id="docs-internal-guid-7f27ec17-7fff-b6ed-08d1-575b54b20656">
يسرني أن أقدم لكم نبذة عن التجسد الإلهي
يسرني أن أقدم لكم نبذة عن التجسد الإلهي
كان لي حديث سابق عن العذراء مريم وكيفية اختيارها وكيفية اختيار أهلها وأسلوب معيشتها في الهيكل وتعاملها مع من حولها يبين انها مختلفة كثيراً عن باقي البشر منذ نعومة أظافرها .
وهنا سنكمل حديثنا عن السيدة العذراء وعن ذهاب الملاك لها ليبشرها أن رب المجد اختارها من بين كل العذراى لتكون أُماً له وكيف استقبلت كلام الملاك وكم كانت مطيعة .
ويحاول القديس لوقا أن يبين مدى طاعتها في تقبلها كلام الملاك بالرغم من أنه كلام فوق العقل . وهذا بالرغم من صغر سنها وأن زكريا بالرغم من أنه كاهن ولكن لم يُصدق كلام الملاك فلذلك العقاب إنك سوف لا تتحدث إلا عند ميلاد الطفل .
وسوف نتحدث هنا :
عن الملاك جبرائيل
أرسل من عند الرب
أرسل إلى مدينة مجهولة
عن مريم عذراء طاهرة
وعن كيف أنها وجدت نعمة في عيني الرب
وعن مريم أنها إنسانه مثلنا
لذا اضطربت اضطراباً عظيماً
ملؤها الخوف
الملاك جُبرائيل : ويعني اسمه " رجل الله " أو " بطل الرب " أو " قوة الله" . وقد ذكر عن نفسه مرتين :
أنا جبرائيل الواقف أمام الله .
أنه يأتي بالأخبار السارة للبشر .
مثال : اخبار دانيال عن إعادة بناء أُرشليم
" دا 8 : 16 ، 9 : 21 ".
بشر زكريا بميلاد يوحنا السابق للمسيح .
بشر الكثيرين بميلاد المسيح " لو 1 : 26 " .
أرسل من عند الرب :
أرسل الرب الملاك جبرائيل إلى الناصرة وكانت هذه هى المهمة الثانية له وكانت هذه المهمة خاصة بميلاد الرب يسوع .
والمهمة الأولى هو كان أنجزها منذ حوالى ستة أشهر وكانت خاصة بحبل اليصابات بيوحنا المعمدان السابق للمسيح .
أرسل إلى مدينة مجهولة :
مدينة الناصرة وهي مدينة مجهولة من الجليل وتجاور بعض المدن الأممية أو الوثنية ، لذلك تُدعى أحياناً " جليل الأمم " .
وينظر إليها من شعب إسرائيل أنها أدنى منزلة من بقية المدن . وكان شعبها مقهوراً محتقراً خاصة من الرومان .
وكم تحملت الكثير من اليهود والرومان وأصابها ما أصابها من الضرر الشديد على يد اليهود والرومان على حد سواء .
ت : أن الله لا يُجابى الأشخاص أو المدن فكما بعث برسالة إلى أُورشليم هكذا أرسل الملاك إلى الناصرة فقد أرسله الرب على وجه السرعة إلى إنسانة بارة من الناصرة تُدعى " مريم " وأيضاً بنفس السرعة أرسل الملاك إلى " زكريا " الكاهن في أُورشليم .
ت : المكان --- سواء كان مدينة أو قطر لا يأخذ قيمته مما لديه من مؤسسات أو مصالح بل بما لديه من سُكان صالحين داخل حدوده .
كانت مريم عذراء طاهرة :
ميلاد يسوع المسيح كان كالآتي :
كانت أُمه مخطوبة لرجل اسمه يوسف ، من بيت داود ، واسم العذراء مريم .
لماذا كانت الخطبة ليوسف أمر هام وضرورياً ؟
أولاً :
لكي يُنسب للقديس يوسف ، وهو من سلالة داود ، فكان له حق أن يرث حقوق عرش داود ، مع أنه كان نجاراً .
وحيث أن يوسف كان من نسل داود ويسوع ابناً شرعياً له ، ففي ذلك تأهيل ليسوع للانتماء إلى بيت داود الملكي . بذلك يظهر المسيا الموعود به من نسل داود من سبط يهوذا .
ثانياً :
أن خطوبة مريم ليوسف : في تلك الأيام كانت تعني أنه كان بينهما نوع من الإلتزام أو التعهد وارتباط وثيق . وقد دام هذا الارتباط مدة سنة كاملة .
كان هناك أمران مهمان فيما يخص عذراوية مريم
لا يُسمح بالاتصال الجنسي خلال فترة الخطوبة وعقوبة هذا الاتصال هو الرجم .
كان هذا الارتباط ارتباطاً جدياً وكسره يعني الطلاق المؤكد .ولذلك كان خطوبتها أمراً ضرورياً
لكي لا تُرجم القديسة مريم طبقاً للشريعة الموسوية كزانية ، فقد سلمها الرب للقديس البار الذي عًرف بر خطيبته وأكد له الملاك سر حبلها بالمسيا المُخلص .
ثالثاً :
لكي تجد القديسة معها من يعزيها ويقويها خاصة أثناء هروبها إلى أرض مصر .
واسم العذراء مريم :
في اليهودية ، كانت" العذارى " فتيات صغيرات ، عادة في الرابعة عشرة من عمرهن أو أقل .
وهنا كان يوجد جدال كان يدور حول الكلمة العبرية "Alma " وأنها تعنى " فتاة " ، هو تفسير مشكوك في صحته " اش 7 : 14 ".
وبالدراسة والبحث حينما يتحدث يهودى عن " فتاة " " Alma " فهو يعنى فتاة عذراء .
وجاءت هذه الكلمة ست مرات في الكتاب المقدس بمعنى " فتاة طاهرة نقية " .
رفقة كانت فتاة عذراء " تك 24 : 43 " .
مريم أخت موسى الصغرى ، أشير إليها بكونها عذراء أيضاً .
الفتيات النقيات اللاتي يستحققن أن يُشاركن في عبادة الرب هن عذارى أيضاً .
الفتيات اللاتي استحققن محبة سليمان قيل عنهن أنهن عذارى ولم يكن غير نقيات " نش 1 : 3 " .
الفتيات اللاتي قارنها الكتاب بالملكات هن عذارى أيضاً " نش 6 : 8 " .
فتاة سفر الأمثال والتي قُورنت بالمرأة الزانية كانت فتاة عذراء نقية " أم 30 : 19 - 20 " .
ونستخلص من هذا الجدال العنيف أن الترجمة المنطقية لكلمة "Alma" هى عذراء .
وبالطبع ، عندما تلد عذراء فهذا أمر خارج عن نطاق النقاش . ومع ذلك ، علينا أن نُدرك أن غير المؤمنين يحاولون بكل استماتة أن يُضيفوا أي شيء مهما كانت قيمته يمكن أن يُشكك في لاهوت السيد المسيح .
سؤال هام جدا ؟ لماذا يعد الميلاد من عذراء ركناً هاماً من أركان الإيمان المسيحي ؟
حينما ينظر الإنسان إلى ميلاد السيد المسيح من فتاة عذراء ، يحتاج إلى أن يتأمل بعمق وأمانة وكلاهما ضروريان . لماذا كان على ابن الله أن يدخل إلى عالمنا من خلال عذراء ، لماذا الميلاد العذراوي ؟
لقد تطلب ميلاد ابن الله حدوث معجزة ، فلم يكن له أن يولد بالطريقة المُعتادة كأي بشر ، ولو حدث هذا لكان في ذلك إشارة إلى أنه لم يكن أكثر من إنسان مثل غيره من البشر . بعبارة أخرى ، أي إنسان يدخل إلى العالم من خلال اتحاد رجل وامرأة ، فهو مجرد إنسان ليس كذلك مع السيد المسيح ، فالمسيح وجوده قبل أن يولد . لذلك إن أراد الرب أن يرسل ابنه إلى العالم فعليه أن يجد طريقة مختلفة . ولم يكن الرب في حاجة لشيء غير جسد يأتي من خلاله إلى العالم . كما خاطب أباه قائلاً : " لذلك هيأت لي جسداً " " عب 10 : 5 " .
ميلاد الرب يحتاج إلى عمل مشترك من جانب الرب ومن جانب امرأة ، فإن أراد ابن الله أن يصير إنساناً ويُشابه البشر ، فلابد أن يأتي إلى عالمنا من خلال عملية الحمل الطبيعية بواسطة امرأة . لماذا ؟ لأن الإنسان لا يقدر أن يأتي إلى العالم إلا من خلال امرأة ، لذلك ، إن أراد الرب أن يأتي ابنه إلى العالم كإنسان ، فعليه أن يصنع معجزة ، أي أن يجعل مريم تحبل بفعل قوته الإلهية.
نحتاج أن نطرح سؤال مهم ، لماذا لا يصدق البعض أن الله جعل مريم تحبل حبلاً معجزياً ؟ ولماذا نجد صعوبة في أن نؤمن بأن الله موجود وأنه أحب العالم حتى بذل ابنه الوحيد ، لكي لا يهلك كل من يؤمن به ، بل تكون له الحياة الأبدية " يو 3 : 16 " .
وإن كان يُمكن للعلم أن يُحقق اُموراً كثيرة من خلال عملية تخصيب بويضات المرأة ، أفلا يقدر الله أن يعمل أعظم من ذلك ؟ لكي لا يدفعنا عدم ايماننا إلى السلوك بحماقة . والمشكلة ليست في الله ، بل في إيماننا . لأنه ليس شيء غير ممكن لدى الله .
يتطلب ميلاد ابن الله اتحاداً معجزياً بين الطبيعة الإلهية والطبيعة البشرية ، لذا :
كان عليه أن يولد من امرأة ليشترك في الطبيعة البشرية
كان عليه أن يولد بعمل إلهي معجزي حتى لا يشترك مع الإنسان في فساده ، علينا إذن أن نفكر في هذا الأمر هكذا، فيجب أن ينصب إيماننا على مُخلص عديم الفساد إن أردنا أن نستتر بعدم فساده .
كان على الرب أن يُشابهنا في كل شيء بأن يصير واحداً معنا ، وذلك بأن يتغلب على فسادنا وطبيعتنا الخاطئة المُدانة
كما تطلب ميلاد ابن الله ، ميلاد طبيعة كاملة بلا عيب . لماذا ؟ لأننا نحتاج لحياة كاملة تُعاش ، حتى يضمن لنا البر الذي هو الكمال ، نحتاج لحياة مثالية " حياة ملؤها البر والكمال " تُعاش لكي تعين البشرية وتسترها ببرها وكمالها . وحين نمعن النظر بأمانة ، يمكننا أن نعترف بأنه لا يوجد إنسان كامل أو كان كاملاً ، فالإنسان يولد ناقصاً مفتقراً للكمال . وافتقار الإنسان إلى مجد الله صور بشكل مأساوي في نهايته المحتومة التي هي الموت .
ولكن كانت للرب كلمته ، فقد أعد عدته ليضمن البر والكمال للإنسان . وقد سار كل الطريق وأنجز كل ما يلزم لخلاص شعبه من الخطية والموت . قام الرب بهذا العمل من بدايته حتى نهايته بمفرده . من ميلاد ابن الله حتى صعوده إلى السماء ، فالرب قد أرسل ابنه إلى العالم لا من خلال رجل وامرأة بل بعمل قدرته المعجزية التي ظللت مريم عذراء . لذا، فإن السيد المسيح هو الإله المتجسد
ولأنه الإله المتجسد " المتأنس " فقد استطاع أن يُنجز كل ما هو إلهي وإنساني. كانت له القدرة بطبيعته على ألا يُخطيء . لذلك مكنته طبيعته الإلهية أن يحيا بالبر ولم يستطع أحد أن يبكته على خطية ، كما كان يصنع البر دائماً . ولكونه عاش حياة إنسانية ، كان قادراً أن يضمن البر ، ذلك البر المثالى الذي ستر به البشرية كُلها .
ولأنه الإله المُتجسد ، فقد استطاع السيد المسيح أن يحمل خطايانا ودينونتنا . وحين مات على الصليب مات بوصفه إنسانا كاملاً وإلهاً كاملاً ، لذلك ، استطاع بموته أن يُدافع عن الإنسان ويستر خطاياه .
ولأنه الإله المُتجسد ، أمكنه أن يقوم من الموت ، لنتأمل هذه الكلمات الرائعة عن ابنه ، الذي صار من نسل داود من جهة الجسد ، وتعين ابن الله بقوة من جهة روح القداسة ، بالقيامة من الأموات : يسوع المسيح ربنا . عاش الرب حياة كاملة بلا عيب ملؤها القداسة فصار هو الإنسان الكامل المثالي ، لذلك ، استطاع بقيامته أن يسند الإنسان ويستر عريه .
ولأنه الإله المتجسد ، فقد صعد إلى السماء وجلس عن يمين الآب ، ليحيا إلى الأبد في السماويات ، أي في محضر الله ذاته . ولكونه الإنسان الكامل ، فقد مكنه صعوده إلى عالم السماء الروحي أن يُنير الطريق إلى السماء أمام الإنسان ، فهو السابق إلى السماء لأجل كل إنسان . وصعوده إليها باعتباره الإنسان المثالى يُشير إلى صعود كل إنسان .
احتاج ميلاد ابن الله إلى وجود كلمة الله المُبدعة ، فقد خلق الرب العالم بأن نطق كلمته بكل بساطة . كما أن الله يستخدم دوماً قوة كلمته عند الخلق ، ولا شيء غيرها . لذلك :
لذلك حين اختار الله أن يخلق جسداً لابنه ، فهو بكل بساطة نطق بكلمته .
وحين اختار أن يرسل ابنه إلى العالم نطق بكلمته بكل بساطة .
وهذا عين ما يحدث في الميلاد الجديد أو الخليقة الجديدة لروح الإنسان ، إذ يحصل الإنسان على هذا التجديد بكلمة الرب . فالرب ينطق بكلمته ليولد الإنسان ثانية . وفعل الميلاد الروحي هذا لا يُرى ، ولا نشعر به ولا نقدر أن نلمسه . إذ لا يحدث أي تغيير مادي أو عضوي ، ولكن إعادة الخلق هذه تحدث بالفعل . وذلك بكلمة الله .
وتطلب ميلاد ابن الله أن يكون ميلاده عذراوياً ، أي من فتاة عذراء ، ذلك لأن السيد المسيح هو ابن الله الوحيد وهو من يمتلك الطبيعة الإلهية وفيه يحل كل ملء اللاهوت . لذلك كان ميلاده مختلفاً . كان عليه أن يدخل إلى العالم بطريقة تختلف عن باقي البشر ، لأن طبيعته تختلف عن الطبيعة الإنسانية . وهو قد جاء إلى العالم ليعلن طبيعته الإلهية بطريقة تسمح له أن يشترك في الطبيعة البشرية . وهذا أمر في غاية الأهمية ، إذ يجب أن يتضمن ميلاده عمل الإنسان وعمل الله نفسه . لماذا ؟ لأن ابن الله كان يجب أن يُبشر به باعتباره ابن الله بالفعل .
فليس هناك خلاص بعيداً عن كونه ابن الله .
وليس هناك خلاص بعيداً عن كونه بُشر به أنه ابن الله .
ولا خلاص للإنسان إلا في وجود ابن الله وحين يُكرز به ، فلابد أن يحيا ابن الله في وسطنا ، وعلينا أن نستمع له إن أردنا أن نخلص به ، فهو ضروري لنا وكذا رسالته . وميلاده من عذراء يعلن أنه ابن الله الوحيد الذي أرسله الله إلى العالم ، وذلك بتدخل إلهي معجزي مُباشر .
تطلب ميلاد ابن الله ، آدم ثانياً ، إنساناً ثانياً ----------------
وُلد كما وُلد آدم الأول ، بكلمة الله ، فهو قد وُلد ولادة طبيعية ، إذ أخذ جسداً من مريم .
وُلد لينجح فيما فشل آدم الأول ، أي صار هو الذي يُمثل الإنسانية كلها ، الإنسان الكامل المثالي ، النموذجي ، وفيه يجد البشر مًثلهم الأعلى وكمالهم .
وُلد ليحقق ما فشل آدم في تحقيقه ، فقد قدم لنا صورة الإنسان الذي يحب الله من أعماق قلبه ويُطيعه في كل أوامره . وبذلك استطاع أن يمنح المؤمنين به طبيعة البر والكمال تلك التي تستر الإنسان .
وُلد لكي يهب الإنسان ما فشل آدم أن يهبه له : الطريق إلى الله والحق الإلهي والحياة الإلهية . تلك التي يمكن للإنسان أن يثق بها ويتبعها .
وُلد ليمنح الإنسان ما لم يقدر آدم الأول أن يمنحه : طبيعة البر والحياة ، حياة الوفرة والغنى والحياة الأبدية .
ميلاد الرب يتطلب حالة ارتباط وليس مجرد فتاة عزباء أو متزوجة . لماذا ؟
لأنه لو جاء من فتاة عزباء فسوف يُثير شكوكاً كثيرة ويتسبب في احتقار الناس للسيد المسيح وأتباعه .
ولأن المرأة المتزوجة ليست بعذراء ، وابن الله لابد أن يُولد من عذراء . وحالة الأرتباط هذه تُجهز العلاقة الزوجية المثالية لكي يستخدمها الله في إرسال ابنه إلى العالم . وحقيقة أن المجتمع اليهودي يعتبر علاقة الارتباط هي استعداد للزواج ، توضح كيف أعد الله لمجيء ابنه .
للحديث عن مريم وكيف إنها وجدت نعمة في عيني الرب :
النعمة ، الله ، دعوة الرب : من اختاره الرب، وجدت مريم العذراء نعمة في عيني الرب ، لقد قيل لها ثلاثة أمور بسيطة ولكنها عميقة في معانيها :
إنها وجدت نعمة في عيني الرب ، ونلاحظ أن ملاك الرب لم يسرع إلى إخبار مريم بأنها وجدت نعمة في عيني الرب وأن الرب اختارها لتحمل ابن الله في أحشائها وتكون أماً له ، بل جاء هذا الكلام متأخراً في حديثه معها . في بداية لقائهما أعطاها فسحة من الوقت لتستوعب صدمة ظهوره المفاجيء لها والتكيف معه . ثم قال لها إنها وجدت نعمة في عيني الرب ----- وياله من امتياز عظيم !
كان الرب مع مريم ، فلم تسر في طريق الحياة وحيدة ، وقد أرضت الرب بحياتها حتى أنها وجدت نعمة في عينيه وكان معها كل أيام حياتها . لقد سمحت للرب أن يسير الطريق معها . كانت تسهر على حياتها مما جعل الرب يرافقها طوال الطريق ---- وهذا يعني :
أنه كان معها في الماضي .
وهو معها في الحاضر .
وسيكون معها في المستقبل .
ولا يهم أين كانت تسير أو ما الذي يجب عليها أن تقوم به ، ففي كل هذا وعدها الرب يأن يسير معها .
عيد البشارة المجيد
تحتفل كنيستنا القبطية الأرثوذكسية في يوم 29 برمهات من كل عام بعيد البشارة المجيد وقد سميت هذا العيد (بكر الأعياد) لأن فيه أُرسل رئيس الملائكة غبريال إلى السيدة العذراء مريم وهى مخطوبة للشيخ الوقور يوسف النجار، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وقد بشرها بالحبل الإلهي وبالتجسد العجيب لابن الله الوحيد وحلوله في أحشائها الطاهرة وذلك لخلاص البشرية حيث قال لها [اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ فَلِذَلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ] (لو35:1).
* وقد سُمى هذا العيد بعيد البشارة حيث تمت فيه البشرى المفرحة للبشرية كلها هذه البشرى التي لم يسبق لها في تاريخ البشرية كلها نظير ولن يكون... وذلك لأن العالم كان قبل تجسد السيد المسيح متخبطًا في طرقات مظلمة ومنحدرًا إلى ظلال الموت ولكن من شفقة الله الحنون على جنس البشر ومحبته للإنسان الذي خلقه دبر بحكمته الإلهية هذا التجسد العجيب الذي سبق وتنبأ عند الأنبياء قبل تجسده بقرون كثيرة [وَلَكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ، لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ.] (غل5،4:4).
* وقد تسلمت كنيستنا القبطية الأرثوذكسية الاحتفال بعيد البشارة من الآباء الرسل أنفسهم إذ جاء في القانون (31) من المجموع الصفوي ما نصه [إن البشارة أول الأعياد السيدية، وأنها تمت على لسان جبرائيل الملاك للسيدة البتول بمدينة الناصرة في 29 برمهات].
* وهنا نقول لماذا 29 برمهات بالذات؟
الإجابة هي:- لقد اتفق علماء ودارسي الكتاب المقدس أن شهر برمهات القبطي الذي يوافق (نيسان بالعبري) شهر مكرم لأن فيه قد حدثت بعض أمور عظيمة ففيه نجى بنو إسرائيل من عبودية المصريين وفيه احتفلوا بخروف الفصح (خر12) وكانوا يحتفلون فيه أيضًا بيوم الكفارة العظيم وهذا ما ذكر في (لا16).
# وفى هذا الشهر أيضًا حدث صلب مخلصنا الصالح وقيامته من الموت...
# فهو شهر يحمل الذكريات الجميلة، فهو شهر النجاة والخلاص من قبضة الشيطان ببشارتنا نحن الجالسين في الظلمة بتجسد الابن الوحيد وذلك من أجل خلاصنا...
* وتعيد كنيستنا القبطية في هذا اليوم الذي اتفق فيه بإعلان البُشرى وقد قررت الاحتفال به دائمًا في فترة الصوم الكبير إذا وقع خلاله...
# وحسب القاعدة الحسابية التي وضعتها الكنيسة تكون المدة من 29 برمهات وهو اليوم الذي بدأ فيه الحبل بالسيد المسيح إلى يوم ميلاده العجيب هي 9 أشهر كاملة...
* ونلاحظ أن الكنيسة منعت الاحتفال بعيد البشارة إذا وقع في الفترة من جمعة ختام الصوم وحتى يوم عيد القيامة وذلك لاحتفالها بتذكار آلام السيد المسيح وموته الخلاصي وقيامته المجيدة...
* وتنهى الكنيسة المؤمنين عن أن يفطروا في هذا العيد إذا وقع في الصوم الكبير...
# فنحتفل به عيدًا سيديًا يصلى بالطقس الفرايحي ولا يصام انقطاعيًا فقط... وتقرأ فيه قراءات يوم 29 برمهات (يوم العيد نفسه) على النحو التالي:-
- مزمور عشية (مز7،5:144).
- إنجيل عشية (لو36:7-50).
- مزمور باكر (مز6،5:71).
- إنجيل باكر (لو20:11-28).
- البولس (رو1:3-21).
- الكاثوليكون (1يو1:1 + 1:2-6).
- الإبركسيس (أع23:7-34).
- مزمور القداس (مز13:45).
- إنجيل القداس (لو26:1-38).
* إذا يا أحبائي فلنفرح بهذا العيد المجيد الذي فيه نحتفل بتجسد وتأنس الابن الوحيد من القديسة الطاهرة مريم... ونصرخ قائلين يا ربنا يسوع المسيح الذي تجسدت من أجل خلاصنا... أعنا على خلاص نفوسنا واسندنا في جهادنا... لنتمتع بهذا الخلاص المجاني ونكون معك كل حين.
فأنت الذي لك كل المجد والإكرام من الآن وإلى الأبد آمين.