-->
U3F1ZWV6ZTE1NzcxOTkyODE1X0FjdGl2YXRpb24xNzg2NzQ5MjAxODU=
recent
أخبار ساخنة

البابا القديس ديمتريوس الكرام البطريرك الثاني عشر من بطاركة الكرازة المرقسية

ا ليوم الثاني من شهر بابة المبارك 



الانبا ديمتريوس الأول ، البطريرك الثاني عشر من بطاركة الكرازة المرقسية . وُلد هذا القديس ب اهناسيا المدينة . " اهناسيا المدينة : مدينة أثرية ما زالت موجودة بنفس اسمها وهى احدى مراكز بني سويف " . وكان فلاحاً أمياً ، متزوجاً وقد عاش مع امرأته في بتولية كاملة في عفة ونقاوة في مدينة الأسكندرية يعمل كراماً في بساتينها . 

ولما قربت نياحة القديس يوليانوس البابا الحادي عشر ، ظهر له ملاك الرب في رؤيا وأعلمه بما سيكون بعده ، وأعطاه علامة بقوله : " غداً سيأتيك رجل ومعه عنقود عنب ، هو سيخلفك " . ولما انتبه البطريرك من نومه أخبر من حوله بهذه الرؤيا وفي الغد دخل القديس ديمتريوس إلى البابا البطريرك ومعه عنقود عنب في غير أوانه ليقدمه للبابا لينال بركته . فأمسكه البابا من يده وقال للحاضرين " هذا بطريرك كم من بعدي " ثم صلى عليه فأمسكوا رغماً عنه وأبقاه في الدار البطريركية إلى أن تنيح بسلام البابا يوليانوس فأقاموا القديس ديمتريوس بطريرك وأكملوا الصلوات عليه . فامتلأ من النعمة الإلهية وتعلم كل علوم البيعة، وكان يعظ الشعب . وهو الذي وضع قواعد حساب الأبقطي الذي به تستخرج مواعيد الأصوام والأعياد بنظام في غاية الدقة . وكتب بذلك إلى بطاركة أورشليم وأنطاكية فاستحسنوا وعملوا به . كذلك ضم صوم الأربعين المقدسة إلى أسبوع الآلام . 

وكان الله مع هذا الأب بتوليته ، وأعطاه حكمة حتى كان يميز من يستحق التناول ومن لا يستحق وكان يبكت الخُخطاة ويحثهم على التوبة ، فتذمر بعضهم وقال : " هذا رجل متزوج فكيف يبكتنا " فأراد الله إظهار بتوليته ، فأتاه ملاك الرب قائلاً : " لا تطلب خلاصك وحدك وتترك غيرك في شكه ، ويجب أن تكشف السر الذي بينك وبين زوجتك للشعب ، حتى يزول عنهم الشك " وفي الصباح صلى القداس الإلهي وبعد الصلاة أمر الشعب بعدم الخروج من الكنيسة ثم أخذ جمراً ووضع بعضاً منها في أزرار زوجته وبعضاً آخر في بلينة وطافا معاً في الكنيسة فلم تحترق ثيابهما . فتعجب الشعب من هذه المعجزة ، ثم عرفهم أنه هو وزوجته لم يعرفا بعضهم معرفة الأزواج إلى اليوم . فأزال الشك من الشعب ، وتيقنوا من بتولية هذا الأب وطهارته . 

ظل يعلم شعبه ويثبتهم علي الإيمان المستقيم حتى كبر وشاخ وبلغ من العمر مائة وخمس سنوات . وتنيح بسلام . 

       بركة صلواته فلتكن معنا آمين

حياته :

كان فلاحاً بسيطاً لا يعرف القراءة والكتابة .

كان متزوجاً وأقام مع زوجته سبعاً وأربعين سنة إلى أن أختير بطريركاً ولم يعرف زوجته معرفة الأزواج .

وبعد أن قدم للبطريركية أمتلأ من النعمة السمائية وأنار الرب عقله فتعلم القراءة والكتابة ودرس كُتب الكنيسة وتفاسيرها .

هو الذي وضع حساب الأبقطي الذي به تستخرج مواقيت الأصوام على قواعد ثابتة .

ولم يفتر أيام رئاسته عن تعليم المؤمنين وتثبيتهم في الإيمان الصحيح ، ولما كبر وضعف كان يحمل على محفة إلى الكنيسة ليعلم الشعب .

أكمل جهاده المبارك في اليوم الثاني عشر من شهر بابة وتنيح بسلام بعد أن بلغ من العمر مئة وخمس سنين منها ثلاثة وأربعين سنة في الرياسة .

نشأته :

نشأ ديمتريوس بين الحقول يعتني بالكروم ، التي كانت لأبيه ثم آلت إليه . ولما بلغ سن الزواج أراد أبواه أن يزوجاه ، فخضع لإرادهتما غي الظاهر ، إذ لم يشأ أن يُعارضهما . ولكنه تعهد مع زوجته ، وهي ابنة عمه على أن يحفظ كل منهما بتوليته ، فوافقته زوجته على هذا العهد ، إذ كانت بدورها قد نذرت البتولية ، قيل أن ملاك الرب كان يظللهما أثناء نومهما .

انتخابه للكرسي المرقسي :

لما اقتربت نياحة القديس يوليانوس البابا الحادي عشر ، ظهر له ملاك الرب في رؤيا وأعلمه عن هذا القديس وأنه هو الذي سيصير بطريركاً بعده ، وأعطاه علامة بقوله له : " إن الذي سيأتيك بعنقود عنب سيخلفك " . وحدث في الغد أن وجد القديس ديمتريوس عنقوداً من العنب في غير أوانه ، فحمله إلى القديس يوليانوس بقصد نيل بركته . فأمسكه الأب البطريرك من يده وقال للحاضرين : " هذا بطريرككم من بعدي " ، وقص على من كان عنده من الأساقفة والكهنة الرؤيا التي رآها . فلما أنتقل البابا السكندري إلى مساكن النور اتفقت كلمة الإكليروس والشعب على انتخاب ديمتريوس راعياً لهم عملاً بوصية باباهم الراحل . وهكذا أصبح الكرام الخليفة الثاني عشر للقديس مرقس بالرغم من طلبه إعفاء هؤلاء من هذه المسئولية واحتجاجه بعدم علمه وبزواجه .

إعلان البتولية :

احتج بعض الشعب على رسامته بحجة أنه رجل متزوج . ومع أن الرهبنة لم تكن قد قامت بعد ، إلا أن فريق من الشعب رأى وجوب حصر الكرسي المرقسي في المتبتلين . ولم يبرر الأنبا ديمتريوس نفسه أمام هذه المجموعة من الناس إذ أعتقد بأن عهده مع زوجته سر يجب الأحتفاظ به ، وظل على كتمانه إلى أن ظهر له ملاك الرب في حلم ذات ليلة وأعلمه بوجوب إعلان حقيقة أمره جهاراً حتى تهدأ القلوب المضطربة . ففي اليوم التالي طلب الأنبا ديمتريوس من الشعب عدم الخروج من الكنيسة بعد انتهاء الصلاة ، ثم أخذ جمراً ووضعه في إزرار زوجته وفي بلينه وطاف الأثنان الكنيسة ولم تحترق ثيابهما . فتعجب الشعب من هذه المعجزة . ثم عرفهم بعهده مع زوجته وأن كلا منهما بتول بالرغم أنهما زوجان أمام أعين الناس . فزال من الشعب الشك وهدأت قلوب المتذمرين وتيقنوا طهارة هذا الأب وبتوليته .

علمه :

كان ديمتريوس ككرام رجلاً بسيطاً لم يتلق من العلم إلا بالقدر الذي يمكنه من القراءة والكتابة فقط . فلما أصبح بطريركاً قرر أن يدأب على تحصيل العلوم الدينية والمدنية ليكون أهلاً للكرسي الذي ذاع صيته بفضل العلماء من أبنائه .

قيل أنه في البداية لم يكن قادراً على تحصيل العلم . وكان المعلم يجلس عند قدميه . صرخ إلى الرب لكي ينير عقله . ولفرط تواضعه صار يجلس عند قدمي مرتل الكنيسة الذي كان يتلقى العلم منه . ذات ليلة ظهرت له السيدة العذراء وقدمت له دواة ملآنة ماء فشربها ، ومنذ ذلك الحين أنار الله فكره .

كان أيضاً يتلقى العلم على يد أساتذة مدرسة الإسكندرية . ولرغبته الأكيدة في أن يستكمل ما فاته من علم في صغره أستطاع أن يعوض السنين التي مرت به ، فحصل على علم غزير في وقت قصير .

تمكن بما حصل عليه من علم أن يضع الحساب المعروف بالأبقطي ، وهو الخاص بتحديد موعد عيد القيامة ، والذي مازال معمولاً به إلى الآن في الكنائس الشرقية .

لقد كان المسيحيون قبل ذلك يصومون بعد عيد الغطاس مباشرة الأربعين المقدسة إقتداء بالسيد المسيح الذي صام بعد عماده ، ثم يصومون أسبوع الآلآم منفصلاً ليكون الفصح المسيحي في الأحد الذي يلي فصح الإسرائيلين . وكان أيضاً من المسيحين من كان يحتفل بالفصح المسيحي يوم 14 نيسان ، أي أنهم كانوا يعيدون مع اليهود ، غير ملتفتين إلى أن فصح المسيحين بقيامة السيد المسيح كان بعد الفصح الموسوي . لذلك اهتم البابا ديمتريوس بوضعه قواعد ثابتة للأصوام والأعياد المسيحية ، وضم الأربعين المقدسة إلى أسبوع الآلآم . وكتب بذلك إلى كل من أغابيانوس أسقف أورشليم ومكسيموس بطريرك إنطاكية وبطريرك روما وغيرهم ، فاستحسنوه وعملوا بقواعده إلى اليوم ، ما عدا كنيسة روما فإنها عدلت عن ذلك واتبعت منذ القرن السادس عشر التقويم الغريرغوري .

لباباوات الكنيسة القبطية إذن الفضل الأول في تعيين يوم الفصح المسيحي . فإنهم كانوا يبعثون برسائلهم الفصحية إلى أنحاء المعمورة ليحتفل المسيحيون بعيد الفصح في يوم واحد ليكون السرور عاماً .

تقواه :

لعظم تقواه كان مُطلعاً بالروح على أعمال المتقدمين للتناول من الأسرار الإلهية . فكان يمنعهم من التناول حتى يقدموا توبة صادقة .

اضطهاد الكنيسة :

انقضت السنوات الأولى من باباويته في هدوء وسلام ، إلا أن عدو الخير أثار الإمبراطور الروماني سبتيميوس ساويرس ضد مسيحي مصر ، ومن ثم أعلن هذا الإمبراطور اضطهاده لهم ، وفي هذا الاضطهاد استشهد عدد كبير من المؤمنين من بينهم ليونيداس والد أوريجينوس . كذلك اقتحم والي الإسكندرية كنيسة القديس مرقس وسلب كل ما فيها من آنية ، ثم قبض على الأنبا ديمتريوس ونفاه إلى أوسيم حيث بقى إلى أن أنتهى زمن الاضطهاد .

أعماله :

بعد عودته من منفاه وجد إن إكليمنضس مدير مدرسة الإسكندرية قد تنيح . فأقام أوريجينوس المشهود له بالشجاعة والغيرة والشغف بالعلم مكانه ، وكان عمره حينذاك لم يتجاوز الثامنة عشر .


ظهرت في عهده بدعة تفشت في بلاد العرب ، تتلخص في أن النفس تموت بموت الجسد . وكانت الصلة بين هذه البلاد ومصر متينة ، إذ كان مسيحيوها وقتذاك خاضعين للكرسي السكندري . لذلك أرسل لهم البابا ديمتريوس أوريجينوس لإقناعهم بفساد هذه البدعة . وقد نجح المعلم الكبير في نقض البدعة من أساسها ثم عاد إلى الأسكندرية ليعاود نشاطه في مدرستها .


نياحته :

لم يفتر أيام رئاسته عن تعليم وتثبيت المؤمنين في الإيمان الصحيح . ولما كبر وضعف كان يحمل على محفة إلى الكنيسة ليعلم الشعب . وبلغ من العمر مائة وخمس سنين ، ثم تنيح بسلام قبل أن تندلع نار الاضطهاد التي أوقدها الإمبراطور مكسيميانوس بقسوة وعنف ، فأستودع روحه في يدي الآب والسلام مخيم على ربوع مصر .


NameEmailMessage