-->
U3F1ZWV6ZTE1NzcxOTkyODE1X0FjdGl2YXRpb24xNzg2NzQ5MjAxODU=
recent
أخبار ساخنة

مولد يسوع " المسيا " وطفولته

 <!-- Global site tag (gtag.js) - Google Analytics -->

<script async src="https://www.googletagmanager.com/gtag/js?id=G-5DQW5LQ2JZ"></script>
<script>



  window.dataLayer = window.dataLayer || [];
  function gtag(){dataLayer.push(arguments);}
  gtag('js', new Date());

  gtag('config', 'G-5DQW5LQ2JZ');
</script>
style="text-align: center;"> مولد يسوع " المسيا " وطفولته 

style="text-align: center;">

 مولد يسوع " المسيا " وطفولته 

ميلاد يسوع الإلهي : أحداث غير طبيعية 

" مت 1 : 28 ---- 25 " 

مقدمة 

كان مجيء ابن الله إلى العالم ، أحد أهم الأحداث الاستثنائية في كل التاريخ ، فقد استلزم وسبب أحداثاً غير طبيعية 

1 . كان ميلاده من الروح      " مت 1 : 18 " 

2 . أوجد ميلاده مأزقاً  " مت 1 : 18 - 19 " 

1.   مأزق يوسف : حبل مريم قبل الزواج 

2.  شخصية يوسف وتعامله مع الموقف 

  • شخصيته كرجل بار 

  • الحل : ألا يشهر بمريم 

3. استلزم ميلاده إعلاناً خاصاً " مت 1 : 20 -- 21 

A.            ليؤكد أنه 

اختير لذلك 

عليه ألا يخاف 

  • ليرشده ليأخذ مريم زوجة له 

  • ليفسر إن الطفل من روح الله 

  • ليعلن مصير الصبي 

اسمه يسوع

ارسالية الخلاص

  • كان ميلاده إتماماً لنبوة 

التنبؤ بـ ميلاده العذراوي 

التنبؤ باسمه عمانوئيل 

تطلب ميلاده طاعة عظيمة 

مقدمة : 

كان مجيء ابن الله إلى العالم ، أحد أهم الأحداث الاستثنائية في كل التاريخ ، فقد استلزم وسبب أحداثاً غير طبيعية . 

ت : ولادة يسوع واحدة من أكثر الأحداث المحتدمة المزعجة في كل التاريخ " قارن لو 2 : 1- 24 " . 

  • كانت هناك مريم التي وجدت حُبلي . دون أن تتزوج " مت 1 : 18 " ، " لو 1 : 26 " ، من في يومها يمكن أن يُصدق قصتها ، الأمر الذي تطلب منها الأستعداد أن يستخدمها الله بصرف النظر عن الإحراج ، وآراء أفراد الأسرة ، والأصدقاء والجيران . 

  • كان هناك يوسف الذي أكتشف أن مريم حُبلى " مت 1 : 19 " . كانت صدمة يوسف في خيانة مريم لثقته فيها ، والإحراج الشخصي الذي يسببه ذلك أكبر مما يمكن أن يتحمله " مت 1 : 20 " . الأمر الذي تطلب منه الأستعداد أن ينسى ذاته كلياً . 

  • كان هناك الطفل ، ابن الله نفسه ، الذي وُلد في مزود كريه الرائحة " مت 1 : 25 ، لو2: 1".الأمر الذي تطلب منه الاستعداد أن يتضع . 

  • كانت هناك العائلة التي كانت مُضطرة أن تقتلع جذورها وتنتقل إلى بلد غريب ، إلى مصر " مت 2 : 13 ". الأمر الذي تطلب منهم الاستعداد للطاعة مهما كانت التكلفة . 

  • كانت هناك مذبحة جميع الأطفال من سن سنتين فما دون " مت 2 : 6 " . وكان ثقل للشعور بالمسئولية يهاجم يوسف ومريم ، الأمر الذي تطلب منها الاستعداد أن يتحملوا أي شيء . 

  • كانت هناك زيارة المجوس ، التي أظهرت أن بعض العلاقات الخارجية بين الأمم قد تأثرت " مت 2 : 1 " ، الأمر الذي يتطلب الاستعداد لتحمل ضغط المسئولية ومتطلبات الحياة تحت الأضواء . 

  • كان هناك إضطراب في بيت هيرودس أثر سلبياً على حياة يوسف ومريم " مت 2 : 7 - 8 ، 15 - 16 ، 22 " ، الأمر الذي تطلب منهما الاستعداد لتحدي الصعاب ومواجهة التحديات . 

 

سنقوم الآن بالحديث عن : أولا :

كانت هناك مريم التي وُجدت حُبلى . دون أن تتزوج " مت 1 : 18 ، لو 1 : 26 " . 

من في يومها يمكن أن يصدق قصتها . الأمر الذي تطلب منها الأستعداد أن يستخدمها الله بصرف النظر عن الإحراج ، وآراء أفراد الأسرة ، والأصدقاء والجيران . 

تحدثنا في مدونة أُخرى " البشارة بالتجسد الإلهي " عن عذراوية مريم -- وعن استمرارية عذراويتها وتحدثنا عن هذا بكل استفاضة . 

هنا سنقول أيضاً إن ولادة يسوع من الروح ، ومع أنه لم يولد شخص من قبل بواسطة الروح فلذلك علينا إما أن نقبل هذا الدليل الكتابي على هذه الحقيقة أو نرفضه . 

الكتاب واضح جداً فيما يقول : قبل أن يجتمعا ، وُجدت مريم حُبلى من الروح القدس . أنها مسألة إيمان وثقة في إله المحبة . 

  • الذي أعلن في الكتب المقدسة اهتمامه بالإنسان بمحبة أبدية وكاملة . 

  • الذي شرح في خلاص الإنسان من خطاياه ع 21 

  • الذي صنع أعظم حدث في تاريخ البشرية : اتحاد الله بالإنسان " الله معنا" ع 23 

إذن ميلاد يسوع المسيح : كان مولد يسوع تحقيقاً وإتماماً للنبوة . 

ويشدد متى بصفة خاصة على نبوتين في هذا الشأن 

  • نبوءة تنبأت ميلاده العذراوي   " مت 1 : 23 " . 

  • ونبوءة أُخرى تنبأت بإسمه : عمانوئيل  " مت 1 : 23 " 

ت : العناصر الأساسية للنبوة : 

  • النبوة هي " كلمة الرب " ليست كلمة بشر . الله هو الذي أعلن المستقبل ، وليس الناس . 

  • النبي هو مجرد مُرسل --- ليس الناطق الرسمي . 

  • النبوة يجب أن تتحقق .

ميلاد يسوع المسيح ، ابن الله : 

وهنا نلاحظ أربعة أمور مقنعة عن ميلاد المسيح العذراوي . 

لاحظ اهتمام  ق . متى وجهده لتوضيح مولد يسوع الخارق ، إذ يقول بوضوح شديد . 

أما ولادة يسوع المسيح " وليس مجرد يسوع " ، بل يسوع المسيح ، " المسيا " فكانت هكذا : 

  •  "مريم ---- وُجدت حُبلى من الروح القدس " ع 18 

  • " الذي حُبل به فيها هو من الروح القدس " ع 20 

  • " وهذا كله لكي تتم " النبوة " ---- العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعون اسمه عمانوئيل --- الله معنا "      ع 23 

  • " ويدعون اسمه عمانوئيل ----- الله معنا "   ع 23

لم يُقدم متى رواية تفصيلية عن مولد يسوع المسيح ، لأن اهتمامه كان ببساطة أن يلفت انتباه القارئ إلى حقيقتين هامتين : 

  • الأولى : تحقيق نبوات العهد القديم عن ميلاد المسيا . في يسوع المسيح . 

  • الثانية : احتاج اليهود أن يعرفوا أن يسوع المسيح وُلد من عذراء ، وأيضاً الذين لم يتوقعوا أن يُولد المسيا من عذراء ، فإحدى الافتراءات التي واجهها المؤمنون الأوائل ، أن مولد يسوع كان نتيجة زواج . 

النبوات : 

  • " ولكن يعطيكم السيد نفسه آية . ها العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل " .        " اش 7 : 14 " 

  • " لأنه يولد لنا ولد ، ونعطى ابناً ، وتكون الرياسة على كتفه ، ويُدعى اسمه عجيباً مُشيراً الهاً قديراً اباً ابدباً رئيس السلام " " اش 9 : 6 " . 

  • " وها انت ستحبلين وتلدين ابناً وتسمينه يسوع " " لو 1 : 31 " . 

  • " فولدت ابنها البكر وقمطته واضجعته في المزود اذ لم يكن لها موضع في المنزل " " لو 2 : 7 " . 

  • " والكلمة صار جسداً وحل بيننا ورأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمة وحقاً "     " يو 1 : 14 " . 

لاحظ أيضاً  ق . متى ايمان مريم البسيط الذي يبين ذهولها وصدمتها 

" كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً "     " لو 1 : 34 " 

لاحظ أيضاً ق . متى لغز الحياة الذي لا يعلم الإنسان منه إلا القليل 

" كما انك لست تعلم ما هى طريق الريح ولا كيف العظام في بطن الحُبلى ، كذلك لا تعلم أعمال الله الذي يصنع الجميع "   " جا 11 : 5 " . 

لاحظ أيضاً ق . متى سر التقوى 

" وبالاجماع عظيم هو سر التقوى : الله ظهر في الجسد ، تبرر في الروح ، تراءى لملائكة ، كرز به بين الأمم ، أو من به في العالم ، رفع في المجد  

" 1 تى 3 : 16 " . 

أما عن النبوءة التي تنبأت باسمه " عمانوئيل " :  " مت 1 : 23 " 

يسوع ، ابن الله ، عمانوئيل : الله معنا ، ع 23 

 

وبينما كان متى يُسجل هذه الأحداث تحقق من أن تقويماً جديداً قد طلع فجره في تاريخ مُعاملات الله مع الجنس البشرى . فلقد دبت الحياة الآن في كلمات النبوة الخاصة بالمسيح والتي كانت ساكنة لزمن طويل.

وانجلى الآن في طفل مريم لغز نبوءة اشعياء التي تمت : 

" وهذا كله كان ليتم ما قيل من الرب بالنبي القائل " . وهنا يعترف متى بالوحى الإلهي لكلمات النبي اشعياء التي تكلم بها الرب على لسان النبي بنحو سبعمائة سنة قبل الميلاد . 

 

      " هوذا العذراء تحبل وتلد ابناً ، ويدعون اسمه عمانوئيل ، الذي تفسيره الله معنا"       " مت 1 : 23 " 

 

" أن نبوءة " اشعياء " 7 : 14 " تضمنت التنبؤ بميلاد فريد : 

" هوذا العذراء تحبل " و بجنس الطفل ، " وتلد ابناً " وباسم الطفل ، " وتدعو" هى " اسمه عمانوئيل " . 

وأضاف ق . متى قائلاً : " عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا " . 

 

هذا ولا يوجد أي دليل يشير إلى أن الرب يسوع دُعى عمانوئيل أثناء تواجده على الأرض ، فلقد كان دائماً " يُدعى يسوع " .

ويمكن أن يكون " عمانوئيل " الإسم الذي سيستخدم بشكل رئيسي للمسيح في مجيئه الثاني .  

 

ثانياً : مأزق يوسف : حُبل مريم قبل الزواج 

" فيوسف رجلها إذ كان باراً ، ولم يشأ أن يشهرها ، أراد تخليتها سراً " " مت 1 : 19 " 

 كانت صدمة يوسف في خيانة مريم لثقته فيها ، والإحراج الشخصى الذي يسببه ذلك أكبر مما يمكن أن يتحمله " مت 1 : 20 " . 

الأمر الذي تطلب منه الأستعداد أن ينسى ذاته كلية . 

يوسف : خلق ميلاد يسوع مأزقاً ليوسف ، فكون الكتاب يُذكر عنه أنه " رجل بار " لم يشاً أن يشهرها " مريم " ،، بل أراد تخليتها سراً ، وهذا ينم عن روح انزعاج عميق !! 

 

كان يوسف محصوراً بين أن يطيع الناموس " فيفضح مريم أمام السلطات " وبين محبته لها . 

فقد كان متحيراً ومضطراً ومحبطاً ، راودته تخيلات مُفرطة --- شعر بالخداع ، و انتابته الغيرة والغيظ ، فتخيل أن مريم قد ارتكبت فحشاء ضده ، ومع كل هذا اهتم بها وأحبها حُباً جماً ، ولم يرد ضرر مريم أو إيذاءها ، إنما أراد تطليقها حالاً وسراً . 

عندما كانت علامات الحمل قد بدأت تظهر على القديسة مريم ، الأمر الذي كان كافياً لإثارة الغضب . لإنه لم يكن يعرف حقيقة الأمر بالنسبة لوضع مريم . بل وتعطيه الشريعة حق تقديمها للكهنة لمعاقبتها للرجم . 

لسببين : 

أولا : خيانتها له : بحسب الظاهر 

ثانياً : لأن لا مفر من اتهامه شخصياً بالمشاركة في الموضوع ، على الرغم من براءته . وفي حنو وعطف ومحبة لمريم ورغبته في العدالة . لم يفتح الأمر مع أحد حتى مع القديسة نفسها ، ولا فكر في طردها وإنما " أراد تخليتها سراً أي تطليقها " . لأنه كان راغباً في تجنب العار العلني الذي يُصاحب عادة موقف  كهذا . 

شخصية يوسف كرجل بار : 

ويُعلق القديس يعقوب السروجي على هذا التصرف النبيل من جانب القديس يوسف ، قائلاً : 

" نظر الشيخ إلى بطنها ، تلك المخطوبة له ، وتعجب الصديق ! 

رأى صبية خجولة عاقلة ، فبغى داهشاً في عقله ! 

شكلها متضع ، وبطنها مملوءة ، فتحير ماذا يصنع ؟! 

طاهرة بجسدها ، وحبلها ظاهر ، فتعجب من عفتها والمجد الذي لها ، وبسبب حبلها كان غاضباً ------ 

كان البار حزين القلب على حبل العذراء النقية ، فأراد أن يسألها فاستحى وفكر أن يُطلقها سراً . 

الحل ألا يُشهر بمريم : 

سؤال هام ؟ هل من ضرورة لتخليتها سراً ؟ 

فيجيب القديس جيروم : 

           أن العلامات كانت واضحة فأن لم يتخل عنها يُحسب مُذنباً حسب الشريعة ، فإنه ليس فقط من يرتكب الخطية يتحمل وزرها وإنما من يُشاهدها ولا يتخذ موقفاً . 

 

 " ولكن فيما هو متفكر في هذه الأمور إذا ملاك الرب قد ظهر له في حلم ، قائلا : 

يايوسف ابن داود ، لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك ، لأن الذي حُبل به فيها هو من الروح القدس "  " مت 20 " 

" فستلد ابناً وتدعو اسمه يسوع ، لأنه يخلص شعبه من خطاياهم " " مت 21 " 

 

ليؤكد له : 

أنه اُختير لذلك 

عليه ألا يخاف 

 

وبينما كان يوسف ، ذلك الرجل البار النبيل المتروي ، يخطط لكي يحمي مريم . فرأى الله ارتباك هذا البار مع سلوكه بكل حكمة ووقار أراد أن يطمئنه ، إنه لم يقدم له رؤي في يقظته . 

" وإذ كان مُتزايد جداً في الإيمان وليس في حاجة إلى الرؤى " فأظهر له ملاكاً في حلم يكشف له سر الحبل . 

ليرشده ليأخذ مريم زوجة له 

ويفسر أن الطفل من روح الله

قائلاً له : " يايوسف ابن داود " 

وكأن القصد من التحية له بالقول " يايوسف ابن داود " كان بغية تذكيره بأصله الملوكي ، ولكي يعده لذلك المجيء الفريد للمسيح الملك الموعود فلا داعي لأن تساوره شكوك تمنع زواجه بمريم . فكل اشتباه من جهة طهارتها لم يكن له أساس ، وحبلها كان معجزة من عمل الروح القدس . 

يوسف . ابن داود : استلزم مولد يسوع إعلاناً خاصاً 

           تأمل هذه الكلمات 

" وفيما هو متفكر في هذه الأمور " 

أي أن يوسف قبل ما ينبغي أن يكون . أي أنه أمام هذا المأزق ، اختلى بالله ليفكر في الأمر ويصلى طلباً لإرشاد الله . وبسبب تقواه وطاعته ، لم يتركه الله يستسلم لحيرته واحباطه ، إنما أعطاه إعلاناً خاصاً ذا أبعاد أربعة : 

ليهب يوسف أمناً وسلاماً . عندما دعا الملاك يوسف " ابن داود " صُدم يوسف.

لقد كان مدعواً لدعوة مجيدة ، إذ اختاره الله كابن داود ، ليكون الأب الأرضي " لأبن داود " المسيا !! 

عرف جميع اليهود ، النبوات التي قالت إن المسيا سيكون من نسل داود ، وقد عرفها يوسف أيضاً ، ولكن " لُقب " يوسف " ابن داود " ، أثار انتباهه ، وأيقظ ليلتفت إلى رسالة هامة إلى أبعد حد ، وإلى دعوة إلهية . تذكر أن يوسف كان مجرد نجار مُتواضع .  

 

ليرشد يوسف

ليفسر المأزق الذي سمح أن يتواجد فيه 

ليعلن دور الطفل الموعود به ومقامه 

ت : هناك أسلوب صحيح لمواجهة الأختبارات الصعبة ، وقد وضح يوسف هذا الأسلوب ، " إن " فكر في هذا الأمر " ، ولكونه يُخاف الله ويتقيه ، اختلى بالله وشاركه أفكاره ، ولعله بكى كطفل سالباً نفسه لدى الله . فغالباً ما يبكي المؤمنون وهم يواجهون أختبارات مزعجة . 

" فستلد ابناً وتدعو اسمه يسوع . لأنه يخلص شعبه من خطاياهم " ع 21 

فيقول الملاك : 

       فستلد إبناً وتدعو اسمه يسوع لأنه يُخلص شعبه من خطاياهم . 

هذا لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل : 

" هوذا العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا " عندئذ أعلن الملاك جنس الطفل الذي سيولد ، واسمه ومهمته . وذلك إن مريم كانت ستلد ابناً ، وتدعو اسمه يسوع .

ثالثاً : سنتحدث الآن عن ميلاد يسوع : أحداث غير عادية 

مقدمة : 

" لو 2 : 1 - 24 " 

نرى في هذه الأعداد تحقيق نبوءة يعقوب التي وردت في سفر التكوين 

" لا يزول قضيب من يهوذا ومشترع من بين رجليه حتى يأتي شيلون وله يكون

خضوع الشعوب " " تك 49 : 10 " .

كان هناك الطفل ، ابن الله نفسه ، الذي وُلد في مكان كريه الرائحة " مت 1 : 25 " ، " لو 2 : 1 " . الأمر الذي تطلب منه الإستعداد أن يتضع . 

استخدم الرب أحداثاً عالمية لكي يتمم خطته :

  • يُلاحظ أن صولجان الحكم قد انتقل من اليهودية ، تلك التي كانت تحت الحكم الروماني ، حيث كان أغسطس قيصر يحكمها باعتباره إمبراطوراً ، إذ كان كيرينيوس والي سورية ، حيث كانت اليهودية تابعة لأقليم سورية في ذلك الوقت ، أما ملك اليهودية فهو هيرودس ، ذلك الملك الأجنبي ، المُغتصب ، صاحب القوة الغير عادية ، ولكنه صار ملك اليهودية . 

  • لم تعد اليهودية تحت حكم أمير من أمرائها ، بل صار يحكمها أمير أدومي من آدوم ، وهو أحد أحفاد عيسو ، ألا وهو هيرودس الكبير . 

  • ولم تعد الأرض الموعودة في يد شعب اسرائيل ، بل كانت تزرح تحت سلطة وثنية . 

  • كما لم يعد الحاكم يُمسح من الله ، بل صارت روما تفوضه في شؤون الحكم . 

  • أسيئ استخدام الهيكل ولم يعد يعتني به أحد الملوك الممسوحين من الله ، بل صار في قبضة أحد المغتصبين . 

  • وصار الكهنة خداماً لهم اهتمامات دنيوية ولم يعودوا خدام الله الحي . 

هنا نلاحظ كيف تحققت النبوة بشكل واضح ومدهش ، صولجان الحكم قد انتقل بكليته من اليهودية ، وحان وقت مجيء شيلون ، وسوف يجيء ، الرب قد حدد موعد مجيئه بناء على سابق علمه ، ففي المسيح تحققت النبوءة عن مجيء شيلون " تك 49 : 10 " . وأحاط مجيئه الكثير من الأحداث الغير عادية . 

  • اكتتاب معجزي       " لو 2 : 1 - 6 " 

  • استخدم الرب احداثاً عالمية لكي يتمم خطته .

  • حدث اضطر معه يوسف أن يذهب إلى بيت لحم 

  • من الجليل 

  • من مدينة الناصرة 

  • إلى اليهودية 

  • إلى مدينة داود " بيت لحم " 

  • حدث أدى إلى تحقيق نبوات الكتاب ، على الرغم من خطط البشر 

  • مكان مروع للميلاد             : 7 

  • ظهور الملاك للرعاة ظهوراً مذهلاً   : 8 - 12

  • الظهور المدهش لجمهور جند الله السماوي    : 13 - 14 

  • رعاة متحمسين يطلبون برهاناً      :  15 - 18 

  • الأم المتفكرة برهبة في قلبها          : 19 

  • الرعاة غير المتدينين يعبدون الرب    : 20 

  • تسمية غير عادية بتطبيق ما أمرت به الشريعة   : 22 - 23 

  • الاختيار المتعمد من الرب أن يولد ابنه الوحيد من عائلة فقيرة   : 24 


  • التدبير الإلهي لميلاد يسوع المسيح في بيت لحم : 

لنا على هذا الاكتتاب العجزي ثلاث ملاحظات :

  • استخدم الله هذا الاكتتاب ليُكمل تدبيره من أجل ميلاد المسيا . وقد قيل بالأنبياء أن المسيا سيولد في بيت لحم ، ويجب أن تكمل النبوات . عاش يوسف مع مريم في مدينة الجليل ، وسرعان ما ولدت ابنها البكر . فما الذي عمله الله لكي يتأكد من ولادة الطفل في بيت لحم ؟ حتى تم الاكتتاب في موعده بالطريقة المناسبة ، إذ كان على كل فرد أن يعود إلى مسقط رأسه ليكتب هناك ، كان الرب يتحكم في أحداث العالم بطريقة معجزية ، وضمان سير الأمور كما يُريد حتى يتحقق وعده ويُرسل المخلص للعالم . 

  • وبسبب هذا الاكتتاب ، اضطر يوسف للذهاب إلى بيت لحم مسقط رأسه . و نمعن النظر في تلك المعلومات العظيمة التي تصف لنا هذه الرحلة إلى بيت لحم ، وفي ما قيل بالأنبياء إن المسيا يولد في بيت لحم " مى 5 : 2 " . وقد فهمها الكتبة " مت 2 : 5 - 6 " وعامة الشعب " يو 7 : 42 " .

  • سنتحدث عن زمن ميلاد المسيح :

  • أن الاكتتاب جرى في أيام كيرينيوس الوالي واستشهد أصحاب هذا الرأي بما قيل في يوحنا " 1 : 15 ، 30 " ، أنه جرى اكتتابات في أيام كيرينيوس وأن لوقا أراد تعيين الأكتتاب الذي وُلد المسيح في وقته . ولابد أنه كان على يقين مما كتبه وكلامه أصدق من كلام المؤرخين القدماء ومما يؤيد صحة رواية لوقا هو أن يوستينوس الشهيد الذي عاش في الجيل الثاني بعد المسيح يؤكد ثلاث مرات أن المسيح وُلد في أيام كيرينيوس . وقد توضح مما أوضحه زُمبت أحد العلماء المدققين في الآثار القديمة أن كيرينيوس والي كيليكية " من أعمال آسيا الصغرى " كان والياً على سورية أيضاً في زمن ميلاد المسيح . 


  •  هو الزمن الذي فيه أصدر أوغسطس أول قياصرة الرومانيين امراً بأن يكتتب كل المسكونة . 

  • أوغسطس قيصر : كان اسمه أولاً اوكتافيانوس ولما صار قيصراً دًعى باسم أُوغسطس أي المعظم أو صاحب الجلالة وهو الذي تغلب على أنطونيوس وكليوباترا في واقعة أوكتيوم . وبعد ذلك قبض على زمام الحكم الروماني . وهو بالحقيقة أول قيصر روماني . 

  • كلمة المسكونة : ذهب بعض المفسرين إلى أن المراد بهذه اللفظة حيثما وُجدت في أسفار العهد الجديد أرض اليهودية والبلاد المجاورة لها ولكن الأرجح أن المراد بها العالم المتمدن المعروف في ذلك العصر . 

  • أن أُوغسطس كان يسعى لتعظيم نفسه وإشهار فخر ملكه وهو لا يدرى أنه بعمله هذا كان يسعى باتمام النبوات التي سبقت وأخبرت بميلاد ملك تخضع له كل ملوك الأرض وتأسيس مملكة تزول أمامها ممالك العالم أجمع . فكم وكم من أمور مثل هذه تحدث في العالم ولا يلتفت ولا ينتبه إليها أحد .

  • وهذا الاكتتاب من أكبر الشواهد على اتمام النبوة التي وردت في سفر التكوين " 19 : 10 " القائلة بزوال قضيب الملك من يهوذا في أيام ميلاد المسيح وحين ظهوره في العالم لأنه يتضح من هذا الاكتتاب الذي أمر به القيصر الروماني أن هيرودس ملك اليهودية له صُورة الملك فقط وأن الحكم كان قد صار فعلاً في يد الرومانيين . وعلى ذلك يكون قضيب الملك قد زال من يهوذا . 

  • وهنا يكشف لوقا أهمية هذا الاكتتاب القصوى بالنسبة لميلاد المسيح ، كون يوسف سيُسجل رسمياً بالدرجة الأولى . والآن كيف لنا أن نبلغ إلى هذه السنة ؟ فكما سبق وقلنا إنه تأكيد للمؤرخين المهتمين بقصة ميلاد المسيح أنه وُلد في أيام حُكم هيرودس الكبير : " ولما وُلد يسوع في بيت لحم اليهودية في أيام هيرودس الملك " " مت 2 : 1 " . فإن كان موت هيرودس قد سُجل سنة 4 ق . م ، وكان كيرينيوس قد تولى على سورية مرتين ، الأولى منها كانت سنة 6 - 4 ق . م ، فبهذا استطاع القديس لوقا أن يحصر تاريخ ميلاد المسيح بدقة إلى أقرب سنة بين 6 - 4 ق . م ، وقد أُضيف من الأبحاث والبراهين التي تمت بواسطة علماء الفلك الكبار مثل كبلر وزملائه ، أن ظهور النجم العظيم في السماء بملاحظة عُلماء الفلك الكلدانيين الذين دُعوا بالمجوس ، أمكن رصد تحركاته الثابتة ، والتأكد من ظهوره في نفس هذا التاريخ أي من 6 - 4 ق . م ، فلو رجعنا إلى نبوءة بلعام بخصوص ظهور كوكب يعقوب --- نجم المسيا --- نرى أن حسابات الفلكيين داخلة حتماً في صميم تحقيق النبوة إنجيلياً :" أراه ولكن ليس الآن ، أُبصره ولكن ليس قريباً . يبرز كوكب من يعقوب ، ويقوم قضيب من إسرائيل ----- " " عدد 24 : 17 " . 

  •   هنا يوجد سؤال مهم ؟ ما أهمية ميلاد يسوع في بيت لحم ؟ 

  • حدث اضطر معه يوسف أن يذهب إلى بيت لحم 

  • من الجليل 

  • من مدينة الناصرة 

  • إلى اليهودية 

  • حدث أدى إلى تحقيق نبوات الكتاب ، على الرغم من خطط البشر. 

  • كان المسيا هو مركز نبوءة داود النبي . 

  • وُلد داود في بيت لحم اليهودية ، لذا كان من الضروري أن يُولد ابن داود في نفس المكان أيضاً . 

  • سبق وتنبأ الكتاب المقدس أن المسيح سيولد في بيت لحم " مي 5 : 2 " . 

  • الاكتتاب حدثاً مقصوداً ضمن خطة الله لكي يتم ما قيل بالأنبياء. 

  • وقد أدى الاكتتاب إلى أن يتم ما قيل بالأنبياء رغم الخطط البشرية ،فكانت مريم على وشك أن تولد طفلها " ع 5 " ويبدو أن يوسف ومريم اتفقا على أن يولد الطفل في مدينة الناصرة ، ولكن الله كانت له خطة أخرى ، فقد رتب هذا الاكتتاب بحيث يُضطر يوسف ومريم للذهاب إلى بيت لحم . 

 

مكان مروًع الميلاد :

ميلاد يسوع المسيح : كان هناك المكان المروًع الصادم الذي وُلد فيه السيد المسيح، لم يُولد المسيح في بيئة تتسم بالراحة أو الرفاهية ، بل بالعكس ، هناك صدمة كبيرة، هذا الملك العظيم بعد ولادته وُضع في مزود للبقر ووضع في معلف أو حوض لتغذية الحيوانات ! وإن كان خبر الميلاد جاء في آية واحدة بسيطة ، إلا أننا يمكن أن نفهم أشياء كثيرة من خلالها .

v   وُلد المسيح في مزود كريه الرائحة ، ظل وقتاً طويلاً مهجوراً مهملاً ، إذ لم تجد مريم مكاناً في أي مكان أو فندق لتلد فيه طفلها . ولو اهتم أحدهم بالأمر لكان من الممكن أن يجد لها حجرة .

v  وُلد المسيح فقيراً ، ولو كان يوسف يمتلك مالاً كثيراً ، لكان وجد لمريم حجرة لتلد فيها طفلها .

v  كما وُلد يسوع مجهولاً وحيداً ، فلم يدر به أحد من البشر ، وقد قمطته أمه واضجعته في المزود .

v  وُلد يسوع مُتواضعاً ، فهو لم يدخل إلى العالم --------

Ø    في مستشفى


Ø    في بيت مُريح

Ø    في بيت أحد الأصدقاء أو الأقارب

Ø    تحت عناية أحد الأطباء

Ø    تحت نجوم السماء ، أو في العراء

Ø    لكنه وُلد في مزود كريه الرائحة ، أي في أدنى مكان يمكن تخيله لكي يولد فيه إنسان .

v   وُلد يسوع في عالم فاسد ممتلىء بالخطية والأنانية ، والطمع والقسوة ، والدليل على ذلك :

Ø    العالم مُمثلاً في صاحب الفندق مشغول في شؤونه الخاصة حتى أنه لم يستطع أن يساعد امرأة حُبلى .

Ø   لم تجد من يساعدها في الحصول على غرفة بالفندق ، فالمال والراحة الشخصية كانا أكثر أهمية لكل من أصبح مُدركاً بالوضع .

   ت : لاحظ كيف أن كثيرين لم يشعروا بالمجيء الأول للمسيح ، بينما يتلهف آخرون إلى مجيئه الثاني .

" وبينما هما هناك تمت أيامها لتلد " 

عندما نقرأ هذه الكلمات أول ما نُفكر فيه كيف عبرت هذه العذراء القديسة 90 ميلاً من الناصرة إلى بيت لحم في أرض وعرة وهي في أيامها الأخيرة ؟ ولكن من أميز صفات كاتب هذه القصة أي القديس لوقا ، بل من أميز صفات يوسف ، وبالتالي العذراء ، وبالتالي الإنجيل ، هذه الغلالة من السرية التي يلفها الصمت الرهيب العميق بالنسبة لهذه الحوادث الجسام المليئة بالأعاجيب ، وليس إزاء هذا السرد المُهيب إلا أن يتذرع الإنسان أيضاً بالصبر في الجري وراء تحقيق هذه الحوادث ، وبالصمت لعله يبلغ السر . 

ويقول التقليد الكنسي على لسان القديس الشهيد يوستين ، عما وصله من التقليد الأقدم ، إن يوسف ومعه القديسة مريم لما بلغا بيت لحم لم يكن لهما فيها أحد ، إذ كانا قد استوطنا الناصرة منذ زمن بعيد . فاتًجها إلى الخان "المنزل أو النزل " " وهو اللوكاندة الريفية التي تستقبل المسافرين مع دوابهم " . فلم يجدا في المنزل مكاناً فلذلك اتًجها إلى " المغارة " الملحقة ، والتي كانت مُخصصة للدواب --- وباتا فيها . وهناك ولدت ابنها البكر وقمطته واضجعته في المزود . 

بالتأكيد هذه الرحلة الشاقة ذات الأربعة أيام والتسعين ميلاً كم سهلت الوضع بحسب خبرة أصحاب التوليد وأهلها ذلك لمعونة ملائكية ، وأُخفي هذا عن الإنجيل ليزداد عطفنا عليها وحُبنا لها . 

هكذا استقبل العالم  .

ويعود العلامة أوريجانوس " 185 -- 254 م " ، ويُكرر نفس قصة الميلاد التي استلمها من التقليد. فهي حقيقة متداولة في الكنيسة منذ البدء . ويقول العلامة " Farrer " أنه في أيام القديس يوستين كانت هذه المغارة باعتبارها مكان ميلاد المسيح . وقد شُيدت الملكة هيلانة كنيسة فوق هذا المكان المقدس سنة 330 م . وبعدها بقليل قام الإمبراطور جوستيان الأول " 483 -- 563 م " وبنى كاتدرائية كُبرى على هذا المكان ، ويُقال أن الكنيسة الحالية هي بقاياها أُعيد ترميمها . ويؤكد العلامة يُواقيم إرميا أن تقليد الكنيسة بخصوص ميلاد المسيح في مغارة بيت لحم مُبكر للغاية . ويُقرر العلامة أن الرعاة الذين ظهر لهم الملاك ، وهم الذين كانوا يحرسون القطيع المُخصص للذبائح الهيكلية ، كانوا أنفسهم أصحاب هذه المغارة . 

وهذا الفصل من إنجيل لوقا يُوضح لنا كيف شُرح لنا كيفية انتشار الخبر بميلاد المسيح وتبليغه للبشر . لا يُخفى انه متى وُلد ابن لأحد ملوك العالم فحالاً يُذيع الخبر بميلاده ففي كل المملكة وبين جميع الرعايا باحتفال عظيم لايق بشرف مقامه ويشترك جمهور الشعب بالافراح والملاهي اجلالاً وتكريماً لميلاد النجل الملكي . ولكن المسيح ملك السلام بل ملك الملوك فلم يصر لميلاده احتفال عظيم كهذا بين الناس بل كان الخبر عنه محصوراً في بعض أناس فقراء رُعاة أتتهم تلك البشارة المُفرحة على انفراد عند نصف الليل بدون إظهار أقل شيء من الزخرفة والاحتفال والزينة العالمية: ولكي نحصل على الفوائد المتضمنة يجب أن نسأل بعض الأسئلة الآتية وهي : 

أولاً : من هم الذين بشروا أولا بميلاد المسيح 

إنه لأمر يستحق الاعتبار . أن الذين تشرفوا أولاً باستماع الخبر بميلاد المسيح لم يكونوا من ذوي الشرف والرتب والوظائف مثل الحُكام والكهنة والكتبة والفريسين بل جماعة من رعاة الناس وفقرائهم " رُعاة كانوا يحرسون حراسات الليل على رعيتهم " هؤلاء هم الذين ظهر لهم الملاك وبشرهم بالبشارة المُفرحة حيث قال " إنه قد ولد لكم اليوم مُخلص هو المسيح الرب " فهذا يؤكد لنا صدق قول يعقوب الرسول أن الله " اختار فقراء هذا العالم أغنياء في الإيمان وورثة الملكوت الذي وعد به الذين يحبونه " 

ويقول العلامة إدريس هايم اليهودي الذي كتب حياة المسيح بالتفصيل إنهم فئة من الرُعاة مُختارين بشروط خاصة من جهة الطهارة والتطهير ، يحرسون قطعان الغنم المخصصة للذبائح الهيكلية . 

وعن النبوءة التي سجلها ميخا النبي فإنها تقول إن من " برج القطيع " الواقع على أكمة جبل صهيون " وهو يُرى على طريق بيت لحم " يأتي من يملك ويحكم : " وأنت يابرج القطيع أكمة بنت صهيون إليك يأتي ، ويجيء الحكم الأول مُلك بنت أُورشليم " ميخا 4 : 8 " . 

وهنا نلاحظ أن النبوءة الخاصة بالمسيح منصبة على مجيئه من قبل " بنت صهيون " وهذا تعبير على ميلاده من العذراء . 

كذلك في أحد كُتب التراث اليهودي يقول إن من على برج " مجدال عيدر " أي برج القطيع في بيت لحم سيُعلن ميلاد المسيا ، وهذا البرج يقع على الطريق بين بيت لحم وأورشليم . وهذا ما تم بالفعل إذ ظهر هناك الملاك الذي كلم الرعاة . 

وطبعاً لا يفوتنا العلاقة السرية ذات المغزى والمعنى ، أن أول بشارة بميلاد " حمل " الله الذي يرفع خطية العالم " " يو 1 : 29 " يفوز بها " رُعاة ذبائح " الهيكل من الحملان ! بل ويولد " حمل " الله في مزود ؟ 

إنها تكون صرخة من الوحي المقدس في أُذن القارىء الموهوب وكأنها إصبع تشير كما أشارت إصبع المعمدان : " هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم " بل ولا يخلو هذا الحبك الإلهي ذات الأسرار ، لماذا " للرعاة " يُستعلن " الحمل " ؟ 

هذه الإشارة أخذتها الكنيسة المرشدة بالروح القدس وأسمت كهنتها " ب الرعاة " ، وكأنهم المؤتمنون على سر الحمل يقدمونه كل يوم على المذابح ليُشبعوا الرعية ! 


ثانياً : ما هو الأمر الذي قال الملاك أن الشعب يحصل عليه بواسطة ميلاد المسيح . 

ظهور الملاك للرعاة ظهوراً مذهلاً 

ظهوره : مجد الرب أضاء حولهم 

رسالته : بث الطمأنينة ، وإعلان أخبار سارة 

إعلان : ولادة المسيا 

وصية : زيارة الطفل 

علامة : الموقع ، والملابس التي يرتديها الطفل 

قال الملاك : " ها أنا أبشركم بفرح يكون لجميع الشعب " 

ولا عجب من قوله هذا لأنه بميلاد المسيح كان قد حان الوقت الذي فيه تزول الظلمة الروحية التي غطت الأرض مدة أربعة آلاف سنة والذي فيه يُسحق رأس الحية العتيقة أي أبليس ويُنادى للأسرى بالانطلاق والحرية و للعمي بالبصر ويُسهل الطريق لنوال المغفرة والسلام لجميع بني البشر . وأيضاً كان قد قرب الميعاد لإظهار واثبات الحقيقة الجليلة وكشف السر المكتوم منذ القديم أي الطريقة التي بها يعفو الله عن الخاطيء بمجرد رحمته ! إكراماً للمسيح بدون أن يُناقض أحكام عدله وقداسته . وكان الخلاص العظيم مُزمعاً كذلك أن يُظهر ويتم حقيقة وفعلاً لا بواسطة رموز وكتابات مبهمة . والمعرفة بالله وشريعته التي كانت منحصرة في أمة اليهود كانت عتيدة أن تنتشر بين سائر الشعوب والأمم على وجه الأرض كُلها . وبالاختصار قد حان وقت انقراض سلطة العبادة الوثنية وانشاء الملكوت السماوي الذي يجمع مُختاري الله من كل أُمة وسبط ولسان . فلذلك طبعاً البشارة بميلاد المسيح كم له من أمراً عظيماً ومهماً ومُفعماً من أسباب الفرح والسرور والابتهاج الذي لا مزيد عليه . 

ثالثاً : من هم الذين مجدوا الله أولاً عند ميلاد المسيح 

مما يستحق الإعتبار أيضاً أن الذين مجدوا الله أولاً على إتيان الخلاص وميلاده لم يكونوا أناساً خُطاة من البشر بل جمهور من الجند السماوي وملائكة أطهار لم يرتكبوا خطيئة قط ولا سقطوا من حالة البر والطهارة ولذلك لم يكونوا محتاجين إلى مُخلص ولا لتقديم دم الكفارة المسفوك من أجل الخُطاة . 

من هنا يتضح لنا أمور عظيمة جداً عظمة شأن الملائكة لشدة اعتنائهم و ابتهاجهم بما يفعله سيدهم حيث انهم عبيد إمناء وخدمة طائعون لأوامره . ومنها اتساع معرفتهم بأسرار ملكوت الله لأنهم مطلعون على عظم الشقاوة التي دخلت  إلى العالم بسبب الخطية إلى جانب حالة السعادة الموجودة في السماء وغبطة الذين أُذن لهم بالدخول والتمتع بأفراحها وخيراتها الدائمة . ومنها أيضاً حرارة محبتهم وكثرة حنوهم على البشر الساقطين في الخطية المنحدرين إلى هاوية الهلاك ورغبتهم في أن ينظروا كثيرين منهم يفرون من الهلاك ويفوزون بالخلاص المجيد لأن هذا من الأمور التي تسرهم غاية السرور . 

" وإذا ملاك الرب وقف بهم ، ومجد الرب أضاء حولهم ، فخافوا خوفاً عظيماً " 

الليل ليل شتاء ، وظلمة الشتاء ثقيلة ، وأي بصيص نور يجذب الأبصار ، فما بالك بنور مجد الله بضياء يملأ السماء والأرض على مستوى البرق ، وفي لحظة يلفُهم النور وكأنهم صاروا في بؤرة الشمس بلا حرارة . فأي خوف يتحتم أن يعتريهم ؟ وهم رُعاة سُذج . ولكن الذي يسترعي أبصارنا نحن أن يكون هذا ضياء مجد الرب نفسه ، وهو نفسه مُلقى هادئاً في المزود يلفُه قماط !!! وتم القول : " الذي نزل من السماء " إلى الأرض " ، ابن الإنسان الذي هو في السماء " " يو3: 13" من يفهم ومن يصدق ومن يسبح ؟ أليس هذا المنظر فيه ما يفك أُحجية التجسد ؟؟ 

فقال لهم الملاك : " لا تخافوا . فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب " . 

" خوف عظيم " ، " وفرح عظيم " : 

أليس هذا هو الإنجيل أي البشارة المُفرحة جداً ؟ أول من فسره ملاك ، وأول من سمعته آذان رعاة! واللغز هنا بديع ، بالبشارة للرعاة ، والفرح للشعب ، وما على الرعاة إلا البلاغ . وكأنه في مخافة عظيمة جداً يتقبل الرعاة البشارة لينقلها مفرحة لجميع الشعب . وهكذا أول من سمع البشارة ورأى المولود هم الرعاة ، إن في هذا تناسقاً بديعاً . 

ولكن نقطة التركيز في هذه الآية أن البشارة بالميلاد فيها فرح عظيم ، وكم مرة عيًدنا للبشارة ولم نفرح ؟ بل كم مرة قرأنا وسمعنا البشارة ولم نفرح ؟ إن في هذا إشارة إلى عطل في السمع والفكر في تقبلنا لأعمال الله وأسراره ، لنا آذان لا تسمع ! إن الفرح العظيم الذي يكون لجميع الشعب انطلق من الميلاد ليؤسس دعامة في قلب الإنسان لا يمحوها الزمن ، ارتفعت عالياً يوم القيامة لتنهي عهد شقاء الإنسان إلى الأبد : " أُبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب " كل الأيام . 

لاحظوا جذور ميلاد الكنيسة ، فقد وُلد المسيح والرعاة يسهرون ، هؤلاء الذين يحرسون الخراف التي جاءت من الأمم في حظيرة الرب فلا تُهاجمها الوحوش ---- يستطيع الرعاة أن يسهروا كما علمهم الراعي الصالح . 

الرعية هي الشعوب ، والليل هو العالم ، والرعاة هم الكهنة ------- " القديس أمبروسيوس " 

نزل ملاك الرب من السماء وأعلن عن ميلاده . 

ها نحن نرى ملاك الرب قد دُعى ليبشر بميلاد المسيح ، فلم يذهب إلى أورشليم . 

ولا بحث عن الكتبة والفريسيين ولا دخل مجمع اليهود لكنه بحث عن رعاة يحرسون حراسة الليل للقطيع . 

ملاك الرب جاء للرعاة وكلمهم . اسمعوا ياملائكة الكنائس فإن ملاك الرب لا يزال ينزل من السماء ليعلن لكم : " إنه وُلد لكم اليوم مخلص هو المسيح الرب " . حقاً لو لم يأت هذا المخلص لما أستطاع رُعاة الكنائس أن يعتنوا برعايتهم من أنفسهم . فاشلة هي رعايتهم أن لم يرعها المسيح معهم! ها نحن بصدد قراءة ما جاء عن الرسل :" نحن فلاحة الله " ، الراعي الصالح هو ذاك الذي يتبع سيده الراعي الصالح ، فيعمل مع الله " الآب " ومع المسيح . " العلامة أوريجانوس " . 


 


 

NameEmailMessage