-->
U3F1ZWV6ZTE1NzcxOTkyODE1X0FjdGl2YXRpb24xNzg2NzQ5MjAxODU=
recent
أخبار ساخنة

الفضائل في حياة العذراء

 <!-- Global site tag (gtag.js) - Google Analytics -->

<script async src="https://www.googletagmanager.com/gtag/js?id=G-5DQW5LQ2JZ"></script>
<script>



  window.dataLayer = window.dataLayer || [];
  function gtag(){dataLayer.push(arguments);}
  gtag('js', new Date());

  gtag('config', 'G-5DQW5LQ2JZ');

الفضائل في حياة العذراء
أولاً
</script>
الفضيلة الثامنة
style="text-align: center;">الاحتمال في حياة العذراء 
مقدمة : إذا كان الله قدوساً فمسرته في القديسين ، لذلك نجده إذا ما أراد أن يصنع عملاً عظيماً فلابد أن يهييء له الإناء المختار ، أي لابد أن يختار لهذا العمل الشخص الذي يكون جديراً بهذا الشرف السامي ، وهكذا يسخرهم لإتمام مقاصده العالية الحكيمة ، فلذلك نجد لا يصلح لهذا المقام أي إنسان بل لابد من إختيار شخص تتوافر فيه مزايا خاصة يمتاز بها عن غيره . أي إن هذه الدعوة إو هذا الإختيار لا يرجع إلى الصدفة العمياء ، بل يرجع إلى إستعداد خاص يتوافر عند شخص ولا يتوافر عند غيره . هذا الإستعداد الخاص ، وهذه المميزات التي تؤهل إنساناً دون غيره للتشرف بإتمام مقاصد الله ، ليست هى جمال الوجه ولا امتشاق القوام وليست هى الثراء أو الجاه ، وليست هى سعة الإطلاع وغزارة المعرفة ، ليست شيئاً من ذلك ، بل هى ذلك القلب الطاهر الوديع الذي هو قدام الله كثير الثمن ، هى تلك النفس الخاضعة المطيعة الممتلئة نعمة ومحبة لله ، أو هى تلك الروح القوية الفائرة الملتهبة حمية مقدسة نحو مجد الله وبنيان النفوس . وهذه هى الطريقة في إختيار الله لنفوس العاملين في كرمه ، هي من الحقائق الهامة جداً في سياسة الله مع شعبه ، وهو بذاته القدوسة أعلن عنها يوم أن رفض بنى يسى السبعة مع ما لهم من جمال الصورة ، وكمال القوام وواسع الخبرة والدراية بشئون الحرب والسياسة ، واختار داود بن يسى وهو الأصغر الممتهن 
بين إخوته ، وذلك لإنه وجده حسب قلبه ، ولقد عنف الرب صموئيل النبي لأنه خدع بمنظر العينين فأراد أن يمسح ألباب ملكاً فقال له : " لا تنظر إلى منظره ، وطول قامته ، لأنى قد رفضته . لإنه ليس كما ينظر الإنسان ، لأن الإنسان ينظر إلى العينين وأما الرب فإنه ينظر إلى القلب " 1 صم 16 : 7 " . وبهذ الطريقة عينها إختار الله إبراهيم ليكون أباً للمؤمنين ، وموسى ليكون قائداً للشعب الإسرائيلى ، وهكذا أيضاً اختار السيدة العذراء لتكون هيكلاً لحلوله ، فلما جاءها الملاك غبريال ليبشرها بالحلول الإلهى في أحشائها حياها بتحية لم تسمعها اذن بشرية من قبل ---- " قال لها : سلام ياممتلئة نعمة . الرب معك ، مباركة انت في النساء " ولما دهشت من هذه التحية الجميلة أزال دهشتها وعرفها بسر هذا الإختيار إذ قال " لا تخافى يا مريم فإنك قد وجدت نعمة عند الله " " لو 1 : 28 -- 30
وبهذ يتضح لنا من إختيار الوحى الإلهى للسيدة العذراء أن تكون أماً لله لم يكن إختياراً تعسفياً بلا مبرر أو سبب ، بل لإنها ممتلئة نعمة ولهذا فإنها قد وجدت نعمة عند الله ، فأستحقت أن تتميز عن سائر نساء العالمين --- فلقد توفرت في العذراء قداسة السيرة ، والإمتلاء من النعمة وطهارة القلب
style="text-align: right;">
الفضائل 
الفضيلة الأولى : البتولية 
الفضيلة الثانية : الفقر 
الفضيلة الثالثة : الطاعة 
الفضيلة الرابعة : الصمت الروحاني 
الفضيلة الخامسة : الاتضاع 
الفضيلة السادسة : الإيمان " التصديق 
الفضيلة السابعة : الشفقة والرأفة 
الفضيلة الثامنة : الاحتمال


وسنتحدث اليوم عن الاحتمال في حياة العذراء



في بداية حديثنا سوف نتحدث عن المحبة تحتمل كل شيء ---- يوجد ناس أصبحت متعصبة جدا جداً وأصبح موضوع الأحتمال لديها صعب جداً جداً بسبب شدة الظروف الموجودة حواليها 





عدم الاحتمال يظهر في صور كثيرة منها غضب  -- تذمر -- شكوي كثيرة -- قلة شكر -- عدم محبة  وهكذا 



العذراء أمنا  لها فضائل  كثيرة واليوم سنتحدث عن فضيلة الاحتمال لأن حياتها كلها مليئة  بمتاعب شديدة والمتاعب لها أشكال عديدة

يوجد أنواع كثيرة من التحمل -- تحمل مرضي -- تحمل ناس متعبين -- فلذلك يوجد ناس تقول احتمل قرف الناس ولا احتمل المرض -- أخرين يقولوا نتحمل الفقر ولكن بلاش مرض -- أخرين يقولوا تيجي التجارب الاحتمال في شكل مرض  فقر  ولكن لا نريد أن تمس شعرة واحدة من أولادنا -- إذن للآلام أنواع عديدة جدا

أمنا العذراء تعتبر احتملت أغلب الآلام  -- أولا في طفولتها  احتملت أن تنشأ في وحدة -- الوحدة طبعا كانت قاسية جدا بالذات على طفلة 

ت : عندما يعيش إنسان وحيد أيام وليالي كثيرة بسبب فقد شريك حياته ولعدم وجود أولاد معه بسبب سفرهم طبعا هذا شيء صعب جدا جدا عليه 

طيب يكون الموضوع شكله ازاي في وجود طفلة تركها أهلها في الهيكل منذ بداية حياتها وكانت هذه الطفلة تقضى سنوات طفولتها ولم تجد من يسأل عنها اذا كانت تحتاج شيء . كانت بتاكل ازاي وكيف تنام ولكن لم تجد من يسأل عنها . وكل هذه الوحدة قربت منها جدا جدا في علاقتها مع ابيها السماوي وبذلك كانت حبيبة الملائكة وتتحدث معهم و" الملائكة " هم من كانوا يحضروا لها الطعام . وبذلك هي كانت لديها احساس آخر مختلف تماماً عما كانت تعيش فيه

منذ نعومة أظافرها ربنا سمح لها ببعد كل ما حولها عشان تكون لها علاقة وعشرة مع الملائكة تتحدث معهم ويتحدثون معها . فلولا ظروفها التي مريت بها لما وصلت لهذه المرتبة العالية جداً 

احتملت كثير جداً -- عندما كانت في سن البنات -- لم يكن مسموح لها بالبقاء في الهيكل فترة أخرى لذلك قاموا بالمشاورة والصلاة واختيار الانسان الذي سمح الله له أن تجلس مريم في بيته وأن يكون هو المسئول عنها . والاتفاق معاً على البتولية وعدم الزواج 

إحتمال آخر من نوع آخر لبنت في سن الثانية عشرة -- لم يكن بالشيء السهل -- احتمال أن تكون مسئولة عن رجل مسن وهي ما زالت صغيرة وذلك لان عندما يتعود الانسان أن يعيش لوحده فترة من الزمن فيكون صعب عليه تحمل مشاركة انسان آخر يشاركه حياته . فبعد ما كانت تعيش لوحدها حتى انها لم تكن تتحمل مسئولية نفسها ولكنها اصبحت مسئولة عن رجل مسن واحتملت هذا الالتزام واحتملت أن تقوم بخدمة هذا الرجل المسن بدون شكوى أو تذمر 


وبعد هذا احتملت مسئولية أن تكون أم الله -- طبعاً هذه المسئولية ضخمة جداً جداً -- لأن هذه المسئولية اصبحت ملازمة لها وهي مازالت صغيرة بنت لديها من العمر 14 سنة . هذا كان لوحده حمل نفسي فظيع 

ملاحظة : عندما تتزوج البنت ويكون لديها من العمر 20 سنة وعندما تًحبل تكون مرعوبة وخائفة وتبدأ تتحدث عما يحدث بداخلها يعني ايه حبل يعني ايه انجاب وهذا بالرغم من وقوف والدتها وعائلتها معها   

ت : ولكن بالنسبة للسيدة العذراء -- الأمر مختلف تماماً -- عاشت كل هذه الفترة لوحدها -- تعب - حمل - ومش عارفة تقول للناس ايه عشان هذا الحبل الإلهي - وتحتمل وتحتمل ولا تشكي -- تحتمل ولا تبرء نفسها -- تحتمل وهي شايلة كل هذا الموضوع لوحدها 

وهذا الحمل -- حمل نفسي صعب أوي -- مش حمل جسدياً  فقط -- لكن حمل نفسياً ايضاً -- هذه الشيلة طبعاً شيلة كبيرة أوي -- وطبعاً هي حاسة ازاي تكون مسئولة لوحدها -- وبالرغم على صغرها على كل ما مريت به -- لكنها ايضاً تقوم بتزويد كل هذه الحمولة التي تحملتها باختيارها -- انها تسافر وتخدم أليصابات وزكريا الكاهن في عجزهم -- هذا كان احتمال كبير جدا 

احتمال السفر وحيدة في الجبال وهي حامل بالرغم من صغر سنها وبعد هذا لم تتحدث عن سرها مع انسان بالرغم عند وصولها لإليصابات . ولكن أليصابات حين رأتها قالت لها من أين أن تأتي أم ربي لي . أيضاً تتحمل حمل شيوخ في عجزهم وحمل الحمل نفسه -- مين طبعاً اللي قام بخدمتهم -- طبعاً أمنا العذراء -- وهى كانت بنفس الشخصية الجميلة لا تشتكي ولا تحكي ولا تتذمر ولا تتضايق 

فرحانة -- من تحمل مسئولية خدمة ناس كبار وخصوصاً انها كانت حامل -- لا تشتكي ولا تتذمر 
ملاحظة : عندما أي انسان منا يمر بظروف صعبة دائما بيشتكي لان التجربة بتكون صعبة عليه وطبعاً لازم نتكسف لاننا لازم نضع العذراء نصب أعيننا وتكون هي مثلنا الأعلى على قوة الاحتمال والصبر 

وعند عودة العذراء لبيت يوسف النجار -- احتملت شك يوسف النجار و نظراته اليها وتشككه لها لانه مش مستوعب كيف ظهر علامات الحمل وهم كانوا متفقين معاً على   ، البتولية وطبعاً هو كان صعبان عليه منها وخصوصاً انها لم تشتكي ، وهى لم تدافع عن نفسها ، بالرغم من أنها أتهمت بأبشع تهمة ممكن أن تتهم بها عذراء ، فالشرف هو أعظم ما تقتتنيه المرأة وخاصة العذراى منهن ، ومع هذا لم تدافع عن نفسها 

ت : عندما أي إنسان يسوء الظن بانسان آخر فان هذا الإنسان يقلب الدنيا إزاي تسيء لي -- إزاي تشك فيً - لكن العذراء احتملت وسكتت لحد ما ظهر الملاك وفسر ليوسف إن هذا ، الحبل ما هو إلا حبل إلهي . بمعنى إنها أنتظرت توضيح السماء للوضع اللي هىً فيه وهى بذلك تُعلمنا أننا مهما طُعنا في أغلى وأعز ما لنا ، حتى وإن كان الاتهام موجه من أعز شخص محبوب لدينا ، فلا ننزعج ولا نتململ أو ندافع بثرثرة ، بل لنكن مثل السيدة العذراء التي ألقت كل هذا الهم على الرب ذاته حسب قول الكتاب : " ألق على الرب همك فهو يعولك . لا يدع الصديق يتزعزع إلى الأبد " . وبهذا برهنت القديسة العذراء باحتمالها المفرط والذي ليس له حد غير الكمال ، وإنها مملوءة من كل نعمة وفضيلة ، كما قال لها الملاك 

ملاحظة : هى فعلت كما الآيه تقول 
يدافع عنكم الرب وأنتم صامتون                                            
احتمالها متاعب الولادة 
 ، احتملت أُمنا القديسة متاعب الميلاد العجيب ، ف
 وهي في آخرأيام  حمل لها " بمعنى في شهرها التاسع " طبعاً كأي إنسان كانت مثقلة بولادتها لوحدها وخصوصاً انهم كانوا فقراء -- وتفاجيء من كل الظروف المحيطة بها -- لكن العب يزداد عليها خصوصا وهي مطالبة بالسفر لأميال لكي تذهب إلى بيت لحم وهي  ، في شهرها التاسع لكي تتم النبؤءة إن المسيح سيولد في بيت لحم فأحتملت مشقة السفر من مدينة الناصرة حتى بيت لحم ، مسافة تقدر بنحو 136 كم ، كانوا يستقلونها سيراً على الأقدام أو على ركائب من الحيوانات الأليفة ، وهذه الرحلة إذا كانت شاقة على الإنسان العادي ، فما بال بامرأة وفى أيامها الأخيرة ، إنها بلا شك رحلة شاقة وشاقة جداً جداً ، كما انها احتملت بعد كل هذا العناء الشديد عدم وجود مكان للراحة ، وهة تعانى من بداية آلام المخاض ، وقربها على الولادة ،  
وطبعاً هى كانت تسأل القديس يوسف هل لدينا معارف هناك فيقول لا . فطبعاً هى كانت تسأل نفسها أين سيولد الطفل ولكن هي عارفة ومتأكدة إن الآب السماوي سيدبر هذا الأمر . وطبعاً هذه أيضاً كانت فضيلة أخرى لديها وهى فضيلة التسليم . وطبعا كل هذه الظروف هي إحتملتها في صبر واحتمال، وكم تتخيل احتمالها وهى على قرب الولادة ، انها لم تجد مكان لوضع مولودها القدوس الإله المتجسد ، سوى مزود للبهائم . ولك أن تتخيل مقدار ما تحملته من يقوم برعايتها بعد الولادة ، من ترتيب بعض الأمور الخاصة بها وبمولودها ، ألا في هذا تُخجل النساء الائي يلدن في بيوتهن وعلى أسرتهن ،وفي وسط عائلاتهن ، وتحت إشراف طبيبهن أو غيره ، فلا أعتقد أن هناك من في ولادتها تضع أمام عينها صورة ولادة السيدة العذراء ، فمن الممكن والمؤكد أن نجد من يتشفع بها أثناء ولادتها ، ولكن قلما أو بنذر من تضع أمامها صورة ولادة السيدة العذراء وهى بلا أية إمكانيات بشرية ، وفى مزود بهائم مليء بالقاذورات ، والروائح المقذذة ، والحشرات الزاحفة والطائرة وغيرها . ألا في هذا تشكرن الرب على نعمة من دبر بأن يكون هناك من يساعد ، ومن يهتم ، ومن يرعى .العجيب أن أم النور والدة الإله الكلمة لم تتكلم كلمة واحدة بل احتملت بفرح واثقة أن هذه هي مشيئة الله ، عالمة أن لها في السموات أفضل  

وإحتملت أيضاً أن تعيش طوال حياتها فقيرة . بمعنى رغم وجود المسيح له المجد معها لكنه لم يريحها خالص في هذه الدنيا . وذلك لإنه أختار أن يعيش فقير وأيضاً أن تكون أمه فقيرة وجعل الغنا مش يكون غنا أرضي ولكن غنا سماوي -- فعاشت فقيرة في بيت لحم -- وعاشت فقيرة في مصر -- وعاشت فقيرة في الناصرة -- عاشت فقيرة بعد صعود المسيح -- وذلك لانها لم يكن لها في اللبس ولا الزينة ولا الشراء ولا الراحة خالص 

إحتملت معاناة السفر لمصر 
ملاحظة : عندما يطلب من مجموعة من الخدام أن يذهبوا إلى العشوائيات أو الصعيد يكون كلامهم إن المشوار عن طريق الاتوبيس أو القطار يكون متعب جدا وبنشعر انه بالفعل قسم ظهرنا وخصوصاً عندما تكون الرحلة من خمس أو  ست ساعات 

لكن العذراء احتملت معاناة السفر على حمارة وعلى رجليها حتى منطقة دير المحرق وهي التي كانت لا تستقر في أي بلد أكثر من أسبوعين أو ثلاثة . وبالرغم من كل هذا التعب الشاق لم تشتكي أو تتذمر . ودائماً فرحانة وراضية وشايلة المسيح له المجد على يديها وفرحانة جدا جدا -- إحنا شايلين المسيح في قلوبنا لكن مش فرحانين ودائماً معترضين ومتذمرين 

إحتملت حياة الهرب لإن عساكر هيرودس كان دائما بيطاردوها لانهم كانوا يريدوا قتل الطفل -- طبعاً مثل هذه الحياة كانت صعبة جداً جداً وقاسية عليها وأيضاً على رجل مسن 

وعند رجوعها من مصر حسب ما كتب بالانجيل كانت الظروف لا تسمح لهم إلا أن يقيموا في الناصرة . بالرغم من أن الناصرة كانت أسوأ قرية معروفة بسوء الأخلاق وانهم صعب في تصرفاتهم ولم يخرج منها أي أنسان حسن السمعة . بالرغم من كل هذه الظروف المحيطة احتملت في صمت رهيب 

أي سيدة ما المطلب لها غير انها تعيش وتستقر في مكان نظيف ويكون جيرانها ناس كويسين ومرتاحة في خروجها وجلوسها في البيت -- ولكن على العكس وضعت مع قوم مش كويسين-- مش سهلين -- لسانهم طويل وبالرغم من كل هذا استطاعت بوداعتها أن تستطيع أن تكيف نفسها واسطتهم 

إحتملت تعيش كزوجة نجار وأم نجار وهى التي كانت أم الله لكن في نظر المجتمع هذا هو مستواها الإجتماعي . بالرغم من كل هذه الظروف المحيطة بها إحتملت في صمت وتسليم ووداعة تامة 

أصعب المواقف التي مرت بيها نجد إنها عندما ترى إبنها يقوم بحمل الصليب وعندما يسمر أرجله ووضعه على الصليب وعند رؤيتها له وهو يموت كل هذه الظروف الصعبة كم كانت ظروف قاسية وفيها كم كبير من المرارة 

وبهذا نرى رغم كل الظروف المحيطة بها ولكن قوة احتمالها وقوة تسليمها وصبرها ولذلك كان لها مكان عالى جداً لدى رب المجد بعد كل هذه الإحتمالات 

لذلك عايزين نضع العذراء كل حين نصب أعيننا دائماً في قوة محبتها واحتمالها كل شيء . وننظر دائماً لكل ما نمر بيه من ظروف ونشكر ربنا ونجعل دائماً العذراء مثلنا الأعلى 
في  الإحتمال والصبر 
الفضيلة السابعة 
الشفقة والرأفة  
المعنى اللغوي 
الشفقة هى : الحنو والعطف والرحمة ، والرأفة هي : الاستعطاف والرحمة أشد رحمة . وبهذه الفضيلة يتشابه الإنسان بالله ، فيقول الكتاب المقدس : " يُشفق " الرب " ، على المسكين والبائس ويخلص أنفس الفقراء " ، " لأن الرب يدين شعبه وعلى عبيده يُشفق " . " وأُشفق عليهم كما يشفق الإنسان على ابنه الذي يخدمه " . " الرب إله رحيم ورأوف " ، " أني أسمع لأني رأُوف " ، وقد كانت هذه الفضيلة مجتمعة في القديسة العذراء ، فكانت جل حياتها شفقة وعطف ورفق مع وعلي كل من عايشها أو تعامل معها 

شفقتها أثناء وجودها بالهيكل 
يقول القديس أمبروسيوس : إن الطوباوية مريم البتول ، كانت متواضعة القلب ، مدققة في الكلام ، وديعة ، حليمة في مخاطبتها مع الغرباء ، مُحبة لحياة الفقر والفقراء -- التي كانت سخية معهم في سد احتياجاتهم حسب إمكانياتها -- باغضة للحسد 
وقد مدحها القديس إيرونيموس على محبتها لرفيقاتها الأبكار اللواتي كانت تحضهن على الفضيلة وعمل الخير ، وعلى ألفاظها العذبة 
هذه كلها أعمال نابعة من قلب شفوق مملوء رأفة على الآخر ، لا يحمل له أية ضغينة أو كرهاً ، بل مملوء حباً وقرباً لله ، الذي أعطاها كل هذا ،" لأننا به نحيا ونتحرك ونوجد " ، وكما يقول داود النبي : " لأن منك الجميع ومن يدك أُعطيناك 

شفقتها على القديسة أليصابات 
فور أن علمت من رئيس الملائكة المبشر ، بخبر حبل القديسة أليصابات ، يقول الكتاب : " فقامت مريم في تلك الأيام وذهبت بسرعة إلى الجبال إلى مدينة يهوذا " ، أنظروا الخفة والرقة والجمال الشفقي والحنان الرأفوي . قامت القديسة العذراء بسرعة ، وأركز على كلمة بسرعة ، فهي تدل على القلب الملتهب شفقة ورأفة تجاه الآخرين ، ذهبت لتقوم على خدمة العجوز العاقر ، والتي منحها الله شرفاً بأن تلد أعظم مواليد النساء كقول الرب 

وكما يقول السروجي : هكذا تقابل الصباح مع المساء ، القديسة العذراء هي الصباح لإنها تحمل شمس البر ، والقديسة أليصابات هي المساء لأنها تحمل " القمر " كوكب النور . الصباح جاء وحيا المساء رفيقه ، وخاف المساء لأنه رأى الصباح قد جاء ليقبله . الفتاة البتول كانت حكيمة ومتواضعة ، والسيدة العجوز أحبتها كأم حين أستقبلتها ، ولأن النجم لم يكن قادراً على استقبال الشمس ، تحرك بظهوره وارتكض بابتهاج 

شفقتها علي القديس يوسف النجار 
أظهرت القديسة العذراء مريم ، قمة الشفقة والرأفة على الآخر ، مهما بدا منه من نواقص أو شكوك ، فحينما وجدت أن القديس يوسف رأى كبر حجم بطنها العذراوي البتول الطاهر وعلم أنها حامل ، وبدت علامات الشك والقلق تتعبه ، ولم يسألها عن سر هذا ، وهي التي كانت تُعتبر مثلاً أعلى في الطهارة والعفة لكل أقرانها ، بل ولكافة النساء ، بل وله هو شخصياً ، وهي المصممة على حياة البتولية لتحيا فيها . إذ رأته في حال صراع مع الفكر ، ولم يكن في يديها شيء لتقنعه أو تريحه ، إذ هو لم يسألها ، وهي لم تقل له لكونها واثقة بأنه لن يصدقها ، إذ لم يحدث هذا من قبل ، ولم يكن في الفكر اليهودي بأنه هكذا سيأتي المسيح ، على الرغم من الآية الصريحة التي تقول : " ولكن يعطيكم السيد نفسه آية : ها العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل " ، وكلمة عمانوئيل تعني الله معنا ، أي أن هذه العذراء ستلد الله . بل كان جميع اليهود يظنون بأنه سيولد ولادة طبيعية من نسل داود ، ولم يتوقع أحد بأنه هو الإله المتجسد ، على الرغم من كثرة الآيات والنبوات على هذا ، مثل : " لآنه يولد لنا ولد ونعطي ابناً وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيباً مُشيراً إلهاً قديراً أباً أبدياً رئيس السلام " ، وآيات أخرى 
وعندما شعرت العذراء بهذا التغيير في وجه وضمير القديس يوسف ، أليف بتوليتها ، ، وصديق طهارتها ومن ساعدها على ذلك ، لم يكن لديها إلا الصلاة وتسليم الأمر لله ، واثقة أنه سيعمل في ساعة ما ، حسب مشيئته التي كانت تثق فيها كل الثقة ، وما كانت صلاتها من أجله ، لا لإظهار الحقيقة بعينها -- فهي قد تعودت أن يكون خفائها الظاهر أمام الله أنقي  من ظاهرها الظاهر أمام الناس " لأنه ليس من مدح نفسه هو المزكى ً ، بل من يمدحه الرب " ، بل لخروجه من بلبلة الأفكار ، وخطط حروب العدو 
لذلك كيف يهدأ قلبها وهي المملوءة شفقة ورأفة على شريك حياتها وهو مضطرب حائر مغمور ، يفكر هنا وهناك . إلى أن استجاب الرب لدعائها وصلواتها النارية ، وأرسل له الملاك ليهدئه ويطمئنه ، ويعلمه بالحقيقة ، وهنا انفرجت أساريره وبدأ وكأنه وُلد من جديد 
شفقتها على ابنها وهو بعد صغير 
أنظروا شفقة ورأفة هذه العظيمة في النساء ، فبالرغم من معرفتها بمن هو المسيح ، ومن أين أتي ، إلا أن قلبها الشفوق الرحوم ، قلب الأم الحنون ، قد اضطرب عندما لم تجد ابنها وفلذة كبدها ، أمام عينها بين الرفقة من أقرانه . وهنا رجعت تبحث عنه ثلاثة أيام ليلاً ونهاراً ، إلى أن وجدته في الهيكل ، جالساً في وسط المعلمين يسألهم
هذا هو القلب الكامل في المحبة المماوءة شفقة ، والأمومة المملوءة رأفة وعطفاً ، فعلى الرغم من معرفتها بكماله ، لم تتحمل فراقه ساعة ، وهى العالمة بأنه هو الباحث عن الضال حتى يقوم بارجاعه ، 
شفقتها في عُرس قانا الجليل
لقد كانت القديسة العذراء ضمن الحضور في هذا العرس ، والذي حضره الرب يسوع مع تلاميذه ، كما كانت ضمن الذين يساعدون في خدمة أهل العرس ، وعندما علمت أن الخمر قد فرغت ، شفقت مترأفة على أصحاب العرس من فضيحة الكلام ، لأن الخمر كان عند اليهود مثل الشربات عندنا اليوم . فتخيل أنك تدخل إلى فرح ، ولا يقدمون لك شيء أو يقدمون لك مشروب ساخن عدا الشربات ، هذا ما شعرت به القديسة أم الحنان والرأفة ، وبهذا المأزق الذي وقع فيه أصحاب العرس 
ولكن بقلب واع واثق بقدرة إلها وإبنها يسوع المسيح ، خرجت طالبة إبنها " الرب يسوع " في وسطت قاعة الرجال لكي تخبره بالمأزق ، والعجيب في الأمر إنها لم تطلب منه أن يعمل شيء مُعين ، مثل أن يُبارك مثلاً نقطة خمر قليلة لتتحول إلى نهر من العطاء ، مثل ما فعل أليشع النبي مع المرأة التى لم يكن عندها سوى دهنة زيت ، وجاء المُرابي ليأخذ ولديها عبيداً ، فقال لها رجل الله : " ماذا أصنع لك ؟ أخبريني ماذا لك في البيت . فقالت :ليس لجاريتك شيء في البيت إلا دهنة زيت . فقال : اذهبي استعيري لنفسك أوعية من خارج من عند جيرانك ، أوعية فارغة . لا تُقللي . ثم ادخلي وأغلقي الباب على نفسك وعلى بنيك ، وصُبي في جميع هذه الأوعية ، وما امتلأ انقليه . فذهبت من عنده وأغلقت على نفسها وعلى بنيها . فكانوا هُم يقدمون لها الأوعية وهي تصب " . لكن السيدة العذراء لم تطلب منه شيئاً أصلاً . وبهذا تُعلمنا كيف نطلب طلباتنا من الله واثقين أنه قادر أن يفعل كل شيء أكثر جداً مما نطلب أو نفتكر ، فيجب أن لا نطلب من الله أمراً مُعيناً نحد به عطائه وعدم محدوديته ، أو نرشده إلى أمر ما أو نقترح عليه أمر بعينه . فلذلك يجب علينا أن نعمل مثل ما عملت أم الرأفة والحنان ، فهي قد أعلمته فقط ، ولتكن مشيئته بعد ذلك . ولكنها كانت واثقة في عطاء الله وسخائه ، لأنه " أبو الرأفة وإله كل تعزية " . وبالفعل بالرغم من إخبارها له فقط ، بأن ليس عندهم خمر ، تركته وذهبت لتقول للخدام : مهما قال لكم فافعلوه
فهناك من يتفذلك ويتحذلق ويدني قول السيد المسيح لأمه : مالى ولك يا  امرأة . ولكن كما يقول نيافة الأنبا غريغوريوس : إن كلمة امرأة تُقابل بالعربية " سيدة " وهي كلمة تدل على الإجلال والاحترام لا على الجفاء والازدراء ، فعندما تُرجمت الكلمة الأرامية بالعربية إلى امرأة فهى كلمة تحمل معنى الاحترام والرعاية ، وهي بعينها نفس الكلمة التي خاطب بها الامبراطور الروماني الملكة كليوباترا !!! . والدليل على ذلك أنها ذهبت إلى الخُدام تقول : مهما قال لكم فافعلوه ، وهذا يدل قطعاً ، على إنها فهمت من نبرات صوته ومن نظراته أنه قد استجاب لطلبها . 
ويقول ذهبي الفم : إن فادينا صنع المُعجزة إكراماً لسؤال أمه وإجابه لضراعتها وشفاعتها . ومما يشرف السيدة العذراء ، أن تكون أول معجزة يصنعها المسيح له المجد هى استجابة لسؤالها وشفاعتها . وبهذا أوضح ان السيد كيف يُخاطب والدته بجفاء وقسوه ، وهو الذي أوصى قائلاً : " أكرم أباك وأمك " ، فكيف لواضع الشريعة أن يكسر الشريعة ، ألم يكن هذا اتهاماً شنيعاً للمسيح أن ينسى تعب أمه 
شفقتها على الجموع 
كانت القديسة العذراء تشفق على الجميع ، لأنها ممتلئة نعمة ومشحونة من كل تقوى وفضيلة . كانت ترى الجموع أثناء تواجدها مع ابنها عند كرازته العلنية بالملكوت ، " منزعجين ومنطرحين كغنم لا راعي لها " ، فلذلك كانت تشفق عليهم .. ولذلك لم نسمع أنها أجبرت السيد المسيح بأن يهتم بها أكثر من هؤلاء لأنها أمه ، بل تركت الراعي يرعى رعيته كيفما يشاء ، ولم تكن له معطلاً للخدمة . بل ولم تربكه بالاهتمام بها لا في أكلها أو شربها أو سكنها أو ملبسها ، إذ تركها لتعيش معه حياة كاملة في الرب ، فكما كان يعيش هو ، ليس له مكان يسند فيه رأسه كانت تعيش هي . وكما كان قلب الراعي الصالح هكذا كان قلب أمه ، فكما كان يتحنن على الجموع والمرضى ، كانت تتحنن هي أيضاً ، وكما كان يشفق ، كانت تشفق هى أيضاً ، لأنها كانت مملوءة شفقة ورأفة وتحنناً 
شفقتها على ابنها أثناء صلبه 
كانت السيدة العذراء تُدرك عمل الفداء ، وسبب مجيء السيد وتجسده ، على قدر ما يقدر أن يتحصل عليه الفكر البشري ، من المحيط اللانهائي للعطاء الإلهي . فهي عندما رأته على الصليب مُعلقاً ، لم تنذهل أو لم تصدق كما فعل بطرس الذي انتهر الرب وقال : " حاشاك يا رب ! " لا يكون لك هذا ! " ، بل كانت تعلم جيداً أن هذا سوف يحدث يوماً ما ، وعلمت هذه الحقيقة من كلام الرب الكثير عن صلبه وموته ثم قيامته ، ولأنها " كانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة به في قلبها ، ولأنها " كانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة في قلبها " . فكانت مُتذكرة ، نبوة سمعان الشيخ التي قالها بخصوصها " وأنت أيضاً يجوز في نفسك لتعلم أفكار من قلوب كثيرة " ، وها قد جاء السيف وقد انغرس في قلب أم الرأفة والحنان . فعندما رأت ابنها مُعلقاً على عود الصليب ، كانت تبكي ليس كالذين ليس عندهم رجاء ، بل كما قيل في الأجبية على لسانها : أما العالم فيفرح لقبوله الخلاص وأما أحشائي فتلتهب عند نظري إلى صلبوتك ، الذي أنت صابر عليه من أجل الكل ياابني وإلهي 
ويقول القديس يعقوب السروجي : " تحملت أُمك عذابات كثيرة من أجلك ، وأحاطت بها كل الضيقات أثناء صلبك . كم من تنهدات ودموع ألم سكبتها حين رأتك تُكفن وتوضع في القبر ، احتملت العذابات حين رأتك مُعلقاً على الصليب ، وحين رأتهم يطعنوك في جنبك على الجلجثة 
يُذكر أنها علمت بالروح أن القديس متياس الرسول في ضيقة وهو يستغيث بشفاعتها ، وفي شفقة وعطف الأمومة الموجود في قلب أمنا الحبيبة التي لا ترفض طلب المتضايقين حسب مشيئة الله ، وبحبها المعتاد ، ركبت على سحابة نورانية إلى حيث كان القديس متياس الرسول مسجون ، وصلت إلى ابنها الحبيب ، أن ينظر لقلبها وشفقتها وصلاتها ، وفي الحال تحولت السلاسل التي في يدي القديس إلى ماء ، كما استحال كل الحديد الذي في المدينة إلى ماء ، وخرج القديس متياس ومعه كافة المسجونين من المؤمنين وهم في حالة انبهار مما حصل بقوة صلاة أم الله . وبسبب هذه الأية القوية آمن والي المدينة وجميع أهل بيته بالسيد المسيح واعتمدوا من القديس متياس . أما القديسة العذراء فمكثت معهم ثلاثة أيام معهم تشجعهم ، ثم رجعت من حيث أتت ، ليتمجد الله بشفاعتها 



العفة والطهارة في حياة السيدة العذراء

* حياة العفة والطهارة من أهم مقومات الحياة الروحية.. فهي التي تساعد الإنسان في جهاده الروحي وبناء حياته الروحية بناءً سليمًا، وعلى أساس صخري لا ينحل ولا ينهدِم أمام عواصف الحياة وصدمات التجارب.

* إن العفة تساعد الإنسان على تكوين علاقة قوية بين الإنسان والله عن طريق الصلاة.. وعلى عكس ذلك مَنْ يتهاون فيها تكون مُعطلًا قويًا في حياته وصلاته.. وذلك كما قال الأنبا موسى الأسود: "الذي يتهاون في عفة جسده يخجل في صلاته".

وهذا ما يحدث بالفعل.. فالذي يسلك أي سلوكًا شاذًا أو منحرفًا لا يستطيع أن يقف للصلاة.. فكيف يقف أمام الله بهيكل مُنهدم ومُدنس وفاسد.. "أما تعلَمونَ أنَّكُمْ هيكلُ اللهِ، وروحُ اللهِ يَسكُنُ فيكُم؟ إنْ كانَ أحَدٌ يُفسِدُ هيكلَ اللهِ فسَيُفسِدُهُ اللهُ، لأنَّ هيكلَ اللهِ مُقَدَّسٌ الذي أنتُمْ هو" (1كو3: 16-17).

هذه العفة تميزت بها السيدة العذراء مريم..

وعاشت طوال حياتها بطهارة.

* لقد عاشت السيدة العذراء مريم بتولًا طاهرة في بيت خطيبها يوسف النجار، وذلك رغم عقد الزواج الذي عقده ودوّنه لهم كهنة الهيكل.. فهي أمام الشريعة وأمام المجتمع متزوجة ليوسف النجار.

* هي صبية في سن الثانية عشر من عمرها، وهو شيخًا يُقارب الستين من عمره.. فهي كانت بمثابة الابنة أو الحفيدة معه في بيته، وهو كان يرعاها ويعولها.. لذلك حينما جاء الملاك ليبشرها بحَبَلها للسيد المسيح قائلًا لها: "ها أنتِ ستَحبَلينَ وتلِدينَ ابنًا وتُسَمينَهُ يَسوعَ.... فقالَتْ مَريَمُ للمَلاكِ: كيفَ يكونُ هذا وأنا لستُ أعرِفُ رَجُلًا؟" (لو1: 31-34).

St-Takla.org Image: Ethiopian icon of St. Mary, from Saint Takla Hamanout Website's Ethiopia visit, 2008 صورة في موقع الأنبا تكلا: صورة حبشية للقديسة مريم العذراء، من صور الرحلة إلى أثيوبيا التي قمنا بها في موقع  الأنبا تكلاهيمانوت 2008

St-Takla.org Image: Ethiopian icon of St. Mary, from Saint Takla Hamanout Website's Ethiopia visit, 2008 - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, April-June 2008

صورة في موقع الأنبا تكلا: صورة حبشية للقديسة مريم العذراء، من صور الرحلة إلى أثيوبيا التي قمنا بها في موقع  الأنبا تكلاهيمانوت 2008 - تصوير مايكل غالي لـ: موقع الأنبا تكلا، إبريل - يونيو 2008

هذا الموقف كان خطيرًا جدًا بالنسبة لها.. فهي تعرف نفسها جيدًا، وتعرف مدى حفاظها على نفسها وطهارتها.. فهي لم تقترب لرجل، ولم تسمح لأي رجل حتى يوسف نفسه أن يقترب إليها.. (فكيف يكون لها هذا؟)، ولم تطمئن لذلك إلاَّ حينما عرفت من الملاك أن هذا الحَبَل ليس من إنسان بل هو من الله.. "الرّوحُ القُدُسُ يَحِلُّ علَيكِ، وقوَّةُ العلى تُظَلّلُكِ" (لو1: 35).

* وقد عاشت السيدة العذراء بتولًا طوال حياتها حتى بعد ولادتها للسيد المسيح لم تنجب أولادًا بعد أن ولدته الولادة المعجزية، وهذا هو إيماننا الأرثوذكسي السليم في دوام بتولية السيدة العذراء.. (بتول قبل الزواج، وقبل الحَبَل بالسيد المسيح، وبعد ولادتها للسيد المسيح).

* فقد عاشت السيدة العذراء حياة البتولية والعفة طوال حياتها حتى فارقت الحياة إلى الحياة الأبدية.

وأصبحت السيدة العذراء مَثلنا الأعلى..

الذي نحتذي به في التمسك بحياة العفة والطهارة..

رغم كل إغراءات العالم وشروره وانحرافاته.

فالطهارة هي حياة تشبه حياة الملائكة.. لأن الله خلق الحيوان بجسد وغرائز بدون روح، وخلق الإنسان بجسد وروح، وخلق الملائكة أرواحًا نورانية.. فهذا المخلوق المتوسط وهو الإنسان إذا سَلَك حسب غرائزه الجسدية وأهوائه الشهوانية تحوّل إلى حيوان، وإذا سَلَك بالروح ولم ينغمس في شهوات الجسد صار ملاكًا وهو ما زال على الأرض.. وعن ذلك يقول القديس يوحنا الدرجي: "مَنْ غَلَبَ جسده فقد غَلَبَ طبيعته، ومَنْ غَلَبَ طبيعته فقد صار فوقها، ومَنْ صار فوق الطبيعة الإنسانية فقد شارك الطبيعة الملائكية".

ويقول القديس كبريانوس الشهيد مُخاطبًا بعض العذارى: "لقد ابتدأتن الآن وأنتن في هذه الحياة أن تتمتعن بما سيكون لكّن في السماء بعد القيام لأنكن بحفظكن بكارتكن قد تشبهتن بالملائكة".

ويقول الآب يوحنا كاسيان: "إنه لا توجد فضيلة تعادل تشبيه البشر بالملائكة مثل فضيلة العفة، لأن البشر يعيشون بواسطة العفة وهم في الجسد كمَنْ لا جسد لهم وكأنهم أرواح مجردة".

والأكثر من ذلك.. أن هؤلاء البشر الذين يعيشون حياة العفة والطهارة، يكونون بدرجة أعلى من الملائكة، الذين ليس لهم أجساد تشتهي ضد أرواحهم.

وهنا أوضح نقطة.. أنه يوجد فرق كبير بين البتولية والعزوبية.. فالبتولية تختلف اختلافًا كبيرًا عن العزوبية في أنها مكرسة ومخصصة من أجل الله فقط، فهي ثمرة حبه الكامل، لأنها تحمل معنى روحي أسمى من العزوبية ولها قيمة مقدسة.

فالإنسان الذي كرّس بتوليته لله يختلف عن الإنسان الأعزب، الذي لم يتزوج لأنه لم يستحسن امرأة ما في الزواج، أو أنه قد يرى أن العزوبية أكثر راحة من تحمّل المسئولية وتحمّل مسئولية زوجة وأولاد، أو أنه يريد أن يعيش مُتحررًا من الأعباء.. أو قد يكون إنسان ذو شخصية أنانية مُحبة لذاتها، فهو لا يريد أن يفيد أحدًا بل يريد أن يأخذ باستمرار، فيرفض رباط الزوجية والقيود.. (وذلك حسب تخيله الشخصي).

والبعض قد يختارون العزوبية نتيجة صدمة معينة، فيمتنعون عن الزواج نهائيًا ليس حبًا في البتولية، ولكن رد فعل مُعاكس لهذه الصدمة، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى.. (في شخصية معينة.. كثرة فك الخطوبات.. عدم الصدق والصراحة من الطرف الآخر).

وهنا أتذكر قول للقديس "جيروم" مُوجّه للأمهات التي ترفض أن تبقي ابنتها عذراء مثال السيدة العذراء: "لماذا تغتاظين وتئنين إذا بقيت ابنتك عذراء؟ هل تحزنين لأن ابنتك اختارت أن تكون زوجة للملك وليس للعبد؟ لقد جاءت عليك بامتيازات عظيمة.. لقد أصبحتي الآن حماة الرب".

لذلك نجد أن الآباء القديسين والشهداء أحبوا هذه الحياة وفضلوها على كل شيء.. فنجد شهداء نالوا إكليل الشهادة من أجل حفاظهم على عفتهم، وتساووا في الإكليل مع مَنْ ناله من أجل حفاظهم على الإيمان والعقيدة.


مقال فضائل في حياة أمنا العذراء - أبونا القمص داود لمعي

 فضائل في حياة أمنا العذراء من إنجيل لوقا الأصحاح الأول

 

الفضيلة الأولى: عدم التأثر بالمديح والكرامة

 

احتمال المديح أكثر صعوبة من احتمال الكرامة!

+   هناك تعليم -قد يكون غريب علينا بعض الشيء- عند آبائنا القديسين، فهم يقولون أن: " احتمال الكرامة أصعب من احتمال الإهانة"! (بالطبع قد يكون كلاهما صعب علينا نحن كضعفاء). أي إذا أهانك أحد واحتملته أو تجاهلت الإهانة فهذا أمر صعب، ولكن الأصعب منه أن يمتدحك أحد دون أن تتأثر سلبيًا بالغرور أو الكبرياء أو الافتخار!

 

لا يوجد في التاريخ من كُرم أو طُوب أكثر من العذراء

+   نحن كما نعلم أنه لا يوجد في التاريخ من كُرم مثل أمنا العذراء! حتى في زمانها! كرمها رئيس الملائكة وكرمتها أليصابات وجاء المجوس (والمجوس كانوا ملوكًا) ليكرموها وركعوا تحت قدميها.

 

1- تحية رئيس الملائكة جبرائيل وتكريمه للسيدة العذراء

+   رئيس الملائكة جبرائيل عندما ظهر للسيدة العذراء قدَّم لها السلام وكلمها بكل إجلال واحترام قائلًا: "سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الممتلئة نعمة اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ" (إنجيل لوقا 1: 28).

+   وهناك معلومة لا بُد أن نذكرها هو أن تعبير "سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا!" - والمذكور على لسان رئيس الملائكة في الطبعة البيروتية للكتاب المقدس الذي بين أيدينا: «سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ» (إنجيل لوقا 1: 28) – تعبير خاطئ. فهذه الترجمة قام بوضعها الغربيين الذين لا يكرِّمون العذراء فلم يكونوا أمناء في الترجمة. بينما الترجمة الصحيحة كما وردت في النص القبطي المأخوذ عن الترجمة اليوناني الأصيلة: هي كلمة "الممتلئة نعمة" وليست" الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا ".  لأن تعبير "الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا" يعني "التي نالت نعمة" وهذا يُمكن أن ينطبق على الكثيرين سواء من البشر العاديين أو القديسين.

     ولكن كلمة "الممتلئة نعمة" لقب فريد بالعذراء، لم ولن يأخذه أحد في التاريخ غير السيدة العذراء مريم. لذلك نحن في التسبحة لا نقول: "المنعم عليها" ولكن نقول: "الممتلئة نعمة" لأننا نعلم حقيقة مكانتها وكرامتها، فهي ليست مجرد إنسانة أخذت نعمة كسائر القديسين والقديسات!  ولكنها "الممتلئة نعمة".

+   أيضًا العذراء مريم قال لها رئيس الملائكة: " مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ"  وهذه عبارة تعني ببساطة: "أنتِ أفضل سيدة ظهرت على وجه الأرض".

     ماذا يُمكن أن يحدث لأي سيدة إذا قال لها أي إنسان: "أنتِ أفضل سيدة"؟! بالطبع مديح لا تحتمله أي سيدة دون أن تتأثر سلبًا بالغرور! أما العذراء فسمعت هذا المديح ومن رئيس الملائكةّ! ولكنها لم تهتز، لأنها كانت لا تتأثر بأي مديح أو كرامة.

St-Takla.org Image: Angel greets Mary: Hail, thou that art highly favoured, the Lord is with thee: blessed art thou among women. (Luke 1: 28) - from "The Coloured Picture Bible for Children" book, 1900 صورة في موقع الأنبا تكلا: الملاك يسلم على مريم: سلام لك أيتها المنعم عليها الرب معك. مباركة أنت في النساء (لوقا 1: 28) - من كتاب "الكتاب المقدس الملون المصور للأطفال"، أصدار سوك لنشر المسيحية، 1900

St-Takla.org Image: Angel greets Mary: Hail, thou that art highly favoured, the Lord is with thee: blessed art thou among women. (Luke 1: 28) - from "The Coloured Picture Bible for Children" book, 1900

صورة في موقع الأنبا تكلا: الملاك يسلم على مريم: سلام لك أيتها المنعم عليها الرب معك. مباركة أنت في النساء (لوقا 1: 28) - من كتاب "الكتاب المقدس الملون المصور للأطفال"، أصدار سوك لنشر المسيحية، 1900

+   ثم أبلغها رئيس الملائكة بالبشارة التي كانت أعظم حدث في تاريخ البشرية وهي أنها ستكون "أم الله" قائلًا: "لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ، لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ. وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ... اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ"

+   أي سيدة يمكن أن تحتمل كل هذه الكرامة؟!!! ولكن السيدة العذراء تلقت كل هذا التطويب وكل هذه الكرامة في هدوء شديد ومسكنه حقيقية، فهي بطبيعتها إنسانة متواضعة النفس وبسيطة واتجه تفكيرها مباشرة إلى خدمة أليصابات هذه السيدة التي حملت في شيخوختها، فسافرت مسافات طويلة وسط الجبال على قدميها لكي تساعد أليصابات وتقوم بالأعباء المنزلية بدلًا منها!

     كيف يا أمنا العذراء تقومين بهذه الأعمال وأنتِ الآن أم الله الممجدة من الملائكة!! 

     كل التطويب والتمجيد الذي لاقته لم تتأثر به أدنى تأثر!

 

2- تحية أليصابات وتكريمها للسيدة العذراء

+   أيضًا أليصابات -هذه السيدة العظيمة المُسنة زوجة الكاهن (أبونا زكريا) والتي كانت بمثابة أخت جدة السيدة العذراء- يحكي لنا الكتاب المقدس عن استقبالها للسيدة العذراء فيقول: "فَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلاَمَ مَرْيَمَ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا، وَامْتَلأَتْ أَلِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَصَرَخَتْ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَتْ: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟" (إنجيل لوقا 1: 43).

+   ونلاحظ هنا أن أليصابات عندما امتلأت بالروح القدس عرفت السر فقالت:  "فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟" (إنجيل لوقا 1: 43)، وهذا يؤكد أن تعبيرات "أم الله أو أم الرب" تعبير أرثوذكسي، وتعبير كتابي، بشهادة أليصابات، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وقبلها قال لها رئيس الملاك "الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ" (إنجيل لوقا 1: 35).

     من ذا الذي يستطيع أن يحتمل كل هذا التطويب وكل هذه الكرامة، إلا العذراء؟!

 

3- كيف استقبلت السيدة العذراء كل هذه التطويبات والكرامة؟

+   كان رد أمنا العذراء يدل على انشغالها وشبعها الكامل بالله فقالت: "تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، 47 وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي،48 لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي،" (إنجيل لوقا 1: 46، 47).

+   والعذراء لا تقول عبارة "فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي" بكبرياء أو بافتخار، بل باستغراب من حقيقة رأتها بالروح القدس، بمعنى: معقول!! أنا العبدة الغلبانة المتواضعة أصبح مُكرمَّة من كل الناس! والمتواضعة هنا ليس المقصود بها التواضع كفضيلة بل تعني الذل أو المذلة.

إذًا أول فضيلة عظيمة في أمنا العذراء هي أنها لا تتأثر أبدًا بالمديح والكرامة بالرغم من أنها المُكرَّمة والمُمجَّدة على مر التاريخ، وبالرغم من أنه ليس من السهل أن يحتمل الإنسان المديح والكرامة دون أن يتأثر بها. 

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الفضيلة الثانية: انشغالها الدائم بالله!

+   أمنا العذراء في بداية حياتها لم تكن معروفة لدى الناس ولم تقم بأي معجزات في بداية حياتها، ولكن ما يميزها هو أن عقلها كان مشغولًا بالله طوال الوقت، 24 ساعة مشغولة بربنا ولا تفكر في نفسها إطلاقًا.

 

السيدة العذراء لم ترد على الملاك أو أليصابات إلا بالتسبيح وتمجيد الله!

+   أمنا العذراء عندما استقبلتها أليصابات وعانقتها ووجهت لها التحية، كان من الطبيعي كسيدات أن يتبادلا الكلام والأخبار، ولكن السيدة العذراء عندما حَيَّتْهَا أليصابات التي عرفت بالروح القدس عن حمل العذراء لم ترد السيدة العذراء عليها إلا بالكلام عن الله فقالت تسبحتها الجميلة: "تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي، لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي، لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ، وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ، وَرَحْمَتُهُ إِلَى جِيلِ الأَجْيَالِ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَهُ. صَنَعَ قُوَّةً بِذِرَاعِهِ. شَتَّتَ الْمُسْتَكْبِرِينَ بِفِكْرِ قُلُوبِهِمْ. أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ. أَشْبَعَ الْجِيَاعَ خَيْرَاتٍ وَصَرَفَ الأَغْنِيَاءَ فَارِغِينَ. عَضَدَ إِسْرَائِيلَ فَتَاهُ لِيَذْكُرَ رَحْمَةً، كَمَا كَلَّمَ آبَاءَنَا. لإِبْراهِيمَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ" (إنجيل لوقا 1: 46-55).

+   نلاحظ أن كلمة "لأنه" وكل الأفعال التي بعدها عائدة على الله. لم تتكلم عن نفسها أبدًا، لم تذكر أنها سارت مسافة طويلة حتى وصلت لأليصابات، لم تذكر أنها تعبت في السفر في الجبال، لم تذكر أنها تركت يوسف ولا تدري ماذا ستقول له عندما تعود، لم تحكي عن مجيء الملاك لها... لم تذكر شيئًا من كل هذا الكلام!

+   ولكن كل ما كان يشغلها هو الله وإحساناته وما صنعه الله معها! كل الكلام وكل المجد لله (لأنه) وليس (لأني)! فهي ترى عمل الله في كل شيء.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الفضيلة الثالثة: التسليم وعدم القلق

+   ثالث فضيلة جميلة في أمنا العذراء هي التسليم وعدم القلق.

St-Takla.org Image: Painting: The Virgin and the Angels by William Bouguereau, 1900. صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة العذراء والملائكة، الفنان وليام بوجارو، 1900 م.

St-Takla.org Image: Painting: The Virgin and the Angels by William Bouguereau, 1900.

صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة العذراء والملائكة، الفنان وليام بوجارو، 1900 م.

+   عندما نتأمل في حياة العذراء نجد أنها عندما حملت كانت طفلة صغيرة السن (13 أو 14 سنة) وكانت يتيمة الأبوين، وهذه مشكلة صعبة جدًا بالنسبة لأي بنت في هذه السن!

     والمشكلة الأكبر كانت في "يوسف النجار" هذا الرجل المسن الذي كانت تعيش معه -وكان عمره في ذلك الوقت 90 سنة تقريبًا- فرغم أنه كان شديد الطيبة ويحبها جدًا كأنها حفيدته، إلا أنه لم يكن يعلم بحملها الذي لا بد أنه سيظهر عليها بعد عدة شهور!

+   أي إنسانة غير السيدة العذراء تواجه هذه الظروف لا بد أنها ستضطرب جدًا وتقع في الحيرة من أجل أمور كثيرة مثل: ماذا سيحمل المستقبل؟! كيف ستتصرف؟! وماذا ستقول لهذا الرجل الطيب الذي تعيش معه؟! ماذا سيكون موقف يوسف؟! هل تسافر لأليصابات أم لا؟! هل سيكون من الصالح لها أن تقول لأليصابات أنها حامل (مع ملاحظة أن العذراء سافرت لأليصابات وهي لا تعلم أن الروح القدس هو الذي سيقوم بمُهمة إخبار أليصابات أنها حامل وستكون أمًا لمُخلص العالم!)؟! وماذا سيقول عنها الناس لدى أليصابات؟! وهل سيقبل هيرودس الملك -هذا الرجل العنيف الذي يكره كل شيء- هذا الابن الذي ستلده؟!

+   كانت هناك هموم كثيرة كفيلة بأن تجعل أي سيدة لا تستطيع النوم. لكن السيدة العذراء لم تفكر في أي من هذه الأفكار، لم تقلق على أي شيء ، ولم تحمل هم أي شيء، لأنها كانت تعيش حياة التسليم الكامل، وكانت تثق في رعاية الله الكاملة لها، وتثق أنها (متشاله شيل)، وكان كل ما يشغلها التسبيح وحب الله والتأمل في إحساناته ورعايته لها، وكان كل شيء في حياة العذراء يسير حسب إرادة الله وبتسليم كامل من ناحيتها.

+   لذلك العذراء بالنسبة لنا هي أيقونة السلام. في وجهها سلام عجيب، فهي لا تضطرب أبدًا، دائمة الفرح بالرب، كانت كإنسانة مستقرة نفسيًا جدًا.

     بالطبع لم يكن هذا السلام ناتجًا عن ظروف أفضل من ظروفنا، بالعكس كانت ظروفها أسوأ من ظروفنا جدًا: من الناحية الناس، لم يكن لها ناس؛ ومن ناحية المال، كانت فقيرة جدًا؛ ومن ناحية التحديات والتغييرات التي في حياتها، كانت كبيرة جدًا؛ ومع هذا كان لديها سلام عجيب ناتج عن تسليم حياتها لمشيئة الله وبلا حدود. 

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الفضيلة الرابعة: كانت قليلة الكلام جدًا بالرغم من تعمقها في دراسة الكتاب المقدس جدًا

+   بالرغم من أن الكلمات التي صدرت عن العذراء في الكتاب المقدس قليلة جدًا، إلا أن من كلامها تظهر شخصيتها.

السيدة العذراء كانت تحفظ تسابيح العهد القديم:

+   ومن فضائل أمنا العذراء التي تظهر في تسبحتها أنها كانت دارِسة جيدة للعهد القديم، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فالآباء وعلماء الكتاب ربطوا بين تسبحة حنة أم صموئيل وتسبحة العذراء ووجدوا أن الكلام متقارب، مما يدل على أن العذراء كانت تحفظ تسابيح العهد القديم (الكتاب المقدس).

السيدة العذراء كانت تفهم النبوات بعمق:

+   وقد قالت في تسبحتها كلام نتعجب أن يصدر منها في هذا السن الصغير، كلام عميق يدل على فهمها للكتاب المقدس حيث قالت: "عَضَدَ (الله) إِسْرَائِيلَ فَتَاهُ لِيَذْكُرَ رَحْمَةً،" (إنجيل لوقا 1: 54)، أي أن الله وعد شعبه وعد منذ آلاف السنين، وآن الأوان الذي يعضد فيه الله إسرائيل فتاه، ليذكر رحمته، أي أخيرًا رحمة ربنا ستظهر.

     هذا يدل على أنها تفهم التجسد وتفهم أن الذي تحمله في بطنها هو المخلص وقد آن أوان الخلاص.

+   ثم قالت: "كَمَا كَلَّمَ آبَاءَنَا. لإِبْراهِيمَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ" (إنجيل لوقا 1: 55)، هذه الآية البعض لا يفهمها جيدًا حتى الآن، ولكن العذراء تقولها بتلقائية، وهي تحفظ الوعد الذي قاله الرب لأبينا إبراهيم في سفر التكوين "وَيَتَبَارَكُ فِي نَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ" (سفر التكوين 22: 18) وتعلم أن "نسل إبراهيم" الذي قصده الرب هو  الذي هي حبلى به في بطنها!

     كلمة "نسله" شرحها لنا بولس الرسول في غلاطية بالتفصيل وقال: "وَأَمَّا الْمَوَاعِيدُ فَقِيلَتْ فِي إِبْرَاهِيمَ وَفِي نَسْلِهِ. لاَ يَقُولُ: «وَفِي الأَنْسَالِ» كَأَنَّهُ عَنْ كَثِيرِينَ، بَلْ كَأَنَّهُ عَنْ وَاحِدٍ: «وَفِي نَسْلِكَ» الَّذِي هُوَ الْمَسِيحُ" ( غلاطية 3: 16). فكلمة "نسله" في هذه الجملة، في اللغة العبرية لا تعني عدد (لأن جمع نسل أنسال) بل تعني شخص.

     أغلب الناس كانت تظن أن البركة في كثرة أولاد إبراهيم، ولكن بولس بالروح القدس قال: "في نسلك يا إبراهيم" أي كان يتكلم عن شخص محدد جده الكبير إبراهيم.

+   كانت العذراء تفهم هذا الكلام جيدًا وهي في هذه السن الصغيرة وقالته في تسبحتها. كانت مستوعبة العهد القديم كله، ومستوعبة وعد إبراهيم، ومستوعبة كلمة "يذكر رحمته"، ووعده لإسرائيل، وكلمة النسل.. كل هذه الأمور كانت تفهمها أمنا العذراء.

+   وبالرغم من أن أمنا العذراء كانت متعمقة جدًا في دراسة الكتاب المقدس وكانت تفهم كل النبوات، إلا أن عظمتها تكمن في أنها لا تحكي ولا تتكلم كثيرًا، حتى ما تعرفه جيدًا وتفهمه جيدًا ودرسته جيدًا لا تتكلم فيه، "وَأَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذَا الْكَلاَمِ مُتَفَكِّرَةً بِهِ فِي قَلْبِهَا" (إنجيل لوقا 2: 19).


فضائل السيدة العذراء تلقي الضوء على بعض مشاكلنا وعيوبنا

1-  لهفتنا للمديح وتأثرنا الشديد بكلام الناس سواء كان مدحًا أو ذمًا!

+   بعضنا يعيش لكي يسمع كلمة مديح! وبعضنا يتأثرون بشدة بكلام الناس فكلمة تُفرحهم وكلمة تحزنهم!

+   نحن نعاني من عيب هو أننا لا نفرح فقط بالمديح بل نشحته!

     فقد ترتدي الفتاه ملابسها وتنتظر من الجميع أن يمتدحون أناقتها، وإذا لم يُعلق أحد على ملابسها تصاب بالإحباط الشديد!

     أو يشتري الشاب سيارة جديدة وعندما يسير بها ينتظر من الكل أن ينتبهوا إليه ويباركون له ويسألونه عن سعرها وعندما يجد أنه لم يلفت انتباه أي أحد يغتم جدًا!

     هذا الإحباط يصيب أغلبنا لأننا للأسف متعلقين بأشياء تافهة.

+   وقد عبر السيد المسيح عن من يتأثرون بالمديح أو عدمه عندما امتدح يوحنا المعمدان -الذي هو بالطبع لا يفرق معه كلام الناس في شيء- " مَاذَا خَرَجْتُمْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ لِتَنْظُرُوا؟ أَقَصَبَةً تُحَرِّكُهَا الرِّيحُ؟ " (إنجيل متى 11: 7)، (إنجيل لوقا 7: 24).

+   كان الكتبة والفريسيين يذهبون بكلمة ويأتون بكلمة، مغرمون بالمديح والكرامة، وأحيانًا تجد بعض رجال الدين يسعدون جدًا بكلام المديح ويحزنون جدًا إن ذمهم أحد!

+   أما السيدة العذراء كما ذكرنا، لم تكن تتأثر أبدًا بمدح أو ذم كان لا يفرق معها أبدًا رأي الناس لأنها مشغولة برأي الرب، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. العالم كله يمجدها بينما هي عينيها ثابتتين على الرب. لم تنتفخ أبدًا ولم يصيبها الغرور أبدًا.

+   وحتى نصل للدرجة التي لا نتأثر فيها بكلام الناس سواء مدح أو ذم ، لا بُد أن نشبع جدًا بربنا، ولا بُد أن ننشغل جدًا بربنا طوال الوقت، بحيث لا نهتم إلا برأي الله نفسه، وبالتالي يكون رأي الناس مجرد كلام ليس له وزن. فالناس التي تمدحك اليوم قد تذمك غدًا!

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: Ethiopian icon of St. Mary, from St-Takla.org's journey to Ethiopia, 2008 صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة حبشية تصور السيدة مريم العذراء، من صور رحلة موقع الأنبا تكلا للحبشة، 2008

St-Takla.org Image: Ethiopian icon of St. Mary, from St-Takla.org's journey to Ethiopia, 2008 - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, April-June 2008

صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة حبشية تصور السيدة مريم العذراء، من صور رحلة موقع الأنبا تكلا للحبشة، 2008 - تصوير مايكل غالي لـ: موقع الأنبا تكلا، إبريل - يونيو 2008

2- نحن منشغلون بأنفسنا بدرجة كبيرة وليس لدينا وقت لننشغل بالله!

+   هناك طريقة تقيس بها مدى انشغالك بنفسك وهي أن تراقب كلامك العادي لمدة ساعة مثلًا، لتعرف عدد المرات التي ذكرت فيها الله وعدد المرات التي ذكرت فيها نفسك. غالبًا ستجد أنك تذكر نفسك كثيرًا بنسبة قد تصل إلى 99% من كلامك، وإذا ذكرت سيرة ربنا سيكون ذلك عن غير قصد!

+   أيضًا هناك ملاحظة أن بعض المتدينين لديه اعتقاد خاطئ أن بتكراره كلمة "أنا وحش" يظهر تواضعه أو تدينه! ولكن هذا مفهوم خاطئ لأن المتدين الحقيقي يشعر بجمال العشرة مع الله ويرى أن كل شيء حسن موجود فيه هو نعمة من الله، فدائمًا يُنسب المجد لله، بدلًا من تكرار كلمة "أنا وحش".

+   كلمة "أنا وحش" قد تكون نابعة عن صغر نفس، أو يأس، أو إحساس بالدونية، أو أي شيء من هذا القبيل لا يعطي أي راحة نفسيه للسامعين. التدين الحقيقي هو أن يكون الإنسان ممتليء وشبعان بربنا، ويتمتع بالعشرة مع الله  ومشغول به ويراه طوال الوقت، ويرى عمله طوال الوقت، فينسى نفسه في حب الله ولا يعود يتكلم عنها بل كل كلامه عن الله وعمله.

+   كلام العذراء يدل على أن تركيزها كله كان في الله، ناسية نفسها والناس تمامًا ولا ترى أمامها إلا الله وعمله (الله شايلها شيل وصنع معها معجزات كبيرة...، ففرحانة به).

+   فضيلة جميلة أن ننشغل بالله طوال الوقت.  كلام العذراء دعوة لنا أن ننسى أنفسنا بعض الشيء لأننا للأسف مشغولين بأنفسنا بدرجة كبيرة.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

3-  نحن نُكثر من الكلام. والكثير من الكلام ليس له داعي!

+   مشكلتنا يا أحبائي أننا نقول الكثير والكثير من الكلام الفارغ، والكثير ليتنا لا نقوله!  وبهذا يُسرق عمرنا!

+   نحن نتكلم عن: الطبيخ - المواصلات - الطقس - الملابس - الغلاء - ..... نتكلم عن أشياء كثيرة لو تأملناها وراجعنا أنفسنا سنجد أن عمرنا يضيع هباء في هذا الكلام الذي ليس منه أي فائدة.

+   بينما العذراء بالرغم من صغر سنها كانت صامته، هادئة، لا يخرج من فمها كلمة بدون داعي. فهي إما أنها تتكلم مع الله، أو تقول كلمة مناسبة لشخص. وكلامها قليل جدًا ومناسب جدًا ومختصر. كانت تتقن تمامًا لفن الصمت وفن الكلام، وكل دقيقة في حياتها لها قيمة.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

4-  القلق وطياشة الفكر!

فكما أن الكثير من الكلام فارغ ولا داعي له، كذلك الكثير من أفكارنا فارغة وليس لها داعي.

+   مثل أفكار القلق على الأبناء، والقلق على الصحة، والقلق من السياسة، ... بينما في الواقع ما سيحدث سوف يحدث سواء فكرنا أم لا..

+   ويشغلنا أيضًا أفكار متابعة أخبار الناس أو الظروف أو الفلوس أو.. أو.. أو...، كل هذه المتابعات أيضًا ليس لها أي جدوى. 

+   غالبًا ما يكون العقل تائه في أفكار مشتته شمال ويمين، أفكار في الماضي الذي لن نستطيع تغييره، وأفكار في المستقبل الذي هو في يد الله ولن نستطيع تغييره، كل هذه أفكار ضائعة.


تداريب نافعة لنا من حياة وشخصية العذراء

التدريب الأول: احسب للكلام

+   احسب للكلام وعندما تتكلم فكر أولًا: هل الكلام الذي سأقوله سيكون له فائدة أم لا (أي قبل أن تنطق بالجملة أو السؤال فكر فيه من كل الجهات)؟

+   لأن "كُلَّ كَلِمَةٍ بَطَّالَةٍ يَتَكَلَّمُ بِهَا النَّاسُ سَوْفَ يُعْطُونَ عَنْهَا حِسَابًا يَوْمَ الدِّينِ" (إنجيل متى 12: 36)، وكل دقيقة لها قيمة وسنعطي عنها حسابًا.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

التدريب الثاني: وقف دماغك وانشغل بحضور ربنا

+   قد يبدو هذا التدريب صعب ولكنه يحتاج إلى ممارسة وتدريب Training.

     فعندما أقول لك "وقف دماغك" أعني راقب نفسك، راقب أين يتوه تفكيرك وأوقفه، وستكتشف أن بالفعل أغلب الأفكار طوال اليوم ليس لها لزوم، وأغلب الأفكار تسير في اتجاه غير سليم.

+   ولكي نتعلم من العذراء فعلينا أن نشغل الفكر إما بالصلاة أو القراءة في الإنجيل.

 

     "وقف دماغك" بتحويل كل فكر إلى صلاة:

+   حول كل فكر إلى صلاه (كل مشوار تقوم به صلي من أجله، كل شخص تقابله صلي له، كل مشكلة صغيرة أو كبيره صلي من أجلها) بذلك تكون قد قدست الفكر وأدخلت الله في كل شيء، وأصبح الله قريبًا من نفسك وممن حولك، لأنك وقفت دماغك وانشغلت بالله.

+   ربنا قريب وبجوارك، فلماذا إذًا تفكر بمفردك؟! لماذا لا تتكلم معه؟! لماذا لا تشركه معك في حياتك كلها، والله على استعداد أن يدخل في أدق التفاصيل وأصغر الأمور وأكبرها؟!

+   هذا التدريب قد يأخذ مجهود في بادئ الأمر لكي تعرف كيف "توقف دماغك"، لأن تداريب ضبط الفكر ليست سهلة وتحتاج إلى training ، ولكن من يتمكن من ذلك سيرتاح جدًا طوال عمره. لأن كل الأفكار المهدرة ستسير في اتجاه سليم.

 

     "وقف دماغك" بالإكثار من قراءة الكتاب المقدس:

St-Takla.org Image: Saint Mary, the Mother of God with Jesus, 2011, tools used: Pencil and ink, then Graphic Tablet & Adobe Photoshop, used with permission - by Mina Anton صورة في موقع الأنبا تكلا: القديسة مريم العذراء والدة الإله مع يسوع الطفل، 2011، الأدوات المستخدمة: قلم رصاص وحبر، ثم لوح جرافيك وأدوبي فوتوشوب، موضوعة بإذن - رسم الفنان مينا أنطون

St-Takla.org Image: Saint Mary, the Mother of God with Jesus, 2011, tools used: Pencil and ink, then Graphic Tablet & Adobe Photoshop, used with permission - by Mina Anton

صورة في موقع الأنبا تكلا: القديسة مريم العذراء والدة الإله مع يسوع الطفل، 2011، الأدوات المستخدمة: قلم رصاص وحبر، ثم لوح جرافيك وأدوبي فوتوشوب، موضوعة بإذن - رسم الفنان مينا أنطون

+   من الأشياء التي تساعدك على تدريب "وقف دماغك"، كلمة ربنا. عندما تقرأ كثيرًا في الإنجيل وتنشغل بكلمة الله ستكون في غاية السعادة مثل السيدة العذراء، وستتمتع مثلها بفضيلة التسليم "معك لا أريد شيئًا على الأرض".

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

التدريب الثالث: تذكر ضعفك ولا تصدق الكرامة أو المديح ولا تدعها تدخل قلبك

+   قلنا أن أمنا العذراء أكثر إنسانه على وجه الأرض لاقت مديح وكرامة وقد قابلت كل هذا بالنظر إلى ضعفها وبالتسبيح للرب وتمجيده على إحساناته الكثيرة في حياتها.

+   لماذا لا نتعلم من أمنا العذراء وندرك أن المديح تأثيره سطحي فعندما يمتدحك أحد لا يستمر فرحك أكثر من دقيقة وبعدها يتبخر هذا الفرح. لذلك عليك أن تتذكر ضعفك في لحظات الكرامة أو المديح.

إذا كرمك الناس أو امتدحوك أو طوبوك تمثل دائمًا بالسيدة العذراء التي قالت: "نظر إلى اتضاع أمته" (خليك غلبان جواك، مش غلبان قدام الناس)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى.  لا تتظاهر بالمسكنة لأن التظاهر بالمسكنة ليس من التواضع في شيء، بل كن مسكين بالحقيقة أي كن متواضع من الداخل بالفعل وعالم بضعفك.

     مهما قال الناس عنك كلام مديح أنت تعلم جيدًا نفسك أنها ضعيفة، وأظن كلنا إذا كنا أمناء مع أنفسنا لن يقول أحدنا: "أنا قديس! أو أنا لا أخطئ! أو أنا أفضل الكل!" لأن من يقول هذا عن نفسه ليس أمين مع نفسه.

+   أذكر أنني كنت في الدير أحد المرات وحضرت تكريم أحد الأساقفة، وكان البابا شنودة -الله ينيح نفسه- يحبه جدًا وتكلم عن فضائله باستفاضة، فكان ذلك بمثابة كرامة كبيرة جدًا لهذا الأسقف خاصة أن الكلام من فم البابا شنودة. هذا الأسقف البار رد على هذا المديح بمقولة جاءت في البستان فقال: "كنتُ أخشى أن تتكلموا عن أخطائي وعيوبي، وأشكر ربنا جدًا أنكم لم تنتبهوا لأخطائي وعيوبي". أي أنه لم يسمع أي مديح بل أنه كان طوال الوقت منشغلًا ومتوجسًا لئلا يتكلم أحد عن عيوبه أو أخطائه (أو أي فضائح عنه!).

     كان هذا شعوره بالرغم من أنه كان إنسانًا مليئًا بالتقوى. فهو يرى نفسه مليء بالأخطاء وظل يشكر الله كل لحظة أثناء مديحه "أشكرك يا رب هذه اللحظة قد مرت دون أن يذكر أحد شيئًا من عيوبي". فكان في وادي آخر غير الوادي الذي كان فيه كل الناس!

     بالطبع هذا التواضع حقيقي، تواضع بجد وليس تمثيلية، لأنه صادر من القلب وصادر بتلقائية. 

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

التدريب الرابع: المبادرة في الخدمة والخدمة في صمت

+   عندما قال رئيس الملائكة جبرائيل للسيدة العذراء: "وَهُوَذَا أَلِيصَابَاتُ نَسِيبَتُكِ هِيَ أَيْضًا حُبْلَى بِابْنٍ فِي شَيْخُوخَتِهَا، ...، لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ" (إنجيل لوقا 1: 36، 37). نسيت أنها أصبحت أم الله "المسيا" مخلص العالم الذي كل سيدات اليهود من 1500 سنة ينتظرونه، وأنها هي التي ستلده! لم تفكر إلا في أليصابات السيدة العجوزة الحبلى، من الذي يخدمها!

     بالرغم من أن الملاك لم يطلب منها خدمة أليصابات! وبالرغم من أنه من الطبيعي أن يكون لدى أليصابات من يخدمها فهي زوجة الكاهن "زكريا"! ولكن كل الذي فكرت فيه السيدة العذراء أن أليصابات سيدة عجوزة وحامل بابن في شيخوختها، فسافرت مسافة بعيدة وذهبت لتخدمها في صمت.

+   وأقول كلمة "بادر"، لأننا كثيرًا ما نُضيع إكليل كبير عندما ننتظر أن يطلب منا أحد الخدمة.

     لكن عندما نقوم نحن بالمبادرة ونبحث عن المسن أو المريض أو الحزين أو المعوق أو المتألم، ونبادر ونفاجأه بأننا نبحث عنه، يكون أجرنا عظيم عند الله.

+   بادر بخدمة المحتاجين، واخدمهم في صمت. خذ من العذراء الفضيلتين: مبادرة الخدمة وأيضًا الخدمة الصامتة. الخدمة الصامتة أي التعب بلا تعليقات أو كلام أو شكوى.

     كانت العذراء تخدم وهي فرحة بخدمتها وصامتة طوال الوقت لأنها مشغولة طوال الوقت بالتسبيح، خدمت أليصابات حتى جاء موعد ولادة يوحنا المعمدان وإطمأنت على أليصابات ورأت يوحنا المعمدان -وغالبًا العذراء حملت يوحنا المعمدان على يديها- ثم رجعت إلى بيتها لتخدم يوسف النجار المسن لأن دورها قد انتهى في بيت أليصابات.

فالعذراء كانت تبحث دائمًا أن يكون لها دور وخدمة وتعب. وحياتها كانت عبارة عن خدمة سواء خدمة مسنين أو خدمة محتاجين وخدمة صامتة.

NameEmailMessage