-->
U3F1ZWV6ZTE1NzcxOTkyODE1X0FjdGl2YXRpb24xNzg2NzQ5MjAxODU=
recent
أخبار ساخنة

التجسد الإلهي في فكر القديس كيرلس الكبير

 


9- التجسد الإلهي في فكر القديس كيرلس الكبير (1): ما معنى التجسد

عقيدة التجسد هي من أعمق العقائد المسيحية وأولها، =.. فلولا التجسد (تجسد السيد المسيح) لم يكن فداءًا ولو لم يكن صلب وموت للسيد المسيح على عود الصليب ما تم الفداء.. وما حدثت القيامة.. وأيضًا لولا احتياجنا للفداء ما كان لزوم لتجسد الأقنوم الثاني من الثالوث القدوس..

- فعقيدتي التجسد والفداء هما عقيدتين متلازمتين ومترابطتين مع بعضهما.. كل عقيدة تحتاج إلى الأخرى أو الأخرى ضرورية لها لإتمامها..

+ فمن الذي كان يستطيع أن يفدينا لولا تجسد الابن الوحيد وأخذه جسدًا بشريًا من سيدتنا وملكتنا كلنا السيدة العذراء.. وباتخاذه منها جسدًا بشريًا استطاع أن يقدم نفسه ذبيحة حقيقية على الصليب وذاق الموت بالجسد على عود الصليب كما نصلى في قطع صلاة الساعة التاسعة "يا مَنْ ذاق الموت بالجسد في وقت الساعة التاسعة.."

 

+ وهنا نجد إن عقيدة التجسد كانت مغروسة في فكر القديس كيرلس.. فقد تملكت على فكره في كل ما كتب أو قال وذلك لأنه كان يؤمن من داخله إن سر التجسد الإلهي هو بداية ووسيلة إتحادنا بالله..

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

1- ما معنى التجسد

 

"عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد" (1تيمو3: 16).

+ معنى التجسد الإلهي إن الله هو ملك السموات والأرض قد تنازل وأخذ جسدًا إنسانيًا فأتحد بطبيعتنا وظهر بيننا على الأرض..

+ والتجسد الإلهي يعنى إن الله غير المنظور (غير المرئي) قد صار منظورًا في جسد الإنسان.

+ وأيضًا يعنى التجسد الإلهي إن الله تواضع حبًا فينا وأخلى ذاته وأخذ جسدًا "أخلى نفسه آخذًا صورة عبد صائرًا في شبه الناس" (فيليبى2: 7).

"الكلمة صار جسدًا وحل بيننا" (يو1: 14)

- الله الكلمة- أقنوم الابن- صار إنسانًا وحل بيننا..

وكلمة (صار) لا تعنى هنا الصيرورة أو التحول بل هي تعنى حرفيًا (أخذ جسدًا) كما نقول في القداس الباسيلي "أفتشي ساركسAf[icarx أي أخذ جسدًا (وهذا ما سوف نذكره بعد قليل وماذا قال القديس كيرلس في ذلك{صار}.

+ فأقنوم الابن -الله الكلمة- أزلي لا يتغير ولا يتحول بل هو ثابت

كل ما حدث هو إنه أخذ جسدًا ليحل بيننا بصورة حسية فنسمعه ونراه ولذلك يقول معلمنا يوحنا الرسول "الذي سمعناه الذي رأيناه بعيوننا الذي شاهدناه ولمسته أيدينا" (1يو1:1)

St-Takla.org Image: Saint Cyril the Pillar of Faith (carrying an icon of Saint Mary the Theotocos), Saint Mary and Pope Kyrillos Church, Cairo, Egypt, 1733 A.M. (2016-2017 - which corresponds with the year 6258 according to the ancient Egyptian calendar), Coptic art, used with permission - by Gerges Samir (Orthodox Iconographer) صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة القديس البابا كيرلس عمود الدين (وهو يحمل أيقونة القديسة مريم العذراء الثيئوطوكوس)، كنيسة السيدة العذراء والبابا كيرلس عمود الدين، القاهرة، مصر، 1733 ش. (2016-2017 م. - والذي يوافق سنة 6258 حسب التقويم المصري القديم)، فن قبطي، موضوعة بإذن - رسم الفنان جرجس سمير: كاتب الأيقونة الأرثوذكسية

St-Takla.org Image: Saint Cyril the Pillar of Faith (carrying an icon of Saint Mary the Theotocos), Saint Mary and Pope Kyrillos Church, Cairo, Egypt, 1733 A.M. (2016-2017 - which corresponds with the year 6258 according to the ancient Egyptian calendar), Coptic art, used with permission - by Gerges Samir (Orthodox Iconographer)

صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة القديس البابا كيرلس عمود الدين (وهو يحمل أيقونة القديسة مريم العذراء الثيئوطوكوس)، كنيسة السيدة العذراء والبابا كيرلس عمود الدين، القاهرة، مصر، 1733 ش. (2016-2017 م. - والذي يوافق سنة 6258 حسب التقويم المصري القديم)، فن قبطي، موضوعة بإذن - رسم الفنان جرجس سمير: كاتب الأيقونة الأرثوذكسية

+ أقنوم الابن لم يتجسد فقط ولكنه تجسد وتأنس وهذا يعنى إنه تجسد في جسد إنساني وأخذ الطبيعة الإنسانية كلها

+ والتجسد الإلهي لا يعنى إن الله قد أخلى السماء من وجوده حين نزل على الأرض فوجوده يملأ السموات والأرض.. وإنما أخلى ذاته من المجد..

- هذا الأمر دخل في دائرة قدرة الله وليس فيه صعوبة أو غرابة لأن الذي يملك الكل يملك الجزء والذي يملك الأكثر يملك الأقل..

 

ومن هنا نستطيع أن نقول:-

أليس في قدرة الملك أن يلبس رداء العمال ويجلس بينهم ويتحدث إليهم..

أليس في قدرة المدرس أن ينزل إلى مستوى التلاميذ ويتحدث إليهم..

أليس في إمكان الرفيع الشأن أن يتنازل ويسير بين عامة الناس..

 

+ ولذلك نطرح سؤالًا هامًا هنا ونقول:-

هل من قدرة الله أن يتجسد أم ليس في قدرته؟

وهنا الإجابة واضحة جدًا وهي إنه من قدرته ذلك دون أدنى شك..

- لأننا لو قلنا إن الله ليس في قدرته أن يتجسد فإننا ننسب إليه الضعف إذ هو لا يستطيع أن يتجسد..

+ ممكن أن يقول البعض إن التجسد هو ضعف لا يليق بالله ولكن هذا ليس من الحق في شيء..

- فإن التجسد هو عمل من أعمال القوة وليس عملًا من أعمال الضعف.. وهو داخل في قدرة الله اللانهائية وغير المحدودة.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

التجسد

+ معناه شيء كان موجود غير محسوس وليس له كيان جسدي وبعد ذلك أخذ جسدًا

مثل فكرة في الزمن← كانت غير محسوسة وغير مرئية ثم أفكر فيها كثيرًا فتتحول إلى فكرة محسوسة وتظهر في صورة ماكيت- شِعر- مقالة.. ← تأخذ كيان محسوس..

 

+ الله كائن منذ الأزل ويملأ الوجود ولكن ليس له جسد.. في ملء الزمان أخذ جسدًا لكي نراه بعيوننا.

- إذا كان لم يأخذ جسدًا كنا لا نراه ولا نتكلم معه ولا نحسه..

+ الوحيد الذي تجسد هو السيد المسيح.. لأنه هو الوحيد الذي كان موجود قبل ميلاده وليس عنده جسد.

+ هذا ما يفسر إنه لماذا ولد من غير آب..

لأنه كان موجود قبل كل الدهور ولكن ليس له جسد "الآب يعطى الوجود والأم تعطى الجسد".

+ فأي كائن حي موجود على الأرض أيًا كان حيوان أو نبات أو إنسان يحتاج إلى أب وأم..

فمثلًا النبات: الأب هو (البذرة) والأم هي (الأرض).

+ الوحيد الذي كان موجود وليس له جسد هو الله.. لذلك احتاج أم تعطى له الجسد ولكنه كان لا يحتاج إلى أب لأنه كان موجود ومولود من الآب قبل كل الدهور..

(الأب يعطى الكيان "الزيجوت" Zygote بالنانوجرام + الأم تعطى الجسد)..

 

+ وهنا يعترضنا سؤال وهو:-

س:- هل كان من الممكن إن السيد المسيح يحضر جسد من السماء ولا يحتاج لهذا الجسد البشرى؟

الإجابة:-

St-Takla.org Image: Announcing the coming of Christ (or the nativity, incarnation of Jesus Christ) and the Salvation (the cross, crucifixion) (Genesis 3:15) - edited image صورة في موقع الأنبا تكلا: إنباء بمجيء السيد المسيح (أو ميلاد يسوع المسيح) والفداء (الخلاص والصليب) (تكوين 3: 15) - صورة معدلة

St-Takla.org Image: Announcing the coming of Christ (or the nativity, incarnation of Jesus Christ) and the Salvation (the cross, crucifixion) (Genesis 3:15) - edited image.

صورة في موقع الأنبا تكلا: إنباء بمجيء السيد المسيح (أو ميلاد يسوع المسيح) والفداء (الخلاص والصليب) (تكوين 3: 15) - صورة معدلة.

كان من الممكن ولكنه لو حدث ذلك لكان يصبح من طبيعة أخرى غير طبيعتنا البشرية وكان لا يستطيع أن يخلصنا على الصليب لأنه ليس إبن إنسان..

- فالفداء يحدث عن طريق الإنسان ليفدى الإنسان الذي أخطأ.. فيلزم نفس الطبيعة..

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

+ وهنا نأتي إلى شرح معنى التجسد عند القديس كيرلس الكبير..

فقد اعتمد القديس كيرلس كثيرًا على كلمة القديس يوحنا الإنجيلي والتي ذكرها في إنجيله "والكلمة صار جسدًا" (يو1: 14).

+ وهنا يؤكد على كلمة (صار) ماذا تعنى؟

هل تعنى تغيير في حالة الشخص كما حدث سابقًا مع امرأة لوط فقد قيل عنها "ونظرت امرأته من وراءه فصارت عمود ملح" (تك19: 26).

وهل كما حدث مع عصا موسى

"فقال أطرحها إلى الأرض فطرحها إلى الأرض فصارت حية" (خر4: 3)

+ ففي هاتين الحالتين حدث تغيير..

فهل معنى إن الكلمة صار جسدًا إنه تغير وفقد لاهوته؟ حاشا.. فإن الكلام عن الله لا يمكن أن ينطبق عليه الكلام عن البشر أو عن المادة..

حيث إن الله ليس عنده تغيير ولا ظل دوران (يع1: 17)

+ ويقول القديس كيرلس عندما ننشد:

"قوتي وترنمي الرب وقد صار لي خلاصًا" (مز118: 14) وهي نفسها التسبحة التي نصليها من ليلة الجمعة العظيمة في البصخة

"الحجر الذي رفضه البناؤون قد صار رأس الزاوية" (مز118: 22)

"أحمدك لأنك استجبت لي وصرت لي خلاصًا" (مز118:21)

+ فهل يعنى هنا بكلمة (صار) إن الله تحول فصار خلاصًا؟ أو تحول فصار رأس الزاوية؟.. فهذا التفسير لا يتناسب نهائيًا مع الله بل لا يليق به أيضًا لأن طبيعة الله غير متغيرة..

فهو كائن منذ الأزل وإلى الأبد وهو دائمًا غير متغير وهذا هو ما يجعله ملجئًا وخلاصًا للذين يلجأون إليه ويحتمون به..

+ ويتحدث القديس كيرلس ويقول "نحن لا نقول إن طبيعة الكلمة تغيرت حينما صار جسدًا وأيضًا نحن لا نقول إن الكلمة قد تغير إلى إنسان كامل من نفس وجسد.. بل بالأحرى نقول إن الكلمة قد وحد مع نفسه أقنومًا جسدًا محييًا بنفس عاقلة.. وصار إنسانًا بطريقة لا يمكن التعبير عنها أو إدراكها.. وهو قد دعى ابن الإنسان ليس بحسب الرغبة فقط ولا بحسب الإرادة الصالحة ولا أيضًا باتخاذه شخصًا معينًا.."

+ وهنا يقول القديس كيرلس "إنه على الرغم إن الطبيعتين اللتين اجتمعتا معًا في وحدة حقيقية (الطبيعة اللاهوتية، الطبيعة الناسوتية) مختلفتان إلا إنه يوجد مسيح واحد وابن واحد من الاثنين (الطبيعتين)".

+ إن اختلاف الطبائع لم يبطل سبب الإتحاد بل بالحري فإن هذا الإتحاد الذي يفوقه الفهم والوصف كون لنا من اللاهوت والناسوت ربًا واحدًا يسوع المسيح وابنًا واحدًا..

+ وهكذا فرغم إن الابن له وجودًا قبل كل الدهور وقد ولد من الآب فإنه يقال أيضًا إنه ولد حسب الجسد من امرأة.. كما إن طبيعته الإلهية لا تحتاج لنفسها بالضرورة إلى ولادة أخرى بعد الولادة من الآب.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

+ ويقول أيضًا "إن القول بأن ذلك الذي هو موجود قبل كل الدهور وهو أزلي من الآب.. يحتاج إلى بداية ثانية لكي يوجد إنما هو أمر بلا غاية.. وفي نفس الوقت هو قول أحمق ولكن حيث إنه من أجلنا ومن أجل خلاصنا وحد الطبيعة البشرية بنفسه أقنوميًا وولد من امرأة فإنه بهذه الطريقة يقال إنه ولد جسديًا.. لأنه لم يولد أولًا إنسانًا عاديًا من العذراء القديسة مريم ثم بعد ذلك حل عليه الكلمة بل إذ قد اتحد بالجسد الذي من أحشائها فيقال إن الكلمة قد قبل الولادة الجسدية لكي ينسب إلى نفسه ولادة جسده الخاص.."

ولكن إذا رفضنا الإتحاد الأقنومي سواء بسبب تعذر إدراكه أو بسبب عدم قبوله نسقط في التعليم بابنين.

وهكذا سوف نجد إن الآباء القديسين قد فكروا بهذه الطريقة وهكذا لم يترددوا في تسمية السيدة العذراء القديسة بوالدة الإله..

وهم لم يقولوا إن طبيعة الكلمة أي لاهوته أخذ بداية وجوده من العذراء القديسة بل إن جسده المقدس المحيي بنفس عاقلة قد ولد منها.. الذي به إذ اتحد الكلمة أقنوميًا يقال عن الكلمة إنه ولد حسب الجسد..

+ ويقول معلمنا بولس الرسول الحكيم جدًا:-

"فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع أيضًا الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلًا لله لكنه أخلى نفسه آخذًا صورة عبد صائرًا في شبه الناس وإذ وجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب" (فى2: 5-8).

فالكلمة الابن الوحيد الذي ولد من الله الآب الذي هو "بهاء مجده ورسم جوهره" (عب1: 3).

هو الذي صار جسدًا دون أن يتحول إلى جسد (أي بلا امتزاج ولا اختلاط أو أي شيء آخر من هذا القبيل بل {أخلى ذاته أخذًا صورة عبد} وجاء إلى فقرنا ولذلك من أجل السرور الموضوع أمامه استهان بالخزي والعار..

+ بكل يقين ظل الله الكائن قبل الدهور عندما صار مثلنا في كل شيء ما خلا الخطية وحدها.. ولذلك يشهد بولس الحكيم جدًا على ذلك بقوله:-

"فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم أشترك هو أيضًا كذلك فيهما لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس ويعتق أولئك الذين خوفًا من الموت كانوا جميعًا كل حياتهم تحت العبودية لأنه حقًا ليس يمسك الملائكة بل يمسك نسل إبراهيم من ثم كان ينبغي أن يشبه أخوته في كل شيء لكي يكون رحيمًا ورئيس كهنة أمينًا في ما لله حتى يكفر خطايا الشعب" (عب12: 14-17).

+ وهنا معنى كلمة يشبه أخوته في كل شيء هي أن يكون لهذه المشابهة بداية وهي الميلاد من امرأة وظهوره في الجسد لأنه كإله هو غير منظور وسكن حسب التدبير  في وسطنا..

10- التجسد الإلهي في فكر القديس كيرلس الكبير (2): تشبيهات سر التجسد

بعض التشبيهات أستخدمها القديس كيرلس لشرح سر التجسد:

  1. عليقة موسى

  2. تابوت العهد

  3. النفس والجسد في الإنسان

  4. إتحاد الحديد بالنار

  5. السوسنة

  6. جمرة إشعياء

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

1- عليقة موسى:-

إن الكتاب المقدس يشبه الطبيعة الإلهية بالنار وذلك لقدرة هذا العنصر (النار) أن يغلب بسهولة كل ما يعترضه (يحرقه ويلتهمه).

وأما طبيعة الإنسان الترابي فهي على عكس ذلك تشبه بالزرع وبنبات الحقل..

- فالكتب المقدسة تقول من جهة "لأن إلهنا نار آكلة" (عب12: 29) ومن جهة أخرى "الإنسان مثل العشب أيامه كزهر الحقل كذلك يزهر" (مز103: 15)، "لأن كل جسد كعشب وكل مجد إنسان كزهر عشب. العشب يبس وزهره سقط" (1بط1: 24).

- فكما إن العوسج (الشوك) بطبعه لا يحتمل النار هكذا أيضًا الناسوت بطبعه لا يحتمل اللاهوت وأما في المسيح فقد حل كل ملء اللاهوت جسديًا حسب قول بولس الحكيم..

"الذي وحده له عدم الموت ساكنًا في نور لا يدنى منه الذي لم يره أحد من الناس ولا يقدر أن يراه الذي له الكرامة والقدرة الأبدية أمين" (1تى6: 16).

+ أتى وحل في هيكل جسده المأخوذ من العذراء

لذلك فالنار التي رآها موسى ما كانت تحرق العوسج بل كانت تتلاطف وتتآلَف مع طبيعة الخشب الضعيفة وهكذا اللاهوت كان يتآلف مع الناسوت وهذا هو السر الذي تم في المسيح..

+ كما يقول أيضًا القديس كيرلس "كما إن النار كانت تضيء العليقة دون أن تحرقها هكذا أيضًا اللوغوس لما تجسد لم يحرق الجسد الذي اتحد به على العكس جعله جسدًا محييًا".

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: Saint Cyril of Alexandria (the Pillar of Faith), private collection, Egypt, 1733 A.M. (2016-2017 - which corresponds with the year 6258 according to the ancient Egyptian calendar), Coptic art, used with permission - by Gerges Samir (Orthodox Iconographer) صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة القديس العظيم البابا كيرلس عمود الدين، مقتنيات خاصة، مصر، 1733 ش. (2016-2017 م. - والذي يوافق سنة 6258 حسب التقويم المصري القديم)، فن قبطي، موضوعة بإذن - رسم الفنان جرجس سمير: كاتب الأيقونة الأرثوذكسية

St-Takla.org Image: Saint Cyril of Alexandria (the Pillar of Faith), private collection, Egypt, 1733 A.M. (2016-2017 - which corresponds with the year 6258 according to the ancient Egyptian calendar), Coptic art, used with permission - by Gerges Samir (Orthodox Iconographer)

صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة القديس العظيم البابا كيرلس عمود الدين، مقتنيات خاصة، مصر، 1733 ش. (2016-2017 م. - والذي يوافق سنة 6258 حسب التقويم المصري القديم)، فن قبطي، موضوعة بإذن - رسم الفنان جرجس سمير: كاتب الأيقونة الأرثوذكسية

2- تابوت العهد:-

يمثل القديس كيرلس اللاهوت في تابوت العهد بالذهب حيث مادته فائقة لذلك قال الله لموسى "فيضعون تابوتًا من خشب السنط طوله ذراعان ونصف وعرضه ذراع ونصف وارتفاعه ذراع ونصف وتغشيه بذهب نقى من داخل ومن خارج تغشيه وتصنع إكليلًا من ذهب حواليه" (خر25: 11:11).

+ فالخشب الذي لا يسوس هو مثال للجسد الإلهي غير الفاسد. وأما الذهب الذي يفوق سائر المواد فهو يدلنا على الجوهر الإلهي الفائق. ولكن لاحظ كيف إن التابوت كان مصفحًا بذهب نقى من داخل ومن خارج فإن الله الكلمة كان متحدًا بجسده المقدس وهذا معنى تصفيح التابوت من خارج كما كان متحدًا أيضًا بنفسه العاقلة الكائنة في هذا الجسد وهذا معنى تصفيح التابوت من داخل أيضًا وأما إن الإتحاد لا يعنى الاختلاط بين الجوهرين فسنرى هذا أيضًا لأن الذهب المصفح على الخشب قد بقى على حاله وأما الخشب فقد اغتنى بمجد الذهب غير إنه لم يخرج عن كونه خشبًا.

- وهكذا جسد المسيح قد اغتنى بمجد اللاهوت الحال فيه وصار مجيدًا ومحييًا غير إنه لم يتحول عن كونه جسدًا بشريًا مساويًا لأجسادنا تمامًا في كل شيء ما خلا الخطية وحدها.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

3- النفس والجسد في الإنسان:-

إذا طلب منا أن نحدد كيفية إتحاد اللاهوت بالناسوت وهو أمر يفوق كل فهم بل صعب جدًا نقول إنه من اللائق أن نعتقد إن إتحاد اللاهوت بالناسوت في عمانوئيل هو مثل إتحاد نفس الإنسان بجسده -وهذا ليس خطأ- لأن الحق الذي نتحدث عنه هنا تعجز عن وصفه كلماتنا. والنفس تجعل الأشياء التي للجسد هي لها رغم إنها بطبيعتها لا تشارك الجسد آلامه المادية الطبيعية أو الآلام التي تسببها للجسد الأشياء التي هي خارج الجسد لأن الجسد عندما يتحرك مدفوعًا نحو رغباته الطبيعية فإن النفس التي فيه تعرف هذه الرغبات بسبب إتحاد النفس بالجسد..

لكنها لا تشارك الجسد رغباته ومع ذلك تعتبر إن تحقيق الرغبة هي تحقيق لرغبتها هي فإذا ضرب الجسد أو جرح بالحديد مثلًا فإن النفس تحزن مع جسدها ولكن بطبيعتها لا تتألم بالآلام المادية التي تقع على الجسد.

+ وكما إن الجسد من طبيعة مختلفة عن النفس لكن الإنسان واحد من أثنين (النفس والجسد) هكذا المسيح واحد من الأقنوم الكامل لله الكلمة ومن الناسوت الكامل والألوهية نفسها والناسوت نفسه في الواحد بعينيه الأقنوم الواحد

وكما قلت إن الكلمة يجعل آلام جسده آلامه هو لأن الجسد هو جسده وليس جسد شخص آخر سواه

- هكذا يمنح الكلمة جسده كل ما يخص لاهوته من قوة.. حتى إن جسده قادر على أن يقيم الموتى ويبرئ المرضى.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

4- إتحاد الحديد بالنار:-

يقول القديس كيرلس "كما إن الحديد إذا قربناه من نار شديدة يكتسب للوقت مظهر النار ويشترك في صفات ذلك العنصر الغالب هكذا أيضًا طبيعة الجسد التي اتخذها لنفسه اللوغوس غير الفاسد والمحيى لم تبقى على حالها الأول بل قد انعتقت من الفساد ومن الفناء وسادت عليهما".

ويقول أيضًا "إذا وضعتم حديدًا في النار فإنه يمتلئ كذلك بقوة النار.. وهكذا الكلمة المحيى لما وحد بذاته جسده الخاص-بالكيفية التي هو وحده يعلمها جعل هذا الجسد محييًا.."

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

5- السوسنة:-

مَنْ يقرأ سفر النشيد يجده يقدم لنا السيد المسيح كسوسنة أودية فيقول "أنا نرجس شارون سوسنة الأودية" (نش2: 1).

- وفي السوسنة الرائحة غير المجسمة (غير ظاهرة للعين) ولكنها لا توجد خارج السوسنة ولذلك فالسوسنة واحدة من أثنين (الرائحة وجسم السوسنة) وغياب رائحة السوسنة لا يجعلها سوسنة. وفي جسم السوسنة توجد رائحتها.

هكذا أيضًا يجب أن يكون اعتقادنا في ألوهية السيد المسيح الذي يعطر العالم برائحته الذكية ومجده الذي يفوق مجد الأرضيات، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ولكي يعطر العالم كله استخدم (لاهوته) الطبيعة البشرية وتلك التي بطبيعتها غير جسمانية، صارت بالتدبير وعلى قدر ما نفهم متجسدة لأنه عندما أراد أن يعلن عن ذاته من خلال الجسد جعل فيه (الجسد) كل ما يخص اللاهوت، لذلك من الصواب أن نعتقد إن الذي بطبيعته غير جسماني اتحد بجسده وأصبح الإتحاد مثل السوسنة لأن رائحتها العطرة وجسم السوسنة هما واحد ويسميان السوسنة..

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

6- جمرة إشعياء:-

يقول إشعياء النبي "فطار إلى واحد من السيرافيم وبيده جمرة قد أخذها بملقط من المذبح ومس بها فمي وقال إن هذه قد مست شفتيك فأنتزع إثمك وكفر عن خطيتك" (إش6: 6-7).

ويقول القديس كيرلس عن الجمرة "ونحن نقول إن الجمرة المتقدة هي مثال وصورة للكلمة المتجسد لأنه عندما يلمس شفاهنا أي عندما نعترف بالإيمان به فإنه ينقينا من كل خطية ويبررنا من اللوم القديم الذي ضدنا.. ويمكننا أن نرى أيضًا الجمرة مثالًا لكلمة الله المتحدة بالطبيعة البشرية دون أن يفقد خواصه بل حول ما أخذه (الطبيعة البشرية) وجعله متحدًا به، بل بمجده وبعمله لأن النار عندما تتصل بالخشب تستحوذ عليه (تحرقه وتلتهمه كله) لكن الخشب يظل خشبًا فقط لا يتغير إلى شكل النار وقوتها.. بل يصبح له كل صفات النار وطاقتها ويعتبر واحدًا معها.. هكذا أيضًا يجب أن يكون اعتقادنا في المسيح لأن الله اتحد بالإنسانية بطريقة لا ينطق بها، ولكنه أبقى على خواص الناسوت على النحو الذي نعرفه وهو نفسه لم يفقد خواص اللاهوت عندما اتحد به جعله واحدًا معه.. وجعل خواص الناسوت خواصه.. بل هو نفسه قام بكل أعمال اللاهوت فيه (أي في الناسوت)".

التجسد الإلهي في فكر القديس كيرلس الكبير (3): غاية وهدف التجسد

غاية التجسد

أما عن غاية التجسد فيحدثنا القديس كيرلس الكبير في تفسيره لأنجيل القديس يوحنا (4: 26) "قال لها يسوع أنا الذي أكلمك هو" فيقول:

+ لقد صار جسدًا جاعلًا نفسه مشابهًا لنا لكي يوحد بالله بواسطة نفسه ما كان بحسب الطبيعة منفصلًا جدا عنه..

 

+ وفي تفسره لـ (يو17: 20) "ولست اسأل من أجل هؤلاء فقط بل أيضًا من أجل الذين يؤمنون بي بكلامهم" يقول "لقد صار الابن الوحيد الذي من جوهر الآب جسدًا.. لكي يوحد ويؤلف بطريقة ما في نفسه بين الأشياء المتخالفة بحسب طبعها الخاص، والتي لم يكن ممكنًا أن تتجمع (اللاهوت والناسوت).."

-إذًا فالسر الحاصل في المسيح قد صار بداية ووسيلة لاشتراكنا في الروح وإتحادنا بالله..

 

+ وفي تفسيره لـ (يو1: 14) "والكلمة صار جسدًا وحل بيننا ورأينا مجده مجدًا كما لوحيد من الآب مملوءًا نعمة وحقًا".

يقول القديس كيرلس "لكي نرى في وقت واحد، الجرح والدواء، المريض والطبيب، ذاك الذي سقط تحت قبضة الموت والذي يقيمه للحياة.. ذاك الذي ساد عليه الفساد والذي طرد الفساد ذاك الذي أمسك به الموت والذي هو أسمى من الموت، ذاك الذي له عدم الحياة وذاك الذي هو واهب الحياة.."

- ويقول القديس كيرلس " إن تجسد الكلمة لم يحدث لغاية أخرى إلا لكي نغتني نحن أيضًا بشركة الكلمة بواسطة الروح القدس فنستمد منه غنى التبني".

+ ففى فكر القديس كيرلس إن التجسد الذي هو إتحاد اللاهوت بطبيعتنا البشرية لا يمكن أن يكون بعده افتراق فيقول "لقد ولد بحسب الجسد من امرأة آخذًا منها جسده الخاص لكي يغرس نفسه فينا بإتحاد لا يقبل الأفتراق".

 

+ وفي تفسيره لـ(يو20: 17) "قال لها يسوع لا تلمسيني لأني لم أصعد بعد إلى أبى ولكن اذهبي إلى أخوتي وقولي لهم أنى أصعد إلى أبى وأبيكم وإلهي وإلهكم".

St-Takla.org Image: Jesus Christ during the Second coming - at the hall of Saint Mary Church, Assiout, Egypt, 5x4 meters, October 4, 2018 - (details 3) painting, used with permission - by Mokhlis Kameel صورة في موقع الأنبا تكلا: صورة السيد المسيح في المجيء الثاني، ألوان زيت، في قاعة كنيسة السيدة العذراء مريم بأسيوط، مصر، بمساحة 5 متر عرض × 3 متر ارتفاع، 4 أكتوبر 2018 م. - (تفاصيل 3) - موضوعة بإذن - رسم الفنان مخلص كميل

St-Takla.org Image: Jesus Christ during the Second coming - at the hall of Saint Mary Church, Assiout, Egypt, 5x4 meters, October 4, 2018 - (details 3) painting, used with permission - by Mokhlis Kameel

صورة في موقع الأنبا تكلا: صورة السيد المسيح في المجيء الثاني، ألوان زيت، في قاعة كنيسة السيدة العذراء مريم بأسيوط، مصر، بمساحة 5 متر عرض × 3 متر ارتفاع، 4 أكتوبر 2018 م. - (تفاصيل 3) - موضوعة بإذن - رسم الفنان مخلص كميل

يقول في تعليقه على قول المخلص (ها أنا صاعد إلى أبى وأبيكم وإلهي وإلهكم).

- "يا مَنْ تقرأ هذه الكلمات حاول أن تقبل هذا السر العجيب والعظيم ولا تدع قلبك يبتعد عن الحق الكامن في التعاليم الإلهية تأمل كيف جاء الابن الوحيد كلمة الله وسكن بيننا لكي نكون نحن مثله على قدر ما تحتمل طبيعتنا أن تأخذ منه في نعمة الخلق الجديد. لقد أتضع هو لكي يرفع ما هو أصلًا وضيع إلى مقامة العالي. وليس شكل العبد رغم إنه بالطبيعة الرب وابن الله لكي يرفع من الطبيعة مستعبد إلى كرامة البنوة وسموها.. جاعلًا إياها على صورته ومثاله.."

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ونختم موضوعنا هنا بعد أن تمتعنا بفكر وإيمان القديس كيرلس وشرحه الوافي عن عقيدة التجسد بنقطة ختامية وهي:

4- لماذا التجسد

 

لم يكن تجسد ابن الله هدفًا في ذاته بل كان وسيلة لتحقيق أهداف عظمى وهي:-

1- فداء الإنسان:-

إذ بذل أقنوم الابن جسده فداء عن الإنسان الساقط

 

2- تجديد خلقه الإنسان:-

إذا جاء ابن الله الكلمة المتجسد ليتحد بطبيعتنا الساقطة ويقيمها من ضعفها ويجددها بل ويعيد خلقتها لتصير طبيعة مقدسة

 

3- تعليم الإنسان الفضيلة والكمال وتقديم المثل الأعلى:-

-إذ أتى أقنوم الابن وعلم الإنسان الفضيلة والكمال ليس بكلامه فقط بل بشخصه أيضًا..

فعاش كاملًا مقدمًا مثلًا وقدوة يسير عليها المؤمنون..

لأن الله غير قابل للموت بلاهوته، أخذ جسدًا قابلًا للموت، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فبه ذاق الموت من أجل الجميع "يا مَنْ ذاق الموت بالجسد في وقت الساعة التاسعة من أجلنا نحن الخطاة.." (قطع الساعة التاسعة).

الخلاص في تعاليم القديس كيرلس الكبير


St-Takla.org Image: The Promised Savior - from "The Children's Friend: Pictures and Stories of the Life of Jesus" book صورة في موقع الأنبا تكلا: المخلص الموعود - من كتاب "صديق الأطفال: صور وقصص من حياة المسيح"

St-Takla.org Image: The Promised Savior - from "The Children's Friend: Pictures and Stories of the Life of Jesus" book

صورة في موقع الأنبا تكلا: المخلص الموعود - من كتاب "صديق الأطفال: صور وقصص من حياة المسيح"

  1. خصائص الطبيعة البشرية

  2. الطبيعة الساقطة

  3. سيادة الموت على الإنسان

  4. وراثة خطية آدم وحواء

  5. الخلاص بالمسيح في التجسد والإخلاء

  6. نتائج الخلاص

  7.  الخلاص في تعاليم القديس كيرلس الكبير (1): خصائص الطبيعة البشرية

  8. خصائص الطبيعة البشرية

    لقد أوضح لنا القديس كيرلس الكبير الفرق بين الفكر المسيحي والفلسفة اليونانية الناظرة إلى الجسد أنه عبارة عن سجن للنفس وترى في ذلك انه لا خلاص للنفس إلا بتحررها من الجسد..

    St-Takla.org Image: Saint Cyril the Pillar of Faith (carrying an icon of Saint Mary the Theotocos), Saint Mary and Pope Kyrillos Church, Cairo, Egypt, 1733 A.M. (2016-2017 - which corresponds with the year 6258 according to the ancient Egyptian calendar), Coptic art, used with permission - by Gerges Samir (Orthodox Iconographer) صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة القديس البابا كيرلس عمود الدين (وهو يحمل أيقونة القديسة مريم العذراء الثيئوطوكوس)، كنيسة السيدة العذراء والبابا كيرلس عمود الدين، القاهرة، مصر، 1733 ش. (2016-2017 م. - والذي يوافق سنة 6258 حسب التقويم المصري القديم)، فن قبطي، موضوعة بإذن - رسم الفنان جرجس سمير: كاتب الأيقونة الأرثوذكسية

    St-Takla.org Image: Saint Cyril the Pillar of Faith (carrying an icon of Saint Mary the Theotocos), Saint Mary and Pope Kyrillos Church, Cairo, Egypt, 1733 A.M. (2016-2017 - which corresponds with the year 6258 according to the ancient Egyptian calendar), Coptic art, used with permission - by Gerges Samir (Orthodox Iconographer)

    صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة القديس البابا كيرلس عمود الدين (وهو يحمل أيقونة القديسة مريم العذراء الثيئوطوكوس)، كنيسة السيدة العذراء والبابا كيرلس عمود الدين، القاهرة، مصر، 1733 ش. (2016-2017 م. - والذي يوافق سنة 6258 حسب التقويم المصري القديم)، فن قبطي، موضوعة بإذن - رسم الفنان جرجس سمير: كاتب الأيقونة الأرثوذكسية

    لكن المسيحية ترجع بالخطية إلى الإرادة البشرية وليس إلى الجسد نفسه [في طبيعته المادية].

    فأبينا آدم كان له جسد إنساني عادى قبل أن يخطئ ولم تكن خطية العصيان التي وقع فيها سببها الأساسي هو الجسد المادي الذي كان فيه..

    والسيد المسيح نفسه عندما تجسد أخذ جسد إنسان بطبيعة ناسوتية كاملة دون انتقاص أي شيء منها، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ولكنه لم يخطئ [شابهنا في كل شيء ما خلا الخطية وحدها].

    وهو الذي قال لليهود في أحدى المرات من منكم يبكتني على خطية..

    فالخطية هي عمل مشترك يشترك فيه الروح والجسد معًا..

    وكذلك فإن الخلاص الذي يقدمه الرب لنا هو عمل إلهي تنعكس ثماره على الروح والجسد معًا..

    وما يؤكد ذلك أن الدينونة العامة لا تتم إلا بعد أن تلبس النفوس أجسادها التي عاشت بها على الأرض فيفوز الأبرار بالنعيم [للجسد والنفس معًا] في ملكوت السموات..

     

    و عن هذا كله يقول القديس كيرلس:

    1. إن الكلمة هو مانح الحكمة التي في الإنسان، فليس هناك غنى خاص بالطبيعة المخلوقة بل كل ما نراه فيها وكل ما يخصها هو بكل يقين من الله الذي يعطى الوجود ويحقق غاية الحياة.

    2.الابن بالطبيعة هو النور الذي يختلط بنا عندما يمنح الاشتراك للكائنات المخلوقة في النور لكي تستنير به، الخليقة تحتاج إلى الذي ينيرها إذ ليس لها نور في ذاتها.

    إن الكلمة يعطى نور الإدراك لكل من يريد بعد أن يمتحن استحقاقه لعطية الاستنارة الباهرة.. لان الله الآب بالابن في الروح القدس هو كل شيء لكل أحد.

    3. قال الإنجيلي [والنور يضيء في الظلمة والظلمة لم تدركه (تعرفه)]، (الظلمة) هي الطبيعة التي تحتاج إلى استنارة أي الطبيعة المخلوقة ولأنه سمى الكلمة (النور) فقد أوضح أن الخليقة العاقلة التي تحتاج إلى الاستنارة هي مختلفة تمامًا عن الكلمة.

    (والنور يضيء في الظلمة) هو وصف ضروري يوضح لنا الفرق بين الكلمة والخليقة العاقلة. فالكلمة وحده هو النور والخليقة هي الظلمة، وعندما تقبل الطبيعة المخلوقة كلمة الله وتشترك فيها كنور فإنها ترى نفسها ظلمة، فالابن يشرق مثل النور في الظلمة، ومع ذلك تظل الظلمة عاجزة عن إدراك النور، وهذا هو معنى الكلمات (والظلمة لم تدركه (تفهمه) فالكلمة يشرق على كل الأشياء القادرة على أن تستقبل إشعاعه وإنارته، وينير بدون استثناء الأشياء التي لها طبيعة مستقبله لإنارته.

    ومع إن المعمدان وباقي القديسين يمكن أن يقال إنهم نور وهذا لا ننكره لأن المخلص قال عنهم [أنتم نور العالم] (مت14:5).

    ولو كانت الخليقة كلها تملك القدرة على أن تكون (النور الحقيقي) فلماذا يعطى هذا اللقب للابن وحده؟

    *لو كان الابن الوحيد ليس هو وحده النور الحقيقي، بل تشاركه المخلوقات في هذا، فكيف ينير لكل إنسان؟

    لو كانت المخلوقات تمتلك هذا لما احتاجت إلى أن تستنير بالابن، حقًا هو النور الذي يشترك فيه الكل..

    إن الإنسان يحتاج إلى النور لأنه مخلوق، وحقًا صرخ المرنم في المزامير [لأنك أنت تضيء سراجي الرب إلهي ينير ظلمتي] (مز28:18).

    لذا نحن لسنا النور الحقيقي وإنما نحن بالحري مشتركون في الكلمة الذي ينير..

  9.  الخلاص في تعاليم القديس كيرلس الكبير (2): الطبيعة الساقطة

2) الطبيعة الساقطة

لقد شرح القديس كيرلس عبارة القديس يوحنا الإنجيلي [والعالم لم يعرفه] فيقول:

St-Takla.org Image: Jesus Christ healing the sick, painting by Anthony van Dyck (1599-1641), oil on canvas, 120.2 x 148.8 cm, Buckingham Palace (black and white) صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة السيد المسيح يشفى المرضى، رسم الفنان أنتوني فان دايك (1599-1641)، زيت على قماش بمقاس 120,2×148,8 سم، في قصر باكينجهام (صورة أبيض وأسود)

St-Takla.org Image: Jesus Christ healing the sick, painting by Anthony van Dyck (1599-1641), oil on canvas, 120.2 x 148.8 cm, Buckingham Palace (black and white)

صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة السيد المسيح يشفى المرضى، رسم الفنان أنتوني فان دايك (1599-1641)، زيت على قماش بمقاس 120,2×148,8 سم، في قصر باكينجهام (صورة أبيض وأسود)

الابن ينير والخليقة تبعثر النعمة.. لقد أعطى الكلمة للخليقة النظر لكي تدركه كإله بالطبيعة ولكن الخليقة بددت العطية وجعلت الكائنات حاجزًا يمنعها عن تأمل الله ولم تتأمل إلا ذاتها.. ودفنت عطية الاستنارة تحت الإهمال [فأهملت الموهبة التي حذر بولس الرسول تلميذة تيموثاوس من أن يهملها، بل أن يكون صالحًا] (1تى14:4، 2تى5:4) فليس النور هو المسئول عن مرض غير المستنيرين، لأنه كما يشرق نور الشمس على الكل ولا يستفيد منه الأعمى دون أن نلوم الشمس وإنما نلوم المرض الذي أصاب العينين، هكذا أنار الكلمة ولكن الخليقة المريضة لم تتقبل النور.

هكذا النور الحقيقي الابن الوحيد الذي ينير الكل لكن [إله هذا الدهر] كما يقول بولس الرسول [أعمى أذهان غير المؤمنين لئلا يضيء لهم نور معرفة الله ويشرق عليهم] (2كو4:4) عندما نقول أن الإنسان أصيب بالعمى إلا إنه لم يصل إلى العمى الكامل أو الحرمان الكامل من النور.

و الإنسان يطفئ النور بالحياة الفاسدة التي عاشها وذلك عندما تحول إلى الجانب المضاد لله فأضاع النعمة وفقدها، ولذلك عندما يقدم لنا المرتل الحكيم مثال الذين فقدوا النعمة فإنه يترجى الاستنارة من الله [افتح عيني لكي أرى عجائب من شريعتك] (مز18:119) لأنه أعطاهم الناموس معينًا (أنظر اش20:8) وهذا أشعل النور الإلهي فينا من جديد ونظف عيني القلب من الظلمة التي جاءت من الجهل القديم الذي ولد بسبب الابتعاد عن الله.

وعندما يشرح القديس كيرلس عبارة القديس يوحنا [والكلمة صار جسدًا] يقول:

الإنسان مخلوق عاقل ومركب من النفس ومن جسد ترابي قابل للفناء.

و عندما خلق الله الإنسان أتى به من العدم إلى الوجود، دون أن يكون في طبيعة الإنسان عدم فساد أو عدم فناء [لان هاتين الصفتين من صفات الله وحده].

ولكن الإنسان ختم بروح الحياة فنال الإنسان بذلك الصلاح الذي يفوق الطبيعة الإنسانية، ولذلك قيل [أن الله نفخ في أنفه نسمة حياة، فصار الإنسان -آدم- نفسًا حية] (تك7:2).

وعندما عوقب الإنسان على معصيته قيل له بالحق [تراب أنت إلى التراب تعود] (تك19:3) فتعري من النعمة أي نسمة الحياة أي روح ذاك الذي يقول [أنا هو الحياة] ففارق الروح القدس الجسد الترابي وسقط الإنسان فريسة للموت أي موت الجسد وحده.

أما النفس فلم تفقد عدم الموت لأنه عن الجسد وحده قيل [تراب أنت إلى التراب تعود].

ولذلك كانت الحاجة ماسة إلى أن الذي فينا والذي صار في خطر دائم وتحول إلى الانحلال أن يتحد بقوة وأن يتم نسجه من جديد بنسيج الحياة القادرة بطبيعتها على عدم الموت، وكانت الحاجة إلى رفع عقوبة الموت [تراب أنت إلى التراب تعود] أن يتحد الجسد بشكل لائق بالكلمة الذي يحيى الكل، وعندما يصبح الجسد جسد الكلمة، فإنه يشترك في عدم الموت الخاص بالكلمة، ولأنه من غير المعقول بالمرة أن النار التي لها حرارة ذاتية على أن تحول الخشب إلى نار، تقف قدراتها ولا يمتد تأثيرها على الخشب، وهذا يعنى أننا نتمسك بأن الكلمة الذي هو فوق الكل قد أعطى الجسد من صلاحه أي الحياة فلم يكتف بتجديد النفس فقط.

الخلاص في تعاليم القديس كيرلس الكبير (3): سيادة الموت على الإنسان

 سيادة الموت على الإنسان

* كانت حياة آدم مستمدة من الله.

St-Takla.org Image: Saint Cyril of Alexandria (the Pillar of Faith), private collection, Egypt, 1733 A.M. (2016-2017 - which corresponds with the year 6258 according to the ancient Egyptian calendar), Coptic art, used with permission - by Gerges Samir (Orthodox Iconographer) صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة القديس العظيم البابا كيرلس عمود الدين، مقتنيات خاصة، مصر، 1733 ش. (2016-2017 م. - والذي يوافق سنة 6258 حسب التقويم المصري القديم)، فن قبطي، موضوعة بإذن - رسم الفنان جرجس سمير: كاتب الأيقونة الأرثوذكسية

St-Takla.org Image: Saint Cyril of Alexandria (the Pillar of Faith), private collection, Egypt, 1733 A.M. (2016-2017 - which corresponds with the year 6258 according to the ancient Egyptian calendar), Coptic art, used with permission - by Gerges Samir (Orthodox Iconographer)

صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة القديس العظيم البابا كيرلس عمود الدين، مقتنيات خاصة، مصر، 1733 ش. (2016-2017 م. - والذي يوافق سنة 6258 حسب التقويم المصري القديم)، فن قبطي، موضوعة بإذن - رسم الفنان جرجس سمير: كاتب الأيقونة الأرثوذكسية

* كانت حياته غير مقيدة بقيود الطبيعة الترابية وإنما وهبت نعمة فائقة هي أن تكون على صورة الله ومثاله ومستمدة من الروح القدس..

جاءت الوصية لا لكي تكون مصدر حياة بل لكي تسند الإرادة الإنسانية وبالتالي فالحياة أعظم من الوصية لأنها حياة مستمدة من النعمة وليست مستمدة من الوصية..

يقول القديس كيرلس [في البدء " قبل الوصية " لم يكن وجود للخطية في العالم فقد كانت الحياة فقط وكانت الحياة بلا ناموس ولكن لكي يخضع آدم لله ويصبح تحت سلطان الناموس قيل له من كل شجر الجنة تآكل آما شجرة معرفة الخير والشر فلا تآكل منها لأنك يوم تآكل منها موتًا تموت..

* صار الاحتفاظ بالنعمة مؤسسًا على تنفيذ الوصية..؟

يقول القديس كيرلس [في البدء وُهب الروح لآدم ولكن الروح لم يمكث في الطبيعة الإنسانية لأن آدم تاه بعيدًا وسقط في الخطية] (عن كتاب السجود والعبادة بالروح والحق 3 مجلد68: صـ689ــ).

* خضوع الطبيعة الإنسانية للموت..

يقول القديس كيرلس [بدأ آدم في الهلاك وخضعت الطبيعة الإنسانية فورًا للموت] ويحدد القديس كيرلس بشكل واضح أن النقطة الحاسمة في سقوط آدم هي [آدم ومعه كل الجنس البشرى الذي كان فيه] حُكم عليه بالموت والفساد.

و بسقوط آدم [صارت الطبيعة البشرية كلها مريضة بمرض الموت وصارت الإنسانية تولد ميتة] فقد صارت الطبيعة الإنسانية بعد سقوط آدم تحت عقوبة الموت ولعنة الناموس [وعندما أخطأ الإنسان سقط تحت لعنة الناموس الذي ثبته الله بقوة اللعنة لكل الذين يتعدون الناموس] (عن كتاب تفسير رومية 6:7 مجلد 1:74).

و مربوطًا معه لعنة التعدي (تفسير يوحنا 16:19 – 18 مجلد 74 صـــ647ـــ) وخضوع الطبيعة الإنسانية للشيطان وسيادة الأرواح النجسة على الإنسان (تفسير يوحنا 30:14 – 31 مجلد 74 صـــ328ــــ).

لذا الموت مكون من ثلاث عناصر رئيسية:

* فقدان النعمة الآتية من الله والتي تهب له الحياة.

* سقوط الإنسان تحت حكم اللعنة النابع من تعدى الناموس وبذلك صار الناموس قوة للموت.

* خضوع الإنسان للشيطان بسبب اشتراكه في الغواية ولأن الله كان يدبر خلاص الإنسان فالله الذي أوقع العقوبة على الإنسان، هو الذي كان يسعى إلى خلاصه في نفس الوقت، فجاء الحكم في إطار الخلاص وليس العكس، ذلك أن عدم تلاشى الإنسان معناه في النهاية أن الخطأ الفادح كان سيعالج بالخلاص وليس بالعقوبة [عندما سقط آدم لم يمت روحيًا فقد كان الله يعلم انه سوف يجدد الإنسانية ولن يسلمها إلى الهلاك] (عن مجلد 24:69).

الخلاص في تعاليم القديس كيرلس الكبير (4): وراثة خطية آدم وحواء

وراثة خطية آدم وحواء

يشرح القديس كيرلس الكبير قضية وراثة الخطية الجدية على النحو التالي:

 

St-Takla.org Image: The Creation of Eve from Adam icon, private collection, France, 2013, Coptic art, used with permission - by Gerges Samir (Orthodox Iconographer) صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة خلق حواء من آدم، مقتنيات خاصة، فرنسا، 2013 م.، فن قبطي، موضوعة بإذن - رسم الفنان جرجس سمير: كاتب الأيقونة الأرثوذكسية

St-Takla.org Image: The Creation of Eve from Adam icon, private collection, France, 2013, Coptic art, used with permission - by Gerges Samir (Orthodox Iconographer)

صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة خلق حواء من آدم، مقتنيات خاصة، فرنسا، 2013 م.، فن قبطي، موضوعة بإذن - رسم الفنان جرجس سمير: كاتب الأيقونة الأرثوذكسية

1) بعد أن أخطأ آدم فسد أصل الشجرة أو جذرها فنمت الأغصان ضعيفة عاجزة وميتة.

لقد دخلت الخطية إلى الطبيعة الإنسانية وجعلت كل البشر خطاة وقد يسأل أحدهم قائلًا وما علاقتي بآدم وهل يُحاسب الابن على ذنب أبيه؟ [في شرح رومية 14:5).

 

2) بالخطية دخل الموت أي ابتعاد الإنسان وتغربه عن الحياة التي من عند الله هذا ما جعل الكل يخطئون لأنهم بالموت انفصلوا عن الله وبالموت عاشوا في الخطية [في شرح رومية 12:5).

 

3) الحكم من واحد للدينونة أي للموت وهكذا الذين لم يشتركوا في خطية آدم سرى إليهم الموت بسبب وحدة الطبيعة الإنسانية التي خُلقت مثل شجرة وأصيب جذرها بالموت فسرى إليهم الموت للأغصان وهكذا أخطأ الجميع ليس لأنهم أخطئوا عندما أخطأ آدم لأنه عندما أخطأ آدم لم يكن هؤلاء موجودين ولكن لان الجميع من الطبيعة البشرية التي سقطت تحت سلطان الناموس والموت قيل إن الجميع أخطأوا لأننا جميعًا تركنا الله عندما تركه آدم (عن تفسير رومية 18:5 مجلد 74 صـــ788، 789).

 

4) وهكذا انتشرت الدينونة لكل الناس ورغم أننا لم نجرح بنفس جرح آدم إلا أننا صرنا مثله أي أن النفس الإنسانية صارت متغيرة وانحطت حتى قواها الطبيعية وتغيرت من البهاء إلى الفساد.

* إن كان الآن قد تغيرت في المسيح من الفساد إلى الصلاح.

الخلاص في تعاليم القديس كيرلس الكبير (5): الخلاص بالمسيح في التجسد والإخلاء

[بخطية آدم صار الجميع ضعفاء وصارت الأهواء وشهوات الجسد في الجميع فصار الكل تحت دينونة الناموس] (تفسير رومية 2:8 مجلد74 صــ816).

وهذا ما جعل الطبيعة الإنسانية بعد أن فقدت النعمة تصبح في مواجهة مع الناموس وبدون معونة بل في مواجهة مع الناموس وهي ضعيفة تمامًا وبذلك صار الموت [مثل ثعبان يزحف ويلدغ كل البشر بالخطية السائدة فينا] (شرح إنجيل يوحنا 27:14).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

السيد المسيح له المجد حقق الخلاص "بالتجسد والإخلاء"

يقول القديس كيرلس:

إن الله الكلمة بطبيعته كامل من كل الوجوه، ومن ملئه يوزع عطاياه للخلائق، ونحن نقول عنه انه افرغ ذاته دون أن يمس هذا بطبيعته، لأنه عندما أفرغ ذاته لم يتغير إلى طبيعة أخرى.. ولم يصبح أقل مما كان علية لأنه لم ينقص شيئًا، هو غير متغير مثل الذي ولده (الآب) ومثله تمامًا غير عرضة للأهواء، ولكن عندما صار جسدًا أي أنسانًا، جعل فقر الطبيعة الإنسانية فقره ولذا قال [سأسكب من روحي على كل جسد] (يوئيل 28:2) ولقد تم هذا:

* لأنه صار إنسانًا رغم انه ظل الله.

أخذ صورة العبد، وهو بطبيعته حر كابن، وفي نفس الوقت هو نفسه رب المجد، ولكن قيل انه تمجد لأجلنا.

هو نفسه الحياة ولكن قيل انه أُحَي أي أقيم من الأموات، وأعطى سلطانًا على كل شيء وهو نفسه مالك كل الأشياء مع الله الآب.

أطاع الآب وتألم.. هذه الأشياء تخص الطبيعة البشرية، ولكنه جعلها له (أي تخصه) عندما تجسد لكي يكمل التدبير ويبقى كما هو، وهذا ما تقصده الأسفار المقدسة بإفراغ الذات.

ويشرح القديس كيرلس أيضًا مفهوم الإخلاء في كتابه المسيح واحد فيقول:

St-Takla.org Image: Jesus Christ relief (details) - Saint Andrew Church, Pearse Station, Dublin, Ireland - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, April 30, 2017 صورة في موقع الأنبا تكلا: نحت نافر يصور وجه السيد المسيح - من صور كنيسة القديس أندراوس، محطة بيرس، دبلن، أيرلندا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 30 إبريل 2017

St-Takla.org Image: Jesus Christ relief (details) - Saint Andrew Church, Pearse Station, Dublin, Ireland - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, April 30, 2017

صورة في موقع الأنبا تكلا: نحت نافر يصور وجه السيد المسيح - من صور كنيسة القديس أندراوس، محطة بيرس، دبلن، أيرلندا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 30 إبريل 2017

[الإخلاء هو أن الذي في صورة الله في شبهنا والذي هو فوق الكل وضع نفسه وأطاع حتى الموت، داخل ذاته تدبيريًا حسب ما يتطلبه وضع الجسد، ولكنه ظل الإله الذي يحتاج إلى النعمة التي يحتاج إليها كل مخلوق، ولهذا السبب قال للآب الذي في السماء [مجدني بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم] (يو5:17) ولست اعتقد بأنهم سيتجاسرون على القول بأن الذي كان يطلب هذا هو للإنسان المولود من نسل داود أو انه كان يطلب المجد الذي كان له قبل خلق العالم.

لا يقدر الإنسان المنفصل عن الكلمة أن يطلب المجد، لأن هذا المجد لا يخص طبيعة ذاك الذي وُلد في الزمان وفي آخر الدهور من نسل داود، ولكن المسيح الواحد هو الذي كان يطلب مجده لأنه أخلى ذاته وتجسد وصار إنسانًا مثلنا في كل ما يخص الناسوت دون أن يفقد البهاء والكرامة الإلهية الخاصة به، والتي للآب أيضًا وكل ما ذكرناه يكون صحيحًا في حالة واحدة فقط وهي إيماننا بإخلاء الابن لذلك حتى لا تقع في الجرم الذي يحذرنا منه المزمور [لا يكن لك إله جديد في وسطك] (مز9:81).

وإذا كان حسب اعتقادهم أن إنسانًا هو الذي اخذ الاسم الذي هو فوق اسم أي أن إنسانًا صار إلهًا بسبب الشركة والصلة بالكلمة وانه يجلس على عرش الآب شريكًا له في الكرامة الإلهية، فهذا ليس إلا إلهًا جديدًا وثنيًا.

وأيضًا في كتاب [حوار حول الثالوث] يشرح القديس كيرلس مفهوم الإخلاء فيقول:

[تجسد وصار مثلنا، عند ذلك فقط حُسب ضمن إخوة كثيرين ودُعي البكر، متى حدث الإخلاء؟

عندما وُلد البكر من العذراء والذي هو في نفس الوقت الابن الوحيد من الآب، فصار في عداد البشر كإنسان وهو الذي فوق الكل، ومتى حُسب فقيرًا وهو الغنى؟

عندما اخذ الرب ما هو غريب عنه أي الجسد فصار فقيرًا عندما صار في الجسد..

إذا كان الجسد قد أضيف إليه (إلى الكلمة) لأنه من طبيعة غير طبيعته، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فالكلام عن المجيء في الجسد يستقيم، ويعنى أن الكلمة جاء فعلًا إلى العالم ليخلص العالم وظل بدون تغيير كما كان منذ الأزل مع انه تجسد وصار إنسانًا، وبسبب الإتحاد نرى انه لا يوجد ما يمنعنا من الاعتقاد بأن كل شيء قد خلق بواسطته لأننا نؤمن أن الله الكائن منذ الأزل مع الآب،لأن الله الكلمة لم يتغير عندما أخذ جسدًا ذا نفس عاقلة.

هذا واضح من كلام الرسول الذي يتعارض مع تعاليم المعاندين الذين يغيرون الإيمان مدعين بأن الكلمة اتصل بإنسان، لكن الكلمة تجسد فعلًا، وهذا ما يجعل الكلام عن مسحته في الأردن ذا مضمون حقيقي، وهو أيضًا ما يجعلنا ندعوه يسوع لأنه حقًا تجسد وولد جسديًا من امرأة، وهو ما يجعله يخلص شعبه من خطاياهم].

كل هذا نرى انه لا صحة للتعليم القائل بأن الله حل في إنسان أو إنه اتصل به، وإنما الكلمة تجسد وصار في هيئة البشر الخطاة لكي يتجدد الجنس البشرى فيه هو أولًا، ويعود إلى ما كان علية سابقًا ويتم القول [الكل صار جديدًا] (2كو17:5).

حقًا أن طبيعة الله الكلمة مملوءة بالمجد الحقيقي والملوكي والربوبية، ولكن عندما تجسد وصار إنسانًا صار فقر الإنسانية فقرة.. المسيح حقًا هو سر عجيب مدهش ففي صورة العبد نجد الربوبية وفي الكيان الإنساني نجد مجد اللاهوت، والذي تحت النير حسب مقاييس الناسوت، هو في الوقت يلبس إكليل اللاهوت الملوكي، والفائق الذي يعلو على كل الأشياء هو في عمق الاتضاع.

كل هذا يشرحه الحق الواضح وهو أن الابن الوحيد تأنس ولكن لم يبق دائمًا في حالة الإخلاء بل ليأخذ الذي لنا ونعرفه انه الإله المتجسد، ويمكننا بعد ذلك نحن البشر أن نشترك في كرامته الإلهية الفائقة.

كيف نفهم قول الرسول بولس [الذي في أيام جسده قدم صلوات وتضرعات بصراخ شديد ودموع للقادر أن يخلصه من الموت.و سمع له من اجل تقواه.و رغم انه الابن تعلم الطاعة من الأشياء التي تألم منها، وكمل فصار مصدر خلاص ثابت لكل الذين يطيعونه] (عب7:5 – 9).

وبالمثل كيف نفهم قول المسيح على الصليب [إلهي إلهي لماذا تركتني] (مت 46:27) يجيب القديس كيرلس على ذلك فيقول: هذه النصوص لا تنطبق على الله الكلمة الذي هو من الله الآب قبل التدبير، وإذا لم نعترف بأنه قد تجسد حسب ما تعلم به الكتب لا يمكن أن نقبل هذه النصوص على إنها خاصة بلاهوت الكلمة، ولكن حيث إننا نؤمن بثبات وبدون شك أن التجسد حقيقة كل من لا يقبلها هو خالٍ من التقوى، علينا أن نقترب على قد استطاعتنا من عمق التدبير. الكلمة الذي من الله الآب ظهر في شكلنا لكي يعين بشكل فائق حالتنا التي وصلنا إليها نحن البشر ولكي يؤسس الطريق الذي يقودنا إلى ما هو فائق ومجيد، وكان من الضروري أن نتعلم نحن الذين في ضيقة بسبب محبتنا لله كيف نواجه التجارب عندما تهاجمنا وكيف نتصرف نحن الذين قبلنا أن نعيش حياة جديدة وتحولنا إلى هذا الأسلوب الفائق. هل نعيش حياة التكاسل أم نهتم بالصلاة ونغتسل بالدموع ونعطش إلى المعرفة التي تأتى منه في الوقت الذي تهاجمنا فيه الشدائد. وكان من الضروري أن نعرف ما هي فائدة الألم والجائزة التي ننالها. لذلك صار المسيح مثلًا لنا [لان المسيح مات عنا وترك لنا مثالًا لكي نتبع خطواته] (1بط21:2) ولان الكلمة لم يكن بلا جسد، بل اشترك في كل ما يخصنا وأخلى ذاته فصار في أيام جسده مثالًا لنا، وما هو الخطأ إذا تصرف حسب المقاييس الإنسانية مثل إطالة الصلاة وسكب الدموع واحتاج إلى المعونة بل إلى أن يتعلم الطاعة رغم كونه الابن، وقد تنازل إلى حالتنا ليقبل فقر طبيعتنا ولذلك صار مثالًا.

أما بالنسبة لعبارة [إلهي إلهي لماذا تركتني] فهي كلمات من انسحق من الحزن والتعب وهو يواجه الشدة والمحنة. تأمل الكلمات الخاصة بالإخلاء والتي تتفق مع الناسوت، كيف سجلت هذه الأقوال في وقتها المناسب لكن تعلن أن الذي هو فوق كل الخليقة صار مثلنا في كل شيء, وإذا اعتبرنا أن الابن الوحيد تأنس، فهذا الاعتبار هو الذي يجعلنا نفهم لماذا صدرت عنه هذه الكلمات لأنه صار كواحد منا ونائب عن كل الإنسانية، فقال هذه الكلمات لأن الإنسان الأول تعدى وسقط في عدم الطاعة ولم يسمع الوصية التي أعطيت له. ولكن الابن صار البداية الجديدة على الأرض ودُعي آدم الثاني، وكأن الابن الوحيد يقول: أنت ترى في أنا الجنس البشرى وقد وصل إلى عدم الخطأ وقدوس وطاهر [فأعطه الآن البشارة المفرحة الخاصة بتعطفك وأزل تخليك].

هذه هي معاني كلمات المخلص التي كان يستدعى بها تعطفه (الآب) ليس عليه هو. بل على الجنس البشرى الذي يمثله، لأن ثمار المعصية مرت من آدم الجذر والأصل إلى كل الطبيعة الإنسانية، فالموت ملك من آدم إلى موسى (رو5:14) وهكذا ثمار الباكورة الجديدة " المسيح" تصل منه هو الأصل أو الجذر إلى كل الجنس البشرى (رو15:5).

وعلينا أن نفهم كيف في شخص المسيح ظهر المجد الإلهي غير المنطوق به. لأن الابن الوحيد المتجسد يعلن في شخصيته مجد الآب الإلهي غير المدرك.. إننا لا نستطيع أن نرى الله في صورة إنسان بل في الكلمة الذي تجسد وصار إنسانًا مثلنا، وفي نفس الوقت ظل الابن الحقيقي.

 الخلاص في تعاليم القديس كيرلس الكبير (6): نتائج الخلاص

نتائج الخلاص:

  1. التبني للآب

  2. الخلاص

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

1. التبني للآب:

يقول القديس كيرلس في شرحه لإنجيل معلمنا لوقا عن موضوع نتائج الخلاص التي تمتعنا بها:

المسيح الذي هو باكورة الجميع، وهو آدم الثاني بحسب الكتب،   . قد وُلد من الروح لكي ينقل هذه النعمة (نعمة الولادة الروحية) إلينا نحن أيضًا وقد اعد إلينا نحن أيضًا أن لا نحتمل فيما بعد اسم أبناء البشر، بل بالأحرى نُلد من الله وذلك بحصولنا على الميلاد الجديد من الروح الذي تم في المسيح نفسه أولًا، لكي يكون هو [متقدمًا بين الجميع] (كو15:1) ويقول عنه بولس الحكيم جدًا [متى ادخل البكر إلى العالم يقول ولتسجد له كل ملائكة الله] (عب6:1) فكيف إذن دخل إلى العالم؟ لأنه منفصل عن العالم، ليس من جهة المكان بقدر ما هو من جهة الطبيعة، فإنه يختلف عن سكان العالم في الطبيعة، ولكن دخل إلى العالم بأن صار إنسانًا، وبذلك صار جزءًا من العالم بالتجسد، ورغم انه هو الابن الوحيد من جهة ألوهيته إلا انه صار أخًا لنا، فقد أصبح له اسم (البكر) ولكي يصير هو الباكورة لتبنى البشرية، فأنه يمكن أن يجعلنا أيضًا أبناء الله، لذلك لاحظوا انه يُدعى البكر من جهة التدبير لأنه من جهة ألوهيته هو الابن الوحيد، ولكنه يصير بكرًا بتنازله إلى مستوى المخلوقات، وقد دعى بكرًا بين أخوة كثيرين بسبب انه صار مثلنا في كل شيء ماعدا الخطية، ودعى (البكر من الأموات) لأنه هو الأول الذي أقام جسده إلى حالة عدم الفساد.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

2. الخلاص:

* إن الابن الوحيد صار جسدًا واحتمل أن يولد من امرأة من اجلنا، لكي يبطل اللعنة التي حكم بها على المرأة الأولى، تذكر ما كتبة بولس الحكيم جدًا عنه [لأنه ما كان الناموس عاجزًا عنه لأنه كان ضعيفًا بالجسد، فالله إذ أرسل ابنه في شبة جسد الخطية، ولأجل الخطية دان الخطية في جسده، لكي يتم حكم الناموس فينا نحن السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح (رو4:8). فما معنى قوله إن الابن أرسل في شبة جسد الخطية؟ هذا هو المعنى: إن ناموس الخطية يكمن مكتفيًا في أعضائنا الجسدية مصاحبًا لتحرك الشهوات الطبيعية المخجلة، ولكن حينما صار كلمة الله جسدًا (أي إنسانًا) فأتخذ شكلنا فإن جسده كان مقدسًا ونقيًا نقاوة كاملة، وهكذا كان حقًا في شبه جسدنا، ولكن ليس بنفس مستواه، لأنه كان حرًا من ذلك الميل الذي يقودنا إلى ما هو ضد الناموس.

فالمسيح افتدى من لعنه الناموس أولئك الذين بوجودهم تحت الناموس كانوا عاجزين عن تتميم قوانينه وبأية طريقة افتداهم؟ بتتميم الناموس أو بعبارة أخرى: انه لكي يكفر عن ذنب معصية آدم، فقد اظهر نفسه مطيعًا وخاضعًا من كل الوجوه لله الآب عوضًا عنه لأنه مكتوب [كما بمعصية الإنسان الواحد جعل الكثيرون خطاة، هكذا أيضًا بإطاعة الواحد سيجعل الكثيرون أبرارًا] (رو19:5).

ولذلك فقد أحنى عنقه للناموس مشتركًا معنا لان هذا ما استلزمه خط الخلاص، لأنه هكذا يليق أن يكمل كل بر، ولذلك حينما نراه يحفظ الناموس تأمل في عمق تدبير الخلاص، فعند بلوغ اليوم الثامن الذي جرت العادة أن يتم فيه الختان في الجسد بحسب أمر الناموس، نجده يسمى باسم يسوع الذي تفسيره يسير إلى خلاص الشعب، لأنه هكذا أراد الآب أن يسمى ابنه حينما يولد بالجسد من امرأة، لأنه عندئذ صار خلاص الشعب بنوع خاص، وليس خلاص واحد فقط بل كثيرين، وبالحري كل شعب بل وكل العالم.

إذن فقط أخذ اسمه في نفس الوقت الذي ختن فيه. والمسيح قام من الأموات وأعطانا الختان الروحي لأنه أوصى الرسل القديسين قائلًا [اذهبوا تلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس] ونحن نؤكد أن الختان الروحي يتم بصورة رئيسية في وقت المعمودية المقدسة حينما يجعلنا المسيح مشتركين في الروح القدس..

St-Takla.org Image: Jesus Christ at the day of the Holy Supper (Eucharist, Communion), painting - from St. Mary Church, Mahmasha, Sharabia, Cairo, Egypt - October 2011 - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة السيد المسيح يوم العشاء الأخير (التناول، الإفخارستيا) - من صور كنيسة العذراء مريم، مهمشة، الشرابية، القاهرة، مصر - أكتوبر 2011 - تصوير مايكل غالي لـ: موقع الأنبا تكلا هيمانوت

St-Takla.org Image: Jesus Christ at the day of the Holy Supper (Eucharist, Communion), painting - from St. Mary Church, Mahmasha, Sharabia, Cairo, Egypt - October 2011 - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org

صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة السيد المسيح يوم العشاء الأخير (التناول، الإفخارستيا) - من صور كنيسة العذراء مريم، مهمشة، الشرابية، القاهرة، مصر - أكتوبر 2011 - تصوير مايكل غالي لـ: موقع الأنبا تكلا هيمانوت

هل هناك شيء أحلى من أن نتعلم أن الله قد خلص العالم بواسطة ابنه وذلك بأن صار إنسانًا مثلنا، كما هو مكتوب [يوجد إله واحد ووسيط بين الله والناس، الإنسان يسوع المسيح الذي بذل نفسه فدية لأجلنا] لأنه من تلقاء نفسه نزل إلى فقرنا لكي يجعلنا أغنياء بحصولنا على ما هو له.

ويتحدث القديس كيرلس عن شريعة التطهير في العهد القديم وإشارتها على سر المسيح وتدبير الخلاص فيقول:

* كل من يريد أن يرى يمكنه أن يرى سر المسيح العميق والفائق القدرة الذي كتب لمنفعتنا. لأن ناموس موسى يعلن أن الأبرص نجس ويأمره أن يخرج خارج المحلة كنجس، ولكن إذا زال المرض منه فإن الناموس يأمر بالسماح للمريض بدخوله المحلة وبالإضافة إلى ذلك فإن الناموس يحدد بوضوح الطريقة التي تعلن بها طهارة الأبرص يقول [هذه تكون شريعة الأبرص يوم طهره يأتي به إلى الكاهن. ويخرج الكاهن خارج المحلة. فإن رأى الكاهن وإذا ضربة البرص قد برأت من الأبرص يأمر الكاهن أن يؤخذ للمتطهر عصفوران حيان طاهران ويأمر الكاهن أن يذبح العصفور الواحد في إناء خزف على ماء حي، أما العصفور الحي فأنه يلمسه في دم العصفور المذبوح على الماء الحي ويرش على المتطهر من البرص سبع مرات فيطهره، ثم يطلق العصفور الحي على وجه الصحراء] (لا1:14 – 7).

* فالعصافير إذن عددها اثنان وكلاهما بلا عيب أي طاهرين، وهي بلا لوم من جهة الشريعة، ويذبح احدهما على الماء الحي، أما الآخر فإذ ينجو من الذبح فأنه بعد ذلك يعمد في دم العصفور الذي ذبح، ثم يطلق حرًا. هذا المثال يمثل لنا السر العظيم المكرم الذي لمخلصنا. لأن الكلمة كان من فوق، أي من الآب من السماء، ولهذا السبب من المناسب جدًا ان يقارن بالطائر.

ويمكننا أن نرى في العصفورين المقدمين في تطهير الأبرص، المسيح متألمًا بالجسد حسب الكتب ولكنه يظل متعاليًا على الآلام [مماتًا في الجسد ولكن محيى في الروح] (بط18:3)، ورغم أن الكلمة لا يمكن أن يقبل آلام الموت في طبيعته الخاصة إلا انه ينسب إلى نفسه ما تألم به جسده فإنه أطلق حرًا إلى الصحراء، وهكذا أيضًا رجع كلمة الله الوحيد إلى السماء مع الجسد الذي اتحد به. وكان منظرًا غريبًا جدًا في السماء جموع الملائكة دهشت حينما رأت ملك الأرض ورب القدرة مثلنا في الشكل وقالوا [من ذا الآتي من آدم " ويعنون بذلك الأرض" بثياب حمر من بصرة] (أش1:63) وتفسير بصره هو جسد. ثم سألوه ما هذه الجروح في يديك؟ [فأجاب هي التي جرحت بها في بيت أحبائي] (زك6:13) فكما انه بعد دعوته إلى الحياة من الموت. أمر توما أن يلمس آثار المسامير والفتحة التي في جنبه، هكذا أيضًا حينما وصل إلى السماء، أعطى برهانًا كاملًا للملائكة بالدم، وبالجروح في يديه ليس لأنه لا يستطيع أن يلاشى الجروح، لأنه حينما قام من الأموات أبطل الفساد وأبطل معه كل علاماته وصفاته لذلك احتفظ بآثار الجراح لكي تعلن حكمة الله المتنوعة التي صنعها في المسيح فنعترف الآن عند الرؤساء والسلاطين بواسطة الكنيسة بحسب خطة الخلاص..

هكذا كان الناموس رسمًا ومثالًا لحقائق آتية. فرغم انه كان هناك عصفوران إلا أن الذي كان يشير إليه العصفوران هو واحد فقط، كمتألم وكحر من الآلام. كمائت وكمن هو فوق الموت، وصاعد إلى السماء كباكورة ثانية للطبيعة البشرية المتحدة في عدم فساد. لأنه صنع لنا طريقًا جديدًا إلى ما هو فوق، ونحن سوف نتبعه حينما يحين الوقت. فذبح احد العصفورين بينما العصفور الآخر يعتمد في دم المذبوح ويظل هو حرًا من الذبح، كان هذا إشارة إلى ما سيحدث حقيقة، لأن المسيح مات لأجلنا، نحن الذين اعتمدنا لموته قد خلصنا بدم نفسه..

إلهنا الصالح محب البشر يجعلنا أهلًا أن ننال الخلاص الذي قدمه لنا مجانًا بسفك دمه على عود الصليب ساكبًا فينا روحة القدوس ليعمل فينا وبنا.. معطيًا إيانا جسده ودمه الأقدسين الواهبين الخلاص لكل من يتناول منهم..

 

ولإلهنا كل المجد والإكرام من الآن والى الأبد آمين.


NameEmailMessage