح. (راجع (رو 5: 8))... وبعد أن حملت نعمة وسلام من الله (راجع (غلا 1: 3)).. لم تسقط من النعمة بل ولم تفارق هذه الدعوة أيضًا بنعمته (راجع (غلا 1: 6)) وتفهمت وأيقنت مقدار هذه العطية لها (راجع (غلا 2: 9)) وتفاعلت بهذه الهبة (راجع(غلا 2: 21)) فارتفعت فوق حرفية الناموس ولم تسقط من النعمه (راجع(غلا 5: 4)) بل حفظت كل هذا بورع وخوف ومهابة.

    * فعاشت ملكوت الله كما وضحه بولس الرسول في (رو 14: 17) وهو بر وسلام وفرح في الروح القدس. فحفظها ملك السلام كما قيل في (في 4: 7) "سلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح". فكثرت لها النعمة والسلام بمعرفة الله ويسوع ربنا (راجع(2بط 1: 2)) فذهبت إلى الهيكل كما داود: "أذهب إلى مذبح الله إلى (وجه الله... الابن... الله) ببهجة وفرح، وأحمدك بالعود يا الله إلهى" (مز 43: 4) ففرحت مع أبيها إشعياء الذي قال: "فرحًا أفرح بالرب (الآب) تبتهج نفسى بإلهى (يسوعى) لأنه قد ألبسنى ثياب الخلاص (ألبسنى مجده... حبه... صورته) كسانى رداء البر (مواهبه ونعمته وهباته) مثل عريس يتزين بعمامة (وضع على رأسى علم الحب) ومثل عروس تتزين بحُليها" (إش 61: 1) تمنطقت بالقوة... ولبست الفرح... تزينت به وصارت زينة كل البشرية..

     نحن أولادها

     لا تحتقر النعمة من أجل مجانيتها، بل إقتنها واحفظها بورع.

    فيجب أن نسلك بالروح، ونحتمى فيه، ونختفى به من الشر لئلا نسقط من الهبة والنعمة الممنوحة لنا.

    لقد أخذنا عربون الروح في المعمودية، وسلكنا حينًا ولكننا نسقط... وبالتوبة والإعتراف ننهض، ولكننا أيضًا نسقط ونأخذ معرفة بالقراءة والعشرة معه وأيضًا نسقط... ومن الممكن أن نأخذ استنارة وقوة وأيضًا معرضين للسقوط...


    12- وحدانية الروح

     

    "مجتهدين أن تحفظوا وحدانية الروح برباط السلام" (أف 4: 3).

    ما أجمل صلاة الأجبية وبالأخص صلاة باكر التي تبدأ بجزء من رسالة معلمنا بولس إلى أهل أفسس التي ينادى فيها: "أسألكم أنا الأسير في الرب (أى أناديكم بتوسل أنا الذي صرت أسير من أجلكم - أيها الأمم - في نظر أُمتى كاسرًا ناموسهم) أسألكم أن تسلكوا كما يحق للدعوة التي دعيتم إليها (هذه الدعوة القائمة منذ زمان والآن أنتم قبلتموها فاجتهدوا) مسرعين إلى حفظ وحدانية الروح برباط الصلح الكامل (بالتواضع وإنكار الذات... بالوداعة والتشبه بصورة المسيح الوديع... بطول الأناة والصبر واحتمال الآخر... بالمحبة أي بالمسيح وروحه القدوس الذي يملأنا بالفرح والسلام...).

    * في رسالة أفسس: أشار معلمنا بولس إلى وحدانية الروح القائمة والتي أقامها الله بيننا منذ أن خُلقنا، وكيف نسلك ونجتهد ونسرع في الحفاظ على هذا...

    وبنعمة ربنا نتحدث من خلال هذه الرسالة إلى كيف: أفاض النعمة (علينا ليجمع شملنا) وقادنا لنفسه (لنكون واحدًا فيه) وكيف نحافظ على هذا.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    أولًا: أفاض النعمة:

     تبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح فقد: "باركنا بكل بركة روحية في السماويات في المسيح. كما إختارنا (بالقرعة) فيه قبل تأسيس العالم" (أف 1: 3، 4) ما أحن وحنان الله علينا فهو يريد أن يجمعنا في حضنه ويمتعنا بروحه، ولكنه تدرج معنا ووعدنا بوعود ليقربنا منه ثمَّ يسكب روحه علينا، فبدأ بوعد...

    * "يبارك الرب أرضك" (تث 7: 13).

    St-Takla.org Image: We are all one in Jesus Christ, different races, heart and a cross, loving others, various believers from all the nations and nationalities - by Fahmy Eshak صورة في موقع الأنبا تكلا: كلنا واحد في المسيح يسوع، مختلف الجنسيات، قلب وصليب، محبة الآخر، مؤمنين متنوعين من كافة الجنسيات - رسم الفنان فهمي إسحق

    St-Takla.org Image: We are all one in Jesus Christ, different races, hearts, and a cross, loving others, various believers from all the nations and nationalities - by Fahmy Eshak.

    صورة في موقع الأنبا تكلا: كلنا واحد في المسيح يسوع، مختلف الجنسيات، قلب وصليب، محبة الآخر، مؤمنين متنوعين من كافة الجنسيات - رسم الفنان فهمي إسحق.

    * "تأكلون خير الأرض" (إش 1: 9).

    * "أرض تفيض لبنًا وعسلًا" (خر 3: 8).

    * لقد أفاض عليهم ببركات أرضية؛ لأنهم حتى ذاك الزمان لم يرتفعوا ولم يمتنعوا عن الجسديات، وعندما إرتفع بنا باركنا ببركات روحية سمائية منحها لكل البشرية في المسيح وبالمسيح لنكون قديسين... بلا عيب في المحبة... وثبتنا واختارنا بقرعة محكمة معروفة لديه قبل تأسيس العالم، لينعم علينا بالفداء والغفران، وأطلعنا على سر مشيئته... فجمعنا تحت رأس واحد وهو المسيح لنكون ورثة وشركاء بروحه الذي يسكن فينا، وهذا إن آمنا واعتمدنا بالروح الموعود لنا... الروح القدس الذي هو عربون ميراثنا [راجع (أف 1: 1 - 14)].

    * ربطنا بوحدانية بروحه الساكن فينا، ووعدنا: "سوف آتى أنا وأبى ونصنع منزلًا فيكم" إن أحببناه وحفظنا وصاياه وأسرعنا إلى حفظ وحدانية الروح (راجع (يو 14: 23).

    * فلنتمسك بنعمته وبروحه حتى نموت عن الذنوب والخطايا التي سلكنا فيها قبلًا حسب دهر هذا العالم (حسب نظام وشهوات العالم) حسب رئيس سلطان الهواء (أى حسب الشيطان المحيط بنا مثل الهواء) الروح الذي يعمل الآن في أبناء المعصية (أى الشيطان الذي كان روحًا وهو الآن يعمل في الأبناء الذين يعصون الله ووصاياه) (راجع (أف 2: 1 - 3)).

    فلنتمسك بالطاعة وإطاعة الوصية، ولا نكون من أبناء المعصية.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    ثانيًا: قادنا لنفسه:

     قادنا ببناء واحد بناه بنفسه بجسده... "فجاء وبشر بسلام البعيدين والقريبين" (أف 2: 17).

    جاء بالحب الإلهى والإختيار السمائى بحسب قصده الأزلى بقرعة كانت في فكره لنكون أهل بيته، رعية واحدة لراعى واحد "مبنيين على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية" (أف 2: 20).

    هذا المشهد نظره يوحنا وقال عن أورشليم العليا (التي هي رمزًا للكنيسة): "هوذا مسكن الله مع الناس" (رؤ 21: 3) وكأن حائط العهد القديم وحائط العهد الجديد البناء الروحى جمعه الله ليستديرا ويكونا قبةً، ويكون هو حجر الزاوية الذي يربط الحائطين بعضهما ببعض.

    ونظر الرائى هذا المسكن بدقة أكثر مع بولس الذي قال: مبنيين على أساس الرسل والأنبياء. نظر يوحنا على أساس هذه المدينة (مكتوب) أسماء إثنى عشر رسولًا وعلى أبوابها (مكتوب) أسماء إثنى عشر سبطًا. منظر جميل ما أبدعه ما أدق وصفه للكنيسة الحاملة جسد ودم المسيح مبنية على أساس دم الرسل والتلاميذ وعلى أبوابها أسماء أسباط إسرائيل الإثنى عشر الذين فتحوا لنا بإيمانهم الأبواب لرؤية المسيح وانتظار المسيا والإشتياق للخلاص.

    قاد الرعاة بإنفتاح السماء... وقاد المجوس للمكان وللسجود... قاد الذين يعبدون إله الحق الواحد وأيضًا الذين يعبدون آلهة كثيرة باطلة... قادنا لوحدانية الروح...

    قادنا لنفسه لنكون بناءً مركبًا معًا، "ينمو هيكلًا مقدسًا في الرب الذي أنتم أيضًا مبنيون معًا مسكنًا لله في الروح" (أف 2: 22).

    *كل منا هو هيكل وكلنا معًا هيكل.. هو أحضرنا ودعانا لنفسه.. هو إختارنا وكرسنا لنسبحه ونشكره.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    كيف نحافظ على هذه الوحدة:

     

    1 - برباط السلام (أف 4: 3):

    * بالتنازلات واحتمال الآلامات بالقيود والسجون...

    * الإلتزامات الروحية هي قيود للنفسية الضعيفة...

    * إن كنت متضعًا لا تنفر من هذه القيود (= هذه النعمة)... التي تقودك للوحدة معه.

    * إن كنت متواضعًا قيد أقوالك وأفعالك ونغمات صوتك.

    * إربط فمك بثمار الحب... إربط ذاتك بأخيك... إربط كرامتك بإنكار ذاتك...

    لا رباط سلام بدون الوحدة... بدون إتضاع كما يليق مثلما فعل أبيك... لقد إتضع الكلمة ليهبنا الوحدة فيه... ومع أبيه بالروح القدوس... لكي نكون مجتهدين محافظين على وحدانية الروح.

     

    2 - بوحدة الروح (أف 4: 3):

    * روح الله الواحد هو يجمع كل الأعضاء بتناغم بدون عداوة وخصام وانشقاق، إنما إن وجد شخصٌ بارد غير مشتعل فإنه يطفئ ويبرد من حوله، وإن إشتعل يشعل من حوله.

    * فالكنيسة غطست بأولادها في نور الرب الواحد لكي يرسلوا شعاعه في كل موضع، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى.. كشعاع الشمس المنتشر في كل مكان لكنه مصدر واحد... وكأغصان الشجرة الكثيرة ولكن الجذر واحد... فها أنت سيد نفسك، خذ منه الوحدة لكي تربط (تقيد) نفسك بأخيك، وكلما إلتصقت معه تلتصق به، وكما قيل "إذا عضد أخ أخاه صارا مدينةً حصينةً" (أم 18: 19) هذه القيود لا تترك علامة على يدك أو نفسك وإنما تنطلق بك للحرية والأعمال الإيجابية والشجاعة النفسية (إذا رُبط القوى بالضعيف أعانه وشدده).

    * إذا صرنا أبناء الله نكون أبناء النور (أف 5: 8) نسلك كأداة نور...

     

    3 - بضياء الرب:

    "أُسلكوا كأولاد نور؛ لأن ثمر النور (الروح) هو في كل صلاح وبر وحق، مختبرين ما هو مرضى عند الرب" (أف 5: 8، 9).

    * إذا كانت الحياة الطبيعية الزمنية لا وجود لها بدون الشمس، ومع الفارق الكبير لا حياة لنا بدون شمس البر الواهب كل صلاح ومُعطى كل بر ويعرفنا على كل الحق.

    * فبالإيمان به نحقق ما يعجز عليه الضعف البشرى، ونتمتع بقوة نقدر أن نمشى بها حتى على الماء.

     

    4 - بالإمتلاء بالروح:

    "ولا تسكروا بالخمر الذي فيه الخلاعه بل إمتلئوا بالروح" (أف 5: 18).

    * عوض البهجة بالأغانى الشيطانية والنغمات المثيرة والسكر بالملذات أُطلب الروح لتمتلئ واستعد بالترانيم والتسابيح لتأخذ إمتلاء ولا تكف عن الشكر والصلاة حتى يفتح قلبك لعمله وتتجاوب معه...

    * "مرتلين في قلوبكم للرب" (أف 5: 19) في قلوبكم = بكل إصغاء شديد وفهم عميق لكل كلمة.

     

    5 - بالمصارعات ضد أجناد الشر الروحية (أف 6: 12)

    * أنت في صراع ليس من أجل المال أو المركز إنما من أجل إستبعادك عن الملكوت.

    * صراع من أجل السماويات: وأجناد الشر يريدون أن يجردونك ويبعدونك عن الجهد والمحافظة على وحدتك مع روح ربك. فإن كنت لا تتقيد بالوصية وتسلك نحو الأبدية ستسمع: أُربطوا يده ورجليه وألقوه في النار الأبدية (مت 22: 13).

    * صراع لنتقوى بالرب ونلبس سلاح الله فنسمع صوته يقول لنا: "لا يقدر العالم أن يبغضكم ولكنه يبغضنى" (يو 7: 7).

    * صراع مع أجناد غير منظورة، ولكننا نربح بنصرة محسوسة.

     

    6 - بسيف الروح:

    "وخذوا خوذة الخلاص، وسيف الروح الذي هو كلمة الله" (أف 6: 17).

    ملاحظة: في هذه الرسالة توجد أسلحة كثيرة، وإنما نكتفى بما يخص الروح الذي هو موضوعنا الآن...

    * لكي نحافظ على وحدانية الروح يجب أن نستعمل سيف الروح أى الوصية التي تقتل كل خطية.

    * سيف الروح هو كلمة الله، نحارب ونضرب به ونعزل ونبتر به من داخلنا كل فساد، ونلقى به خارجًا." لأنه بدون (سفك) دم لا تحصل مغفرة" (عب 48: 10).

    * كلمة الله كالسيف يجرح لكي يشفي!!

    * لإنه بآية واحدة ممكن أن لا ننام الليل بطوله حتى نقدم توبة صادقة.

    7 - مصلين بالروح: "مصلين بكل صلاة وطلبة كل وقت في الروح. وساهرين لهذا بعينه، بكل مواظبة وطلبة لأجل جميع القديسين (أف 6: 18).

    * في الحقيقة كل ما سبق هو نعمة وهبة منه، لا نأخذ منها شيئًا إلا بالصلاة... فكلما تكون واقفًا منتبهًا ناظرًا إليه مشتاقًا (مع فارق التشيبه الكبير) يرسل لك الكرة لكي تضعها في الجون... هو بيده (الكرة) النعمة والهبة، وإنما من يطلب! من يستعد! من يجاهد؟؟‼

    * الصلاة هي سند لنوال العون الإلهى خلال الجهاد المستمر...

    * كلما تصلى أو تقرأ الكتاب يجدك العدو متسلحًا من رأسك إلى قدمك فيهرب منك.

    * الصوم والصلاة يطفئان لهيب النيران.

    * في هذه الآية يوضح الصلاة من أجل الغير علامة على شركتنا معهم وحبنا لهم ووحدتنا في الروح.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    لقد تحدثنا بنعمة ربنا وبصلواتكم من سفر أعمال الرسل عن:

    1 - الله الطويل الروح.

    2 - ما هو الإمتلاء بالروح.

    3 - إنسكاب الروح.

    4 - ماذا كان يقول الروح.

    5 - لمن عطية الروح.

    ومن رسائل معلمنا بولس إكتشفنا أن كل رسالة لها هدف، فمثلًا:

    رسالته لرومية تتكلم عن السلوك بالروح، والرسالة الأولى لكورنثوس عن عمل الروح، والرسالة الثانية لكورنثوس عن عربون الروح، والرسالة لأهل غلاطية عن ثمر الروح، وهنا في رسالته لأفسس عن وحدانيه الروح.

     فصلوا لكي يكون لنا روح واحد، فكر واحد، إيمان واحد، معمودية واحدة، رب واحد، لكي نشعر به أنه هو:

     

    فوق الكل، ومع الكل، ويعمل بالكل، ويحرك الكل... لملكوت واحد... ليجمع المتفرقين إلى الواحد.


    *فإلى متى لا نتمتع بثمر الروح (المحبة)؟! إلى متى لا نتكلم بالسلام؟! إلى متى لا يدب فينا فرح الرب؟!

    إشفعى فينا... أطلبى عنَّا... صلى لأجلنا...

    يا ستنا وفخر جنسنا وأمنا كلنا.


    13- مساندة الروح

     

    "لأنى أعلم أن هذا يؤول (يتحول) لي إلى خلاصٍ بطلبتكم ومؤازرة (مساندة... معونة) روح يسوع المسيح" (في 1: 19). (مؤازرة بمعنى مساعدة في وقت الشدائد).

    وفي هذه الآية أعلن لنا معلمنا بولس ثلاثة نقاط هامة غالبًا هي هدف رسالته لأهل فيلبى:

     أ - الثقة بالرب والفرح أن كل شيء يتحول إلى:

    * فرح وسط الآلآم ص 1

    * فرح في الخدمه الباذلة ص 2

    * فرح في الرب ص 3

    * فرح كل حين ص 4

    ب - بطلبتكم: وقال هذا قبل أن يذكر مساندة الروح القدس له، وكأنه يحثهم ويشجعهم ويطلب المزيد منهم كما يشير ويقول: "بأنكم تثبتون في روح واحد مجاهدين معًا بنفس واحدة... غير مخوَّفين بشيءٍ من المقاومين" (في 1: 27، 28) بل دائمًا تُصلون لأجلنا. لأنه يحثهم على وحدانية الروح والشركة.

    ج - بمساندة الروح: ويذكر أن الروح لا يسند ولا يشترك ولا يعين إلا مع من كانوا يشتركون مع الروح (في 2: 1) ومن سموا وارتفعوا عن حرفية الناموس كما يقول: "نعبد الله بالروح ونفتخر بالمسيح يسوع ولا نتكل على الجسد" (على الختان الجسدى) (ترجمة يسوعية (في 3: 3))

    St-Takla.org Image: Apse mosaic (details 10): Jesus Christ - Church of Sts Cosmas and Damian (Basilica of Santi Cosma e Damiano), Rome, Italy. One of the ancient churches that dates back to the 4th century (Tituli: Titular church). - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, September 21, 2014. صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة فسيفساء القبة (تفاصيل 10): السيد المسيح - صور كنيسة الشهيدان قزمان ودميان، روما، إيطاليا. وهي من الكنائس الأثرية التي تعود بعض آثارها إلى القرن الرابع الميلادي، وهي كنيسة شرفية. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 سبتمبر 2014.

    St-Takla.org Image: Apse mosaic (details 10): Jesus Christ - Church of Sts Cosmas and Damian (Basilica of Santi Cosma e Damiano), Rome, Italy. One of the ancient churches dates back to the 4th century (Tituli: Titular church). - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, September 21, 2014.

    صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة فسيفساء القبة (تفاصيل 10): السيد المسيح - صور كنيسة الشهيدان قزمان ودميان، روما، إيطاليا. وهي من الكنائس الأثرية التي تعود بعض آثارها إلى القرن الرابع الميلادي، وهي كنيسة شرفية. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 سبتمبر 2014.

    * لقد كتب رسالته لأهل فيلبى المحبوبين لديه (لأول كنيسة في أوروبا قد أسسها بدعوة وإرسال الروح له (أع 16: 12) وغاية هذه الرسالة هي سعادتنا وفرحتنا بالروح القدس الذي يسندنا، وهو مصدر كل أفراحنا وسط الآلامات، ودائمًا يتجلى معنا في الضيقات حينما نشاركه بهذه العلامات:

    1 - حينما يكون لنا نظرة مقدسة للآخرين.

    2 - وعواطف نقية بسيطة في المعاملة معهم.

    3 - حينما نحيا ونعيش بالنمو المستمر في أفراح الرب نشعر بمساندة الروح... رعاية الرب... خلاص المسيح... الذي دائمًا يفوق كل عقل...

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    1- نظرة مقدسة: 

    درس عملى واقعى حقيقى من حياة معلمنا بولس: كانت له نظرة مقدسة للأحداث وللأفراد وللمعاملات، فكان ينظر إلى الكل بحب، ويترك عمل الروح يقود، ومحبة الله تكشف الآراء والنيات، وخلاص المسيح يُفرح الكل ويرد الضالين، فقال:

    * الذين يحبوننى يكرزون والذين يبغضوننى أيضًا يكرزون، الأولون في رائحة المسيح الذكية يعيشون، والآخرون بنفس الرائحة يموتون؛ لأن ذاتهم وحب كبريائهم يُظهرون، ولكنى:

    * "أريد أن تعلموا أيها الأخوة أن أمورى (سجنى وقيودى) قد آلت أكثر إلى تقدم الإنجيل" (في 1: 12).

    * "غير أنه على كل وجه (في كل حال) سواء كان بعله (يبشرون لكي يضايقوننا) أو بحق يُنادى بالمسيح فأنا أفرح ولا أزال أفرح" (في 1: 18).

    * بسجن بولس تشدد أصدقائه وتلاميذه المحبوبون والقريبون منه، وحملوا إرادة مقدسة وحبًا بغيرة، وصاروا أكثر شجاعة في كرازتهم بلا خوف ليشاركوا الرسول بولس كرامته كأسير للمسيح، فكان روح الرب يسندهم ويعطيهم نعمة وقوة وفرحًا.

    * وأيضًا بسجن بولس إنطلق أعدائه بقوة ليجذبوا الوثنيين إلى الإيمان لكي ما يثيروا الأمبراطور ويهيجوا الولاة لكي لا يسمحوا بالإفراج وانطلاق بولس من سجنه، أو ربما المتهودون (الغنوسيون) كانوا يكرزون لإغاظة بولس لكي يتعرض إلى ضيق وقلق على الخدمة، فبشر بولس أهل فيلبى أن كلمة الله لا تقيد وأن الله قادر أن يُخرج من الجافى حلاوة...

    * ترك بولس هذا واهتم واستغل فرصة سجنه وبشر لكثير من الجنود بل ومن بيت قيصر، ففرح بمساندة روح الله له والعمل به وسط هذه الآلآمات

    * وفي وسط كل هذا كان يقول: "فقط (= ختام الأمر كله) عيشوا (مشتقة من وطن أو مدينة ويعنى بها لتفتخروا بوطنكم السمائى... كما أنتم تفتخرون أن مدينتكم هي مصغرة لمدينة روما العظيمة) كما يحق لإنجيل المسيح" (في 1: 27) أى حسب وصايا وتعاليم الآباء وكما تسلمتم وسمعتم ونظرتم في. ليكن لكم نظرة مقدسة وحب للآخرين.

    * كان يشتاق أن يراهم إنجيلًا مُعاشًا... وما كان يشغله هو تقدمهم في الفضيلة... وما كان يتمناه أن يكونوا قديسين بالسلوك والقدوة الحسنة؛ لأن هذه هي كرازة صامتة، فالروح يسند ويعين ويؤازر. بهذا سحب عواطفهم للنقاء ليتمتعوا بمساندة السماء.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    2- عواطف نقية:

    "فتمموا فرحى (في 2: 2) (وهنا نسأل معلمنا بولس أى فرح نتممه؟ هل نفرح بوجودك في الحبس أم القيود أم بعدك عنا؟! فيقول لنا فرحى أن لا تفعلوا شيئًا بدافع المنافسة أو العُجب (الكبرياء) "لا تنظروا كل واحد إلى ما هو لنفسه" (في 2: 4) بل ما هو في مصلحة الآخر، وأن تحسبوا وتقدموا الطرف الآخر أفضل منكم.

    * فإن هدف الوعظ هو التشجيع و الإقناع العقلى والإرشاد إلى مساندة الروح ونعمته. هدف الكرازة هي الخلاص والإشارة للمسيح المخلص.

    * "فإن كان وعظ ما في المسيح (أى لا يخلو كلامك عن تعزية المسيح ونعمته) وإن كانت تسلية ما للمحبة (أى إن أردت أن تقدم أى مواساة أو سند في أى تجربة أو تُعزى أى متعب، فيجب أن تشير لله المحب الذي أحب وأخلى ذاته لأجلنا لكي نحمل صليبه (حبه) ونمشى خلفه)

    إن كانت شركة ما في الروح (أى نبه إلى شركة الصلاة التي ترتفع للعلاء وشركة القديسين بالصلاة والصوم. الشركة الحقيقية المثمرة الغير شريرة لكي ترتفع بعواطف نقية طاهرة)

    بأحشاء رأفته" (في 2: 1) أى بمشاعر تحنن إلهنا النابعة من أحشاء لطفه ووداعته وشفقته علينا... بمشاعر حساسة مرهفة دقيقة ملؤها حب إلهنا.

    * فلا تكونوا كمن: يكرزون للمنفعة الشخصية والطموح الأنانى ((في 1: 16) ترجمه يونانية) بل... بعواطف نقية: إقبل آراء الآخر حتى ولو معارضة..

    إن كانت مفيدة وبناءة ونافعة ومشجعة فإنه هو أيضًا مثلك له غيرة مقدسة نظيرك وهذا ليس ضد كرامتك أو مركزك، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى... وإن إنزعجت أو تضايقت أو تثقلت فاعلم أن داخلك كبرياء وتحتاج إلى توبة مسرعة عاجلة.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    3- أفراح دائمة: 

    هذه الأفراح هي نتيجة أننا إتحدنا بإخوتنا بروح إلهنا، وبسبب حياة الشركة والتفاعل مع روح الله حينما سلمنا له حياتنا فساعدنا وختن قلوبنا وعيوننا وآذاننا ونياتنا وصرنا نعبد: "الله بالروح ونفتخر بالمسيح يسوع" (في 3: 3) ولا نفتخر بالجسد. فإن ثبتنا في الرب نتقوى ونفرح به، كما قال: "فرح الرب هو قوتكم" (نح 8: 1) أى فرح الرب بنا حينما يرانا أقوياء بالإيمان والشعور بوجوده ومساندة روحه وخلاص ابنه فيفرح بنا ونحن نفرح به، فتُكتب أسمائنا في سفر الحياة، ويكون عنوان حياتنا هنا كما قال معلمنا: "إفرحوا في الرب كل حين وأقول أيضًا إفرحوا. ليكن حلمكم معروفًا (بالإيمان والسلوك) عند جميع الناس. الرب قريب. لا تهتموا بشيء بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتُعلم طلباتكم لدى الله. وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع" (في 4: 4 - 7).

    * نلاحظ في هذه الرسالة كلمة حب جاءت إحدى عشرة مرةً، وكلمة فرح ستة عشر مرةً وكلمة سلام ثلاث مرات. (فهذه الرسالة تسمى رسالة الفرح).

     مع أن كل الرسالة أربع إصحاحات، وهذا يذكرنا بثمر الروح محبة فرح سلام، أى من يحمل الله الحب... الله محبة... محبة الله يحمل فرح الله الدائم. لأن الله صار معى وفي، يظهر علىَّ وبالتالى سلام المسيح الذي أخذه من الآب يحل علىَّ وآخذه منه وأتمتع به.

    * لقد كتب معلمنا بولس هذه الرسالة وهو في نهاية سجنه الأول في روما في مكان إستأجره لنفسه وصار فيه تحت التحفظ لمدة سنتين مقيدًا محروسًا بجند رومان... فكيف كان فرحًا؟! وما هو سبب فرحته؟! ولماذا كتب رسالة الفرح والسعاده هذه ولمن؟!

    كان فرحًا رغم أنه كان سجينًا؛ لأن الرب سمح له بالإختلاء به وكأنه دخل حجاله يتمتع بجماله يقوده بروحه ويسنده بنعمته...

    سبب فرحته أنه سمع بانتشار الكرازة بواسطة كثيرين غيره...

    فرح لأنه إقترب من الجنود والرؤساء وعرَّفهم من هو المصلوب الذي صُلب لأجل حبه لنا...

    فرح لأنه رغم أنه كان مسجونًا لكنه كتب أربع رسائل وهى: رسالة إلى أفسس، والرسالة المكملة لها إلى أهل كولوسى وهى من أقوى رسائله، ورسالته لأهل فيلبى المفرحة التي فرَّح بها المدينة المحبوبة لديه، ورسالته لفيلمون تلميذه..

    كتب رسالته المفرحة لأن أهل فيلبى رغم بعده عنهم إلا أنهم مازالوا قريبين منه، وبعطاياهم يمدونه سواء للخدمة أو لخدمة تلاميذه أو لإحتياجاته الشخصية...

    سبب كل هذه الأفراح أنه يحيا بمساندة ومعونة ونعمة الروح، فلم يشعر أنه وحيد حتى في سجنه وسط ضيقات الحياة.


    14- المحبة بالروح

     

    يقول بولس الرسول لأهل كولوسى: "أخبرنا (أبفراس) بمحبتكم في الروح" (كو 1: 8).

    هذه هي الآية الوحيدة في كل الرسالة التي تتحدث عن الروح، ونلاحظ في هذه الآية:

    * أنهم إشتعلوا بالحب... إشتعلوا بالروح... أثمروا بالروح.

    لأن محبة الروح = المحبة التي أثمرها الروح القدس في نفوسهم.

     المحبة هي: دليل عمل الروح.

    لقد أظهروا: روحانيتهم في عباداتهم وسلوكهم ومحبتهم للجميع وفي إتساع قلبهم وتقواهم وإتزان حكمتهم الروحية في كل تصرفاتهم الظاهرة والخفية وهذا هو النموذج الصالح لكل البشرية..

    ويؤكد معلمنا بولس في هذه الرسالة أن من إمتلأ بمحبة الروح:

    * له: "فهم روحى" (كو 1: 9).

    * يشعر: بروح الله وأرواح أولاد الله... "معكم في الروح" (كو 2: 5).

    * لا يكف عن: "المزامير والتسابيح والأغانى (ترانيم) روحية" (كو 3: 16).

    وهنا نسأل: بماذا فهموا الروح؟ بالمعرفة... لقد عرفوه:

    * وما هو سبب المعرفة؟ لأنهم تلامسوا معه وشعروا كأنه شخصٌ قريبٌ... نظروه:

    St-Takla.org Image: Love, art in the shape of an egg, with buttons - Malahide Castle, Dublin, Ireland - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, June 25, 2017 صورة في موقع الأنبا تكلا: الحب.. فن على شكل بيضة من الأزرار - من صور قصر مالاهايد، دبلن، أيرلندا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 25 يونيو 2017

    St-Takla.org Image: Love, art in the shape of an egg, with buttons - Malahide Castle, Dublin, Ireland - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, June 25, 2017

    صورة في موقع الأنبا تكلا: الحب.. فن على شكل بيضة من الأزرار - من صور قصر مالاهايد، دبلن، أيرلندا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 25 يونيو 2017

    *وما نتيجة هذا؟ تمسكوا به وبوجوده وظلوا يزمروا (بالمزامير) ويسبحوا ويترنموا لأنهم... لمسوه.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    وهذا هو موضوعنا بنعمة ربنا: بل هو موضوع وهدف رسالته لأهل كولوسى:

    1- عرفوه:

    بالروح القدس عرفوا أن المسيح هو الذي دخل إلى أعماقهم... ليعالج مشاكلهم وينزع آلامهم من أعماقهم... لا بإزالة الألم بل بدخولهم طريق الآلام، فتيقنوا أن الله لذيذ مريح يحملنا بالمسيح فنستريح، ويغمرنا بالفرح والسلام ومحبة المسيح (كو 1)، ويسمو بنا إلى العلو للتسبيح (كو 2).

    عندما نتأسس ونتأصل، نتأسس على سر الكنيسة (الذي هو الجسد الواحد إذ صرنا أعضاء كثيرة لجسد المسيح). (راجع رسالة أفسس) ونتأصل في سر الحياة (الذي هو مسيح الكنيسة، رأس الكنيسة الذي فيه مذخر (مخبأ) كل كنوز الحكمة والمعرفة (راجع رسالة كولوسى))

    (ملاحظة الرسالتان مكملتان لبعض) فلا يهتز بناؤنا فيدخل أعماقنا ونتعرف على المسيح الساكن فينا، فإذ ننمو داخليًا ونثمر بفضائل الحياة الجديدة بالمسيح الذي يحيا فينا فنكون مسحاء صغار به وتمتد حياة المسيح لا بالجسد ولا بالأحرف (البشارة) بل بحياتنا، فيقرأ الجميع الإنجيل في سلوكنا الخارجى (كو 4) كما الداخلى (كو 3).

    * لقد تأكد بولس أنهم أحبوا الله بالروح القدس فصلى لأجلهم لكي يعرفوه أكثر وقال: "لم نزل مصلين وطالبين لأجلكم أن تمتلئوا من معرفة مشيئته في كل حكمة وفهم روحى" (كو 1: 9)

    السؤال الأول: ما معنى الإمتلاء من معرفة مشيئته؟ هو الإمتلاء من معرفة الآب وإدراك سر المسيح الذي لا يعرفه إلا الآب. فمن يطلب بإلحاح يأخذ الحكمة (المسيح) فيكون له روح الفهم... ويقوده الروح القدس ويدخل به إلى عمق أعماق الله (حضن الآب) نبع المعرفة...

    · لأنه ليس بركة ولا معرفة ولا فهم ولا إدراك لحقيقة الآب إلا بإلهام الروح، فنتدرج في معرفة مشيئته...

    السؤال الثانى: لماذا قال لم أزل مُصليًا وطالبًا لأجلكم؟

    · لكي نصعد على سلم الخلاص المفرح ونمتلئ بمعرفته يجب:

     أولًا: الإستمراريه في الإمتلاء والتمتع بحكمة السماء والغوص في الفهم الصادق للفهماء...

     ثانيًا: بسلوك روحى وأعمال خيره وبكلمات نافعة وبمشاعر صالحة

    · يُصلى لأجلهم لأنه يحبهم ويهتم بخلاصهم... ولأنه عرف أنهم يحبونه ويشتاقون لرؤيته بالجسد لأنهم سمعوا عنه وعرفوه عن طريق تلميذه المحبوب الذي أسس الكنيسة عندهم وهو أبفراس... فكان رد الفعل لبولس أنه أرسل لهم أنه يجاهد لأجلهم مُصليًا مُعلمًا بالرسائل وبإرسال تلاميذه.

    ملاحظة: كلمة جهاد هنا في أصلها اليونانى (كو 2: 1) = كمن يجاهد ويصارع وحوش مفترسة فتاكة، فهو يصارع التعاليم الكاذبة والمُضلة التي تحاول إفتراس إيمانهم.

    السؤال الثالث: متى بدأ يصلى ولماذا؟

    · بعد أن سمع وشاهد من تلميذه عن محبتهم لله بالروح... وسلوكهم بعمق الروح... ومحبتهم للجميع بالروح والحق... كانوا يسمعون ويتجاوبون... ويؤمنون وينمون... يعرفون ويثمرون... يمتدون ويتأصلون... وبالجهاد يشتاقون إلى الكمال لكي يصلوا...

    · صلى لكي: يحتملوا الأشرار الذين تمتعوا بالأسرار حتى يحين الوقت وتعزلهم الكنيسة باستنكار ويُستبعدون ويُلقون في أتون النار... فمهما قاوم الهراطقة وحارب الشيطان فالإنجيل سينتشر في كل مكان، وهذا هو رجاء الإيمان، كما قال بفمه الديان: تكونون لي شهود في كل البلدان وتشهدون بالحق (بعمود الحق وقاعدته) (اتى 3: 15) أى بالمسيح الذي هو عمود الكنيسة الذي يحملها ويُخلصها ويُنقذها ويرفعها ويثبتها، وأنتم القاعدة التي بُنيت عليها العمود لأنكم تحملون الحق داخلكم.

    ليكن لنا فهم روحى: متى يلتهب قلبنا بروحه النارى... بالحب المفرح... بالمعرفة الحقيقية... إن البذرة أى عطية الروح التي أُعطى لنا... متى غُرست في تربة صالحة (مت 13: 23) فهى دائمة الإثمار، كما قالت الأسفار ونقشها مُعلمنا بولس المختار في رسالته هذه، وقال: أن البشارة تُثمر وتنتشر في العالم... كما تثمر وتنتشر فيكم وفيما بينكم... فمنذ أن سمعتم بها وعرفتم نعمة الله بالحقيقة كما أُخبرنا وسمعنا بما أنتم وصلتم إليه بمحبة الروح (راجع (كو1: 5 - 8)) نصلى لأجلكم لكي تزدادوا في كل فهم روحى وكل معرفة.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    2- نظروه:

    بعد أن عرفوا بالروح سر خطة عمل المسيح الذي يحل فيه كل ملء اللاهوت، وكما خبَّر الابن بنفسه وقال: "من رآنى فقد رأى الآب (يو 14: 9) أشار باستفاضة معلمنا بولس في هذه الرسالة أن المسيح مُذَّخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم (المعرفة) (كو 2: 3)

    * مُذَّخر فيه جميع كنوز أى مختبئ فيه أشياء قيمة جدًا لا تقدر بثمن ولن تفرغ لأنها عظيمة غنية كثيرة جدًا.

    * يُعطى حكمته للطالب بإلحاح... للثابت بجهاد... للمتحد به... وللبسطاء... لمن يشاء...

    * الحكمة الكائنة في المسيح تحمل المؤمن إلى الحياة الكاملة، بل لشركة الطبيعة الإلهية. فكل من يفتح قلبه للروح القدس يغرف من الحب الإلهى من المسيح الذي هو حكمة الله... هو للجميع (1كو 1: 24، 31)

    * من يعرف ما يفعله المسيح تصير أفكاره أعلى ممن يشاهدون الملائكة...

    * المسيح هو صورة الآب غير المنظور، ومن تعرف عليه يمتلئ من كنوز الحكمة والفهم والمعرفة...

    * بك يا سيدى أتعرف عليك. أنت يا ضابط كل صغيرة وكبيرة في حياتى، وعندما أدخل كنيستك أكتشف قيادتك لأولادك...

    * إملأنى يا حبيبى في كل لحظة أكثر فأكثر، وهب لي أن أنطلق من عمقٍ إلى عمق... فكلما إلتقيت بك عطشت نفسى إليك!!

    * أعطنى يا حبيبى الفهم الكامل (اليقين الصحيح): فأنا عارف أننى لن أصل إليك بدون المحبة، ولن أصل للمعرفة بدون فهم.

    * الفهم هو معرفة إختبارية نتيجة لتنفيذ الوصية.

    * التعزية النابعة من الروح القدس تُختبر بالضيقات... والمحبة الحقيقية تُمتحن بقدر المغفرة لمن يخطئ إلينا...

    نلاحظ في أهل كولوسى: بعد أن أحبوه وعرفوه ونظروه، فكانوا دائمى الشكر والصلاة بلجاجة، ويسلكون بسرور ولياقة... وينمون ويثمرون بمتانة... ويمتلئون بمعرفة الله بحكمة ومهارة... وأدركوا حياة النصرة بخبرة وقوة فعالة... وتمتعوا بملكوت إبن محبته بمحبة فياضة... وتمتعوا بسر فدائه ببهجة واستنارة، فلهذا نظروه كشخص في وسطهم، وبروحه يشترك معهم مُتطلعًا من العلاء فرحانًا بمتانة إيمانهم وفاحص أفكارهم، وفاحص القلوب والكُلى (مز 7: 9)

    * كل من يقترب من الحكمة يقترب من الله، وحيث يكون هو يكونون هم معه؛ لأنه يقول حيث أكون أنا يكون خادمى معى (يو 12: 26) وهو يصعد بنا إلى الآب ويقول: هاأنذا والأولاد الذين أعطانيهم الرب (إش 8: 18) و (عب 2: 13)

    * الله بروحه وسطنا... ويبحث عنَّا وسط الجبال العالية... ويريد أن يكشف عن ذاته وحضوره لنا.

    * وبولس الرسول الذي له أحشاء رأفات الله قال: "فإنى وإن كنت غائبًا في الجسد لكن معكم في الروح، فرحًا وناظرًا ترتيبكم ومتانة إيمانكم في المسيح" (كو 2: 5) مع أنه لم يراهم قط لكنه معهم عارفًا الذين يخادعونهم ويضلونهم... مع أنه لم يزرهم من قبل ولكنه ناظرًا رسوخ إيمانهم وفرحانًا بثباتهم في التجارب... مع أنه غائب بالجسد لكنه كمن يعيش وسطهم ويعرف بالروح القدس ما يحتاجون إليه من نصائح وإرشادات وتعاليم، فأرسل لهم رسائل لتقوية إيمانهم... مع أنه في السجن بعيدًا عنهم لكنه فرحان بهم وهم فرحين به.

     فكم وكم يكون المسيح الحاضر... الغائب... الذي صعد إلى السماء... المالئ الكل بمجده... فهو عارف ترتيبهم ومتانتهم (إصطلاحان عسكريان).

    * الترتيب يشير إلى الدقة والنظام والتدبير.

    * والمتانة تشير للقوة والإستعداد للهجوم والدفاع بيقظة شديدة.

    * فمن تمتع بالحضرة الإلهية لا يكف عن التسبيح؛ لأنه دائمًا يلمس حضوره ويتغنى بمجلسه ويسبح في حضرته...

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    3- لمسوه:

    لأن قلوبهم تآلفت وتوحدت وارتبطت برباط المحبة الكاملة بالروح القدس... فإن تعزينا بالرب الساكن فينا ومعنا تكون كلمته في أفكارنا ونرددها بألسنتنا ويهتز بها قلبنا وتكون نورًا لنا، فنصير إنجيلًا معاشًا وبحكمته ونعمته وبالفهم الروحى نقتنى غنى داخلنا ونحيا حياة التسبيح فنشارك الملائكة الذين (يسبحون وينشدون ويمجدون).

    لهذا صلى بولس لأجلهم طالبًا من الرب نعمة لهم: "لتسكن فيكم كلمة المسيح بغنى. وأنتم بكل حكمة مُعلِّمون ومُنذرون بعضكم بعضًا بمزامير وتسابيح وأغانى روحية بنعمة مترنمين في قلوبكم للرب" (كو 3: 16)

    * من تسكن فيه كلمة المسيح بغنى يتقبل الحق الإلهى... يقتنع به ويعيش له ويطلبه قائدًا لحياته... يوجه أفكاره وكلماته لأجله ويخبئ كلامه في قلبه لكي لا يخطئ (مز 119: 11)

    * كلمة الله هي سلاح المؤمن، وحياة التسبيح هي وليمة مسمنة يتقوى بها، والترانيم الروحية هي تسلية للطريق مع الرفيق.

    * التسبيح ينير النفس، وبالمزامير تتربى على الفرح وتستعد للصعود، وبالترانيم تحرس أبوابك كأنك حارس لنفسك تقف خارجها بكل ترتيب ومتانة وتُعطى فرصة للكلمة (اللوغوس) أن يدخل أعماقك ويسكن فيك بغنى...

    * بغنى أى بفيض، بكثرة، بفرحة دائمة... ملؤها الحب والحكمة والعفة، برقة تسلون بعضكم بعضًا حتى ولو كنتم في الطريق تتمشون، فبنعمة منه تسندكم لكي تسلكوا بانسحاق ليُسَكِّن فكركم معه في السماء.

     

    15- لا تطفئوا الروح

     

    في الرسالة الأولى لأهل تسالونيكى (وهى من أقدم ما كُتب في العهد الجديد) نجد هذه الآية: "لا تطفئوا الروح" (1تس 5: 19)

    وفي هاتان الكلمتان ومن هذه الرسالة نلاحظ أن معلمنا بولس الرسول يوجه بهما: نداء... نصيحة... تحذير...

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    1- نداء: لا تطفئوا الروح:

    لا تطفئوا الروح لأن بالروح القدس:

    * به نرتفع فوق الضيق الخارجى والإرتباك الداخلى.

    * به نرتفع وسط الضيقات ونسمو عن الإغراءات.

    * به نتحصن ضد الشيطان ونروض الجسد التعبان.

    * به ننسحب من أفراح هذا الزمان وتنفتح عيوننا على الديان.

    * به ننظر المسيح معنا وسط أتون الآلام فنشكره ونسبحه طول الزمان.

    * بالروح القدس لو كان مشتعلًا فينا... نتهيأ للحب وللقداسة... نحيا بقوته ونعمل به لحساب ملكوته... به نحب المسيح ونحمل الصليب ونخطو ورائه في طريق صحيح.

    لقد أشار معلمنا في بداية رسالته أنه: جاءهم بقوة الروح وهم قبلوا الألم بفرح الروح؛ لأن الفريقان كانا مُشتعلان بالروح.

    St-Takla.org Image: An angel guiding a man, while the devil/Satan trying to seduce him with various riches - The Dictionnaire Infernal (Infernal Dictionary) book, by Jacques Auguste Simon Collin de Plancy, 1863 صورة في موقع الأنبا تكلا: ملاك يرشد رجلًا، مع وجود الشيطان (إبليس) يحاول إغواءه بالثراء والغنى - من صور القاموس الجهنمي، تأليف جاك أوجوست سيمون كولين دي بلانسي، طبعة 1863 م.

    St-Takla.org Image: An angel guiding a man, while the devil/Satan trying to seduce him with various riches - The Dictionnaire Infernal (Infernal Dictionary) book, by Jacques Auguste Simon Collin de Plancy, 1863

    صورة في موقع الأنبا تكلا: ملاك يرشد رجلًا، مع وجود الشيطان (إبليس) يحاول إغواءه بالثراء والغنى - من صور القاموس الجهنمي، تأليف جاك أوجوست سيمون كولين دي بلانسي، طبعة 1863 م.

    نادى لأهل تسالونيكى وقال: إن كان الله أحبكم منذ البدء، وهو إختاركم الآن وصرتم مثل شعب إسرائيل المختار، وهو مازال يحبكم ويشتهى خلاصكم، وأرسلنى إليكم... فكيف أكف أنا عن خدمتكم وهو قد وهبنى نعمة لحسابكم وأعطانى قوة لتجديد مسيرة حياتكم؟!

    إذ قال: "إن بشارتنا لم تصير إليكم بالكلام وحده بل بعمل القوة (أى بقوة المسيح المصلوب قد بشرتكم) وبالروح القدس (لأنه هو العامل فينا) وباليقين التام (لأنى واثقٌ وعندى رجاء أن الله الآب سيحقق هدفه فيكم وغايته منكم). راجع (1تس 1: 2 - 5)

    بقوة الروح: جاءهم ليس بكلامه ولا فلسفته بل خلال سر الصليب الذي أسرهم بالحب الإلهى وجذب نفوسهم لداخل دائرة الصليب ليرتفع بهم للمصالحة مع الله في ابنه... بهذه القوة عمل بولس وسط الإنقسامات والإنشقاقات بعيدًا عن اليأس والتشاؤم والإحباط، فكان مملوءً بنظرة رجاء وبصلاة وإنحناء. رفع عينيه للسماء وقال: بدون كلام أنتم تعلمون كيف كُنَّا بينكم (لخدمتكم): "وأنتم صرتم متمثلين بنا وبالرب إذ قبلتم الكلمة (كلمة الله) بفرح من الروح، مع أنكم في شدة كبيرة فصرتم في ذلك مثالًا لجميع المؤمنين" (1تس 1: 6، 7) قبلتم البشارة بفرح من الروح؛ لأنكم كنتم مشتعلون بالروح...

    * هذا فوق حدود الطبيعة البشرية إذ كيف تحتملون الآلام والإضطهاد والضيق ومازلتم في الفرح...

    * كيف يتلازمان الضيق والفرح! كيف يلتقى الإثنان معًا!

    * هذا هو العجب لأنهم لم يطفئوا الروح داخلهم فكل ما يأتى عليهم ويبدو محزنًا يحوله ويلده الروح إلى بهجة وفرحة.

    وهذا بسبب:

     أولًا: لأنكم صرتم متمثلين بنا (بالتلاميذ) لقد صعدوا سريعًا من رتبة موعوظين إلى مؤمنين إلى معلمين، بل رفعهم معلمنا بولس بإتضاعه بمستوى كارزين، بل إقتدوا بمعلمهم وربهم بشخصية المسيح المتألم... العبد المتألم لأجل أحبائه - وبالرب تشبهتم بالطريق الضيق وحمل الصليب كما الرب نفسه وهو على الصليب كان فرحانًا بالخلاص، ففتح لللص الفردوس وغفر للمسيئين وسلم العذراء ليوحنا.

    ثانيًا: لأنكم قبلتم الكلمة (البشارة) كما قال المسيح في مثل الزارع. الزرع هو كلام الله، وإبليس ينزع الكلمة التي على الطريق، والصخر يميت الكلمة، والشوك يخنق الكلمة، أما الأرض الجيدة فتسمع الكلمة وتحفظها في قلب جيد صالح وتثمر بالصبر (لو 8: 12 - 15) وتحافظ على الفتيلة المدخنة ولا تطفئ الروح فيقدرون أن يعيشوا بفرح الروح.

    ثالثًا: لأنكم صرتم مثالًا حيًا لجميع المؤمنين.

    * وهنا يشجعهم معلمنا بولس ويعطيهم حماسًا لاحتمال الآلام في وسط ضيقاتهم...

    * يمدح ثمار النعمة الفائضة فيهم، ويوجه أنظارهم لمصدر الصلاح وهو الروح القدس الذي أعطاهم تعب المحبة... وأن يبذلوا بحب وتضحية، ويجعلهم يتعلقون بالرجاء والصبر، ويثبتون على الإيمان، حتى ولو عندهم حزن سيتحول إلى فرح، ولا ينزع أحد الفرح منهم (يو 16: 22) وهنا نرى عجب أعجب أن النار (الآلام) تُمطر ندى بارد بدلًا من أن النار تأكل أو تحرق.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    2- نصيحة: لا تطفئوا الروح:

     لا ينطفئ الروح مادمت تساعده على الاشتعال وتملأ مصباحك زيت (مت 25: 1 - 13)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. زيت السراج هو أعمال الحب، حب الله وتجاوب معه وحب الناس وكن خادمًا لهم.

    في يوم الخمسين حل عليهم الروح: "مثل ألسنه من نار منقسمة على كل واحد" (أع 2: 3) أى لهيب مشتعل فعال رمزًا لنشاطه وقوته فهو:

    *نور ينير الذهن. *وقوة تلهب القلب...

    نصيحة غالية: أى شيء يُعيق إستنارة ذهنك اُرفضه، وأى شيء يُطفئ قلبك إهرب منه.

    * لو وضعت سراجًا منيرًا بين نافذتين يدخل منهما تيار هواء شديد ينطفئ المصباح، هكذا إن فتح أحد فمه أمامك بإهانة أو سَب فلا تفتح أنت أيضًا فمك مثله فيدخل فيك تيار الحقد والغِل والثأر فيطفئ الروح داخلك.

    * كيف لا ينطفئ الروح داخلك؟ بالصلاة بلا إنقطاع...

    · لا نقدر أن نصلى بلا إنقطاع إن لم نقطع عنَّا وصمة الخطية ويتغذى بلا ملل عقلنا بالتأملات...

    · من يصلى بلا ملل يحيا متهللًا ويأخذ مقدرة على أن يحيا شاكرًا... الصلاة الدائمة طريق محبة الآخر وتُعطى قوة لإحتمال المُخطئ...

    · بالصلاة الدائمة يتجدد الروح القدس في أحشائنا يومًا فيومًا...

    · الإستمرار في الإشتياق للصلاة يُحسب صلاة.

    · والإستمرار في الأنين على التقصير في الصلاة يُحسب صلاة...

    · والقلب المنكسر العاجز عن الوقوف في الصلاة يقبله كالمصلى.

    الصلاة المستمرة تضرم فينا روح التسبيح المستمر، والنتيجة هي أن نعبده بالروح والحق فيقود روحه كل شيء في حياتنا...

    ويشير مُعلمنا في رسالته أنه: حتى الصلاة هي نعمة منه وهبة لنا فيقول:

    "قدسكم إله السلام نفسه تقديسًا تامًا وحفظكم سالمين روحًا ونفسًا وجسدًا" (1تس 5: 23)

    حافظ على هذا التقديس الممنوح منه بعلاقة مستمرة وفكر متصل وإدراك حى بوجوده وفرح دائم بحضرته ويقظة روحية للمثول أمامه... فيكون روحك داخلك كمياة متحركة يزيح ويطرد وينجيك من تحرك شهواتك داخلك، لئلا يكون روحه كمياة راكدة فتثور الشهوات وتغلبك.

    فاثبت على الصلاة الدائمة، وعش كالملائكة، فيحقق فيك غايته وهدفه، فيشتعل روحه ويبكتك على خطية وعلى بر وعلى دينونة (يو 16: 8) وتسمع صوته داخلك...

    * لماذا توقف الإشتعال؟ لماذا تُطفئ الأفعال؟ لماذا تقاوم إستنارة الأعمال؟ لماذا لا تشكر بابتهال؟ فإنه يريد تقديسك بتمامٍ وكمال!!

    وينصحنا معلمنا في هذه الرسالة:

    تعرفوا على الذين يخدمونكم وكرموهم، ويتعبون لأجلكم ويرعونكم واحترموهم وصلوا لأجلهم... أطيعوهم... إخضعوا لهم... دبروا إحتياجاتهم... ساعدوهم على عمل خدمتهم. راجع (1تس 5: 12 - 14) لكي يقدسكم الله بنفسه من خلالهم؛ لأنه هو الذي أرسلهم لكم... فإن التقديس هو عمل الثالوث... الروح يهب لنا الشركة والإتحاد مع الله في ابنه...

    الروح هو واهب القداسة لنا، والابن دفع ثمنها، والآب قدم ابنه ثمنًا عنَّا... فاحذر لا تطفئ روحه داخلك.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    3- تحذير: لا تطفئوا الروح:

    وهنا نذكر ما كتبه معلمنا في هذه الرسالة:

    "إنذروا الذين بلا ترتيب (انصحوا الذين يسيرون سيرة باطلة) شجعوا صغار النفوس. إسندوا الضعفاء. تأنوا على الجميع. أُنظروا (إحترسوا) أن لا يجازى أحدٌ أحدًا عن شر بشر، بل كل حين إتبعوا الخير بعضكم لبعض وللجميع. إفرحوا كل حين. صلوا بلا إنقطاع. أُشكروا في كل شيء. لأن هذه هي مشيئة الله في المسيح يسوع... لا تطفئوا الروح (لا تخدموا قوة النار: التي لا ولن تستطيعوا أن تطفئوها) لا تحتقروا (تزدروا أو ترفضوا أو تبتعدوا عن) النبؤات (التعليم والإرشاد والنصائح) بل إمتحنوا (إختبروا) كل شيء وتمسكوا بالحسن. إمتنعوا (إجتنبوا) كل شبه (نوع) للشر" (1تس 5: 14 - 22)

    * إمتحنوا... إختبروا... ميزوا... أُرفضوا اللبن الغاش... فإن الكلام الباطل مفسدٌ للوقت ومضيعٌ للطاقة...

    * فإن اللصوص عند سلبهم البيوت يطفئون السُرُج أولًا حينئذٍ يسلبون كل شيء.

     

    هذا هو عمل الشيطان:

    أولًا: يركز على إطفاء الروح... يحطم عمل الروح... يبعدك عن أنين القلب.

    ثانيًا: يحطم كيانك وحياتك ويبعدك عن آخرتك الصالحة...

    إهتم: وصر على التوبة... أُهرب من الكسل... إبتعد عن التهاون... لا تنشغل بعيدًا عن الله...

    "فإن من أطفئ روح الله داخله يشرب الإثم كالماء" (أي 15: 16)

    صلوا لكي يرسل ويهيئ الله لنا في كل من يعظنا أو يقف على المنبر أمامنا أن يكون كالشاروبيم الذي بيده ملقط به جمر نار (أن يكون كلامه كجمر نار) يدخل إلى قلوبنا ويشعل نفوسنا وأرواحنا بنار روحه القدوس...

    ملاحظة: بدأ مُعلمنا رسالته وقال: "أن الله إختاركم" (1تس 1: 4) وختم رسالته بقوله: "إن الذي دعاكم هو أمين. وهو الذي سيعمل (1تس 5: 24)

    * هو الذي إختارنا ليضع فينا جمر نار روحه... هو الذي ميزنا من وسط الشعوب ليهبنا روحه النارى. هو الذي نظر إلينا من قبل إنشاء العالم وأحبنا وحبانا وأعطانا روحه ليسكن فينا...

    * فلا ترفض دعوته... لا تهمل نعمته... لا تتباعد عن عطيته... لا تزدرى ناره وهبته.

    * إفهم: الإختيار منه... وقبول الدعوة منك...

    فاقبل فسترى أنه سيفعل بك كل خير، وسيعمل معك طوال ما أنت معه في حضنه... خاضعًا لدعوته... محترمًا إختياره... شاكرًا مسبحًا على نعمته.

    ملاحظة: عدم معرفة الكتاب هو سبب كل الشرور... كمن يذهب للمعركة بدون سلاح... إقتن سيف الروح... كلمة الله (أف 6: 17)

    * لنتذوق عربون الملكوت فنهيم في حياتنا شاكرين مسبحين مترنمين مغنين بأغانى روحية تحمل إشتياقات روحانية سمائية.

    * فهل تمتعنا بمحبة الروح ليصير المسيح هو كل شيء لنا (وهذا هو هدف الرسالة كلها).

    * لنقترب منه لينزع فسادنا ويجدد حياتنا... يطهرنا وبره يهبنا.

    * لقد جرب وعاش شاول في ظل الناموس وفجأة تمتع بولس بإرسالية القدوس وعرف أسراره وفي ابنه صار مغروسًا كغصنٍ في الكرمة الحقيقية...

     

    كرمة تعنى إمتداد مستمر وثمر متكاثر منتشر. فمن يحمل المسيح داخله لابد أن يثمر في كل عام أفضل من الذي قبله.


    16- بتقديس الروح

     

    إتفقا بولس وبطرس الرسولان على آية بثقة وإيمان مع إختلاف المكان والزمان. وهذا هو عمل الروح الواحد في الإثنان فقالا بكل إتقان:

    * بولس قال: "إن الله إختاركم من البدء للخلاص، بتقديس الروح وتصديق الحق" (2تس 2: 13)

    * وبطرس قال:" (إلى المختارين) بمقتضى (أى بما قد قضى... قرر... حكم) علم الله السابق (علم الله غير إرادة الله) في تقديس الروح للطاعة ورشَّ دم يسوع المسيح" (1 بط 1: 2) الاثنان أعلنا:

     

    إعلان هام: لا تقديس بدون الروح...

     لا قداسة بدون فعل الروح...

     لا يصير شيء مقدس إلا بالروح...

     الروح هو الذي يقدس الأنسان ويكمل مشيئة الله فيه ويتمم إرادة الله معه.

     

    St-Takla.org Image: Two Christian friends with the Holy Bible and the Cross, spiritual friendship, by Amgad Wadea صورة في موقع الأنبا تكلا: صديقان مسيحيان، الصداقة المسيحية، صداقة روحية، بجانب الصليب والكتاب المقدس - رسم أمجد وديع

    St-Takla.org Image: Two Christian friends with the Holy Bible and the Cross, spiritual friendship, by Amgad Wadea

    صورة في موقع الأنبا تكلا: صديقان مسيحيان، الصداقة المسيحية، صداقة روحية، بجانب الصليب والكتاب المقدس - رسم أمجد وديع

    في كل طقوس الكنيسة: تبدأ بثلاثة رشومات ثابتة وتشكر وتختار وتبارك وتقدس وتكرس وتدشن وتكلل و... راجع مثلًا وانتبه أثناء إختيار الحمل أو بعد أن يقول الكاهن مجدًا وإكرامًا... ويدور حول المذبح ثمَّ يقول البركة الثالوثية أى باسم الآب والابن والروح القدس... راجع أيضًا طقوس الكنيسة...

    لا نغفل ولا ننسى:

    أن الآب يقدس (1تس 5: 22).

    والابن يقدس (1كو 1: 30).

    والروح القدس يقدس (2 تس 2: 13).

    لأنهم واحد... إله واحد... رب واحد... وإرادة الله قداستكم (1تس 4: 3).

    فمن يطيع إرادته يصل للقداسة "لأن الله لم يدعُنا للنجاسة بل إلى القداسة" (1تس 4: 7).

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    1 - نلاحظ الثالوث القدوس:

    الآب يختار ويدعو وأنت عليك أن تقبل الدعوة وتصدق الحق (أى كلام المسيح الحق) عليك أن تقبل الدعوة وتطيع وتخضع لدم المسيح الذي يُطهر من كل خطية ويعطى حياة أبدية ويُحيى حياة نقية.

    * كما قال المسيح له المجد: "لا يقدر أحد أن يقبل إلىَّ إن لم يجتذبه الآب" (يو 6: 44) أى يجتذبه بدم الابن الذي سينقذه من موت الخطية. الذي يُجتذب هو من يذهب بإرادته والذي يذهب هو من آمن أى صدق الحق (المسيح) وأطاع، وبالحب إنسحب وانجذب نحو المخلص... ينجذب عندما يتلذذ بالحق ويبتهج بالبر والحياة البارة وبمن يبرر، وهذا كله في المسيح.

    * الله بعلمه السابق يعرف من يحب ومن هو الذي يصدق ويطيع ويؤمن، لهذا إختار أناس وأودع فيهم روحه ليقدسهم وينمو بهم ويتفاعل معهم ويجذبهم لخلاصهم بدم مخلصهم.

    * الروح القدس يقدس أرواحنا ويساعدنا أن نُسبى ونوجه: "كل فكر إلى طاعة المسيح" (2كو 10: 5) ويجعلنا: أولاد الطاعة (1بط 1: 14)

    * الإنسان هو عبد لمن يُطيع أما للخطية أو لرب البشرية كما قالت الكتب الإلهية... "قدموا... ذواتكم له عبيدًا للطاعة. أنتم عبيد للذى تطيعونه إما للخطية للموت أو للطاعة للبر" (رو 6: 16)

    * الروح القدس هو يبكت ويقنع نفوسنا ويعطى قوة لنميت شهواتنا ونسلم إراداتنا لوصيته... ومن يحب الله يطيع (يحفظ) وصاياه (يو 14: 23) هو يعيننا ويشددنا ويثبتنا على الأمانة والطاعة والمخافة... حتى تظهر حياة المسيح فينا (2كو 4: 10)

    * فلا يكون الفخر لأحد منَّا بل من يفتخر فليفتخر بتقديس الروح...

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    2 - ملاحظة من القداس:

     يقول الكاهن: ونظر إلى فوق نحو السماء إلى الله أبيه وسيدًا لكل أحد وشكر وباركه وقدسه.

    * يبدأ بالإبن الذي نظر... وشكر... ثمَّ الآب الذي بارك... ثم الروح الذي قدس...

    * الابن الحالل في وسطنا (صاحب الحفلة اليوم) الذي أخذ ونظر وشكر؛ لأنه أخذ جسد الكنيسة من الآب ونظر نحوهم إذ هم أطفال صغار فهموا الأسرار، فقال "أشكرك أيها الآب لأنك أخفيت هذه عن الحكماء والفهماء وأعلنتها للأطفال الصغار" (مت 11: 25) نعم هذة هي مسرته... فرحته... فشكر... والآب الذي يملأ بلاهوته السماء والأرض بارك هذا السر وختمه (يو 6: 27) أى وضع فيه وعليه صورته ومجده وشعاع لاهوته.

    * والروح القدس هو الذي يقدس هذا السر؛ لأنه لا يوجد المسيح بدون الروح ولا الروح بدون المسيح. هو يقدس لكي كل من يتناول منه يكون مقدس (أى تخصص وتكرس ليكون إناءً مقدسًا يحمل جسد ودم إلهنا عمانوئيل الله معنا فيخرج من الكنيسة قديس لأنه تناول القدسات التي للقديسين لأنه تقدس بفعل ونعمة الروح القدس)

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    3 - نلاحظ في سر التغطيس:

     أثناء العماد يأخذ المعمد ثلاثة نفخات ليتقدس بالروح القدس.

     

    1- بعد جحد الشيطان:

    ينفخ في وجهه ثلاثة مرات ليطرد الأفكار الشريرة ويبعد عنه كل الأرواح المُضادة وليهرب منه فكر الإنسان القديم، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى... وكأن الكاهن يكنس أو ينظف هذا المسكن. وهذا يساوى ما فعله الرب بجيوش المصريين عندما إقتربوا من بنى إسرائيل وهم يعبرون البحر الأحمر... كما قيل: "نفخت بريحك (بالروح القدس) فغطاهم البحر غاصوا كالرصاص في مياه غامرة" (خر 15: 10) وكما ذكر إشعياء (إش 11: 4) "يضرب الأرض بقضيب فمه (بكلمته) ويميت المنافق بنفخة شفتيه (بالروح القدس)، وكما أعلن بولس لأهل تسالونيكى عن الدجال (الأثيم) الذي الرب يبيده بنفخة فمه (بالروح القدس) ويبطله بظهور مجيئه (مجيء المسيح) (2تس 2: 8).

    * فها هو المعمد الآن داخلٌ ليعبر في الماء، وبالروح القدس يسحق تحت قدميه رأس التنين في عمق الماء. ها هو قادمٌ إلى كلمة الله (بالتناول) وبالروح القدس يموت داخله النفاق والشر. ها هو داخل في حرب في صراع مع المضل وبالروح القدس يهرب المضل من أمامه ويبيده بحضرة الله معه، وبتقدس الروح...

     

    2 - عندما يغطس المعمد في جرن المعمودية:

    * يغطس ثلاثة مرات وفي كل مرة يقول أعمدك يا (..) باسم الآب... والابن... والروح القدس آمين.

    * وعندما يصعد في كل مرة ينفخ في وجهه. وهذا يذكرنا بما فعله الرب عندما خلق آدم من التراب (بكلمته.. الذي به كان كل شيء) "نفخ في أنفه نسمة حياة فصار آدم نفسًا حية" (تك 2: 7) وها هو المعمد يخرج يصعد من الماء إنسانًا جديدًا به نسمة حياة (المسيح) فيتحرك بالروح القدس.

     

    3 - بعد أن يمسح المعمد بالميرون المقدس:

    * يقول له: تكون مباركًا ببركات السمائيين وبركات الملائكة. يباركك الرب يسوع المسيح وباسمه إقبل الروح القدس (وينفخ في وجهه مرة واحدة) وكن إناءً طاهرًا.. وهذا يذكرنا بما فعله (مصدر الفرح) ربنا يسوع بعد قيامته. في مساء الأحد وكان التلاميذ مجتمعين والأبواب مُغلَّقة، فدخل وسطهم وأراهم نفسه ويديه وجنبه وأخذوا سلامًا منه ونفخ = خلق جديد كأنهم قاموا من الموت. وهنا نتذكر نبؤة حزقيال كما قال له الرب: "تنبأ يا إبن آدم وقل للروح: هكذا قال السيد الرب هَلُمَّ يا روح من الرياح الأربع وهبِ على هؤلاء القتلى ليحيوا" (حز 37: 9)

    * ونلاحظ أثناء وضع الإكليل على رأس المعمد والزنار يقول الكاهن: الآب بالمجد والكرامة يكللك... والابن يباركك والروح القدس يقدس ويكمل ويتمم... إذ أن التقدس عمل دائم بالروح وهو مازال يُكمل (أى فعل مستمر). يُكمل مشيئة الله فيه ويتمم بجهاد الإنسان وإرادته وبالإشتراك مع الروح القدس عندما يسلم له الحرية للتقديس، يتمم إلى التمام إلى نهاية العمر إرادة الله معه بتقدس روح الله.

    * نفخ في وجههم (فيهم) (جماعة ليس واحد واحد) وقال لهم إقبلوا الروح القدس.. (يو 20: 22) نلاحظ هذه هي النفخة الواحدة في العهد الجديد، ورغم أن توما التلميذ لم يكن حاضرًا لم ينفخ في وجهه الرب عندما ظهر له في الأحد الثانى؛ لأنه كان رمزًا للكنيسة الغائبة.. بنفخةٍ واحدةٍ جدد طبيعة الإنسان... فمكثوا مُشتاقين مترقبين منتظرين متى يحل عليهم الروح، فحل عليهم في العنصرة واستقر على كل واحدٍ فواحدٍ بحسب غنى نعمته.

    *هكذا بآية واحدة قالها معلمنا بولس الرسول في رسالته الثانية التي كتبها بعد أشهر قليلة من رسالته الأولى لأهل تسالونيكى جعلتنا نغوص في عمل الثالوث القدوس في تقديس الإنسان، ونبحر في القداس الإلهى، وكيف نتقدس بالقداسات ونتعمق في طقس المعمودية، وكيف نتقدس بنفخة الروح القدس.

    وكان من الممكن أن نغوص ونبحر أكثر وأكثر كيف أن الروح القدس يقدسنا بإرشاده وبتعليمه وكيف يأخذ مما للمسيح ويخبرنا لنكون قديسين كما هو قدوس، و... ولكننا نكتفى بهذا القدر ونرجع إلى هذه الآية الجميلة... العميقة... المشبعة التي هي محور رسالته، والتي تقع تقريبًا في وسط رسالته (الرسالة كلها سبعة وأربعون آية وهى الآية رقم خمس وعشرون)

    "وأما نحن فينبغى لنا أن نشكر الله كل حين لأجلكم أيها الإخوة المحبوبون من الرب، أن الله إختاركم من البدء للخلاص، بتقديس الروح وتصديق الحق." (2تس 2: 13)

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    هذه الرسالة القصيرة:

     بكلمات بسيطة وقليلة وبطريقة غير مباشرة وإنما واضحة مُتجلية أبرز الرسول:

    * دور الله نفسه صاحب الإختيار والدعوة وله كل الفضل علينا في قداستنا...

    * دور الخادم الذي تعرف على مصدر كل العطايا ونبع كل النعم. دوره هو الصلاة الدائمة لأجل شعبه، وكأب مترفق بأولاده يسهر عليهم حتى يتراءف ويتحنن الرب عليهم ويتمجد فيهم وليتقدس إسمه بهم.

    * ودور الشعب بإعلان إيمانه وقوة روحه بأعماله خلال عمل وتقدس الروح القدس.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    ينبغي لنا أن نشكره:

     وأما نحن فينبغى لنا أن نشكر الله كل حين لأجلكم.. نشكره لأنه لم يبخل علينا بشئ. أنه أحبنا واختارنا وأفاض علينا بروحه لتتقدس أرواحنا مُقدمًا لنا الحق ذاته (المسيح) يسكن فينا، ووهبنا الإنجيل كطريق للدخول إلى معرفة فكره والتمتع بمجده ومعرفة أسراره وحكمته...

    * فها هو يشجعنا للجهاد ويدفعنا للثبات إذ يقول: "فاثبتوا إذًا أيها الإخوة، وتمسكوا بالتعاليم (التقليدية... الشفوية... الكتابية) التي تعلمتموها سواء كان بالكلام (بالتسليم أو التعليم) أم برسالتنا" (2تس 2: 15)

     لتكن فينا حياة إيمانية عملية كوديعة حقيقية تسلمناها خلال:

    * إتحادنا وعشرتنا مع الله الآب في ابنه.

    * خلال تقدس روحه القدوس.. ونرفع قلوبنا لله.

    ويجب علينا أن نترجم هذا عمليًا في أعماق نفوسنا ونكتبه في أذهاننا ونعلنه بأفكارنا خلال تصرفات جسدنا ورفع قلوبنا لله أبينا العامل على تقديسنا... حتى نكون قدوة حسنة ونعطى صوتًا عذبًا؛ لأن الناس يتعظون ليس بما نقول فقط بل بما نفعله؛ لأن الرب تركنا هنا وقدسنا لنكون نورًا وملحًا وخميرةً للعالم، فلنسلك كملائكة أرضيين بين البشر أجمعين، كرجال أقوياء بين أطفال ضعفاء... كروحيين مع أناس طبيعيين، لنكون كبذارٍ لابد أن تموت لتخرج ثمارًا ناضجة حية لها مذاق الملكوت.

    * فها أنا بينكم:

    * مقاومٌ كما أنتم مقاومون،

    * ومضطهدٌ كما أنتم مضطهدون،

    * ومتألمٌ كما أنتم متألمون.

    * ها نحن مائتون وبالمسيح عائشون، فصلوا لنا كما نحن مصلون ليكن بيننا حياة الشركة... شركة الحب... شركة الآلام... شركة العمل... شركة الصلاة، لنتمتع بشركة وعطية وتقديس الروح القدس.

    * نحن الذين صبرنا في الضيق ولم نترك الطريق، نقول لكم هو إختارنا للخلاص... فلا تخافوا... إطمئنوا... صدقوا... آمنوا... هو يحبكم واختاركم ليخلصكم. الآب إختاركم والابن يخلصكم والروح يقدسكم. فأنتم محبوبون جدًا جدًا لا تتزعزعوا، إثبتوا، إنتظروا..

    "متى جاء ليتمجد في قديسيه ويُتعجب منه في جميع المؤمنين" (2 تس 1: 10).

    سيأتى يومٌ يمجد قديسيه وأبراره المتكلين عليه ويكونوا مثل عجب في الأرض كلها.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    فلننتظر ميعاده ومواعيده:

     وهذا لا يتحقق إلا بجهاد وصلوات الكنيسة وبإيمان حى عملى في كل أولادها، وطبعًا كل هذا بفعل تقديس الروح، لكي: يتمجد فينا ونحن فيه (2تس 1: 12) "إن كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضًا معه" (رو 8: 17)

    · فاثبتوا ولا تضطربوا... "لا تتزعزعوا سريعًا عن ذهنكم (في رشدكم) ولا ترتاعوا (بفزع) لا بروح (بروح إنسان مُضل... نبؤة كاذبة) ولا بكلمة ولا برسالة (يُزعم) كأنها منَّا" (2تس 2: 2)

    نلاحظ أن بولس الرسول كتب رسالته الثانية إلى أهل تسالونيكى:

    أولًا: كراعٍ صالح دوره أن: يبث الرجاء في المخدومين لكي لا يرتاعوا من الشياطين ولا من هجمات المُضلين بل للحق (للمسيح) يكونوا متطلعين وإلى من إختارهم ومن أحبهم يظلوا ناظرين؛ لأنه هو الذي يقدسهم بيقين، ومن الشر دائمًا محفوظين؛ لأن الروح القدس يجعلهم في إبن الله مخفيين، يحسبون وينضمون إلى صفوف المؤمنين بل القديسين.

    فأرسل لهم لكي يثبتوا، وقال لهم: "إن الذين يضايقونكم يجازيهم (الله) ضيقًا" (2 تس 1: 6) "فإنه عند إستعلان يوم الرب سيأتى مع ملائكة قوته في نار لهيب، مُعطيًا نقمة للذين لا يعرفون الله، والذين لا يطيعون إنجيل ربنا يسوع" (2 تس 1: 8)

    "يأتى إلهنا ولا يصمت نار قدامه تأكل وحوله عاصف جدًا" (مز 50: 3) فاثبتوا على ما تعلمتم... إثبتوا وانتظروا المواعيد.

    ثانيًا: "أنه لا يأتى إن لم يأت الإرتداد أولًا، ويستعلن إنسان الخطية إبن الهلاك المقاوم والمرتفع (ضد المسيح... الدجال... الأثيم) مٌظهرًا نفسه أنه إله" (2تس 2: 3)

    نلاحظ هنا أن القديس بولس الرسول بعد أن أشعلهم بالروح في الرسالة الأولى وانطلقوا نحو السماء وارتفعوا عن الآلامات تطرف قوم منهم وباعوا كل الممتلكات وتفرغوا للعبادة والصلوات، فأرسل هذه الرسالة وأسرع في كتابتها ليقول لهم: إنتظروا قبل المجيء لابد أولًا أن نمر بأيام صعبة شديدة جدًا ولكن الرب سيبيد هذا المُضل: "بنفخة فمه (بالروح القدس) ويبطله بظهور مجيئه" (2تس 2: 8) لهذا قال لهم: لا تخافوا، هو يسندكم ويقويكم ويقدسكم.

    وقال الآباء:

    بعد قيامة وصعود المسيح فوجئ الشيطان بأن الرب من يوم أن طرد آدم من الفردوس عمل له خطة لكي يُرجعه مرة أخرى لأنه يحبه، وهنا رغم أن الرب قيد الشيطان لكنه من بعد ذلك غار واشتعل بالنار لكي يجعل إن أمكن الكل أشرار، ففعل هو أيضًا خطة بطيئة جدًا هزيلة وضعيفة لأنه يريد الكل معه.

    ولكن هيهات أن يصل لغرضه من المحفوظين المختارين المدعوين المقدسين بالروح القدس.

    فإن الرب معهم... ويخلصهم لملكوته... بتقديس أرواحهم بروحه.

    هو: "أحبنا وأعطانا عزاءً أبديًا ورجاءً صالحًا بالنعمة" (2تس 2: 16)

    هو: "يُعزى قلوبكم ويُثبتكم في كل كلام وعمل صالح" (2 تس 2: 17)

    هو: "سيثبتكم ويحفظكم من الشرير" (2 تس 3: 3)

    هو: "يهدى قلوبكم إلى محبة الله وإلى صبر (ثبات) المسيح" (2 تس 3: 5)

    فالمؤمن الحقيقى هو:

    من يستعد وينتظر مجيء المسيح ويستتفه الضيقات الخارجية أو الداخلية..

    لا تقلقه الأمراض أو المتاعب...

    لا تُزعزعه أفكار ضعف إيمان أصدقائه أو زملائة أو عائل


    17- تبرر في الروح

     

    "عظيم هو سر التقوى. الله ظهر في الجسد، تبرر في الروح" (1تي 3: 16).

    آية فيها سر! فيها كلام كثير! آية فيها عظمة! فيها خلاص وتبرير! آية تتكلم عن المسيح وعن الروح القدس! آية تلخص هدف المسيح وعمل الروح! تعالوا نكتبها كم مرة بطرق مختلفة لعلنا نفهم مغزاها أو هدفها أو معناها...

    * عظيم الذي ظهر في الجسد وتبرر بروحه...!

    * لا خلاف أنَّ سر التقوى عظيم، قد أُظهر في الجسد وأعلن بارًا في الروح...!

    * عظيم هو سر تجسد المسيح، وكيف أن الروح القدس الذي هو متحد به أظهر وأعلن أنه هو بار. هو جاء ليبرر. هو يدعو للبر!!

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    أولًا: المسيح هو البار:

     "من تعب نفسه يرى ويشبع، وعبدى البار بمعرفته يُبرر كثيرين وآثامهم هو حملها" (إش 53: 11) أى بسبب تعبه النفسى يرى النور، يرى أبناء النور؛ لأنه هو نور من نور، ويشبع نفسه بعلمه وبمعرفته؛ لأنه يعرف من هم الذين يستنيرون ويقبلون إلى النور، وكأنه يقف قبالة الظلمة ويقول: من يقدر أن يضطهد النور الذي يضئ في الظلمة؟! فتشبع نفسه!

    يبرر عبدى البار الكثيرين وهو يحمل آثامهم... وكأنه يقول: سوف أحمل ذنوب كثيرين، خطايا كل العالم السابقة والحاضرة والمستقبلة... ليس أحمل هذا فقط بل أبرر كثيرين مختارين مدعوين، فاجتهد لكي تكون من القليلين الذين يدخلون..

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    St-Takla.org Image: The descent of the Holy Spirit - from "A Child's Life of Christ" book, by W. B. Conkey, 1900 صورة في موقع الأنبا تكلا: حلول الروح القدس - من كتاب "حياة طفل للمسيح"، و. ب. كونكي، 1900

    St-Takla.org Image: The descent of the Holy Spirit - from "A Child's Life of Christ" book, by W. B. Conkey, 1900

    صورة في موقع الأنبا تكلا: حلول الروح القدس - من كتاب "حياة طفل للمسيح"، و. ب. كونكي، 1900

    ثانيًا: المسيح فيه البر:

     "إسمعوا لي يا قساة القلوب البعيدين عن البر، قد قربت برِّى لا يبعد وخلاص فلا يتأخر" (إش 46: 12، 13) لقد نادى الله الآب قساة القلوب على لسان إشعياء المحبوب، وقال: أيها البعيدين عن البر أنا قربت ذاتى، برى، إبنى منكم فلن ولم يبعد عنكم قط. أما بولس الرسول فقد قال بالروح القدس: الله قدم ابنه للفداء "بدمه لإظهار بره" (رو 3: 25)... "وأما الآن فقد ظهر بر الله بدون الناموس" (رو 3: 21) نلاحظ هنا: إشعياء قال: البر قادم، وبولس قال: البر ظهر... هذا أشار إلى مجيء المسيح، والثانى قال: ظهر المسيح... لأنه في العهد القديم كان البر لقلة قليلة جدًا ولم يكن معروفًا أو ظاهرًا، أما الآن فالبر ظهر للكل ومعلن للجميع ولمن يريد...

    * كتب معلمنا بولس الرسول رسالته الرعوية الأولى إلى تلميذه تيموثاوس... بها إرشادات وتنبيهات وتعليمات وطقوس؛ لأنه وعده أنه سوف يفتقده ويذهب إليه، ولكنه تأخر عليه عن عمد لكي يتعلم كيف يدبر حياته وحاله وأحوال شعبه.

    "ولكن إن كنت أبطئ فلكى تعلم كيف يجب أن تتصرف في بيت الله (أعنى) كنيسة الله الحى عمود الحق وقاعدته. وبالإجماع عظيم هو سر التقوى: الله ظهر في الجسد، تبرر في الروح، تراءى لملائكة، وكُرز به بين الأمم، وأُمن به في العالم، رُفع في المجد" (1 تي 3: 15، 16)

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    نلاحظ هذا الجزء هو نهاية الإصحاح الثالث ويوجد بعده أيضًا ثلاثة إصحاحات.

    * في هذا الجزء يشرح ما هي الكنيسة التي يرعاها الأسقف ويخدم فيها الشماس:

    1 - هي عمود الحق وقاعدته.

    2 - هي تمتع بسر التقوى.

    3 - هي تُبرر بالروح...

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    الكنيسة هي:

     

    1- عامود الحق وقاعدته:

     يجب أن نفهم مهمة ودور الكنيسة:

    * تدعو للحق (للمسيح)

    * وتدافع عن الحق (كلام المسيح)

    * وتحامى عن الحق (لاهوت المسيح)

    * العمود والقاعدة هما الأساس في البناء.

    * المسيح هو الحق ويحمل كل الحق ومؤسس كنيسته على الحق... على القاعدة التي هي أعضاء الجسد الواحد (جسد المسيح... لأنهم يحملون جسده ودمه وروحه)... الله الحى الغير منظور في كنيسته هو عمود الحق الذي يُثبت وجود كنيسته ويحامى عنها ويحملها، ولن تقوى عليها أبواب الجحيم (مت 16: 18)

    فوجود الكنيسة في العالم لكي تعلن الحق وتسند أبناء الحق.. الكنيسة بالمسيح، بالإيمان القوى تساند الحق في العالم كله.

    * إن المسيح هو عمود الحق الذي يحمل كنيسته، وكنيسته المجاهدة إلى النهاية سوف تصعد أمامه كعمود دخان (صاعدة من برية هذا العالم) مُعطره بالمر واللبان (نش 3: 6).

    الكنيسة هي:

     

    2- تمتع بسر التقوى:

     أى سر تجسد المسيح... طريق الخلاص... طريق البر والقداسة... طريق للدخول إلى الطهارة... عندما نقبل المسيح يدخل بنا الروح القدس للثبات فيه وللإغتسال بدمه الكريم فنحمل البر ونحسب أبرارًا.

    * لقد تمتع معلمنا بولس بالبر... بالمسيح البار... بالروح القدس الذي ساعده على التقوى والقداسة والحياة المقدسة.

    ونلاحظ في رسالته الأولى إلى تلميذه تيموثاوس أنه قد ذكر كلمة التقوى تسع مرات.

     

    وكأنه يقول: لكي تتمتع بالتقوى... لكي تحيا بالبر... لكي تسلك في القداسة، يجب أن تكون حياتك:

    1 - حياة هادئة. 2 - حياة ملتهبة. 3 - حياة بحياته. 4 - حياة غير باطلة. 5 - حياة نافعة. 6 - حياة صحيحة. 7 - حياة غير مزيفة. 8 - حياة عفيفة. 9 - حياة وديعة...

    فهيا بنا نشبع بالتقوى وكيف نسلك في طريق البر!!

     

    1 - حياة هادئة: "لكي نقضى حياة مُطمئنة هادئة في كل تقوى ووقار" (1تي 2: 2) فوضَّح بأن سلامة المدينة والحكام هي سلام وهدوء للشعب، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فيجب أن نرفع صلواتنا وطلباتنا من أجل رؤسائنا، ونقدم طاعتنا الصادقة للمسئولين عنَّا، فهذا يُعطى سلامًا في قلوبنا، فنحمل سمات عريسنا المحبوب يسوعنا المسيح الذي أطاع حتى الموت وخضع لكل ترتيب بشرى!! وعندما نخدم بعضنا البعض ونعمل على راحة الجميع نحمل صفة المسيح ألا وهى مُحب البشر الصالح... وكما قال: "ان كنت لا تحب أخاك الذي تراه فكيف تحب الله الذي لا تراه". هذا هو بدء طريق التقوى لتحيا حياة مطمئنة هادئة سالمة.

    2 - حياه ملتهبة: "كما يليق بنساء متعاهدات (= كرسوا ذاتهم... وتعاهدوا) بتقوى الله بأعمال صالحة" (1تي 2: 10)

    * يليق بكل مسيحى ليس النساء فقط أن يكون محتشمًا في نظراته وكلماته وأفكاره.

    * يليق به أن يلتهب بالروح في الصلاة بحرارة عندما يقف أمام عريسنا البتول ويُزين نفسه في المثول أمامه.

    * لا نهتم باللباس الخارجى، بل نلبس المسيح سر بهاءنا، ونسلم له كل عواطفنا وأحاسيسنا وعقولنا وكل طاقاتنا لكي نحمل سماته وهو يضع "حافظًا لفمى وبابًا حصينًا لشفتى" (مز 141: 3) ما هو الحارس والحافظ إلا الروح القدس.

    * فكل من سلك بتقوى بأعمال صالحة، والتهب قلبه بالصلاة ويتصل بالمسيح هو يفتح له طريق البر ولا يقدر أحد أن يغلق (إش 22: 22)

    3 - حياة بحياته: "عظيم هو سر التقوى. الله ظهر في الجسد" (1تي 3: 16)

    سر التقوى في المسيح الذي ظهر بالجسد، لكي تحيا وتأخذ جسده.

    * ليعطينا حياته فنحيا به فتكون حياتنا مستترة فيه.

    * لنتمتع بحياته وسماته وشركة أمجاده.

    * لنحفظ بورع هذه النعمة التي صارت لنا، ولنركز على ذبيحته الفريدة التي صارت رائحة رضا للآب، وتحقق خلال ذبيحته المقبولة قبولنا لدى الآب.

    * صرنا نأكله ونشربه ونتحد به؛ لأنه جاع ليشبعنا، وعطش ليروينا، وصعد على الصليب عريانًا ليكسونا بثوب بره، وفُتح جنبه لكي نأتى إليه وندخل ونسكن في عرش نعمته... وأصبحت حياتنا مُستترة في المسيح...

    4 - حياة غير باطلة: "روض (درب... إخضع) نفسك للتقوى" (1تي 4: 7) = إخفِ نفسك في المسيح...

    كأنه يدعو إلى حسن الأخلاق، فكل من روض نفسه على البر والقداسة يكون خادمًا صالحًا، ويقدر أن يتغذى بكلام الإيمان ويحيا بالتعليم الصحيح ويسلك في طريق حسن... نلاحظ: عندما أمره أو نبهه أو أشار إليه أن يروض نفسه للتقوى فذلك لكي:

    * يكون راعيًا صالحًا وخادمًا آمينًا...

    * لكي يذكر ويفكر إخوته وأبنائه بما تعلمه وتسلمه وشب عليه بسيرته وسريراته التي سلك فيها بالعفة والنشأة الصالحة وحياة الشكر والصلاة والجهاد...

    * لكي يهرب من الأشياء التي شاخت وانتهت وبطلت وفسدت، وكما روض نفسه يتأنى على من حوله ولا يكون كآمر أو متسلط.

    * لكي يحذره لئلا بعد أن صار رجلًا ناضجًا يرجع إلى الرضاعة، فلا تنفع حياته بشئ بل تصير فيها ضررًا وخسارة...

    5 - حياة نافعة: "الرياضة الجسدية نافعة لقليل، ولكن التقوى نافعة لكل شيء إذ لها موعد الحياة الحاضرة والعتيدة" (1تي 4: 8)

    فإذا كانت الرياضة الجسدية نافعة، فالرياضة الروحية مثل الصوم والزهد... نافعة ومنعشة للروح، ولكن التقوى نافعة في كل شيء.

    * تدخل بنا بالرجاء إلى الله الحى فننال بركات حاضرة ومستقبلة...

    * تبعث فينا الفرح فنحيا وسط الضيقات متلذذين بالتعزيات ولا يفارقنا روحه القدوس.

    * بالتقوى نشترك مع الملائكة المُسبحين وتنفتح عيوننا على المسيا ونتمتع بالأحضان الأبوية.

    6 - حياة صحيحة: نُعلم الآخرين "بكلمات: ربنا يسوع المسيح الصحيحة، والتعليم الذي هو حسب التقوى" (1تي 6: 3) حياة صحيحة... وتعاليم صحيحة... وسلوك مستقيم حسب التقوى أى حسب ما أعلنه المسيح بروحه.

    * التقوى العملية الممتزجة بتطبيقات سلوكية ممتزجة بعقيدة صحيحة وإيمان عملى.

    * تُعلم بتعاليم صحيحة كالمسيح كمن له سلطان، ولكن سلطانه كان ممزوجًا بحبه ولطفه وحنانه.

    7 - حياة غير مزيفة: لنهرب من التقوى المزيفة التي تسبب الكبرياء وتتحول إلى: "بمباحثات ومماحكات الكلام التي فيها يحصل الحسد والخصام والإفتراء والظنون الردية، ومنازعات أناس فاسدى الذهن وعادمى الحق، يظنون أن التقوى تجارة" (1تي 6: 4، 5)

    (هذا ينشأ من عدم المعرفة... فمن لا يعرف ما يجب أن يُعرف فهو عديم المعرفة) فيتظاهر بالقداسة ويسعى إلى التقوى المزيفة كتجارة لحساب الذات والكبرياء... فمن يسعى وراء الكرامة تهرب منه. ومن هرب من الكرامة سعت إليه...

    8 - حياة عفيفة: "وأما التقوى مع القناعة فهى تجارة عظيمة" (1تي 6: 6)

    * كلما زهدنا بعفة في مابين أيدينا يُعطينا الرب أكثر فأكثر ولا يخشى علينا...

    * كلما تعففنا وتركنا محبة العالم وراء ظهرنا، كلما أشبعنا إلهنا نفسيًا وروحيًا وماديًا.

    * كلما عشنا بتقوى وعفة حقيقية ندرك ونعى جيدًا أننا لم ندخل العالم بشيء وسنخرج منه بدون شيء... فاقتنع وأرضَ واشكر بما أنت فيه، وعش بتقوى وعفاف فتحيا به.

    9 - حياة وديعة: "وأما أنت يا إنسان الله فاهرب من هذا (العالم وملذاته والشيطان وإغراءاته والذات ومحبة المديح وملذاتها) واتبع البر والتقوى والإيمان والمحبة والصبر والوداعة" (1 تي 6: 11) إتبع يا إنسان الله... يا صورة الله... يارجل الله... يا حامل الله... إتبع الوداعة لتصير وديعًا كمعلمك، وتسلك بالبر بالمسيح، وتحيا بالتقوى بالقداسة، فأن لك مركزًا مرموقًا عاليًا عظيمًا، ستشبع ببره وتختبر محبته وتتحلى بصبره وتفرح بملكوته... فاهرب إلى الله... ثق أن بحياة التقوى تتبرر وتتطهر وتتقدس.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    3- تمتع بالبر:

     "وأما أنت يا إنسان الله فاهرب من هذا، واتبع البر" (1تي 6: 11)

    إتبع الذي تبرر في الروح (1تي 3: 16). إتبع الذي يبرر... إتبع الإيمان بالمسيح فتأخذ برًا...

    * هو تبرر في الروح... وأنت تتبرر بروحه...

    * الكنيسة تحمل البار وتنادى... تعال واقترب منى لكي تتبرر من خطاياك. ونحن بكل حبٍ نبكر إليه ونذهب مسرعين مشتاقين ونقول: ها قد أتيت ياسيدى قارعًا باب تعطفك، فلا تحرقنى بهما (بالجسد والدم) بل إحرق كافة الأشواك الخانقة لنفسى.

    * الإيمان يبرر: ألم يتبرر إبراهيم أبونا بالأعمال إذ قدم إسحق ابنه ذبيحة (يع 2: 21)

    وهكذا كل الأمم الذين هم لم يعرفوا الناموس... تبرروا بالإيمان (غلا 3: 8)

    حتى الفاجر إذ دخل الإيمان، يقول الكتاب: فبإيمانه يُحسب له برًا (رو 4: 5)

    * بكلامك تتبرر: "ذكرنى فنتحاكم معًا، حدِّث لكي تتبرر" (إش 43: 26)

    لأنك بكلامك تتبرر، وبكلامك تُدان (مت 12: 37) (مز 51: 4) (رو 3: 1)

    * النعمة تبرر: حتى إذ تبررنا بنعمته نصير ورثة حسب رجاء الحياة (تي 3: 8)

    مع إنه لن يتبرر أمامه أى حى (مز 143: 2) ولكن لأنه يُحبنا فهو يبررنا.

    قد أعلن السيد المسيح أنه بارٌ بأعماله الروحية وأقواله الروحانية ومعجزاته السمائية.

    لقد أظهر بره عندما قال للآب على الصليب: "في يديك أستودع روحى، وأسلم الروح" (لو 23: 46) وهنا نلاحظ: أول روح أخذها الآب لأنه بارٌ، وبتسليم نفسه لله للآب أكمل رسالته وعمله لأنه واحدٌ معه. وبهذه الكلمة كأنه سلَّم للآب كل أرواح البشرية المجاهدة المؤمنة المتبررة بدمه.

    كلام السيد المسيح هو كلام الروح القدس... كما قال: "الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة." (يو 6: 63) المسيح هو روح، وأظهر هذا عندما ترك جسده المتحد بلاهوته على الصليب ونزل إلى الجحيم وبرر الأبرار ونقلهم للفردوس. هو روح والمولود من الروح هو روح (يو 3: 6) وطبعًا هو بالروح وُلد من العذراء.

    لمّا سمع قائد المئة كلمة السيد المسيح السابعة والأخيرة على الصليب، آمن وقال: "حقًا كان هذا الإنسان بارًا" (لو 23: 47) وذكر قائلًا: "حقًا كان إبن الله" (مت 27: 39).

    هذا القائد الرومانى الوثنى المكلف بالحراسة آمن، وأما القادة الذين هم مكلفون بحراسة الناموس لم يفهموا! هذا آمن أنه بارٌ بلا خطية، إبن الله، فيه روح الله؛ لأنه سلم بنفسه روحه بإرادته وحده.

    من هنا فهمنا أننا كنَّا في ذهن المسيح منذ الأزل، وعلى الصليب في هذا الزمان الحاضر أظهر بره ليكون بارًا ويبرر كل من يؤمن به (راجع (رو 3: 26))

    لقد فشل الناموس أن يحقق برنا، فجاء الابن البار لنتحد به ويحملنا إلى أبيه، ونحمله داخلنا، فنحسب به أبرارًا.

    لا ننسى سر ثباتنا هو الأعتراف والتناول، نثبت فيه ونتبرر به، وبروحه الساكن فينا يساعدنا على التقوى حتى نصير أبرارًا، فنجاهد جهادًا حسنًا (صحيحًا) ونتمسك بالحياة الأبدية (بالمسيح الحى إلى الأبد) (1تي 6: 12)

    " لا يستهن أحد بحداثتك، بل كن قدوة للمؤمنين في الكلام، في التصرف، في المحبة، في الروح، في الإيمان، في الطهارة." (1تي 4: 12)

    من يثبت إلى النهاية فسوف يسمع الكلمة الفاصلة "من هو بارٌ فليتبرر بعد، ومن هو مقدس فليتقدس بعد" (رؤ 22: 11).

    هنا أمام الباب في الأبدية إنتهى كل شيء... فكل من عاش في البر يتمتع به، وكل من تقدس بالروح يصير قديسًا إلى الأبد.


    18- قوة الروح

     

    رسالة قوية رعوية غنية هي لتيموثاوس. رسالة ثانية من بولس في آخر أيامه. رسالة وداعية للتلميذ والأسقف والابن المحبوب بمحبة أبوية لأنه أطاعه بقلبه بالكلية، وخشى أن لا يراه قبل ساعته النهائية، ليتمسك بما قد تسلمه ويتبع كل أقوال المسيا، ويتحمل بصبر الضيقات الزمنية، ويسكب حياته ويقدم ذاته بسيرة ملائكية، ويفكره ويشجعه أنه سيم بيد رسولية، ويؤكد له ضرورة الحفاظ على الوديعة الإيمانية، وهى العقيدة والكنيسة النورانية، لا بقوته بل بقوة الروح والمحبة الأخوية، ولا يلتفت لنيرون الطاغية الأرضية. فسر قوتنا هو إرتباطنا بالحياة الأبدية، وبالآب والابن والروح الذي يوحد البشرية. فإلهنا لم يعطنا روح الفشل ولا الخوف بل الفطنة السمائية، وأعطانا نصحًا وإرشادًا بمحبته الأزلية.

    لقد كتب معلمنا بولس رسالته الثانية لمعلمنا تيموثاوس وهى: رسالة قصيرة جدًا... هادفة جدًا... مهمة جدًا...

    رسالة بسيطة جدًا... عميقة جدًا... لإبن محبوب جدًا... رسالة بها حنين واضح جدًا... وتنبيهات خاصة جدًا...

    رسالة تتكلم عن عطايا ونعم تسلمناها من الله كوديعة؛ لأنه أحبنا جدًا جدًا جدًا...

    وأيضًا تتكلم عن المسيح كمثال لنا، وتركز على قوة الروح معنا كيف يسندنا ويقوينا ويرشدنا و...

    ونجد كل هذا في هذه الآية: " فإن الله لم يعطنا روح الفشل (التهيب) بل روح القوة والمحبة والنصح (الفطنة) (2تي 1: 7).

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    1- آية عنوان للرسالة توضح العطايا:

     فإن الله لم يُعطنا... بل أعطانا... الحياة بالمسيح (2تي 1: 1)

    St-Takla.org Image: Holy Spirit mosaic with a statue of the King Jesus Christ as a child - Saint Theresa Church, Clarendon, D2, Dublin, Ireland - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, April 28, 2017 صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة فسيفساء تصور الروح القدس مع تمثال السيد المسيح، الطفل الملك - من صور كنيسة القديسة تريزا، كلاريندون، دبلن، أيرلندا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 28 إبريل 2017

    St-Takla.org Image: Holy Spirit mosaic with a statue of the King Jesus Christ as a child - Saint Theresa Church, Clarendon, D2, Dublin, Ireland - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, April 28, 2017

    صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة فسيفساء تصور الروح القدس مع تمثال السيد المسيح، الطفل الملك - من صور كنيسة القديسة تريزا، كلاريندون، دبلن، أيرلندا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 28 إبريل 2017

    إيمان من الآباء (2تي 1: 5)

    نعم ومواهب (2تي 1: 6).

    * وعد بالحياة: وعد الحياة التي في يسوع المسيح (2تي 1: 1) لقد قدم المسيح لنا الحياة بحياته وبموته وقيامته وصعوده... كما قال: "أما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل" (يو 10: 10) فإن الحياة التي أخذناها منه هنا هي نفسها تنبع إلى حياة أبدية... حياة فيها شبع وفرح وسرور بالروح... حياته هي نعمة لنا، وللأسف نحن الآن فيها مقيمون (رو 5: 2) ولو تمتعنا بها بمساندة روحه تبلغ بنا إلى الملئ هناك... كما هو واضح في كلمة "ليكون لهم أفضل" (الأفضل في أصلها اليونانى تفيد: يأخذونها بفيضٍ أو بغزارةٍ. وهذا طبعًا يتم في الملكوت).

    * إيمان عدم الرياء: (2تي 1: 5) والكلمة اليونانية لعدم الرياء تستخدم في إختبار نقاء السوائل على ضوء الشمس لنكتشف هل السائل نقى بلا شوائب أم لا... وكأن معلمنا بولس الرسول يؤكد لتلميذه أنه شاهد جدته ووالدته على ضوء شمس البر فوجدهما بلا عيبٍ بلا رياءٍ ولا كبرياء ولا... وهذا ما ذكاه وأنشأه قويًا بالروح وجعله إنسانًا روحانيًا يُذكيه لفيض النعم والبركات التي هو فيها الآن... (هذا حلم بل أمنية بل شهوة كنيستنا أن تجده في بيوتنا لتشتعل قلوبنا بإلهنا.

    * أُذكر أن تضرم (تشعل) أيضًا موهبة الله التي فيك: (2تي 1: 6) أُذكرك أى أرفع فكرك إلى مستوى العلاقة بيننا وهى الإلتقاء والإشتعال بروح إلهنا، فكلما إلتهبت نارًا وتجاوبت مع عمل الروح القدس أفرح بأننى وضعت يدى عليك لموهبة الكهنوت والرعاية، فتزداد محبتى بك بالروح المشتعل فيك، وكما أن النار تحتاج إلى وقودٍ هكذا الروح يحتاج إلى جهاد وسهر وعدم إهمال... فالتزم بحياة التقوى الحقيقية لتقترب من الرب ومنِّى بصداقة نقية...

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    2- لا روح الفشل بل العمل لتصير بطلًا:

     لماذا تخاف وتهاب الضيقات والمحاربات؟ لا تتهيب أصحاب البدع المقاومين المتهودين الغنوسين، ولا يستهن أحد بحداثتك فكل المسئولية التي تحملها هي للرب وبقوة روحه التي فيك، ولا تفزع بما لحق بى من أتعاب السجن الذي أنا فيه، ولا تشعر بفراغٍ عندما أرحل من هذا العالم وأتركك وحدك...

    فبروح القوة واجه،

    وبروح الحب إبذل،

    وبروح النصح ميز،

    وبحكمة الروح تتصرف،

    وهذه هي عطية قوة الروح التي معك وتُؤازرك، فأنت أفضل من أى قائد (ضابط) أرضى يحمل على كتفيه نياشين أو أوسمة.

    فأنت تحمل قوة الروح،

    بل تحملك قوة الروح،

    بل تُظللك قوة الروح...

    فتشجع يا أخى:

     في الحرب بقوة الروح ولا تهاب ولا تحيا بالخوف والتهيب، فالله معنا بقوة، فلا تجزع، فأبناء الله يذهبون من قوة إلى قوة (حتى يتجلى الله أمامهم... بل الملائكة ينظروهم) "يُرون قدام الله في صهيون" (مز 84: 7)

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    3- روح القوة... روح الغلبة... روح النصرة: 

    * سر قوة الروح هي المعية (الوجود... الحضرة) مع الرب يسوع... لهذا بدأ رسالته بروح القوة، وختم رسالته بقوله: "الرب يسوع مع روحك" (2تي 4: 22)

    * قوة الروح هي: قوة فوق الطبيعة، غير طبيعية، تُغير القلوب البشرية، وتفتت النفوس الحجرية، وتشعل الأرواح الأرضية التي تخضع وتطيع وتسمع وتسرع للإستجابة السمائية... فتعالوا نتعرف على قوة الآب والابن والروح:

    * روح القوة: "الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تُظللك" (لو 1: 34) قوة الله الآب تُظلل عليكم من أى شر أو حر أو ضرر لأنكم: أنتم بقوة الله محروسون (1بط 1: 5)

    * روح الغلبة: "إذ عرفناكم بقوة ربنا يسوع المسيح ومجيئه" (2بط 1: 16) عرفناكم قوة ربنا يسوع حينما كان في وسطنا على الأرض، كيف مشى على الماء، بل وتجلى أمامنا، بل قام من الأموات وظهر لنا وأكل معنا ولمسناه. فكل من إقترب من المسيح نال الغلبة والخلاص... لأنه وإن كان قد صُلب من ضعفٍ لكنه حىٌّ بقوة الله. فنحن أيضًا ضُعفاء فيه لكننا سنحيا معه بقوة الله (2كو 1: 18)

    * روح النصرة: "وليملأكم إله الرجاء كل سرور وسلام في الإيمان لتزدادوا في الرجاء بقوة الروح القدس" (رو 15: 13) لقد إفتخر بولس الرسول بربنا يسوع المسيح وبما فعله معه في الأمم... بآيات وعجائب بقوة روح الله (رو 15: 19)

    فالآب هو قوة غير مدركة، والابن هو قوة الله الملموسة، والروح القدس هو قوة الله العاملة معنا الآن فينا.

    فالله صانع العجائب وحده، أرسل ابنه وصار عجبًا، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وخرج من البرية بعد صوم الأربعين يومًا بقوة الروح (لو 4: 14) وخرج خبره في جميع الكورة المحيطة (لو 4: 14) ما هذا؟! كيف رجع من البرية بقوة الروح وبسرعة خرج خبره وانتشرت سيرته واجتمعوا حوله، وفي أربع سنوات تقريبًا قالوا عنه: "العالم كله خرج وراءه" (يو 12: 19)

    فقتلوه وظنوا أنهم أنهوا على القوة التي كانت تؤنب ضمائرهم، وبعد فترة وجيزة قام بقوته، بقوة الروح، إثنان وثمانون قوة (إثنا عشر تلميذا وسبعون رسولًا) وظلوا ثلاثة سنوات يقلقون أورشليم ويجعلون رؤسائها في حيرة وعذاب.

    فقتل الرؤساء يعقوب الرسول ظانين أنهم يُروعوا الباقين، فانتشروا في كل المسكونة وصاروا أعدادًا لا تُحصى تتحرك بقوة الروح، ومنهم بولس الرسول الذي نبه تلميذه تيموثاوس بأن هذه القوة المُعطاة له معها وديعة أمانة. فقال له: "تمسك بصورة الكلام الصحيح الذي سمعته منِّى في الإيمان والمحبة التي في المسيح. إحفظ الوديعة الصالحة بالروح القدس الساكن فينا" (2تي 1: 13، 14)

    ما أعظم محبتك يا الله! قبل أن تُعطينا أمانات وزنات، قبل أن تمنح لنا أفخر الهبات وهبت لنا بل أودعت فينا:

    * روحك القدوس. * معرفة الثالوث.

    * تمجيد القدوس. * خلاص النفوس.

    وبقوة روحك الساكن فينا نئن ونسأل أن تجدده فينا، وبالصلاة والإنجيل نتعرف عليك يا فادينا، وكلما إشتعلنا به لا نطيق السكنى بين ذوينا وأقربائنا، بل نختلى لتمجيدك وتسبيحك، وعندما يرى من حولنا أعمالنا الصالحة يمجدون إسمك ويشتاقون هم أيضًا للخلاص، فنكون كارزين مبشرين بالأعمال الصالحة أو السيرة الحسنة أو بالأقوال التي يهبها لنا روحك أو...

    * نلاحظ: عندما قال معلمنا بولس الرسول لتلميذه: "إحفظ الوديعة" أى الإيمان بالثالوث القدوس، والشعب الذي آمن وانجذب هم وديعة أيضًا، فقال: "إشترك أنت في إحتمال المشقات كجندى صالح" (2تي 2: 3)

    لا ترتبك... جاهد... إصبر على الثمر... فليعطك الرب فهمًا في كل شيء (2تي 2: 7) بالروح القدس الذي فيك... لكي يخلص المختارين... إجتهد أن تكون في حضرة الله ذو فضيلة... "مُفصلًا كلمة الحق بالإستقامة" (2تي 2: 15)

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    4- روح المحبة هي صورته بل شخصه:

    الله محبة، فمن يحمل المسيح يحمل المحبة، وهذه هي أكبر عطية، أكبر وديعة، بل هذا هو ثمر الروح فينا أنه دائمًا يُقربنا من الحب للجميع وحب الله لنكون على صورته؛ "لأن الذين سبق فعرفهم سبق فعينهم ليكونوا مشابهين صورة ابنه" (رو 8: 29)

    ربنا يسوع هو صورة الله ومجده. صورة حقيقية حامل الأصل... أما نحن شبه صورة الابن أى شبه إبن الله في حمل الصليب... في القداسة والطهارة... في الصبر والإحتمال... في...

    ويوصينا في رسالته هذه: أن نكون "إناءً للكرامة مقدسًا نافعًا للسيد مستعدًا لكل عملٍ صالح (ونتجنب الشهوات) ونتبع البر والإيمان والمحبة والسلام مع الذين يدعون الرب من قلبٍ نقى" (2تي 2: 21، 22) لنصل إلى صورة المسيح (المحبة)...

    ويمدح في هذه الرسالة تلميذه ويقول: "وَأَمَّا أَنْتَ فَقَدْ تَبِعْتَ تَعْلِيمِي، وَسِيرَتِي، وَقَصْدِي، وَإِيمَانِي، وَأَنَاتِي، وَمَحَبَّتِي، وَصَبْرِي، وَاضْطِهَادَاتِي، وَآلاَمِي" (2تي 3: 10)

    وكما أنقذنى الرب (2تي 3: 11) سينقذك. "فاثبت على ما تعلمت وأيقنت عارفًا ممن تعلمت" (2تي 3: 14) "وإنك منذ الطفولية تعرف الكتب المقدسة القادرة أن تحكمك للخلاص" (2تي 3: 15) " كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ، للتقويم والتأديب الذي في البر، لكي يكون إنسان الله كاملًا متأهبًا لكل عمل صالح" (2تي 3: 16، 17)

    لنتشبه بشخصه ونحمل حبه ويعمل فينا بروحه حتى نحمل ثمر الروح (المحبة الفرح السلام = المسيح).

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    5- ثمرة غالية مملوءة حكمة فيها فطنة:

     إن حفظنا الوديعة المسلمة لنا من الآباء الذين نشأنا بينهم وشربنا منهم الإيمان وعشنا بالوداعة التي ولدنا بها مثل كل الأطفال (شبه الملائكة)، وحافظنا على صورة الله (بساطة الأطفال) - فكل الصغار يحيون بتعفف بدون أى جهاد - فنتيجة لمساندة الروح لنا وعطيته فينا (أى الإيمان والوداعة والتعفف) تكون لنا صورة التقوى الحقيقية، ونتحلى بالصبر ونكون لطفاء نحيا بكرم الأخلاق.

    وبكل ما سبق نأخذ الحكمة (نأخذ المسيح المحب) (نأخذ ثمر الروح محبة فرح سلام) فيُنبت فينا الفطنة والذكاء والنصح بقوة الروح بالمسيح الذي فينا.

    والعكس صحيح: إن نشأنا بدون إيمان وغرباء عن المسيح أو إن سقطنا وأهملنا الوديعة التي فينا، فيجب أن ننتبه متى يهب الروح فينا ليحركنا ونتفاعل معه لكي يُعرفنا على فداء المسيح وحبه لنا، لنقتنى الثمرة الغالية (الكنز الكثير الثمن) (المحبة الفرح السلام) بفعل وقوة الروح القدس، ويدب فينا وينبت ثانيةً الإيمان والوداعة والتعفف ونتحلى بالتقوى الحقيقية قليلًا قليلًا بسيرة نقية ونكون لطفاء... (راجع مقالة ثمر الروح) ونأخذ فطنة وحكمة... وهذا نجده واضحًا متجليًا في نهاية حياة بولس الرسول، فكان قويًا بالروح بالمسيح الذي معه، فقال: رغم أن الجميع تركونى... ولكن الرب وقف معى وقوانى لكي تتم بى الكرازة ويسمع جميع الأمم، فأُنقذت من فم الأسد (الشيطان والأعداء... بقوة الروح) وسينقذنى الرب من كل عمل ردئ (حرب الأفكار و...) ويُخلصنى لملكوته السماوى... (بالنعمة التي معنا ومعكم آمين) راجع (2تي 4: 16، 22)

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    قوة الروح:

    من حيث يشاء يهُبُ ويملأ قلوب المؤمنين بالحب، فيخدموا ويبذلوا بقلبٍ ملتهبٍ.

    فيكون فينا كوديعة لنا يهب البعض سلطانًا ليدوسوا الحيات والعقارب،

    ولآخرين أن يواجهوا بقوةٍ المتاعب،

    ولآخرين أن يبذلوا بالعطاء بغير تعبٍ،

    ولآخرين روح التميز والفطنة بغير شائب،

    أما على الأشرار فيكون روح رعبٍ.


    19- بتجديد الروح

     

    "بمقتضى رحمته (على مقدار رحمته... بكثرة رحمته) خلصنا (بدلًا من أن يكتب عمدنا كتب خلصنا... لأن المعمودية هي خلاص وتجديد) بغسيل الميلاد الثانى وتجديد الروح القدس" (تي 3: 5)

    هذه هي الآية الوحيدة في رسالة معلمنا بولس الرسول إلى تلميذه تيطس التي تتكلم عن الروح القدس.

     

    أولًا: يجب أن نتعرف على:

    · التجديد قديمًا في فكر الآباء.

    · فكر التجديد الذي وصل إليه اليهود حتى جاء عصر المسيح (فكرًا بعيدًا عن فكر السماء).

     

    ثانيًا:

    St-Takla.org Image: Renewal, Arabic and English words صورة في موقع الأنبا تكلا: كلمة التجديد بالعربية و الإنجليزية

    St-Takla.org Image: Renewal, Arabic and English words

    صورة في موقع الأنبا تكلا: كلمة التجديد بالعربية و الإنجليزية

    • التجديد في فكر إله الأحياء الذي زرعه المسيح في فكر تلاميذه الأمناء.

    • التجديد الذي يوصل للنقاء.

    • التجديد بإنشاء جدد وعتقاء.

     وهذا هو موضوعنا بنعمة ربنا من خلال رسائل معلمنا بولس الرسول...

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    1- التجديد قديمًا في فكر الآباء: 

     بدأت فكرة التجديد في العهد القديم مثلًا:

    * جدد الرب الأرض بعهد مع نوح (تك 6: 18)

    * وكان كثيرًا ما يجدد عهده مع إبراهيم (تك 17: 2)

    * يوآب جدد سائر المدينة (1 أخ 11: 9)

    * وعوديد النبي... جدد مذبح الرب (2 أخ 15: 8)

    * وكان في قلب يوآش أن يجدد بيت الرب... (2 أخ 24: 4)

    * أما داود النبي بعد خطيته طلب بإلحاح من الرب: "قلبًا نقيًا إخلق في يا الله، وروحًا مستقيمًا جدد في داخلى" (مز 51: 10) أى بعد أن سقط وجد أنه فقد بساطته وقوته، فرفع قلبه وعينه إلى السماء وطلب من الرب خلق قلب جديد لكي يكون له هدف مستقيم وروح يستقيم إلى هدف السماء لكي يرجع لطهارته الأولى وتتجدد عشرته الأولى مع الله...

    وبتوبة داود الصادقة تلامس مع تجديد الرب لحياته، فسبَّح وترنم وقال: " الذي يفدى من الحفرة حياتك. الذي يكللك بالرحمة والرأفة. الذي يُشبع بالخبز عمرك، فيتجدد مثل النسر حياتك" (مز 103: 4، 5)

    لقد كسرت الخطية قلبه، فانحنت نفسه كشيخ مسن، وبعدما ذاق الغفران إنطلقت نفسه وتجددت روحه واستقام جسده كنسر يحلق في الأعالى. وكأن داود قد وقف من بعيد على سلم خلاص العهد الجديد ونظر عمل تجديد المسيح الذي أعطانا الحياة من الموت (بالصليب جددنا)، وبعدما أكلنا جسدة (بالأفخارستيا) أشبعنا وانطلقت بجدة حياتنا كالنسر...

    * وتعرف داود على سر المسيح بالروح القدس، فكان يحلم متى يُجدد ليس قلبه فقط بل كل الخليقة، فقال: "تُرسل روحك فتخلق وتجدد وجه الأرض" (مز 104: 30)

    وكما كان روح الله يرف قديمًا على وجه المياه... ثم خرجت الخليقة الجديدة، هكذا حقق الرب هدف قلب ابنه داود (أى فكره في ابنه) فنزل الروح واستقر على المسيح أثناء العماد في الماء. ومازال روح الله يرف على ماء المعمودية ليعطى حياة جديدة لخلقة جديدة، ليجدد وجه الأرض ويُخرج من الفساد عدم فساد.

    * أما إشعياء النبي فنظر في كل منتظرى الرب قوة متجددة، فقال: "وأما منتظرو الرب فيُجددون قوة. يرفعون أجنحة كالنسور" (إش 40: 31)

    لقد تعرف هو أيضًا واكتشف سر التجديد في كل من يتعمد،

    في كل من يثق بقوة الرب،

    في كل من يتوكل على الرب،

    في كل من يصبر وينتظر الرب،

     في كل من تعلق بروح الرب،

    فتكون له قوة متجددة. فالرب لا يتباعد ولا يتباطأ عن المشتاقين المنتظرين الواثقين، بل يمنحهم قوة جديدة في كل صباح.

    قوة جديدة لكل مهمة جديدة.

    قوة جديدة بعد كل إمتحان أو تجربة جديدة.

    قوة وخبرة جديدة بعد كل قيام من سقطة، مع كل ضعف فينا.

    بسلوكنا الملائكى الروحى خلال عطيته وقوته نأخذ قوة الروح فنكون مثل النسور ونطير محلقين في سماه.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    2- تجديد بعيد عن فكر السماء: 

     كما كان هكذا يكون من جيل إلى جيل يوجد من يحيا شغوفًا منتظرًا تجديد أفكاره وقلبه وحياته وحياة إخوته للدخول للسماء. وكذلك يوجد من لا يهتم بالسماء وينشغل بالأرضيات ويحيا لتجديد بيته وممتلكاته ويزداد في شهواته. هكذا إنحدرت أفكار رؤساء الأمة اليهودية وانشغلوا بالأرضيات على حساب السمائيات، وبعد أن حررهم يهوذا المكابى سنة 164 ق. م. تقريبًا من جيش أنطيخوس أبيفانيوس السريانى القائد اليوناني وطرد السوريين في خلال ثلاثة سنين وحرر شعبه أجمعين، بعد أن تبددوا وقُتلوا بسيف العدو اللعين. فقد قتل منهم أربعين ألفًا وباع أربعين ألفًا آخرين عبيدًا، وذبحوا على مذابحهم الخنازير.

    وظلوا يحتفلون بهذا الانتصار الكريم لمدة سبعة أيام في كل عام لمدة تصل تقريبًا إلى أكثر من مئتين سنة بعيد يسمونه عيد التجديد، حتى جاء المسيح وكانوا يقولون له: "إلى متى تعلق أنفسنا؟" (يو 10: 24) هل أنت المسيا أم لا؟ وكانوا ينتظرون منه إجابة صريحة لكي يرفعونه على الأكتاف ويدورون به بين الرؤساء ويسفكوا دمهم لأجله لكي يحررهم من الرومان مثلما حررهم المكابى من قبل، ويجددون عيد التجديد بتجديد على هواهم وأفكارهم.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    3- التجديد في فكر إله الأحياء: 

     في مدة تجسد المسيح على الأرض في الشتاء وموسم شدة الأمطار والبرد، في الخامس والعشرين من شهر كسلو اليهودى في سنة تسعة وعشرين ميلادية والذي يقابل يوم التاسع عشر من شهر ديسمبر، كان عيد التجديد (يو 10: 22)

    التجديد هو الإسم باليونانية، أما باليهودية يُسمى حنُّوكا Hanukkah، وبالعربية العامية حنك، ويُسميه اليهود عيد الأنوار، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ولم يفهموا أنه جاء ليجدد الفكر والطقس ويحقق الرمز. أنه جاء ليبنى بيتًا جديدًا "الحكمة بنت بيتها" (أم 9: 1) جسده، ويدشن خيمة جديدة هي جسده وهى ليست من جلد أو بيت من حجرٍ بل جسدًا سمائيًا.

    * ففى عيد التجديد هذا: عندما فُتح باب الخراف لتدخل خراف ذبائح العيد إلى الهيكل... وقف على الباب وقال: "أنا هو باب الخراف (يو 10: 7) للهيكل الجديد. "إن دخل بى أحد يخلص" (يو 10: 9) بدمى، وكل من أمات شهواته ورغباته حتى نفسه كل النهار من أجلى يُحسب مثل غنمٍ للذبح (رو 6: 36)... بل أكثر من هذا تحدث معهم في مواقف أخرى قائلًا: "أنا هو نور العالم" (يو 8: 12)... "أنا هو الراعى الصالح" (يو 10: 11)

    * ففى هذا العيد تعلقت نفوسهم واشتياقاتهم ورغباتهم في أن يكون عيد التجديد جديد بثورةٍ جديدةٍ بهذه الشخصية الفريدة والمجيدة... ولكن كان المسيح يفكر في تجديد آخر سمائى، وهم يفكرون في تجديد أرضى...

    فكان صاعقةً بالنسبة لهم... ولم يصلوا إلى غايتهم... ولم يفهموا مغزى الكلام الموجه لهم... لأنه كان بأمثال يُكلمهم...

    بفكر جديد... بحياة متجددة... بقلب يتجدد... ومشاعر متغيرة...

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    4- تجديد يوصل للنقاء: 

    * تجديد الروح: من أكبر النعم التي ننعم بها هو تجديد يُهيئنا للنعيم المُعد لنا في الملكوت، لنصل لصورة المسيح (غل 4: 19) المنعم لنا بهذا التجديد المستمر.

    * إن كُنا نخرج من المعمودية أنقياء تمامًا، لكن إحتكاكنا بالشر والأشرار يلوثنا... وهنا روح التجديد الساكن فينا يُبكتنا ويقول: "إن لم ترجعوا مثل الأطفال... (مت 18: 3) فيظل يلح الروح فينا للتجديد... لنعود... ونرجع... ونصير أطفالًا. هكذا يستمر التجديد طوال الطريق طالما نحن سائرون مستمرون متجاوبون حتى النفس الأخير.

    إما نغلب ونتجدد أو نُغلب ونهلك!

    التجديد: يبدأ في المعمودية ويستمر بفيض سخاء في التوبة والإعتراف، وبالغذاء من الأسرار وبقوة كلمات الكتاب التي تكشف لنا الأعماق، وبالصلاة التي تدخل بنا إلى الحضرة والمحبة الإلهية...

    روح التجديد هو: مثلًا إذا قلنا أن مدرس رسم دخل فصلًا ليُعلم طلابه الرسم وكانوا لا يرغبون ولا يفهمون ولا يوجد عندهم إمكانيات أو إستعدادات، فهو يبذل جهدًا في الهواء كالهباء... أما إذا كان لديهم هذا فمنهم من يسرعوا في التعلم وآخرون يتجاوبون وغيرهم يجتهدون أن يواصلوا في وقت ما... تمامًا إن وجد فينا روح التجديد فهو يقدر أن يتفاعل ويُحرك ويُرشد ويُعلم ويُجددنا ويصل بنا إلى صورة المسيح بنعمة ربنا.

    روح التجديد يخلق فينا: كما وصف بولس صفات الأسقف: "مُضيفًا للغرباء، مُحبًا للخير، مُتعقلًا بارًا ورعًا ضابطًا لنفسه... ملازمًا للكلمة الصادقة" (تي 1: 8، 9)

    روح التجديد يساعدنا على تغيير شخصياتنا: "مُقدمًا نفسك في كل شيء قدوة للأعمال الحسنة، ومُقدمًا في التعليم نقاوةً ووقارًا وإخلاصًا وكلامًا صحيحًا" (تي 2: 7)

    روح فادينا الذي بذل نفسه لإجلنا ليُخلصنا (يُجددنا) ويُطهرنا من كل إثم: هو يعمل ويُجدد "ويُطهر لنفسه شعبًا خاصًا غيورًا في أعمال حسنة" (تي 2: 14)

    إن جددنا يُغير صورتنا: "مُظهرين كل وداعة لجميع الناس" (تي 3: 2)

    روح التجديد ما هو إلا سكب نعمة: فلما ظهر لطف الله مُخلصنا ومحبته (وإحسانه) للبشر لم ينظر إلى أعمال بر عملناها نحن بل بمقتضى (على قدر) رحمته خلصنا بغسيل الميلاد الثانى وتجديد من الروح القدس الذي أفاضه (سكبه) علينا بغنى بيسوع المسيح مُخلصنا، حتى إذا ما تبررنا بنعمته نصير بحسب الرجاء ورثة الحياة الأبدية (تي 3: 4 - 7)

    * "لبستم الجديد الذي يتجدد للمعرفة حسب صورة خالقه" (كو 3: 10) عندما ندفن معه في المعمودية نلبس صورة المسيح (الطبيعة الجديدة) بسمات فريدة. وخلال الجهاد الروحى تتغير الطبيعة الساقطة التي فينا ونرجع كما كان آدم في الجنة. نتعرف على الله ونعرف إرادته ونزداد في حبه ومعرفته...

    وكلما زادت المحبة زادت المعرفة والحب... وكلما تعرفنا عليه نتحد به ونمتلئ من عطاياه. وهنا نجد معلمنا بولس الرسول يُنشطنا ويُحمسنا ويقول لنا: "تجددوا بروح ذهنكم" (أف 4: 23) مستنيرة عيون أذهانكم (أف 1: 8)

    آه عندما يتجدد الفكر تصير أعماله نقية...

    عندما يتجدد الذهن يتغير السلوك...

    عندما يتجدد الذهن نتعرف على مبادئ الحياة المسيحية...

    عندما يتجدد الذهن ينقاد الروح بالروح القدس...

    عندما يتجدد الذهن نتجاوب معه أكثر...

    عندما يتجدد الذهن يتجدد إنساننا الداخلى...

    عندما يتجدد الذهن لا يحتمل الأعمال القديمة أو المتراخية...

    عندما يتجدد الفكر تستنير العيون وننظر ما كان مستورًا...

    ويعود معلمنا بولس الرسول ويُشجعنا لنتحمل ويقول: "لذلك لا نفشل، بل وإن كان إنساننا الخارج يفنى، فالداخل يتجدد يومًا فيومًا" (2كو 4: 16) لأن خفة ضيقاتنا الأرضية تُنشئ لنا أكثر فأكثر ثقل مجد أبديًا (2 كو 4: 17) فإن كان الجسد (الآنية الخزفية) يتعرض لإضطهادات وإساءات وضيقات وآلامات فالداخل أى الروح أو الإنسان الروحانى يُرحب بهذا لأجل الفوائد الروحية التي تربطنا بالروح القدس فتتجدد المشاعر وتتعمق العلاقة وتنمو المعرفة بالله وتزداد الأختبارات والخبرات الروحية.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    5- تجديد يُنشئ جددًا وعتقاء: 

    "أفهمتم هذا كله؟ فقالوا: نعم يا سيد، فقال لهم: كل كاتب متعلم في ملكوت السموات يُشبه رب بيت يخرج من كنزه جددًا وعتقاء" (مت 13: 52)

    أفهمتم؟ كل كاتب متعلم وليس ناموسي ينسخ! كاتب متعلم أى خرج خارج الحرفية والجمود وحمل داخله مسيحه (الكنز الحقيقى) الذي يجعل منه رب بيت (إنسان روحى... ولد من الروح... تجدد ذهنه... فصار روحانيًا) يعتمد ويتغذى على كلمة الله بروح الله، وترشده وتقوده الكلمة، ويحيا بالروح الذي يتجدد فيه، فيفتش دائمًا بين أسفار العهدين... "فتأكلون العتيق المعتق، وتُخرجون العتيق من وجه الجديد. وأجعل مسكنى في وسطكم" (لا 26: 10، 11) فيعطيه الرب فهم كلمات الناموس ويُطبقها على الإنجيل، فيستنير بالكلمة النبوية وينظر المسيا المتجسد... يدخل بالروح القدس إلى كلمات العهد القديم ويتمتع بالعهد الجديد المخفى فيه وينعم بسكنى المسيح (الكلمة) (الكنز) دم العهد الجديد فيكون في وسط غير المؤمنين مثل عجب ويقولوا عنه: "هل يُمكننا أن نعرف ما هو هذا التعليم الجديد الذي تتكلم به" (أع 17: 19)

    * هذا ما جعل معلمنا بولس الرسول يُشير إلى روح التجديد في رسالته لتلميذه تيطس الذي من أنطاكية (الشام) الأممى ومن والدين أمميين، إبن أخ والى جزيرة كريت الذي بعد أن آمن صار له إبنًا خاصًا وأحد أخصائه وصار معه أربعة عشر سنة في الكرازة والبشارة تحت إشرافه.

    كيف تجدد هذا؟! ما الذي جعل الروح القدس ينقله هذه النقلة؟! كيف صار تحت يديه أساقفة وقساوسة وشمامسة وإكليروس يتعلمون منه؟! كيف أن هذا الأممى له مقدرة على إكمال وترتيب أمور البيعة التي تركها له بولس الرسول؟! لقد أخرج الرب من هذا العتيق إنسانًا جديدًا!! إتسم باستقامة إيمانه وسلوك جديد حتى طلب منه معلمنا بولس الرسول أن في مسئوليته هذه وفي حدود عمله يجب أن يعيش بحياة روحية جادة حقيقية يتذوقها الشيخ ويعيشها الرجل وتختبرها السيدة ويستطعمها الطفل...!!

    وخلال حياته وتصرفاته ومعاملاته اليومية يستريح له الرئيس، ويجد العبد له راحة في الكنيسة.

    هذا هو تلميذ من الذين تجددوا بالروح وانتعشوا بقوة الروح وشبعوا بغنى عمل الروح. فعاش بتولًا وانتقل شبعان الأيام عمره أربعة وتسعون عامًا.

    ففتح له المسيح الأحضان ليقول له مع تلاميذه الكرام: "أنتم الذين تبعتمونى في التجديد... تجلسون على كراسى وتدينون أسباط إسرائيل..." (مت 19: 28)

    بالتناول يكون لنا كما نقول في القداس: "لكي يكون لنا تجديد للنفس والجسد والروح، سعادة في الحياة الأبدية وعدم الفساد وغفران للخطايا"

    فنحن الآن نقول لإلهنا: يا من دُفنا معك وقمنا مُتجددين بنعمتك، جدد روحك داخلنا واشعلنا بحبك، لنتذوق محبتك وتجديدك...

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    أيها الراعى الصالح جدد طريقى لسبلك.

    أيها المعلم الحقيقى جدد أفكارى بتعليمك.

    يا كنز المعرفة جدد عقلى بأقوالك.

    يا نور العالم جدد قلبى بنور معرفتك. طهر جسدى، وجدد روحى لأعاين مجدك.


    20- النعمة مع الروح

     

     "بولس أسير يسوع المسيح (بكلمة أسير بدل رسول يثير بها مشاعر فليمون وبقمة مشاعر الحب يشترك مع أنسيموس فيما يأنف الناس منه أى كما أنه أجير أو عبد، بولس أيضًا أسير...) وتيموثاوس الأخ إلى فليمون المحب والعامل معنا (رجل غنى يساعده في الخدمة وفتح بيته كنيسة... صار فيما بعد أسقف كولوسى) وإلى أبفية (الأخت) المحبوبة (زوجته) وأرخبُّس المتجند معنا (ابنه صار فيما بعد قسًا) وإلى الكنيسة التي في بيتك: نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح" (فل 1: 1، 2)

    ملاحظة: بدأ رسالته: "نعمه لكم"، وختم رسالته "نعمة ربنا يسوع المسيح مع روحكم" (فل 1: 25)

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    وبنعمة ربنا نلخص موضوع النعمة في أربع نقاط، وهم:

    1- النعمة:

     النعمة هي أغنية العهد الجديد: أغنية سمائية... للفئات الروحانية... في التحيات اليومية... تتجلى في الأديرة الرهبانية... هكذا نرى ونسمع في اللقاءات دائمًا يُقال " سلام " ويرد الطرف الآخر " سلام ونعمة " وفي الإنصراف أيضًا بل وفي أغلب الأحاديث ينتظرون بشوق زيارات النعمة سواء زيارات خاصة أو جماعية أو في التسبحات والقداسات الصباحية أوالمسائية.

    * النعمة هي هبة مجانية أعظم من كل البنوك الأرضية، تدخل إليها في أى وقت ولكن بأوراق رسمية، أى بجهادات وأتعاب وتنسكات تكون لدى الآب مرضية، بل أتجاسر وأكتب بحروف مخفية إن محبة الآب لمن إقتناهم بدم ابنه للبنوية يهبهم نعمة تسندهم حتى في عنادهم وجحودهم، وبالروح القدس ينمو بهم حتى يُنهضهم ويرجع بهم لأحضانه الأبوية.

    St-Takla.org Image: Apse mosaic (details 13): Jesus Christ - Church of Sts Cosmas and Damian (Basilica of Santi Cosma e Damiano), Rome, Italy. One of the ancient churches that dates back to the 4th century (Tituli: Titular church). - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, September 21, 2014. صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة فسيفساء القبة (تفاصيل 13): السيد المسيح - صور كنيسة الشهيدان قزمان ودميان، روما، إيطاليا. وهي من الكنائس الأثرية التي تعود بعض آثارها إلى القرن الرابع الميلادي، وهي كنيسة شرفية. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 سبتمبر 2014.

    St-Takla.org Image: Apse mosaic (details 13): Jesus Christ - Church of Sts Cosmas and Damian (Basilica of Santi Cosma e Damiano), Rome, Italy. One of the ancient churches that dates back to the 4th century (Tituli: Titular church). - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, September 21, 2014.

    صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة فسيفساء القبة (تفاصيل 13): السيد المسيح - صور كنيسة الشهيدان قزمان ودميان، روما، إيطاليا. وهي من الكنائس الأثرية التي تعود بعض آثارها إلى القرن الرابع الميلادي، وهي كنيسة شرفية. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 سبتمبر 2014.

    مثلما فعل بشاول الطرسوسى. لقد نشأ وتربى بين معلمى الناموس، فزُرع فيه غيرة ومحبة، ولكن بسبب ما أحاط به من تعصب وجفاء روحى تركه يحرس ملابس الحاقدين الراجمين لصديقه وحبيبه الذي من سنه ونفس جيله إستفانوس (أع 7: 58) وكانت النعمة تحرسه ومُنح له فرصة ليقتل المؤمنين بالمسيح ويجرهم للسجن، ولكن النعمة كانت تقوده حتى وقع على وجهه وفاق من غفلته، وقال للرب في سره: كُنت غبى مع كل فلسفتى، فصديقى سبقنى وامتلأ بالنعمة، وحتى من هم أصغر سنًا منِّى ومن بينهم يوحنا الحبيب الذي سكب الرب عليه نعمته فتغنى وسبح معه بالنعمة الممنوحة لهما فكانا من أكثر من كتبوا ووصفوا وأشاروا لنا عن النعمة...

    فتعالوا هنا ومن زاوية واحدة نبحر في معنى النعمة مع الروح:

    * النعمة مع روحكم: (غلا 6: 18) و (فل 1: 25) نلاحظ أنه قال: النعمة مع روحكم وليس مع جسدكم فمهما ذاق الجسد من عذاب ومحاربات نجد النعمة تجعل الروح نشطة بهجة فرحة تتمتع بمساندة الروح القدس فيمتلئ القلب حُبًا نحو الجميع ويرتبط مع الكل بوحدانية الروح برباط عائلى سمائى بالمصدر الحقيقى ألا وهو الرب يسوع.

    * النعمه التي مع روحنا تسند روح الراعى بروح الرعية لتُكمل كل الأعمال المرضية.

    * النعمة مع الروح الإنسانية تُعطى حديث نقى وكتابات عميقة وأعمال فائقة وتصرفات روحية...

    * النعمة مع الروح الروحانية تجعل القلب صامتًا متعجبًا دهشًا فرحًا سابحًا في لجة محبته الإلهية!!

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    2- بالنعمة:

     التعاليم السامية تحتاج إلى سند سامي، أى بتعاليم العهد الجديد التي من فم ربنا يسوع نحتاج إلى روحه يُذكرنا بكلامه بعدما فتح لنا طريق بره. "ظهرت نعمة الله المخلصه لجميع الناس" (تي 2: 11) إذًا بالنعمة (بالمسيح) نتشبث، وللآب نتضرع، وبالروح القدس نتقوى فيهب لنا الإرادة الصالحة... والإيمان الذي ينقل الجبال... والقوة لتنفيذ الوصية...

    بالنعمة: نأخذ معرفة مستمرة... بالنعمة تنسكب فينا كل الهبات... بالنعمة نتمتع بكل الوعود.

    * "إحفظ الوديعة... والنعمة معك" (1تي 6: 22) بالنعمة الخاصة التي معك، بالمهمة التي أنت مُكلف بها، بالنعمة أرسلتك فلا تقل إنى ولد... ولا يستهن أحد بحداثتك... كن قويًا... أنت لست وحدك لأنى أنا معك أحفظك وأرشدك ونعمتى تعمل بك...

    * بالنعمة التي معك تصبح روحك نشطة مشتعلة مُحبة مسنودة منسكبة أمامه ممتلئة بعطيته...

    * بالنعمة التي تسندك تكون طويل البال،

     سالك بالروح،

    تعمل بالروح،

    تُثمر بالروح،

    تتمتع بعربون الروح،

    تتقدس بالروح، تتبرر بالروح،

    تتجدد بالروح،

     لك قوة الروح القدس.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    3- في النعمة:

    حملنا بالإيمان ورفعنا بروحه القدوس وأدخلنا إلى حالة النعمة، وتحولنا من موقف الخاطئ المرفوض المطرود إلى المبرر المحبوب المدعو لحظيرة المسيح، وأصبحنا مقيمين بسر التوبة والإعتراف مستمرين مشتاقين ودائمًا مُسبحين "ننتظر قيامة الأموات وحياة الدهر الآتى" (قانون الإيمان) كما ذكر.

    قد صار لنا الدخول إلى هذه النعمة التي نحن فيها مقيمون، ومن شدة محبة بولس لشعبه كتب لهم وهو مقيد يقول أنتم: "شركائى في النعمة" (في 1: 7) لقد رآهم شركاء له في القيود؛ لأنهم راغبون أن يستشهدوا لأجل المسيح فشجعهم على حفظ الإيمان والكرازة، وكأنه يستدفئ بحبهم وهم بنار محبته بالرب قريبين منه... وكأنه يقول لهم: لقد مات وقام المسيح لأجلنا فأصبحنا جميعًا شركاء آلامه وأيضًا لنعيمه، ولكن لكل واحد حسب موهبته.

    فيجب علينا أن: "ننمو في النعمة" (2بط 3: 18) التي نحن فيها مقيمون، وكأننا راكبون سيارة صاعدة منحدر عظيم، فإن كُنَّا لا نجاهد كثيرًا للصعود بالنعمة المعطاه لنا بل نحن فيها الآن سنسقط وننحدر وتضيع منَّا النعمة، فالرب معنا والنعمة تحملنا.

    * الرب يسوع المسيح مع روحك النعمة معكم (2تي 4: 22) و (أع 5: 41) إذا كانت معك النعمة تطرح الخوف من روحك وتتحرر من همك

    * إذا كانت معكم النعمة = معكم الرب نفسه، فتتغنى وتقول: ليس بالقدرة ولا بالقوة بل بروح رب الجنود (زك 4: 6) ويكون سر قوتك هو حضرة الله معك فتتعزى برفقته وبنعمته التي تُعينك بل تختفى في المسيح، وتقول: بالمسيح الذي في (بالمسيح يسوع ربنا الساكن فينا)

    * النعمة مع جميعكم (تي 3: 15) و (عب 13: 25) و (رؤ 22: 21) النعمة مع جميعكم: ما أجل هذه الطلبة وما أجمل هذا الدعاء. فالنعمة ترفعنا لرب السماء طالما النعمة مع جميعنا تصحبنا وأولادنا لنكمل أيام جهادنا بمخافة إلهنا وتجعلنا ملتهبين مُشتاقين للقاء ربنا يسوع لنتمتع برؤية مجده مع أبيه الصالح والروح القدس. لهذا بعدما اشتعل يوحنا الرائى، قال بلسان كل كنيسته في ختام سفره: "آمين تعال أيها الرب يسوع. النعمة مع جميعكم" (رؤ 22: 21) لتوصلكم بسلام وتمام.

    فنحن جميعًا أخذنا (يو 1: 16) جميعًا أخذنا النعمة أبرارًا أو أشرارًا... سالكين أو منحطين... راغبين أم رافضين... نحن جميعًا مقيمون في النعمة!! إنتبه!! إفهم!!

    ونلاحظ هذا في طقس المعمودية، حيث يطلب الكاهن للمعمدين: "إجعلهم مستحقين للنعمة التي تقدم إليهم.. إجعلهم أهلًا لنعمتك العظيمة.." بل في أول رشمة بالميرون يعلن: مسحة نعمة الروح القدس. آمين.

     ثُمَّ يُصلى ويقول: إجعلهم مملوئين من نعمتك وقوهم لكي يُكملوا وصاياك و...

    ويصرح بإعلان آخر ويقول: يسوع المسيح إبن الله الآب ملأكم قوة ونعمة... تفضل إشركهم في الحياة الأبدية وعدم الموت بالإسم والقوة والنعمة التي لإبنك الوحيد يسوع المسيح ربنا...

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    4- بفيض النعمة:

     عندما نرى مجده نأخذ فيض نعمته... أما الذين لم يقبلوه لم يستطيعوا أن يعاينوه...

    * "ومن ملئه نحن جميعًا أخذنا نعمة فوق نعمة" (يو 1: 16) المسيح فيه سر الملء... ينبوع النعم... فيض الحب. هو مصدر لكل مجارى المياه تتقبل المياه بفرح منه... فكلما يراك عطشانًا يُرسل لك نقطة من محيط عظيم، ويقول لك: إن إرتويت بها أُرسل لك ندى من السماء، وإن عطشت أيضًا أُنزل عليك النعيم كمطر، وإن أسقيت من حولك أفيض عليك كسيل جارف لكي تمتلئ إلى كل ملء الله (أف 3: 19)

    بفيض النعمة:

    · غيرت طبع الوحوش إلى بساطة الروح.

    · بررت الأمميين وغسلت الدنسين...

    · إن تمتعت بمحبة الآخرين فهذه هي هبة النعمة في المجاهدين...

    · النعمة خلقت من الحجارة أُناسًا ومن الوحوش بشرًا ومن المجاهدين ملائكة...

    · بفيض النعمة ننجذب لفداء المسيح وتغرقنا في حبه شاكرين وتُهيئنا لللقاء فرحين.

    نعم المسيح لنا لا تُعد ولا تُحصى وليس لها حد ومن أعظم ما أنعم به علينا: روحه القدوس الذي أرسله من عند القدوس ليسكن ويقدس كل النفوس.

    وهذا ما دعى بولس الرسول أن يبدأ رسالته لفليمون ويقول: "نعمه لكم وسلام من الله..." وختم رسالته: "نعمة ربنا يسوع المسيح مع روحكم..." ونلاحظ في هذه الرساله الآتى:

    * لم يذكر في هذه الرسالة آية تتكلم عن الروح القدس، ولكن في كل سطر منها تجد عذوبة الروح... أو ثمر الروح... شركة الروح... المحبة المسكوبة بالروح..

    * تُحسب هذه رسالة رابعة من الرسائل الرعوية التي كتبها بولس وهم (1تي) و (2تي) و (تي) و (فل)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. لأنها خاصة لشخص وهو أُنسيموس الذي ذهب إليه في السجن وكان هاربًا من فليمون وتاب على يديه، بل ورسمه شماسًا وكان نافعًا له في الخدمة، واكتشف فيه فيض نعمة الروح القدس وقوة وغيرة، وفيما بعد سيم أسقفًا في بيرية ثُمَّ مات شهيدًا. وعلى الرغم من أنها خاصة بشخص ولكن في طيها لها هدف رعوى بعيد وهو معالجة مشكلة الرق والعبيد بطريقه تدريجية واضحة..

    * هذه الرسالة من أقصر خمسة رسائل في الكتاب المقدس. فرسالة فليمون خمس وعشرون آية في إصحاح واحد فقط، وهكذا رسالة يوحنا الثانية ثلاث عشرة آية، ورسالة يوحنا الثالثة خمس عشرة آيه، ورسالة يهوذا خمس وعشرون آية، وسفر عوبديا واحد وعشرون آية. ومع أنها قصيرة جدًا لكنها نافعة جدًا، ثمينة جدًا فمثلًا: فليمون بعد أن آمن على يد بولس الرسول ومكث معه ثلاثة سنوات في أفسس، غمرته بل غيرته نعمة ربنا، وسمع عنه بولس وهو في سجنه وقال: "قد سمعت بمحبتك وإيمانك للرب (فل 1: 5) ولجميع القديسين (فل 1: 6 - 9) بل وصدور القديسين قد إنشرحت بك أيها الأخ (فل 1: 7)

    * وأيضًا النعمة التي غيرت أنسيموس، فقال عنه بولس: "الذي ولدته في قيودى" (فل 1: 10) الذي كان قبلًا غير نافع لك، ولكنه الآن نافع لك ولى" (فل 1: 12) الذي هو قلبى (أحشائى) (فل 1: 12) كان بودى أن أحتفظ به لنفسى فيخدمنى بدلًا عنك (فل 1: 13) هو "أخًا محبوبًا" (فل 1: 16) "فأقبله نظيرى" (فأقبله قبولك لي) (فل 1: 17)

    هذه هي نعمة الرب، فكل من تمتع بها يعطش إليها فتدخل داخله وتنادى نعمة أخرى.

    وكل عمق يدخل بنا إلى أعمق، فتصير أعماقنا هدفًا لفيض لا ينقطع من النعم المتناغمة معًا.

    أخى ضع أمامك هذه الكلمات: بمشيئة الرب ونعمته... نصنع أو نفعل هذا أو ذاك

    ضع كلمة النعمة على لسانك:

    النعمة معك...

    النعمة تحرسك...

     النعمة ترفعك...

    النعمة تزورك...

    النعمة تكشف لك...

    النعمة تجعلك نافعًا للكنيسة ولشعب المسيح وللقادة والرؤساء...

    لو سألنا الله الآب: ما هي أفضل نعمة منحتها لنا؟ لقال: بذلت إبنى الحبيب من أجلكم، والروح القدس المنبثق منِّى يشرق عليكم.

    لو سألنا الابن الكلمة: ما هي أفضل النعم التي تركتها لنا لقال: جسدى ودمى حاضرًا كل يوم أمامكم، بل وأرسلت روحى من عند الآب ليسكن فيكم.

    لو سألنا الروح القدس: ما هي أفضل نعمة تساعدنا بها؟ لقال لنا: أهب على من يشاء كما أشاء. فقط يا إبنى إرفع عينيك وانتظرنى. فكلما أرى إستعدادك ونقاءك أفتح عينيك على الخلاص بدم المسيح لكي بدمه أُدخلك إلى حضن الآب.

    ها أنا مع روحكم... النعمة (المسيح) معكم... الآب بحبه يغمركم

    النعمة معكم... النعمة مع روحكم... النعمة معك... آمين.


    21- مواهب الروح

     

    أولًا: نشكر نعمة ربنا على ما وصلنا إليه هنا وهو التمتع بالروح القدس خلال عشرون تأمل عن الروح وهذا بفضل عطية روحه وفيض نعمته علينا، وهم كالآتى: خمس موضوعات من سفر الأعمال،

    وأربعة عشر رسالة لمعلمنا بولس الرسول،

    وتأمل قديم عن روح الحق...

    والآن بنعمته نتكلم عن رسالة العبرانيين.

     

    ثانيًا: سفر العبرانيين: هي رسالة حيرت وأدهشت الكثيرين، وبفصاحة كاتبها الهيمان تجعلك تارة تتعجب وتاره تستغرب كيف جمع فيها بين الفكر الأزلى والطقس الفعلى!؟! بل كيف ربط بين الرمز والمرموز إليه؟!

    هي رسالة: تُشبعك وتملأ قلبك وتجعل فكرك يزداد سحرًا!!

    هي رسالة: حولت العقيدة إلى خبزة بسيطة!

    سفر العبرانيين: هو إنفتاح السماء على المطرودين والمحرومين ليتمتعوا بالصادق والفادى الآمين.

     

    St-Takla.org Image: Holy Spirit mosaic - Saint Theresa Church, Clarendon, D2, Dublin, Ireland - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, April 28, 2017 صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة فسيفساء تصور الروح القدس - من صور كنيسة القديسة تريزا، كلاريندون، دبلن، أيرلندا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 28 إبريل 2017

    St-Takla.org Image: Holy Spirit mosaic - Saint Theresa Church, Clarendon, D2, Dublin, Ireland - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, April 28, 2017

    صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة فسيفساء تصور الروح القدس - من صور كنيسة القديسة تريزا، كلاريندون، دبلن، أيرلندا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 28 إبريل 2017

    ثالثًا: من وحى هذه الآية: "لأن الذين أُستُنيروا مَرة، وذاقوا الموهبة السماوية وصاروا شُركاء الروح القدس، وذاقوا كلمة الله الصالحة وقوات الدهر الآتى، وسقطوا، لا يمكن تجديدهم أيضًا للتوبة" (عب 6: 4 - 6)

    فهيا بقيادة الروح نغوص في هذا السفر، ونذوق الموهبة السماوية، ونتذوق الكلمة الصالحة...

    لا نقصد أن نتحدث عن المواهب التي يمنحها الروح للخدمة... ولا المواهب الشخصية الفردية... إنما مواهب إيمانية، وهى من أعظم ما وهب لنا الروح. فإن الروح وهب لنا:

    1 - الوقوف في حضرة الله. 2 - سماع صوت الله. 3 - الراحة مع الله.

    4 - الإستنارة بروح الله. 5 - هيكل جديد لله. 6- التمتع بدم إبن الله.

    7 - المثول أمام عرش نعمة الله.

    فهيا بنا نتذوق الإيمان الموهب لنا، نتذوق هبة الروح،نتذوق منحة الروح القدس المُعطى لنا بوقوفنا أمام الحضرة الإلهية.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    1 - الوقوف في حضرة الله: 

    خرج الابن من الآب ودخل أرضنا ليُمسك بأيدينا ويُخرجنا من سجن الخطية للحرية. دخل عالمنا صائرًا أعظم من الملائكة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى.. "وورث إسمًا أفضل منهم" (عب 1: 4) فإن كانت كلمة الله قديمًا من خلال الملائكة لها كرامة، فكم وكم عندما تجسد ووقف في وسطنا وتكلم معنا بنفسه وسمعنا كلامه بآذاننا، بعدما كلم الآباء بالأنبياء كلمنا الآن بإبنه، "فكيف ننجو نحن إن أهملنا خلاصًا هذا مقداره؟ قد إبتدأ الرب بالتكلم به، ثُمَّ تثبَّت لنا (أثبته لنا) من الذين سمعوا، شاهدًا الله معهم (شرع في إعلانه) بآيات وعجائب وقوات متنوعة (بمعجزات مختلفة) ومواهب الروح القدس، حسب إرادته" (عب 2: 3، 4)

    وهذه هي حقيقة أكيدة ملموسة: أن كل ما وزعه الروح القدوس من مواهب على أعضاء الكنيسة كما شاء أكد حقيقة تأنس الله الذي صار جسدًا وحل بيننا ورأيناه، وتأكد الكل من مجيء المسيا الذي سكب روحه على أبنائه، وبعمل وبمواهب الروح القدس نعبد الله الحالل في وسطنا. فمن إقترب من الروح أو الروح إقترب منه يحيا في حضرة الله، وهذه هي أعظم هبة لنا، بالإيمان ندخل إلى حضرته بل ونسمع صوته...

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    2 - سماع صوت الله:

    "لذلك كما يقول الروح القدس: اليوم، إن سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم... كما حدث... في البرية" (عب 3: 7، 8)

    في هذه الرساله وجه حديثه إلى المسيحيين من العبرانيين، ودعاهم "الإخوة القديسين شركاء الدعوة السماوية" (عب 3: 1) ولفت نظرهم إلى قائدهم موسى كليم الله الذي كَلَّمه الله، الذين قالوا له: إذهب أنت إسمع صوت الله وتعال تكلم معنا (خر 20: 19) موسى هذا كان أمينًا في كل بيته كخادم قيم (له طابع شرفى) ليشهد على ما سوف يُقال له، أما المسيح فكإبن على بيته (عب 3: 6) هذا كان أمينًا (عب 3: 5)، أما المسيح فهو المؤتمن. هذا كان قائدًا لهم في الصحراء ليعبر بهم البحر، وأما ذاك فهو اليوم (تجسد) لنسمع صوته شخصيًا بدون وسيط ليعبر بنا.

     فلا تكونوا: "متباطئ المسامع؛ لأنكم إذ كان ينبغى أن تكونوا مُعلِّمين لسبب طول الزمان (لكنكم الآن) تحتاجون أن يعلمكم أحد ما هي أركان بداءة أقوال الله، وصرتم محتاجين إلى اللبن لا إلى طعام قوى؛ لأن كل من يتناول اللبن هو عديم الخبرة في كلام البر لأنه طفل (أما أنتم المفروض أنكم أقوياء) لكم الطعام القوى (الذي) للبالغين الذين بسبب التمرُّن قد صارت لهم الحواس مدربةً على التمييز بين الخير والشر" (عب 5: 12 - 14) إن سمعتم وتمتعتم وفهمتم صوته لكم " أمورًا أفضل" (عب 6: 9) أى تتمتعون بالراحة، بل بإزاحة الخطية عنكم من قِبل روحه الذي وهب لكم المحامى عنكم ليحرركم...

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    3- الراحة في الله:

    "لأن كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذى حدين وخارقة (تنفذ) إلى (ما بين) مفارق النفس والروح" (عب 4: 12) إن كلمة الله حية، أى كلام الكتاب أعطى حياة، وكل من صدق تمتع بالراحة بيوم السبت - اليوم السابع - بل ودخل إلى أرض الراحة مع يشوع تحت قيادته، بل سعى بالجهاد المستمر واجتهد "برجاء أفضل به يقترب من الله" (عب 7: 19) ليدخل الراحة الأبدية... فإن كانت كلمة الله حية (كلام الكتاب أعطاهم حياة) فإن إبن الله (كلمة الله) الحى والفعَّال يدخل إلى حياتنا الخفية، يعمل في قلوبنا ويقدس حواسنا بل وكل أعضائنا.

    إذا كان الإنسان لأنه مخلوق يعمل بيده، فنحن الآن أمام كلمة الله العامل والفاعل والخالق بكلمته (بذاته) مُهيئًا إيانا بروحه القدوس لينطلق بنا إلى حضن أبيه.

    "فلنتقدم بثقة إلى عرش النعمة لكي ننال رحمة ونجد نعمة (ولننال) عونًا في حينه" (عب 4: 16) وتستنير أرواحنا بروحه.

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    4 - الاستنارة بروح الله:

     "لأن الذين أُستنيروا مرة ً وذاقوا الموهبة السماوية وصاروا شركاء الروح القدس، وذاقوا كلمة الله وقوات الدهر الآتى" (عب 6: 4، 5)

    في هذه الآية بنود كأساس الإيمان... بنود أساسية للحياة المسيحية... هي حروف أبجدية ضرورية للإستنارة الروحية، فيها ست نقاط وكل إثنين متلازمتين مرتبطين متماسكتين:

    · التوبة والإيمان.

    · الموت والقيامة = وضع اليد والمعمودية أو تقديس الجسد وسكنى الروح.

    · قيامة الأموات والدينونة الأبدية.

    فهو في هذه الآية يُشير أن المؤمن التائب الذي إعتمد واستنارت نفسه بالروح القدس وارتوى بكلمة الإنجيل وتمتع ببهجة الخلاص وارتفعت عينه بل قلبه للسموات وتعلق بالحياة الجديدة يجاهد ويخاف بل يحترس من الدينونة والعقاب ولا يهاب الإضطهادات ولا يلتفت للإغراءات.

    من هذه الآيه نتعرف ونفهم لماذا كتبت هذه الرسالة ولمن كُتبت:

    كُتبت للعبرانيين اليهود العابرين؛ لأنه نظرهم كمذبوحين من أمتهم ومجمع السنهدريم.

    وهم كانوا يتعشمون أن يحولوا الهيكل والمجامع إلى كنائس للمسيحيين، وفجاءه صاروا مطرودين وكأنهم للناموس مُخالفين... واستغل الشيطان اللعين وبث فكرتين بين الفرقتين، فانتشر بين الجاحدين أن المسيا قرُب مجيئه بيقين، وأما بين المؤمنين فإن المخلص الأمين سيعود ويردنا بكرامة فرحين؛ لأن هذا بيت أبينا ونحن له مُستحقين؛ لأنهم عاشوا سنين منتظرين تحقيق كلام الأنبياء والآباء السابقين...

    فأكد لهم رسول الأُمميين وكتب سنة أربعة وستين أنه لابد أن يُهدم الهيكل كقول الرب من سنين ولا يعود حجر على حجر للناظرين، وتم هذا بالفعل سنة سبعة وستين، وأكد ثلاثة عشر مرة أنه يوجد أفضل من هذا للصابرين... فنحن مثل آبائنا "غرباء ونزلاء على الأرض" (عب 11: 13) ونبتغى "وطنًا أفضل أى سماويًا" (عب 11: 16) لأن هذا المسكن الذي خرجتم منه مطرودين (هيكل سليمان) كان ظلًا لما سيكون.

    فلا تحزنون على الرمزالذى صنعه موسى بل إنتظروا المرموز إليه... إننا الآن سنحصل على "خدمة أفضل" بمقدار ما هو وسيط أيضًا لعهد أعظم، قد تثبَّت على مواعيد أفضل" (عب 8: 6).

    5 - هيكل جديد لله:

     (يشير) مُعلنا الروح القدس بهذا: "أن طريق الأقداس لم يُظهر بعد (لم يُكشف عنه) ما دام المسكن الأول له إقامة" (عب 9: 8) أشار وأعلن الروح القدس أن المسيح سيفتح لنا طريقًا لقدس الأقداس بدل الذي كان يدخله رئيس الكهنة وحده ومرة واحدة فقط في السنة.

    لقد جاء رئيس كهنتنا الأعظم على طقس ملكى صادق، وبعد أن صُلب وانشق حجاب الهيكل، وكأن الروح القدس يُعلن لنا: هلم للدخول إلى الأقداس.

    فإن كان القدس يشير إلى الحياة الحاضرة المقدسة في الرب (زمن ما قبل مجيء المسيح) أو خدمة العهد القديم، فإن قدس الأقداس يشير إلى الحياة السماوية التي يقدمها لنا الرب بعهد جديد. فلابد أن تختفى خدمة الناموس ليؤتى بكهنوت جديد في هيكل جديد بذبيحة فريدة جديدة بذبائح أفضل (عب 9: 23).

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    6 - التمتع بدم ابن الله:

    "بدم نفسه (بدمه)، دخل مرة واحدة إلى الأقداس، فوجد فداءً أبديًا... دم المسيح، الذي بروح أزلى قدم نفسه لله بلا عيب، يُطهر ضمائركم من أعمال ميتة لتخدموا (لتعبدوا) الله الحى!" (عب 9: 12 - 14)

    إذا كانت الخدمة قديمًا تُطهر الجسد، فخدمة العهد الجديد تمس الضمائر وأعماق النفس. خدمة الروح الفعَّال الذي يقيم الملكوت داخلنا. تقوم لا على ذبائح حيوانية خلال كاهن يقدم ذبيحة عن نفسه أولًا، وإنما خلال رئيس كهنة تقوده إرادته الحرة وطاعته لأبيه حتى الموت وحبه للبشرية.

    هو الكاهن وهو الذبيحة،

    هو المُقدِم وهو التقدمة!!

    وهب حياة وقيامة!

    بدمه الأزلى أعطانا الخلود!

    قدم لنا جسده، سر يقدسنا، فيه نختفى،

    وبه نتحد، نحمله داخلنا كما نحن فيه!!

    * قدم نفسه بروح أزلى "وصار يسوع ضامنًا لعهد أفضل" (عب 7: 22) قدم كفارة لا نهائية؛ لأن قوة الحياة التي في دم المسيح قوة حياة أزلية تُحيى وتُقيم من موت الخطية؛ لأن فيه طبيعة روحية سرمدية لا نهائية، لهذا دمه أفضل بكثير من دم هابيل الذي كان يصرخ من الأرض يبحث ويدين قايين، أما دم المسيح رشٍّ يتكلم أفضل (عب 12: 24) يبحث عن التطهير والغفران وتطهير الضمير... دم مرشوش في القلوب، وبسكنى روحه فينا يئن دائمًا داخلنا ويصرخ شاهدًا للحق... لا يمكن للزمن أن يُخفيه لأنه يريد التقدس.

    * "فكم عقابًا أشر تظنون أنه يُحسب مُستحقًا من داس إبن الله، وحسب دم العهد الذي قُدس به دنسًا، وازدرى بروح النعمة؟... مخيف هو الوقوع في يدى الله الحى" (عب 10: 29، 31)

    St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

    7 - المثول أمام عرش الله:

     "لأنه بقربان واحد جعل المقدسين كاملين أبد الدهور. وذلك ما يشهد به لنا الروح القدس... لأنه يقول الرب أجعل نواميسى في قلوبهم، وأكتبها في أذهانهم... فإذ لنا أيها الأخوة (لأن المسيح جعلنا أخوة فالآن لنا) ثقة (سبيلًا... طريقًا نسلك فيه بجرأة علانية) بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع" (عب 10: 14 - 19)

    بقربان الواحد ربنا يسوع المسيح الواحد الذي قدم حياته ذبيحة، وفتح لنا طريقًا للكمال والقداسة، ووهب لنا نعمة الصلاة والوقوف أمامه والتعرف على شخصه والإتحاد به، لكن علينا أن نجاهد ونتمسك بالمسيح ونثبت فيه ونصدق وعوده، وبالروح القدس الذي يُذكرنا بأقواله ويلهب قلوبنا بشوقه ويهب إرادتنا قوة لتنفيذ مشيئته، فإنه قد صار لنا العين المفتوحة، فنقدر أن نلتقى به ونتعرف على أسراره والدخول والمثول أمامه. دخول بدون خروج بدم المسيح. الدم يساوى الحياة إذ لنا " قيامة أفضل" (عب 11: 35) لأنه: "سبق الله فنظر لنا شيئًا أفضل" (عب 11: 40)

    سر إنفتاح الأقداس علينا هو دخولنا مع رئيس كهنتنا وانطلاقنا نحن إليه بالروح القدس بما وهبه لنا، عندما ذقنا الحياة السمائية هنا، أى دائمًا نحيا في حضرته ونسعى لسماع صوته ونستريح بالجلوس معه وتستنير عيوننا بأقواله ونذوق حياة الدهر الآتى.

    لا تُضيعوا ولا تهملوا ولا تستهينوا بالثقة وبالرجاء، فإن بهما لنا ثروة (مال) أفضل لا يزول (عب 10: 34)

    أشكرك يا إلهى على ما وهبت لي، إذ وأنا منغمسٌ في الخطايا رفعتنى إليك، وفتحت لي الفردوس، وضممتنى إليك.

    بحث عن سفر أعمال الرسل وعلماء الآثار
    أ. براين إل. جينواي - ترجمة: أ. بولين تودري

    قانون الساحة2  بولس وحكام المدينة  3بولس والقضاة   4بولس وأناس من وجوه آسيا   5مسرد بالكتب

    1- قانون الساحة

    هذه الوثيقة المهمة تم اكتشافها في بيرية، وهي واحدة من مدن بلاد اليونان والتي قد زارها بولس الرسول، كما جاء في (أع17: 10-14). وهذه الوثيقة هي واحدة من أقدم المراجع التي تتحدث عن حكام المدينة حيث يرجع تاريخها إلى سنة 167 ق. م. وتشهد على وجود هذه المؤسسة من قبل غزو الرومان لبلاد اليونان في القرن الثاني قبل الميلاد. ساحة الألعاب هذه تعنى في معناها ما هو أكثر من المعنى الدارج لدينا الآن. فهي مدرسة للتدريبات البدنية للشباب إلى سن 22 سنة، وتقوم على أساس عدد من القوانين يتم تنظيمها وتنفيذها عن طريق مكاتب تعرف بأنها محاكم مدنية.

    التفاصيل التي ذكرها لوقا الإنجيلي عن الرسول بولس والتي تقول أن الأخير زار تسالونيكي وفيلبي وبيرية وأفسس، قد أثبتها علم الآثار. هذه الحقائق والتي تحتوى على تفاصيل دقيقة وخفية (غامضة) تشير إلى دقة الكاتب -لوقا الإنجيلي- في معرفته ببلاد اليونان القديمة، وتبرهن على أن التاريخ المذكور في سفر الأعمال موثوق به.

    سفر أعمال الرسل زوًد علماء التاريخ والآثار بفرصة فريدة للحكم على صحة التاريخ الذي ذكره. وبالفعل، كُتب عن سفر الأعمال: [لا يوجد عمل قديم نتج عنه صدق عدة اختبارات له، ولا يوجد عمل مثله متصل بملاحظات في كل الاتجاهات مع التاريخ المعاصر والسياسة، أو وصف للمكان، سواء لليهود واليونانيين أو الرومان(1)].

    سفر الأعمال وإنجيل لوقا، بحسب التقليد، نُسب كتابتهم إلى القديس لوقا الإنجيلي -وقد اشتمل على نسبة كبيرة من العهد الجديد أكثر من أي كتابات لأي كاتب آخر، بما فيهم بولس الرسول. البحث عن أن لوقا الإنجيلي هو الكاتب الحقيقي، جاء من داخل كتابات العهد الجديد نفسها. وبولس الرسول رأى أنه لا داعي من سؤال ما إذا كان سفر الأعمال وإنجيل لوقا قد تم كتابتهم عن طريق كاتب واحد، واكتفى بأن أثبت هويته بقوله: "لوقا الطبيب الحبيب" (كو4: 14). وقد ظهر بوضوح أنه قد سافر مع بولس، والدليل على ذلك كلمة الجمع التي تكلم بها وجاءت في: (أع16: 10- 19، 20: 5، 21: 18، 27: 1، 28: 16).

    وإن كان يوجد عدة أحداث، كبيرة وصغيرة، قد أثبتت دقة لوقا الإنجيلي في كتابته لسفر الأعمال، إلا أننا سوف نلقى الضوء على بعض المختارات من رحلات بولس الرسول في اليونان. فمن أجل التبشير برسالة المسيح، زار بولس مدن تسالونيكي وفيلبي، وبالأخص ذكر وصف مذهل في سفر الأعمال لأسماء بعض المأموريات على وجه الخصوص.

    2- بولس وحكام المدينة

    استخدام لوقا لأسماء وعناوين في روايته أثبتت دقته ومدى اُلفته مع الأحوال المحلية. في تسالونيكي، دخل بولس في معارك مع حكام المدينة (أع17: 6، 8)، لقد وُجد 17 نقش مسجل عليها أسماء يونانية في هذه المدينة وحدها(1). اختيار رجال يخدمون في مجلس شورى مكون من اثنين إلى خمسة أفراد، فهو شيء معروف، ويُسمى مجمع في فيلبى وتسالونيكي وبيرية ومدن أخرى كثيرة في بلاد اليونان القديمة.

    في تسالونيكي، بولس وسيلا تعرضوا لخصومة من اليهود (أع17: 5)، بعد أن استمال البعض من اليونانيين المتعددين وجمهور من النساء المتقدمات (أع17: 4). بعض من أتباع بولس تم جرهم إلى حكام المدينة من بعض الأشرار السوقة الذين "سجًسوا المدينة" (أع17: 6).

    هذا الحدث مماثل لما صدر بعد ذلك من حاكم أورشليم، ترتلس، ضد بولس في قيصرية (أع24: 5). في هذه الحادثة قال: "هذا الرجل مفسدًا ومهيج فتنة بين جميع اليهود الذين في المسكونة".

    الخبير القانوني الروماني(2) سجل حديث مماثل في خطاب شهير للإمبراطور كلوديوس (41- 54م)، أُرسِل إلى الإسكندرية معارضًا فيه لبعض اليهود الذين: "هيجوا وأزعجوا الناس في المسكونة كلها". الاصطلاحات المعاصرة واضحة، بينما السلطات الرومانية تهتم قليلًا بهذه الاصطلاحات.

    St-Takla.org Image: Ananias Restoring the Sight of St Paul - Jean Ii Restout - Religious Painting Art, 1719, Oil on canvas, 90 x 80 cm, at the Musée du Louvre, Paris صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة حنانيا يعيد البصر إلى بولس (شاول الطرسوسي)، رسم الفنان جين لي ريستو سنة 1719، زيت على قماش بمقاس 90×80 سم، محفوظة في متحف اللوفر، باريس

    St-Takla.org Image: Ananias Restoring the Sight of St Paul - Jean Ii Restout - Religious Painting Art, 1719, Oil on canvas, 90 x 80 cm, at the Musée du Louvre, Paris.

    صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة حنانيا يعيد البصر إلى بولس (شاول الطرسوسي)، رسم الفنان جين لي ريستو سنة 1719، زيت على قماش بمقاس 90×80 سم، محفوظة في متحف اللوفر، باريس.

    الساحة الرومانية في فيلبى تتكون من مباني عامة مصطفة حول ساحة في الوسط. بولس جاء إلى هذه الساحة عن طريق الرعاع الأشرار (أع16: 19). أطلال هذا المكان ممكن رؤيتها هذه الأيام، والتي قد تم تجديدها في أيام مرقس أوريليوس (161-187م.). وهي قائمة على مباني يونانية رومانية أقدم منها.

    الصراع الديني بين اليهود في شكواهم ضد بولس تُرجم ثم تم تفسيره على أنه صراع سياسي. وفي سبيل ذلك استخدموا اللغة التي كان يستخدمها الإمبراطور نفسه.

    واحدة من أغنى الروايات التي ذكرت في سفر الأعمال تمت في فيلبى. وهذه هي أول مدينة أوربية سمعت عن الإنجيل. بولس وأتباعه وصلوا إلى فيلبى بعد رؤية ظهرت لهم: "اُعبر إلى مكدونية وأعنا" (أع16: 10).

    هذا الحدث فريد لأنه أحد المقاطع التي تم سرد أحداثها بصيغة الجمع "نحن" (أع16: 10-19)، ونستطيع أن نستنتج منه أن المؤلف كان حاضرًا هذه الأحداث المذكورة. لوقا شرح كيف أن بولس عمًد ليديا وأهل بيتها، وعندما أثار غضب الناس الموالين للعرافة وجروه مع سيلا إلى السوق والحكام (أع16: 13-19)، وعندئذ ضُرب بولس وسيلا وأُلقي بهما في السجن (أع16: 20- 24).

    فيلبى تُدعى مستعمرة رومانية (أع16: 12)، وهذا مشهود له في أغلب الكتابات المنقوشة باللاتينية. وأخذت فيلبى هذه المكانة لأنها كانت بالقرب من الحرب التي دارت بين اوكتافيوس وبروتس سنة 42 ق. م.(3). علاوة على ذلك، أنها كانت مقر القيادة لمقاطعة مكدونية (أع16: 12). وهذا واضح بالرجوع إلى تقسيم مكدونية إلى أربعة مقاطعات بواسطة الرومان، وهذا الوصف تم التصديق عليه من خلال النقوش(4). سجًل أن تحديد لوقا لفيلبي لا يمكن أن يُفهم خارجًا عن المقاطعة، بل افترض أنه شاهد عيان للأحداث.

    التفاصيل الشخصية لقصة فيلبى أظهرت اهتمامًا جيدًا بفترات من التاريخ. بولس وسيلا تحدثوا في اجتماع للسيدات خارج بوابة المدينة عند مجرى النهر حيث تقابلوا مع ليديا "التي من ثياتيرا، بائعة الأرجوان" (أع16: 14). اسم ليديا كان يطلق على سيدات من طبقة العوام وعلى سيدات من الطبقات الراقية. ثياتيرا معروفة بأنها مركز قديم للصباغة، وقد شهد بذلك سبعة نقوش على الأقل في تلك المدينة، واستمرت على هذا الحال إلى القرن الحاضر.

    وقد عُرف أيضًا أنه توجد علاقات تجارية بين ثياتيرا، وأحد الكنائس السبعة في آسيا (رؤ2: 18، 19)، ومكدونية أيضًا(5). النساء في مكدونية كانت تتمتع بمكانة عالية، وبولس تقابل معهن عدة مرات، وقد حُسبوا من ضمن الأناس الذين اهتدوا إلى الإيمان في فيلبى (أع16: 13-15) -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى- وأيضًا في تسالونيكى (أع17: 4)، وفي بيرية (أع17: 12). النساء في تسالونيكي كان يشار غليهم بأنهم نساء يونانيات شريفات. وما سجله لوقا متفق مع ما نعرفه تاريخيًا. النساء كن يتمتعن بنفس الاحترام الذي يتمتع به الرجال، فقد لعبوا دورًا كبيرًا في مجال الأعمال، يستقبلون الرسل ويحصلون لهم على امتيازات من أزواجهم، وكانوا يبنون المعابد، وينشئوا مدنًا(6). ويوجد في فيلبى أطلال لكنيسة يرجع تاريخها للقرن السادس، ومعروفة بالبازيليكا B، وهذا البناء طوله 300 قدم وعرضه 150 قدم.

    الأسوار اليونانية الرومانية: أهم وصف يشتمل على مسرح يوناني في الشمال، والميدان على الجانب الجنوبي لطريق أغناطية، وبازيليكا متعددة يرجع تاريخها بين القرن الرابع والسابع الميلادي. جزء فقط من المدينة هو الذي تم اكتشافه.

    منصة فيلبى: المنصة أو كرسي القضاء كما يطلق عليه اليوم، يشبه المنصة التي وقف عليها بولس وسيلا أمام رئيس القضاة (أع16: 20)، بعد أن جرهم جمهور الرعاع الأشرار. المنصة كانت مكان عام في المدن الرومانية في القرن الأول الميلادي، وبولس اُحضر ليقف أمام غاليو في المنصة التي في كورنثوس (أع18: 12- 18).

    3- بولس والقضاة

    وفى النهاية، إن عمل بولس الكرازي جره إلى الوقوف أمام القضاة والحكام، وضُرب بالعصا. الكلمة المرادفة لهذا العمل هي "الجلادين" (أع16: 20، 22، 35، 36، 38)، والتي كتبها لوقا بدقة. من عادة الرومان، أن الحكام يكون تابع لهم جلادين يحملون حزمة من العصي كسمة مميزة لهم. في فيلبي، لوقا استخدم المرادف اليوناني "حاملي العصا" (أع16: 35، 38) وهو يصف أولئك الذين يخدمون الحكام(1). ومن خلال 
    القصة، لوقا أظهر فهمه الواضح لحالة فيلبي المحلية.

    4- بولس وأناس من وجوه آسيا



    وآخر ملاحظة على صحة قصة لوقا أنها كانت مخصصة لغير المكدونيين، أن بولس في أفسس كان له أصدقاء من وجوه آسيا (أع19: 31). بينما كتاب آخرين قدماء مثل Strabo. وصف هؤلاء بأنهم كانوا يُختارون من بين الأغنياء جدًا والأرستقراطيين في المقاطعة. وكانوا يحصلون على دخل من المباريات العامة ومن الاحتفالات، وعادة كانوا يخدمون لمدة سنة واحدة. النقوش أقرت بوجود "وجوه آسيا" هؤلاء في أكثر من 40 مدينة في آسيا الصغرى(1).

    بالرغم من أن زيارة بولس لأفسس وتسالونيكي وفيلبي قد أخذت جزء صغير من سفر الأعمال، إلا أن لوقا استخدم أسماء قانونية (رسمية)، ووصف بالتفصيل الأحداث، مما أظهر أنه على درجة عالية من الدقة، مما جعل من الضعف أن يعمل هذا بدون أن يكون شاهد عيان للأحداث. وأكثر من هذا، فإن دقته وصحة كلامه قوبلت برضى وموافقة المؤرخين اليونانيين الرومانيين. وعندما نسأل ما إذا كان لوقا أمينًا في سرده لأحداث الكنيسة الأولى في سفر الأعمال، فإن الإجابة تكون بالإيجاب. وبالرغم من شك النقاد الكبار، فإن لوقا استفاد من هذا الشك.

    الموقع الذي تعمدت فيه ليديا: توجد إنشاءات (تكوينات صخرية) حديثة أشارت إلى موقع بحسب التقليد حيث تعمدت هي وأهل بيتها (أع16: 15). وهذا المكان مجهز تمامًا اليوم لتعميد الحجاج الجدد. ويقع على بُعد ميل واحد من محكمة المدينة عند مجرى كرنيوس، ويعرف أيضًا على أنه هيكل حديث.

    ولكن هل هذا هو مكان تعميد ليديا؟ هذا المجرى في الخارج من ناحية الشرق، أو نيبوليس، بوابة فيلبى والتي يُعتقد بواسطة البعض بأنها الموقع الصحيح. بالقرب منها أربعة كنائس تم اكتشافهم، أقدم هذه الكنائس يرجع للقرن الرابع الميلادي، ولا بُد أن هذه الكنائس تحتفظ بتقليد قديم مرتبط بتغيير وهداية ليديا.

    عندما تتحقق دقة كاتب بالدليل القاطع، فإنه يحصل على حق أن يُعامل على أنه موصل حقيقي للأحداث من وجهة نظره، والتي لا يمكن أن تتحقق في أي مكان آخر(2).

    هل هذا المكان الذي ذُكر في (أع16: 23-40) هو السجن الذي أُلقي فيه بولس وسيلا؟ هناك تقليد قديم يقول ذلك.

    طريق أغناطية هذا طريق مرتفع بين ولايات لمكدونية القديمة، بُنيَ في البداية بواسطة الوالي الروماني غنايوس أغناطيوس -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى- حوالي سنة 130 ق. م. بولس استخدم هذا الطريق وهو نازل من نيابوليس عن طريق فيلبى، أمفيبوليس، أبولونيا، تسالونيكي ثم إلى بيريًة. وهو أيضًا على شكل طريق اديكومانس مكسيموس، الطريق الأشهر من الشرق للغرب مرورًا بفليبي.


    NameEmailMessage