<!-- Global site tag (gtag.js) - Google Analytics -->
<script async src="https://www.googletagmanager.com/gtag/js?id=G-5DQW5LQ2JZ"></script> <script> window.dataLayer = window.dataLayer || []; function gtag(){dataLayer.push(arguments);} gtag('js', new Date()); gtag('config', 'G-5DQW5LQ2JZ'); </script>style="font-family: Arial; font-size: 18pt; text-align: center; white-space: pre-wrap;">البشارة بالتجسد الإلهي id="docs-internal-guid-86e84912-7fff-d8f9-cba9-7cc06860c4ea">
البشارة بميلاد يسوع
البشارة بالتجسد الإلهي
البشارة بميلاد يسوع
مقدمة :
يُقارن لوقا هنا بين الإيمان البسيط ل فتاة لم تبلغ بعد العشرين من عمرها"مريم"، والإيمان الأصيل ولكنه الأقل عُمقاً لكاهن مسن " زكريا " .
أيضاً لاحظ المُقارنات الأشد حدة بين حنة وعالى الكاهن في 1 صم 1 - 2
وعلى الرغم إن الإطار العام للقصة مُختلف تماماً ، إلا إنه في كلتا الحالتين . يستخدم الله خادماً مُتواضعاً مغموراً ليحمل بشرى النهضة للجيل القادم .
هذا الجزء يشبه أجزاء أُخرى ليس فقط في البشرى بميلاد أشخاص في العهد القديم . بل أيضاً في قصص دعوات العهد القديم : دُعيت مريم لتكون أُماً ليسوع.
البشارة بميلاد يسوع : لو 1 : 26 - 38
مت 1 : 18
" أما يسوع المسيح فقد تمت ولادته هكذا : كانت أمه مريم مخطوبة ليوسف ، وقبل أن يجتمعا معاً ، وجدت حبلى من الروح القدس " ع 18
وذلك كالآتي :
لوقا 1 : 26 ، 27
" وفي شهرها السادس ، أرسل الملاك جبرائيل من قبل الله إلى مدينة ب الجليل اسمها الناصرة " ع 26
" إلى عذراء مخطوبة لرجل اسمه يوسف ، من بيت داود ، واسم العذراء مريم " ع 27
" وكانت مريم مخطوبة لرجل اسمه يوسف ، وهو من سلالة داود ، أي حق له أن يرث حقوق عرش داود ، مع إنه كان نجار .
وحيث أن يوسف كان من نسل داود ويسوع إبناً شرعياً له ، ففي ذلك تأهيل ليسوع للانتماء إلى بيت داود الملكي .
في اليهودية ، كانت " العذراى " فتيات صغيرات ، عادة في الرابعة عشرة من عمرهن أو أقل من ذلك .
اللفظ الذي يستخدمه لوقا هنا لكلمة " عذراء " يدل أيضاً على أنه لم يكن لها علاقات جنسية مع رجل " 1 : 34 - 35 " .
وتكررت كلمة " عذراء " بهدف التأكيد على بتوليتها . إعلاناً أن السيد المسيح لم يأت من زرع بشر ولم يُولد من تناسل طبيعي . بل وُلد ولادة معجزة لكي لا يشترك في فساد الطبيعة البشرية التي تسببت عن الخطية الموروثة من آدم . والتي أشار إليها داود النبي بقوله :
" بالإثم صورت وبالخطية حُبلت بي أُمي " " مز 51 : 5 " .
أولاً : منذ خمسة أشهر سبق فبشر الملاك زكريا الكاهن ، والآن مع بداية الشهر السادس جاء يُبشر القديسة مريم ، لكن شتان بين البشارتين .
البشارة الأولى :
تمت داخل الهيكل أثناء العبادة الجماعية رافقها زكريا أمام الجميع وتحدث عنها الكهنة إذ تمت مع زميلهم الكاهن .
وكانت بشارة بميلاد أعظم مواليد النساء .
يوحنا السابق خادم الكلمة .
البشارة الثانية :
تمت في بيت مجهول في قرية فقيرة بطريقة سرية لم يلمسها حتى صاحب البيت نفسه " يوسف النجار " .
وقد كانت بشارة بتجسد الكلمة ذاته ! لقد أخلى الإبن ذاته حتى في البشارة به . لم تتم بين كهنة ولا في داخل الهيكل ولا على مستوى الجماعة .
إنما تمت مع فتاة فقيرة في مكان بسيط ------
ثانياً : أرسل الملاك إلى "عذراء مخطوبة لرجل ".
كانت الخطبة ليوسف البار أمراً ضرورياً وذلك لأسباب كثيرة منها :
ما ذكره القديس جيروملكي يُنسب للقديس يوسف قريب القديسة مريم ، فيظهر أنه المسيا الموعود به من نسل داود من سبط يهوذا .
لكي لا تُرجم القديسة مريم طبقاً للشريعة الموسوية كزانية ، فقد سلمها الرب للقديس البار الذي عرف بر خطيبته وأكد له الملاك سر حبلها بالمسيا المُخلص .
لكي تجد القديسة معها من يعزيها خاصة أثناء هروبها إلى أرض مصر .
ويُجيب العلامة أُوريجانوسبأن وجود الخاطب أو رجل لمريم ينزع كل شك من جهتها عندما تظهر علامات الحمل عليها .
ويقول القديس أمبروسيوس
ربما لكي لا يظن إنها زانية . ولقد وصفها الكتاب بصفتين في آن واحد ، إنها زوجة وعذراء .
فهي عذراء لإنها لا تعرف رجلاً ، وزوجة حتى تحفظ مما قد يشوب سمعتها ، ف انتفاخ بطنها يشير إلى فقدان البتولية " في نظر الناس " . هذا وقد اختار الرب أن يشك البعض في نسبه الحقيقي عن أن يشكوا في طهارة والدته ---- لم يجد داعياً للكشف عن شخصه على حساب سمعة والدته .
ويرى العلامة أُوريجانوس نقلاً عن القديس أغناطيوس : أن وجود يوسف يشكك الشيطان في أمر المولود ويجعله مربوك من التجسد الإلهي .
وقدم لنا القديس أمبروسيوس : ذات الفكر حين قال : { هناك سبب آخر لا يمكن إغفاله وهو أن رئيس هذا العالم لم يكتشف بتولية العذراء ، فهو إذ رآها مع رجلها لم يشك في المولود منها ، وقد شاء الرب أن ينزع عن رئيس هذا العالم معرفته .
هذا ظهر عندما أوصى السيد تلاميذه ألا يقولوا لأحد أنه يسوع " مت 16 : 22 " . كما منع الذين شفاهم من اظهار اسمه " مت 5 : 4 " ، وأمر الشياطين ألا تتكلم عن إبن الله " لو 4 : 35 " .
ويعلق هلفيديوس في أواخر القرن الرابع على قول الإنجيلي
" قبل أن يجتمعا وُجدت حُبلى "
ظهر في هذا الكلام دليل ضمنى على اجتماعهما معاً بعد ولادة السيد ، ناكراً بتولية القديسة مريم ،
هنا نجد بعض عبارات للقديس جيروم :
" لو أن انساناً قال : قبل الغذاء في الميناء أبحرت إلى أفريقيا . فكلماته هذه لا تكون صحيحة إلا إذا أرغم على الغذاء بعد رحيله ؟!
وأن قلت أن " بولس الرسول قيد في روما قبل أن يذهب إلى أسبانيا " ، أو قلت " أدرك الموت هلفيديوس قبل أن يموت ".
فهل يلزم أن يحل بولس من الأسر ويمضي مباشرة إلى أسبانيا ، أو هل ينبغي ل هلفيديوس أن يتوب بعد موته ؟!
فعندما يقول الإنجيلي " قبل أن يجتمعا " يشير إلى الوقت الذي سبق الزواج مظهراً أن الأمور قد تحققت بسرعة حيث كانت هذه المخطوبة على وشك أن تصير زوجة ---- وقبل حدوث ذلك " وُجدت حُبلى من الروح القدس ---- لكن لا يتبع هذا أن يجتمع بمريم بعد الولادة .
هذا ما أعلنه حزقيال النبي بقوله عن الباب الشرقي :
هذا الباب يكون مُغلقاً لا يفتح ، ولا يدخل منه إنسان ، لأن الرب إله إسرائيل دخل منه فيكون مغلقاً ، الرئيس الرئيس هو يجلس فيه " " حز 44 : 1-3".
هذه النبوة الخاصة بـ حزقيال هي نبوة جميلة عن السيدة العذراء . ففيها تنبأ حزقيال النبي عن دوام بتولية السيدة العذراء مريم التي حملت رب المجد يسوع .
السيد المسيح دخل إلى بطن العذراء وأخذ من جسدها جسد ليه بدون زرع بشر "أي بدون زواج بين رجل وإمرأة " .
كما يعلمنا أيضاً أشعياء في نبوته " ها العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل " " اش 7 : 14 " .
وبعد أن ولدته بقيت أيضاً عذراء دليل أكيد على أن المولود منها إله كامل وإنسان كامل بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير .
ففي هذه النبوة يؤكد حزقيال ليس فقط على ميلاد السيد المسيح من العذراء البتول ولكن أيضاً على دوام حالة البتولية للسيدة العذراء .
" لا يفتح ولا يدخل منه إنسان لأن الرب إله إسرائيل دخل منه فيكون مغلقاً "
وإذا كان السيد المسيح عند موته قد اتخذ لنفسه قبراً جديداً لم يدفن فيه أحد من قبل لكي يدل بقيامته من بين الأموات أنه الإله الذي قام بسلطان لاهوته فكان لابد بالأولى أن يولد من العذراء دائمة البتولية القديسة مريم .
لذلك قد أوضح الآباء القديسون أثناسيوس وكيرلس أجزاء كثيرة من الثيؤطوكيات للدفاع عن السيدة العذراء " ثيئوطوكوس " والدة الإله وتمجيدها ويظل الإيمان السليم محفوظ في أفواه الناس ومسبحين به كل حين .
فالذين يرفضون مبدأ شفاعة القديسين ينكرون أيضاً دوام بتولية العذراء لكي يظهروا أنها بلا قيمة كامرأة عادية تزوجت بعد إنجاب السيد المسيح وأنجبت أطفال وإخوة له وهذا ضد الإنجيل و ترفضه الكنيسة الأرثوذكسية وتوضيح ذلك أن السيد المسيح أكرم السيدة العذراء بأخذه جسد لنفسه من جسدها وكرمها أيضاً ببقائها بتول كل أيام حياتها على الأرض .
ولذلك جاء في الطقس البيزنطي عن السيدة العذراء :
" السلام لك ، أيها الباب الفريد الذي عبر منه الكلمة فقط "
إنها عذراء وزوجة " عروس " في نفس الوقت إذ تمثل العضو الأول في الكنيسة العذراء عروس المسيح .
ويقول القديس أمبروسيوس :
" كانت مريم الزوجة العذراء تمثل في آن واحد الكنيسة العروس التي بلا عيب . الكنيسة عروس المسيح البتول ، حملت بنا بالروح القدس وولدتنا بغير ألم ، ومريم حبلت بالروح لا بالزواج ، وهكذا صارت تمثل كل الكنائس التي تثمر بالروح والنعمة ، وإن كانت تتحد ظاهرياً تحت لواء راع بشري
ويقول القديس أغسطينوس :
" كما ولدت مريم ذاك الذي هو رأسكم ، هكذا ولدتكم الكنيسة ، لإن الكنيسة هي أيضاً أم عذراء ، أم في أحشاء حبنا ، وعذراء في إيمانها غير المنثلم . هي أم لأمم كثيرة الذين يمثلون جسداً واحداً وذلك على مثال العذراء أم الكثيرين وفي نفس الوقت هي أم للواحد ".
ويقول القديس كيرلس الكبير :
" مجد مريم دائمة البتولية بتسابيح الفرح ، التي هي نفسها الكنيسة المقدسة " .
سؤال هام ؟ لماذا وُلد السيد من إمرأة عذراء ؟
يعتبر ميلاد المسيح من عذراء ركناً هاماً من أركان الإيمان المسيحي
أولاً : لأن الرب يسوع ابن الله لا يمكن أن يشترك في الطبيعة الخاطئة التي يتوارثها الجنس البشري عن آدم .
ويقول القديس أغسطينوس :
ثانياً : لو تجنب الميلاد من إمرأة كنا اعتقدنا إن الميلاد منها ينجسه ، فما دام جوهره لا يتدنس فلا خوف من الميلاد من إمرأة .
ثالثاً : أصبح إنساناً لإنه وُلد من إمرأة . ولكن لكونه ابن الله فقد وُلد منزهاً من خطية البشر .
ويقول أيضاً القديس أغسطينوس :
رابعاً : بمجيئه رجلاً دون ولادته من امرأة يجعل النساء ييأسون من أنفسهن مذكرات الخطية الأولى وكأنه يخاطب البشرية قائلاً:
ينبغي أن تعلموا أنه ليس في خليقة الله شراً.
إنما الشهوة المنحلة هي التي أفسدت الخليقة .
انظروا لقد ولدت رجلاً وولدت من امرأة .
فأنا لا احتقر خليقتي بل ازدريت بالخطية التي لم أقبلها .
ملاحظة : لنفس السبب نجد النساء هن أول من بشرن بالقيامة للرسل .
ويحدد الإنجيلي اسم المدينة التي جاء إليها الملاك ليلتقي بالقديسة مريم ، وهي " الناصرة ".
مدينة الناصرة : مدينة في الجليل تبعد 88 ميلاً شمال أورشليم ، 15 ميلاً جنوب غرب طبرية . وتقع على تل -- ولم تكن لها أهمية تذكر فلم ترد في العهد القديم ولا في وثائق الدول العظمى قبل مجيء المسيح ولا في كتابات المؤرخ اليهودي يوسيفوس . ويقدر عدد سكانها من 1600 إلى 2000 نسمة
عاش فيها القديس يوسف والقديسة مريم العذراء
وقضى السيد المسيح القسط الأوفر من الثلاثين عاماً فيها وقال متى البشير في تعليل ذلك أنه
" لكي يتم ما قيل بالأنبياء أنه سيدعى ناصرياً " مت 2 : 23
ولا توجد في العهد القديم نبوة تنص على أن السيد المسيح سيدعى " ناصرياً " ولذا لم يذكر متى البشير اسم نبي معين قال هذه النبوة . وإنما قال " الأنبياء " . وقد يعني هذا أنها نبوة شفهية لم ترد مكتوبة في الأسفار بل تناقلتها الأجيال شفهياً.
" فدخل الملاك وقال لها : سلام أيتها المنعم عليها ، إذ أن الرب شملها بامتياز زيارته لها . وها هنا ملاحظتان يجدر الأخذ بهما :لم يصلي الملاك لمريم ولا هو عبدها ، بل هو حيًاها فقط
لم يقل لها انها " ممتلئة نعمة " ، بل قال إن الله أنعم عليها ، أو قُل أحسن إليها .
لم تكن بالتحية العادية وإنما جاءت تحية فريدة حملت كل معنى الفرح ، الكلمة اليونانية " شيريه " التي ترجمت هنا " سلام " ورد فعلها حوالى 80 مرة في الترجمة السبعينية للعهد القديم ، ترجم بصفها " يفرح " والنصف الآخر استخدم للتعبير عن فرح شعب الله بعمل مثير يمس خلاصهم . وكأن القديسة مريم قد نالت باسم الكنيسة كلها التي هى عضو فيها فرحاً فائقاً خلال تجسد الله الكلمة وحلوله فيها .
وفيما يلي بعض تعليقات للآباء على هذه التحية الفريدة :
انفردت بدعوتها " الممتلئة نعمة " ، إذ وجدها نالت النعمة التي لم يقتنيها أحد آخر غيرها ، إذ امتلأت بمواهب النعمة ----" القديس أمبروسيوس".
هذا الميلاد مُطلقاً هو نعمة ، فيه تم الاتحاد ، إتحاد الإنسان بالله ، والجسد بالكلمة ---- لم تكن الأعمال الصالحة هى الاستحقاق لتحقيقه . "القديس أغسطينوس ".
التحقت بالنعمة الإلهية كثوب ، وامتلأت نفسها بالحكمة الإلهية ، في القلب تنعمت بالزيجة مع الله ، وتسلمت الله في أحشائها !
الأب ثيؤدوسيوس أسقف أنقرة
سمعت القديسة مريم الملاك يقول لها :" الرب معك " ، وكان لهذا التعبير مفهومه الخاص بالنسبة لها ، فقد ذاقت الله على مستوى فريد ، إذ حملت كلمة الله في أحشائها ، وقدمت له من جسدها ودمها! .
" مباركة أنت في النساء "
وكما يقول العلامة أوريجانوس :
" الفرح الذي بوق به جبرائيل لمريم نزع حكم الحزن الصادر من الله ضد حواء .
" كما بدأت الخطية بالمرأة وبعد ذلك عبرت إلى الرجل ، هكذا بدأت البشارة بالنسوة " مريم وأليصابات " .
" فاضطربت لكلام الملاك ، وساءلت نفسها : ما عسى أن تكون هذه التحية " " لو 1 : 29
" فقال لها الملاك : " لا تخافي يامريم ، فإنك قد نلت نعمة عند الله "لو 1 : 30 "
يبدو أن مريم اضطربت من هذه التحية وطفقت تفكر في معناها . إذ ذاك طمأنها الملاك وأزال خوفها وأخبرها بأن الله قد اختارها لتكون والدة المسيح المنتظر منذ القديم .
ويقول القديس جيروم :
" لقد اضطربت ولم تستطيع أن تجاوبه أن لم يسبق لها أن قدمت تحية لرجل من قبل ، لكنها إذ عرفته من هو إجابته ، هذه هى التي كانت تخاف الحديث مع رجل صارت تتحدث مع ملاك بلا خوف ".
هكذا يرى كثير من الآباء أن السيدة العذراء كنموذج حي العذارى اللواتي يكرسن للعبادة سلكن بحياء شديد ولا يلتقين برجال بل يقضين حياتهن في بيوتهن أو في بيوت العذراى لا يتعاملن مع الرجال .
لكننا لا نستطيع أن ننكر أن من اتسمت به العذراء من حياء شديد وتكريس كامل لحساب الرب ، وعدم رغبتها في الزواج كما يظهر من قولها للملاك: كيف يكون لى هذا وأنا لست أعرف رجلاً .
لكنها كانت الإنسانة الوحيدة الفعالة في الجماعة المقدسة . فعالة كل صلواتها وتقواها ، وفعاله أيضاً بقبولها عطية الله الفائقة " تجسد الكلمة في أحشائها " ، وفعالة في الخدمة ففي أول معجزة للسيد المسيح طلبت منه " ليس لهم خمر " " يو 2 : 3 "، ورافقت السيد حتى الصليب ، وبعد الصعود كانت مع التلاميذ تساندهم .
البتولية إذن لا تعنى السلبية إنما ايجابية الحب الباذل المعلن خلال العبادة والعمل في حدود مواهب الإنسان التي يتسلمها من الرب نفسه .
ويقول القديس أغسطينوس :
" لا تكرم البتولية من أجل ذاتها وإنما لانتسابها لله ".
فجاء الوعد الإلهي للقديسة مريم على لسان الملاك :
" وها أنت ستحبلين وتلدين إبناً ، وتسمينه يسوع " " لو 1 : 31 "
" إنه يكون عظيماً ، وابن العلى يُدعى ، ويمنحه الرب الإله عرش داود أبيه ""لو 1 : 32 ".
" فيملك على بيت يعقوب إلى الأبد ، ولن يكون لملكه نهاية ""لو 1 : 33 ".
لنلاحظ الحقائق الهامة المتضمنة في هذه البشارة
كون المسيح إنساناً حقيقياً : ستحبلين وتلدين إبناً .
لاهوته وخدمته بوصفه مُخلصاً : وتسميه يسوع " أي يهوة " " الرب المخلص"
عظمة شخصه : هذا يكون عظيماً : عظيم الشخصية وعظيم العمل .
هويته كونه ابن الله : وابن العلى يدعى .
رتبته على عرش داود ، ويعطيه الرب الإله كرسي داود ، إنها لصفة تُثبت إنه المسيا .
شمولية ملكه وديمومته : ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية.
تمتعت القديسة مريم بهذا الحبل الإلهي ، إذ تجسد ابن العلى فيها ، هذا الذي ترقبه رجال العهد القديم كملك يجلس على كرسي داود ويملك أبدياً ، و مخلص لذا يدعى " يسوع " الذي يعنى " يهوة خلاص " .
ليس من يشبه والدة الإله ، فانك وأنت تسكنين الأرض صرت أماً للخالق."بارالكس " لحن البركة "
إن كان ابن الله قد صار إبنا لداود ، فلا تشك يا ابن آدم أنك تصير إبناً لله.
إن كان الله قد نزل أعماقاً كهذه ، فإنه لم يفعل هذا باطلاً ، إنما ليرفعنا للأعالى ! وُلد بالجسد لكى تولد انت ثانية حسب الروح . وُلد من امرأة لكى تصير أنت ابن الله . " القديس يوحنا ذهبى الفم "
إذ سمعت القديسة مريم الوعد الإلهي بروح الإتضاع وفي إيمان دُهشت إذ كان الوعد فريداً لم تسمع به في الكتب المقدسة إنساناً ناله لهذا تساءلت :
فقالت مريم للملاك : كيف يحدث هذا ، وأنا لست أعرف رجلاً "ع 34
فأجابها الملاك : " الروح القدس يحل عليك ، وقوة العلى تظللك . لذلك أيضاً فالقدوس المولود منك يُدعى ابن الله " " لو 1 : 35 "
يتم سؤال مريم كيف يكون هذا ؟
ليس عن الشك ، ولكن عن التعجب . فكيف يمكن أن تحبل ولا علاقة لها برجل ؟
وإذ لم يُسهب الملاك في الكلام ، كان فحوى الجواب : ولادة عذراوية . إنها لمعجزة . حيث الروح القدس يحل عليها وقوة العلى تظللك .
وهكذا ، من المنظور البشرى لا حل لسؤال مريم ، لكن جواب الله هو " الروح القدس ------- " .
فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يُدعى ابن الله . وكم تسمو هذه الكلمات في التعبير عن التجسد . فإن ابن مريم ما هو إلا الله وقد ظهر في الجسد . حقاً إن كل كلام يُقصر عن التعبير عن عظمة هذا السر .
يظهر من حديث العذراء إنها قد نذرت البتولية ، فلو إنها كانت تود الزواج لما قالت هكذا بل تقول " متى يكون هذا ؟! ----- منتظرة تحقيق الوعد خلال الزواج . لقد وضعت في قلبها أن تكون بتولاً للرب فحل البتول فيها ليُقدس فيها بتولية الكنيسة الروحية
كما يقول القديس أغسطينوس :
اليوم تحتفل الكنيسة البتول بالميلاد البتولي --- فقد أكد السيد المسيح بتولية القلب التي يريدها للكنيسة أولاً خلال بتولية جسد مريم . الكنيسة وحدها هي التي تستطيع أن تكون بتولاً فقط حين ترتبط بعريس ، ألا وهو إبن البتول ، إذ تقدم له ذاتها تماماً .
ويقول القديس أمبروسيوس :
" لم ترفض مريم الإيمان بكلام الملاك ولا اعتذرت عن قبوله بل أبدت استعدادها له .
أما عبارة :" كيف يكون هذا ؟ فلا تنم عن الشك في الأمر قط إنما تساؤل عن كيفية إتمام الأمر ----- إنها تحاول أن تجد حلاً للقضية --- فمن حقها أن تعرف كيف تتم الولادة الإعجازية العجيبة ".
لذلك جاءت إجابة الملاك لها تكشف عن سر عمل الله فيها لتحقيق هذه الولادة : " الروح القدس يحل عليك ، وقوة العلى تُظللك ، فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يُدعى ابن الله ".
الروح القدس يحل عليها لتقديسها ، روحاً وجسداً ، وتتهيأ لعمل الآب الذي يرسل إبنه في أحشائها يتجسد منها . حقاً ياله من سر إلهي فائق فيه يعلن الله حبه العجيب للإنسان وتكريمه له!.
" وها هي نسيبتك أليصابات أيضاً قد حُبلت بابن في سنها المتقدمة . وهذا هو الشهر السادس لتلك التي كانت تُدعى عاقراً " ع 36
" فليس لدى الله وعد يستحيل عليه إتمامه " ع 37
يُخًبر الملاك مريم عن نسيبتها أليصابات بأنها حُبلى في شهرها السادس -- تلك التي كانت عاقراً . وهذه المعجزة من شأنها أن تُثبت لمريم أنه لا شيء غير ممكن لدى الله .
أمام هذا الإعلان أحنت رأسها بالطاعة لتقول :" هوذا أنا أمة الرب ليكن لى كقولك " " لو 1 : 38 "
كم كان خضوع مريم حسناً ومحموداً ، إذ سلًمت أمرها لله ، لكي يُجرى مشيئته العجيبة في حياتها . وهكذا مضى من عندها الملاك .
زكريا الكاهن شك في إنجاب زوجته ، والبتول آمنت وفي طاعتها قبلت عمل الله .
وكما يقول القديس أمبروسيوس :" لقد سمت بإيمانها على الكاهن ، الكاهن أخطأ وتوارى والعذراء قامت بإصلاح الخطأ " .
هكذا صمت زكريا بسبب شكه وأما العذراء حملت بالكلمة المتجسد أو النطق الإلهي الذي لن يصمت -----
ويرى القديس ايريناؤس أن طاعة القديسة مريم قد حلت موضع عصيان أُمها حواء ، الأخيرة بعصيانها عقدت الأمر ، وجاءت إبنتها تحل العقدة بالطاعة . ويرى اللاهوتيون أنه في هذه اللحظات التي قدمت الطاعة لله والخضوع قبلت التجسد ، إذ لم يكن ممكناً أن يتم التجسد بغير إرادتها وقبولها للعمل --- إذ الله يُقدس الحرية الإنسانية .
ويقول القديس أمبروسيوس :
" إنها تصف نفسها أمة الرب مع أنها اختيرت أُماً له ، فإن الوعد الذي تحقق لم يسقطها في الكبرياء "
ويقول القديس أُغسطينوس :
أن السيد المسيح المتضع لا يُعًلم أُمه -- في الحبل به -- الكبرياء بل الاتضاع !